محللون يصفون (دولة القانون) بأنها غَيَّرَت المعادلات
محللون يصفون (دولة القانون) بأنها غَيَّرَت المعادلات
رأى باحثون ومحللون سياسيون ان اعلان المالكي لائتلاف دولة القانون بعيدا عن شركائه السابقين في الائتلاف الوطني ، تسبب في تغيير المعادلات السياسية بالعراق واجبر المكونات الاخرى على التفكير بكسر تخندقاتهم الطائفية والقومية ، فيما رأى باحث اخر ان عدم انضمام المالكي لنظرائه في الانتماء المذهبي بالائتلاف الوطني “منع العملية من العودة للمربع الاول و “أعطى العراق 100 سنة من الديمقراطية”، في حين رأى باحث أن اعلان المالكي للائتلاف “ردة فعل مرتبكة عن الاسراع باعلان الائتلاف الوطني”.
وقال الباحث والمحلل السياسي ابراهيم الصميدعي لوكالة (اصوات العراق) إن اعلان رئيس الوزراء نوري المالكي لائتلاف دولة القانون يوم امس الأول الخميس “بمعزل عن شركائه السابقين ونظرائه في المذهب الشيعي ، يمثل ضربة مباغتة للمشهد العراقي الذي ترسخ خلال السنوات الماضية ، فلو كان المالكي قد استجاب للضغوط الداخلية والخارجية ورضخ لمخاوف الاسبتعاد عن قوائم الناخبين بحملة تسقيط كبرى ما زالت متوقعة ، لو كان قد استجاب لكل هذا وانضم للائتلاف الوطني، فمؤكد انه كان سيعيد العملية السياسية الى المربع الاول”.
وكان المالكي اعلن صباح الخميس رسمياً عن تشكيلة ائتلاف دولة القانون للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في 15-1-2010، والتي ضمت اكثر من 40 حزبا وحركة سياسية ابرزها حزب الدعوة الاسلامية فضلا عن كتلة بيارق العراق التي يتزعمها شيخ عشائر الدليم علي حاتم السليمان ونواب ليبراليون مثل صفية السهيل ومهدي الحافظ وكتل سياسية منها كتلة مستقلون والحركة الاشتراكية الناصرية ، والاتحاد الاسلامي لتركمان العراق والتيار العربي المستقل وحزب القرار التركماني وكتلة الشبك وكتلة الكرد الفيليين وغيرها.
واضاف الصميدعي وهو باحث ليبرالي “مجرد انضمام المالكي للائتلاف الوطني كان سيقنع نوشيروان مصطفى بالانضمام لباقي الكتل الكردية بقائمة واحدة ذات طابع قومي كردي ، وكان سيقنع جبهة التوافق والحزب الاسلامي بايجاد تحالف وثيق مع قائمة طارق الهاشمي ، فالمعروف ان أي ائتلاف شيعي طائفي موحد سيفرض وجود ائتلافات او جبهات سنية طائفية وكردية قومية موحدة ، وهو نفس المشهد الذي ابتدأت به سنوات ما بعد نيسان 2003″.
وكانت الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2005 قد اتسمت بغلبة الائتلافات والتحالفات الطائفية والقومية ، حيث شكلت أبرز القوى الشيعية الائتلاف العراقي الموحد ، فيما شكلت القوى السنية جبهة التوافق العراقية ، وشكلت القوى الكردية التحالف الكردستاني ، وحصلت الائتلافات الثلاثة على غالبية مقاعد البرلمان وتسيدت المشهد السياسي ككتل تمثل طوائف وقوميات ، ورغم الانشقاقات التي واجهها كل من الائتلاف العراقي الشيعي وجبهة التوافق السنية الا انها ظلت محتفظة ببنائها الطائفي الذي يقول قادة ائتلاف (دولة القانون) انهم يريدون كسر قاعدته التي لم تعد تصلح للتجربة العراقية خلال السنوات المقبلة ، من خلال اشراك مكونات طائفية وقومية متعددة في ائتلاف يعتمد على برامج وطنية عابرة للطائفية والقومية.
وكان القيادي في حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف دولة القانون علي الاديب قال في وقت سابق لوكالة (اصوات العراق) ان تجربة السنوات الاربع الماضية اثبتت لحزب الدعوة ان اعادة استنساخ ائتلاف عام 2005 لن يكون مقبولا قياسا لحجم المشاكل التي عانى منها هذا الائتلاف.
