عذراً ( سيدي ) علي الكيمياوي !!
بقلم: فالح حسون الدراجي
عذراً ( سيدي ) علي الكيمياوي !!
--------------------------------
فالح حسون الدراجي
كاليفورنيا
falehaldaragi@yahoo.com
سيادة الفريق الأول الركن علي حسن المجيد الكيمياوي.
تحية وتقدير
يقيناً أنك لا تعرفني، لكنني أعرفك طبعاً، فأنت شخصية معروفة، وأشهر من نار على علم، وقد زادت ضربة (حلبچة ) الكيمياوية من شهرتك، فجعلتك ( نجماً) لامعاً في الأوساط الإجرامية الدولية، بينما أنا كاتب بسيط وواحد من ضحاياكم ليس أكثر. أكتب لك هذه الرسالة سيدي الفريق، وأنا أتصبب عرقاً من شدة الخجل، واليأس، والندم، والألم، والإحساس بالخيبة والمرارة، بسبب ما قمتُ به من أفعال مُحرِّضَّة، وغير مسؤولة ضدك، وضد رفاقك المحكومين بالإعدام، ولما كتبتهُ ضدكم من مقالات خائبة طالبتُ فيه الحكومة، والقضاء، ومجلس الرئاسة، ومجلس النواب، ومجلس بطيخ سامرَّه، بالإسراع بتنفيذ إعدامكم (أعدمني الله) مصَّدقاً بقضية الحق والعدل والقانون والقصاص من المجرمين والقتلة، الى آخر القوانة المشروخة. ولأني (ولد عبيط) ومخبول، فقد رحتُ للأسف أتوسل برئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي، من أجل الإسراع بتنفيذ حكم الإعدام بحقكم، وحق رفاقكم، وزملائكم في البعث والنظام السابق، فهل تصدِّق ياسيادة الفريق بأن شخصاً جاء من آخرالدنيا الى بغداد، قاطعاً عشرات الآلاف من الأميال، وحين تتاح له فرصة مقابلة رئيس الحكومة، ويسأله دولة الرئيس قبل نهاية اللقاء : إن كان له طلب معين، أو مشكلة ما يساعده على حلها، فيجيبه هذا (العبيط) بالشكر، ولا يطلب منه شيئاً، وهو الذي في جعبته أكثر من طلب، ولديه أكثر من مشكلة، فمن معاملة تقاعده التي أختفت في أحد مجرَّات ( أبو المحابس ) بإستعلامات وزارة النفط، ولم تزل تغفو هانئة في ذلك المجر منذ ستة أشهر، إذ بأمكان رئيس الوزراء حلها بدقيقة واحدة، الى قضية قطعة الأرض المخصصة له مع زملائه الصحفيين، والتي جُمدَّت في سجلات النقابة منذ خمسة عشرعاماً بسبب قرار( عدي ) الشهير، والخاص بالصحفيين الهاربين الذين أعتبرهم ( مرتدين، وعملاء، وخونة )، ولم تعاد له قطعة الأرض رغم مرور ست سنوات ونصف على سقوط النظام، ومرور ست سنوات على ( إشتعال لشة عدي )! مما أضطره للذهاب الى المحكمة ورفع دعوى قضائية لديها، فلعل القضاء العراقي المعروف بعدالته ونزاهته يستطيع إعادة حقه الضائع، بينما كان بإمكانه أن يطرح المشكلة على رئيس الوزراء، الذي هو رئيس الحكومة أيضاً، ليحلهَّا (بتلفون زغير) دون أن ينتظر لسنوات طويلة، قد يحصل فيها، أو لايحصل على حقه !! وعدا هاتين القضيتين، فإن لدى هذا الشخص ( العبيط ) مشاكل كثيرة لم يفتح فمه فيها أمام رئيس الوزراء، غير أنه تقدم بطلب واحد، أراد فيه الإسراع بإعدامك، وكأن إعدامك سيملأ جيوبه بالذهب والفضة .. أو إن إعدامك سيحلَّ كل مشاكله التأريخية، ألم أقل لك بأني (ولد عبيط)، فهل رأيت في حياتك (أعبط) مني؟!
