هل يحق للجعفري وعلاوي الترشيح للانتخابات القادمة
إن كثرة غياب طالب المدرسة , بدون عذر معقول أو قانوني , أو حتى عذر
مقبول هو بالتأكيد دليل على فشل ذلك الطالب وعلى عدم أحقيّته في الجلوس والاستمرار على مقعد الدراسة , ويعطي ادارة المدرسة كامل الحق بفصله وترقين قيده , لكي يفسحوا المجال لطالب اخر مجّد في طلب العلم للجلوس محله .
فإذا كنّا لانختلف على أحقية مقعد دراسي , ومن الذي يستحقه فعلا , فما بالنا إذا كان الحديث يختص بمقعد في البرلمان يتعلق به مصير بلد بأكمله ؟؟
لو سألنا السيدان النائبان الدكتور الجعفري والدكتور علاوي ( وهم مجرد عيّنة اخذتها على إعتبار ضربهم للرقم القياسي في كثرة غياباتهم وعدم حضورهم لجلسات البرلمان العراقي )
أقول لو سألناهم عن سبب تغيّبهم المتعمد والمستمر عن جلسات البرلمان فبماذا سيجيبان ؟ وأي عذر مقنع سيصرحان به , وأي تبرير سيعطوه للجماهير التي خاطرت بأرواحها في الذهاب لصناديق الاقتراع وهم يتحدون مفخخات الارهابيين , وأسلحة المليشيات , وكان همّ الجماهير حينها ينصبّ في التصويت للجعفري ( القوي الامين ) ولعلاوي ( رجل المرحلة ) , إيمانا منهم إن من تحدوا الصعاب لأجلهم ,فإنهم سيقاتلون داخل قبة البرلمان لغرض الاخذ بأياديهم وأهليهم الى بر الامان , وأن يعملوا بأمانة وحرص لكي يساهموا في تشريع وتصديق القوانين التي من شأنها رفعة ونهضة العراق .
في جميع سنن الكون فإن من لم يصدق القول , ومن لم يصن الامانة يكون ليس فقط غير جدير بالاحترام , بل يعاقب ويحاسب بكل تأكيد لخيانته أصوات من إئتمنوهم على حكم البلاد .
لكن في العراق ( بلد العجائب ) فإن العكس هو الحاصل , حيث يعاود هؤلاء النفر بالترشيح مرة اخرى للانتخابات , وكأن شيئا لم يكن !!
وكأن أرحام العراقيات لم تعد لها القدرة على أنجاب غيرهم , وكأننا لانملك إلا هذه الوجوه البرلمانية , لنعيد المأساة مرة ثانية , ولأربع سنين اخرى ؟
لو كان هناك قانون يحاسب هؤلاء وأمثالهم ما ملكوا الجرأة لمجرد التفكير بالترشيح لدورة برلمانية ثانية .. فهؤلاء القوم ينظرون للموقع القيادي كغاية فقط , وليس كوسيلة لخدمة الشعب .
من حق الجماهير ان تسأل عن قانونية وشرعية الرواتب والمخصصات وجوازات السفر الدبلوماسية وقطع الاراضي , بل وجميع الامتيازات التي حصل عليها النواب ,
ومن حق الجماهير أن يسألوا .. مقابل ماذا يأخذ هؤلاء كل تلك الامتيازات ؟
هل هي مقابل عدم حضورهم لجلسات البرلمان ؟ أم مقابل تحريض اتباعهم بعدم التصويت للقوانين التي من شأنها التخفيف عن كاهل المواطن البائس, لا لشيئ فقط لكي لاتحسب هذه المشاريع إيجابا لحكومة السيد المالكي ؟
هل اصبح هدف اسقاط الحكومة يتم على حساب راحة ودعّة المواطن المسكين ؟ أي أخلاق وقيم يحمل هؤلاء القوم ؟؟
جميع العراقيين يتذكروا جيدا مقولة الدكتور الجعفري حينما قال .. من هذا الكرسي سأخدم العراق والعراقيين ( ويقصد هنا مقعده في البرلمان ) .. فهل صدق القوي الامين في وعده ؟
وهل كلّف نفسه بالذهاب مع اقرانه النواب للجلوس تحت قبة المجلس لغرض المساهمة في تحريك عجلة الحياة السياسية التي يراد لها ان تتعطل في البلد ؟
وهل يستطيع الدكتور ان يبرر لنا عن الاسباب المنطقية التي حالت دون جلوسه على الكرسي الذي خاطرت الجماهير بارواحهم في سبيل ان يوصلوه اليه , فإذا كان الامر سيّان بالنسبة له ( الحضور من عدمه ) فلماذا يعيد الان ترشيح نفسه مرة ثانية ؟
ثم لو سألناه وفق القانون والشرع عن الراتب الشهري الذي يتقاضاه بصفته عضو مجلس نواب هل فعلا يستحقه ؟ وهل أدى , أو لايزال يؤدي عملا ما داخل البرلمان مقابل هذا الراتب ؟ ولانريد هنا ان نسأله هو والدكتور علاوي عن عشرات المكاتب الخاصة بأحزابهم , والمنتشرة في محافظات العراق , ولا عن المئاة من الموظفين ورواتبهم الشهرية , ولا عن السفر والاقامة بأرقى الفنادق وركوب افخم السيارات والسكن في أرقى القصور , فهل إن جميع هذه المصاريف الضخمة والمخيفة يستوفونها من رواتبهم البرلمانية فقط ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إذا كان الجعفري وعلاوي يستنكفان من الجلوس على كرسي البرلمان , وإذا كانت شخصياتهم المنتفخة قد أوحت لهما إن مكانتهم ووجاهتهم أكبر بكثيرمن مجرد أن يكونا نائبين في مجلس نواب متواضع !! أقول . إن كانت نفوسهم المريضة أقنعتهم بهذا الايحاء فعليهم من الان عدم الترشيح , وليفسحا المجال لغيرهم من أبناء الشعب العراقي للحلول محلهم .
من لم يصن الامانة مرة , سيفرط بها مرات ومرات , ومن لم يحترم الاصوات التي اوصلته لداخل مجلس النواب لايستحق ان يحصل على اصواتهم مرة ثانية ..
العراق الان يمر بمرحلة حساسة جدا, ويحتاج الى اناس نذروا أنفسهم بصدق في سبيل الدفاع عن حقوقه وعن مظلوميته , وحرّي بنا جميعا ان نعي جيدا خطورة هذه الحقبة من تأريخ البلد , فنحن الان على مفترق طرق , وجميعنا نحتاج من يأخذ بيد العراق الى طريق النجاة , وعلينا جميعا ان نصمّ اذاننا جيدا عن الحملات الانتخابية وأن لانستمع لهم , وما سيرافق هذه الحملات من الكلام المعسول والوعود الكاذبة ( والشفافية ) في القول , بل علينا ان نرجع بذاكرتنا قليلا , فنتذكر بضمير حيّ جميع المواقف , الصادقة منها والكاذبة , ولجميع المسؤولين , وزعماء الاحزاب , بعدها فإن اصواتنا سنعطيها بالتأكيد لمن يستحقها فعلا ..
مصطفى الحسيني
محرر شبكة دولة القانون
http://qanon302.com/news.php?action=view&id=3386