ورأى الصميدعي أن “الانجاز الذي يحسب للمالكي الان ، بغض النظر عن اختلافنا او اقترابنا منه، وبغض النظر عن فوزه بالانتخابات القادمة أم لا، الانجاز هو انه تجرأ على النزول منفردا وراهن على مكونات عراقية مختلفة مناطقيا وفكريا ودينيا وقوميا ومذهبيا ، بدلا من الاكتفاء بعمقه الشيعي الذي منحه في وقت سابق منصب رئيس الوزراء”، معتبرا ان “مسألة رئاسة الوزراء حاليا ربما اصبحت اكثر صعوبة على المالكي ، فالفرق المتوقع بينه وبين الائتلاف الوطني سيكون من 10 الى 20 مقعدا وفقا للتوقعات، وقد يكون هذا الفرق لصالح المالكي نفسه ، لكن الانجاز هنا ليس الفوز برئاسة الوزراء، بل اختصاره لـ100 سنة من الديمقراطية التي يتطلبها قيام اي ديمقراطية حقيقية في العالم ، لا شك ان المالكي فعلها حين جمع بين مكونات تمردت على انتماءاتها الفئوية وانضمت لمشروع يؤسس لاول مرة بعيدا عما ترسخ في السنوات الماضية”.
ودخل حزب الدعوة في مفاوضات مع باقي مكونات الائتلاف الموحد لتشكيل ائتلاف جديد ، لكن الائتلاف اعلن عنه في 24 اب اغسطس الجاري من قبل المجلس الاعلى الاسلامي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وتيار الاصلاح والمؤتمر الوطني ومجلس انقاذ الانبار وجزء من حزب الدعوة تنظيم العراق ، دون مشاركة حزب الدعوة في تشكيلاته ، ما اثار جملة من الاسئلة حول أمكانية أن يخوض حزب الدعوة الانتخابات النيابية المقبلة بائتلاف دولة القانون منفردا أو انه سيضطر الى الاندماج في الائتلاف الوطني الجديد .
أما الباحث قاسم محمد توقع أن “يتجاوز ائتلاف دولة القانون مخاطر المباغتة في تغيير المشهد العراقي ، إذ ان اعتماد المالكي على تشكيلة انتخابية جمعت الليبرالي بالاسلامي والمسيحي ، والعربي بالكردي ، والسني بالشيعي ، وشيوخ الانبار بشخصيات وقوى من الجنوب والوسط ، ستقدم تجربة جديدة لم يألفها الناخب العراقي ، لكنها بالتأكيد ستعطيه فرصة للخروج من الخنادق التي وضع فيها قسرا خلال السنوات الماضية”، معتبرا أن “الوقت مناسب جدا لخطوة جريئة مثل هذه، خصوصا وان المزاج الشعبي تغير كثيرا بعد القضاء على شبح الطائفية من خلال عمليات عسكرية قادها المالكي بنفسه وكلفته الكثير من عمر وزارته التي انصب مجملها على الملف الامني”.
ورأى محمد ان “التوقعات حاليا تشير الى ان اغلبية الاصوات ستتوزع بين الائتلافين الكبيريين، هناك فرصة مؤاتية لدولة القانون لان تحظى بالصدارة مجددا وتكرار ما حصل في انتخابات مجالس المحافظات، ثم ان ائتلاف دولة القانون يتمتع بميزة تجعله يتفوق على الائتلاف الوطني ملخصها ان ناخبيه سيعرفون من سيمثلهم بالوزارة اذا فازوا، فالمالكي هو المرشح الحالي، على العكس من الائتلاف الوطني الذي يتوقع الكثيرون ان يتفكك بمجرد ان يبدأ التنافس على منصب رئيس الوزراء بين ابراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي واحمد الجلبي وربما اياد علاوي لو انضم اليهم، وهؤلاء كلهم يريدون كرسي الوزارة بلا مواربة”، معتبرا ان المالكي “سيتخلى عن منصب رئاسة الوزراء اذا طلب منه ائتلاف دولة القانون ذلك، فالرجل يحترم نفسه كما اثبتت الفترة الماضية، ولن يتمسك بالمنصب كما فعل الاخرون قبله”.
المحلل السياسي عباس الياسري ، اشترك مع الاخرين بأنه “متيقن من أن المشهد السياسي في العراق تغير كثيرا بعد اعلان ائتلاف دولة القانون ، اذ ان الائتلاف الوطني كان الاسرع بالاعلان عن نفسه ، وهو ما جعل الكتل الباقية تحبس انفاسها بانتظار ما سيقرره المالكي، فلو كان قد دخل بالائتلاف كان كل شيء سيعود الى شكله القديم ، ائتلاف شيعي زائدا تحالف كردستاني زائدا جبهة سنية وكتلة ليبرالية مشتتة ، الان اختلف كل شيء”.
وتابع الياسري “قريبا سنرى القوائم تعلن عن نفسها بتشكيلات فسيفسائية لتجاري ما فعله المالكي قي دولة القانون ، صوت الانتخابات القائمة على مكونات مختلطة هو الذي يعلو كل الاصوات ويدفع باتجاه صناعة ملامح جديدة للخارطة العراقية”. مضيفا “قد يبدو تشكيل الحكومة المقبلة اصعب قليلا من الدورات السابقة بسبب تعدد الكتل وحجومها ، لكن المؤكد ان مرحلة جديدة بدأت باعلان دولة القانون، اعتقد انها ستكون مرحلة مميزة واكثر رسوخا في التجربة الديمقراطية”.