سيدي علي الكيمياوي ( المحترم ) : قبل أن تقول مَن هذا الولد الذي يخاطبني بهذه الصلافة دون أن أعرفه.. سأجيبك عني وأقول : أنا الذي جاء الى بغداد قبل نصف قرن مع أسرته الفقيرة، قادماً من نهايات كوكب ( الشراگوة )، المتجذِّر في حافات القطب (العماري) المنكوب. كبرَ هذا الولد، ونشأ في بيت يقدِّس القيم ويعبُّد الحقائق، فترعرع على ثوابت يقينية لا يقبل الإنعتاق منها أبداً، وهولم يزل حتى هذه اللحظة، ورغم مرور نصف قرن على إنتقاله من تلك القرية الأخلاقية المتجذرة في حافات القطب ( العماري ) المنكوب، والتي حملت إسم ( ناحية كميت )، وإقامته في بغداد مدة طويلة جداً، ومن ثم إقامته قبل أكثر من عشر سنوات في قلب القطب الأمريكي المترف جداً، والمترع بالعصرية، والتحديث، والمكتنز بالقيم، والموضات الجديدة، وقبل ذلك تسكعه لسنوات عديدة في عمان الأردن، أقول لم يزل ذلك الولد (المعيدي) المرتهِّن بأخلاقياته القديمة، والمشدود بحبل الإيمان السري ثابتاً على ماكان عليه، وكأنه لم يزل يقيم في ناحية كميت القروية، وليس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية!! إن مشكلتي الرئيسة تكمن في عراقيتي المتأصلة، فقد رضعت حليبي الأول من ثدي الفراتين قبل أن أرضعه من ثدي أمي، ونهلتُ من محبة علي بن أبي طالب والحسين بن علي قبل أن أنهل من العلوم المدرسية، رغم إني كبرت دراسياً ( في صف) معلم هو من أعظم المعلمين، وأنبل المربين في تأريخ التعليم العراقي، وأقصد به المعلم، والمناضل الوطني الراحل عبد علوا ن الطائي، وحين أقترن قلبي، وعقلي بمباديء الحزب الشيوعي العراقي إزدادت محبة علي والحسين في صدري، لتزهر مع محبة الشهيد سلام عادل، وعشرات الشهداء المميزين في تاريخ الوطنية العراقية .. ولأن هذه الجذور قوية وعميقة جداً في كياني فإني لم أستطع تجاوزها، أو أن أتخلى عنها قط، إذ أختلطت بدمي منذ الولادة، وبات من المستحيل اليوم فرزها، او عزلها عن الدم، والروح، والشخصية .. قد تعتقد ياسيادة الفريق بأني ( متديِّن )، أو شخص فئوي، وطائفي منغلق، أو قد تعتقد عكس ذلك، فتظنني ملحداً لا يؤمن بدين ومذهب؟ لاياسيادة الفريق، فأنا لا هذا، ولا ذاك، أنا عراقي جداً، أموت في حب العراق، وأحب العراقيين المحبين للعراق، سواء كانوا مسلمين، أو مسيحيين، أو صابئة مندائيين، او يهوداً، أو إيزيديين .. ولا يهمني لونهم، أو دينهم، او قوميتهم، بقدر ما تهمني عراقيتهم، فأنا مسلم أتشرف بإسلامي، وبشيعيتي، لكنَّ محبة علي والحسين، ليست ( صنعة ) شيعية، ولا هي هوىً جعفرياً فحسب، فكم كنت أتمنى أن تعرف بأن هناك أناساً من أبناء الصابئة المندائيين يحبون علياً أكثر مني، وأن ثمة كلدانيين آشوريين أيضاً، يعشقون الإمام الحسين أكثر من ألف مثلي، وما قصة السيدة السنية (أم عمر) التي تأتي مشياً على الأقدام الى كربلاء كل عام في زيارة الأربعين، لهي أكبر برهان، ودليل على ذلك. والمهم قوله هنا إني لم أزل على تلك القناعات والقيم، والثوابت، وأقصد بها محبة العراق، وعشق كل العراقيين المحبين للعراق، فضلاً عن محبة أهل البيت رغم (علمانيتي)، وإحتفاظي حتى هذه اللحظة ( الكاليفورنية ) بطيبتي الجنوبية العمارية، فأصدِّق كل من يقول قولاً حلواً معسولاً، وأهتف بقوة مع كل من يهتف : عاش العراق .. وأركض كالطفل خلف كل من يحمل على صدره خارطة العراق، ولم يخطر ببالي يوماً قط أن أشكك بأحد، مهما كان هذا ( الأحد )!!
