مقتطفات من مقال الكاتب (احمد البديري):
عليٌّ بين مسيحي منصف وسلفي مجحف
بولس سلامة هو مسيحي من كبار الشعراء العرب الذي اهتز لبيعة الغدير وبيعتها الكبرى فغمره الشوق إلى وقائعها فعاشها في ساحة خياله الشعري وتتفتق رؤياه بملحمة الغدير الشعرية ولا يخفي افتخاره بأن يكون شيعيا مادام التشيع يعني الانتماء لعلي (عليه السلام) وانظر إليه وهو يقول في مقدمة ملحمته ( أما إذا كان التشيع حباً لعلي وأهل البيت الطيبين الأكرمين، وثورة على الظلم وتوجعاً لما حل بالحسين وما نزل بأولاده من النكبات في مطاوي التاريخ فإنني شيعي)
ثم ينطلق بملحمته مصرحا بهذا الاعتقاد الواثق الصادق :
هو فخر التاريخ لا فخر شعب
يدّعيـــه ويصطفـيه وليّـا
لا تقل شــيعة هواة علـي
إن في كل منصـف شــيعيا
أتأسى بـالأكرميـن خصالاً
لم يسيغوا في العمر شُرباً مريـاً جلجل
الحق في المسيحي حتى
عـدّ مـن فـرط حبـه علويّا
أنا من يعشق البطولة والإلهام
والعدل والخلاق الرضيّـــا
ثم يعرج على الغدير فيقول :
بث طـه مقالـة في علـي
واضحا كالنهار دون سـتور
لا مجاز ولا غمـوض ولبس
يسـتحث الإفهام للتفسـير
فأتاه المهنئـون عيون الـ
ـقوم يبـدون آية التوقيـر
عيدك العيد يا علـي فأيصـ
ـمت حسودا وطامس للبدور
تنطق البيد ناثرات على الصـ
ـحراء رشيا من كل زهر نضير
ثم يعترف بولس بأن ما يسطره من كلمات ليست إلا الحق الذي أجراه وانطقه الله تعالى على لسانه:
يا اله الكون أشـفق عليا
لا تمتني في العذاب شقيا
أولني أجر عامل في صعيد
الخير ، يبغي ثوابك الابديا
مصدر الحق لم أقل غير الحق
أنت أجريته على شفتيا
أنت أنعمتني مديح علي
فهمي غيدق البيان عليا
ثم يرجم ذلك الشاعر المسيحي المنصف أعداء عليا وحساده ومبغضيه من المتحجرين الناصبين التكفيريين بالحقيقة التي حضرت هذا المسيحي وغابت عن حقد وحسد عن أذهان أعداء علي ومعاديه المتسترين بجلباب الإسلام ...
يقول سلامة عن أمير المؤمنين :
هو فخر التاريخ لا فخر شعب
يدعيه ويصطفيه وليا
لا تقل شيعة هواة شيعة علي
أن في كل منصف شيعيا
إنما الشمس للنواظر عيد
كل طرف يرى الشعاع السنيا
ويختتم شاعرنا ألغديري ملحمته :
يا سماء اشهدي ويا ارض قري
واخشعــي، إنني ذكرت عليّا
ولا اعرف كيف استعصى على المعادين لعلي (عليه السلام) من الناصبين فهم واكتشاف إمامة علي وولايته وهم يدًعون الإسلام والالتزام بالكتاب والسنة ، بينما نجد هذه الثلة من الأدباء والمفكرين المسيحيين يصلوا إلى هذه الحقائق مع انتمائهم لغير دين علي (عليه السلام) فضلا عن الانتماء إلى خطه الصادق .
فهنيئا لم عرف الحق ونصر أهله وتعسا لمن صدق عليهم قوله تعالى {أُولئِكَ الذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُم وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}