لكي لاننسى شهداء انتفاضة الأول من ذي الحجة (17/3/1999) في البصرة
لكي لاننسى شهداء انتفاضة الأول من ذي الحجة (17/3/1999) في البصرة
كتابات - عبدالكريم خليفة جابر
بسم الله الرحمن الرحيم
بين الأول من ذي الحجة عام 1419 والثامن منه شهدت مدينة البصرة ازهاق ارواح المئات من الشباب الأبطال واريقت دماء زكية كادت السماوات تتفطرن وتنشق الأرض وتخر الجبال منها . وقد صادف هذا الوقت الفترة من ( 17/3 الى 25 /3/1999) بالتاريخ الميلادي .
لقد ارتفعت ارواح شهداء ضحوا بأنفسهم واهليهم وبيوتهم لأجل البصرة واهل البصرة ولأجل العراق وأهل العراق .. في تلك الليلة البيضاء التي انارت سماءها اضوية الأسلحة المختلفة التي استخدمها شباب الانتفاضة من جهة والبعثيون من جهة اخرى .
وقد ابتدء نهر الدم منذ الساعة الأولى لانطلاق الانتفاضة واستمر لعدة سنوات تلت . وشمل ازهاق أرواح الشباب والنساء والأطفال والكبار .
وفي مسيرة التطرق الى الشهداء وشؤونهم لابد من الوقوف طويلا امام محطات تاريخية كبرى وبارزة ، ومن اهمها الأيام التي شهدت اعدام وجبات من شباب البصرة الثوار على ايدي البعثيين وبأوامر من المجرم المعروف ( علي حسن المجيد ) وكان في كل وجبة عدد من خيرة الناس يفقدون ارواحهم ويخسرهم المجتمع وتخسرهم البصرة والعراق بجرة قلم من المجرم المجيد . وكان اعدام الوجبة الأولى بتاريخ ( 8/ذي الحجة /1419) الموافق ( 25/3/1999) وتلتها وجبات اخرى من الأرواح الطاهرة تم تنفيذ الاعدام فيها تباعا وبأوامر من المجرم ( قائد المنطقة الجنوبية علي حسن المجيد ) الذي خوله المجرم الأكبر المقبور ( صدام ) باستباحة البصرة وقتل شبابها وزج عائلاتهم بالسجون وتهديم دورها .
رجل من أهالي حي الحسين في البصرة كان يعمل في منطقة صحراوية تسمى ( البرجسية ) وهي المنطقة التي اتخذها السفاح ( علي حسن المجيد ) مكانا لبناء قصره فيها .. الرجل وكما قال شاهد سيارات كبيرة ( حافلات ) توقفت في مكان كانت الحفارات قد عملت شقا او خندقا طوليا امتد لعشرات الأمتار .. وقد قام رجال بملابس عسكرية حكومية بإنزال شباب كثيرين من الحافلات وهم معصوبي الأعين وموثوقي الأيدي واقعدوهم على حافة الشق وقاموا بإطلاق النار على رؤوسهم واجسادهم وركلوهم ليقع الشهداء داخل الشق فقامت ( الشفلات ) بردم الشق واخفيت علامات الجريمة . وقد تكرر هذا الأمر عدة مرات وفي اوقات واماكن متقاربة . كان الرجل خائفا ولم يخبر احدا بالقصة الا بعد سقوط الطاغية ونظامه الدموي الظالم .
وعند اقامة عزاء لأحد الشهداء وهو الشهيد حسين جمعة جاء هذا الرجل وذكر القصة كاملة فسارع اهل الشهداء واصدقاؤهم وجمع كثير الى تلك المنطقة ( البرجسية ) وتم حفر الأرض وبعد البحث عثروا على رفات الشهداء التي لم يبق منها سوى العظام التي بانت عليها آثار اطلاق النار عبر ثقوب في الجماجم او الأعمدة الفقرية وغيرها . وجدير بالذكر انه قد تم التعرف على الشهداء من خلال الشهيد حسين جمعة فقد اخفى هويته التعريفية في احدى طيات ملابسه التي وجدت تغطي العظام وبعد مطابقة الوثائق التي تم العثور عليها في مديرية امن البصرة والتي كانت تحتوي على اسماء الذين اعدموا بعد الانتفاضة وكان الشهيد حسين جمعة في الوجبة الأولى وهكذا تعرف الأهالي على ابنائهم . وبعد العثور على رفات الوجبات التالية من الشهداء قام ذويهم وعدد كبير من اتباع المرجع الشهيد السيد محمد الصدر ( قدس سره ) ومن اهل البصرة بتشييعهم في مسيرة حاشدة انطلقت من جامع الجمهورية وانتهت في الطويسة قرب المقر الرئيسي للبعثيين في البصرة ( الفرع ) ومن هناك ارسلوا الى مدينة النجف الأشرف ليدفنوا قرب مرقد امير المؤمنين الامام علي عليه السلام وقرب مرقد سيدهم الشهيد محمد الصدر قدس سره . وهذا تذكير لمن نسي لأي سبب كان ..
ولأجلهم ثواب قراءة سورة الفاتحة.