لقد كتبت في حب العراق آلاف المقالات، ومئات الأغاني، والقصائد، فصدحت أغنياتي بحب الكرد الفيلية، والمسيحيين، والصابئة، والإيزيديين قبل التغني بحب العرب، والمسلمين، ولم أستثن أحداً من شهداء العراق، ولا لوناً من ألوان العراق.. فالعراق في نظري كيان مقدس، والعراقيون في إعتقادي أشبه بالأنبياء.. ربما أكون قد أخطأت يوماً في موضع ما، أو أن يكون لساني قد زلَّ في قول ما، لكن قدمي لم تزِّل، أو ( تشطح )عن طريق العراق قط، فالحياة تتقدم، والآراء تتخالف، وتتقاطع، لكنَّ الحقيقة العراقية تظل ثابتة في صدري، مهما تغيرت الدنيا بأحوالها، وأهوالها. سأعترف لك ياسيادة الفريق، وأقول لك بصراحة : أني أكرهك جداً، لكنني أقسم لك بأني لم، ولن أكرهك لأنك من طائفة أخرى، أو لأنك من عقيدة سياسية أخرى، او من منطقة سكنية أخرى، لاوالله، فأنا لم أكن أكرهك، إلاَّ لأنك قاتلٌ محترف، قتلت مئات الآلآف من أبناء شعبي في حلبچة، والأهوار، والبصرة، والنجف، وكركوك، والعمارة وأربيل، والدجيل وغيرها، وأعدمت خيرة شباب العراق وشاباته بيديك، لذا فأنا لا أكرهك لشخصك، إنما لدمويتك، وهمجيتك، وكرهك للعراقيين، حتى صرتَ تفخر أمام وسائل الإعلام الأجنبية، بأنك قتلت مائة ألف كردي، ومثلهم من الشيعة!! لقد زرع الله في صدري حب العراق، ومحبة العراقيين وهي نعمة ما بعدها نعمة، فهل تصدِّقني لو قلت، بأني جلست وحدي لحظة فاجعة الأحد، تلك الفاجعة التي راح ضحيتها ألف عراقي في وزارة العدل، ومحافظة بغداد، وقد كانت الساعة عندنا وقت إعلان الخبر الثالثة فجراً، فرحتُ أبكي بحرقة، ووجع، وصمت، تماماً كما (تبكي الشموع)، كي لا أفزِّز الأطفال، ولا أرعب النائمين في مثل هذه الساعة .. لقد كنت أشعر ساعتها بكل مرارة الأرض تعشش تحت لساني، وأحسست بأن هؤلاء الشهداء هم أخوتي، وأخواتي .. أليسوا عراقيين.. إذاً هم أهلي؟ وآه لو تعرف كم حقدتُ عليكم ساعتها، وكم تمنيت لو أستطيع أن أمزقكم بأسناني، وأظافري واحداً واحداً، لأني كنت متأكداً، رغم آلاف الأميال التي تفصلني عن موقع الجريمة، بأن لكم يداً في هذا التفجيرالحقير، فقد أثبتت التجارب السابقة، بأن كل عمل تجتمع فيه الخسَّة، والدناءة، يكون للبعثيين فيه يد حتماً .
واليوم، وبعد كل تلك الكراهية لكم، ولنظامكم الدموي، والبربري، وبعد كل تلك (الجنجلوتيات)، والمقالات، والقصائد، والعرائض والتواقيع، والتوسلات التي أبديتها شخصياً من أجل تنفيذ أحكام القضاء العراقي بحقكم، وحق المئات، بل والآلآف من القتلة المحكومين بالإعدام، والمكتسبة أحكامهم القطعية، أقول بعد كل ذلك يأتي اليوم من يقول له بأن مجلس النواب العراقي، قد طلب رسمياً من القضاء تأجيل تنفيذ أحكام الإعدام بحقكم، وحق رفاقكم ( الحلوين )، وبحق القتلة الإرهابيين الآخرين الى ما بعد الإنتخابات،وهذا يعني بأن القضية سوف تبقى ( للچمرِّي )، أو حتى ظهور صاحب الزمان، ليشرف بنفسه على تنفيذ أحكام الحق، والعدالة الإلهية.. ولأني أتوقع عودتك الميمونة لتسلم منصب كبير في الحكومة العراقية القادمة، بخاصة إذا ما نجح الثنائي علاوي والمطلگ في شراء الأصوات الكافية لتسلم سدة الحكم، ونجحا بفضل أمريكا وبريطانيا ( والمجتمع الدولي )، وبفضل مئات الملايين من الدولارات التي صرفتها السعودية قبل أيام، فضلاًعن الدعم اللا محدود الذي تبديه ( أمبراطورية غطر العظمى)، حيث سيتم شراء الأصوات بالسوق السوداء، وليس بالسوق الطبيعية، لأنك تعرف بأن العراقيين كرهوا إسمكم، ومقتوا وجوهكم الكريهة، ولا يمكن التصويت لكم مستقبلاً لوجه الله، إلاَّ عبر شراء الذمم، لاسيما وأن ثمة الكثير من الناس محتاجون مادياً، وقد تجبرهم ظروفهم المعيشية الصعبة على قبول هذا الأمر، وهنا اود أن أقول بأن رغم هذه الملايين فإن علاوي والمطلگ وغيرهما لن يجرأوا على التحدث علناً بإسم البعث، فهم ( مو زواج ) حتى يفضحوا أنفسهم، ويبعدوا الجماهيرعن كتلتهم .. لذلك دخلوا متخفين تحت عباءة ( الحركة الوطنية العراقية ) .. وأظن بأن هذا الدعم المالي الخرافي، والإسناد الدولي الكبير، يضاف له عامل آخرلايقل أهمية، وأقصد به عامل التشرذم والصراع المرير بين القوى الوطنية الحقيقية، وخاصة مايجري اليوم من صراع خفي وعلني بين القوائم الشيعية .. حيث يتقاتل الإخوة على شرف حمل راية الكفاح الوطني، حتى أصبحت حملات التسقيط بينهم ( بفلسين) سوف تعيدك ياسيادة الفريق لأن تشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة، أو وزيرالدفاع ثانية، لاسيما بعد أنبثاق كتلة الرفيقين علاوي والمطلگ (وتوابعما) من الزوبع والضواري والعِثة الباچچية الكرعانية ( وإخذَه إعليك ورِدَّه إعليه )!! إضافة الى النجاح الباهر الذي حققته السعودية في لفلفة موضوع المجرم محمد الدايني، حيث تشير المصادر الموثوقة الى أن السعودية قد وضعت يدها على ملف الدايني، ولم يعد هناك أي أمل في إعادته الى بغداد، وهذا بطبيعة الحال يعطي جرعة بعثية طائفية منشطة لكل القتلة الاخرين. ناهيك عن ( مصيبة كركوك )، لذا فإني أتقدم لكم شخصياً بالإعتذار، إذ يبدو بأني قد أخطأت بحقكم سيدي، طالباً قبول إعتذاري لاسيما بعد أن إكتشفت اليوم بأن ثمة من هو أكثر جرماً وقبحاً منك، وأشد كرهاً وظلماً للعراقيين من رفاقك، لاسيما بعد إكتشاف أمر ممثلي الضحايا في مجلس النواب، وهم يسعون بلا حياء لإيقاف، او تأجيل تنفيذ إعدامك، وإعدام رفاقك القتلة.. ولأنني ولد مطيع جداً، وملتزم، (وحبوَّب) وأقدِّر حقوق ممثلي الشعب تقديراًعالياً (وطبعاً فأن وطنيتي ليست أعلى من وطنية السادة النواب) ولا يمكن لحرصي على حقوق الضحايا - مهما كان كبيراً - أن يصل لحرص السادة النواب.. فإذا كان مجلس نواب الشعب ( بذات نفسه ) يطالب بإيقاف إعدامك وإعدام رفاقك، فمن أنا، كي أقف في طريق التأجيل، وهل انا ياترى بأفضل، أو أحسن من النواب، أم إني (صاحب حظ وبخت) فأطالب بإعدامكم، وأنتم الذين يرفض نواب الشعب تنفيذ الحكم فيكم؟ ومما تقدم سيدي الكيمياوي : فأنا أطلب منكم شخصياً الصفح والعفو، وأعلن لكم بأن كل دماء الذين قتلتهم بيديك الكريمتين (توگع تحت الفراش)، فالمهم أن يبقى رأسك، ورأس السادة ( المجرمين ) سالماً، وكلنا فداء لمجلس النواب، وعلى إعناد عوائل الشهداء، وإعناد الحكومة اللي تريد تستغل هذه الإعدامات لصالح حملتها الإنتخابية شنو هيَّ هيو نطة خو موهيونطة، ياهو اليجي يسوِّي دعاية براسك، وراس الرفاق؟ داعياً من الله أن يحفظ رئيس برلماننا الدكتورأياد السامرائي، ورئيس لجنته القانونية الأستاذ بهاء الأعرجي، ( وبطريقي وآني ماشي ) أرفع يدي بالدعاء والبكاء، بأن ينصرالله الرفيقين علاوي والمطلگ، عسى أن يتعظ الجماعة، فيمنعوا عودة الجراد الأصفر وقبل أن أختتم مقالي هذا وددت أن أبارك للسادة النواب جوازات سفرهم الدبلوماسية الجديدة، والتي تمتد صلاحياتها لما بعد خروجهم بثمانية أعوام اخرى. إي هذا الحكي يا أبو زكي، لعد شعبالك خو مومثل جوازي (س أبوالنعلچة)؟ وفي الختام أهتف وأقول : عاشت فلسطين حرة عربية، وليخسأ الخاسئون. بالمناسبة لي صديق عزيز، كانت امه تسأله كلما أنهى صدام خطاباته قائلاً : وليخسأ الخاسئون، فتقول له أمه بطيبتها : أگلك يُمَّه، چا ذوله الخاسرون، ما يغلبون فد يوم؟