أديبات العرب .. !

يخيل أن آلهة اليقظة والنشاط أهدت حوالي منتصف القرن التاسع عشر مكانة مرموقة لفئة من فاضلات من النساء على مقربة من الرجال الذين قدر لهم ان يكونوا عاملين في صرح الأدب الجديد في الشرق .

فولدت عائشة عصمت تيمور في مصر سنة 1840 م ،وولدت في تلك الأعوام بسوريا وردة الترك ، ووردة كبا ، ولبيبة صدقة ، وولدت زينب فواز 1860م صاحبة "الرسائل الزينبية" و"الدر المنثور" في صيدا سنة 1860 م . وولدت في العام نفسه فاطمة علية ابنة المؤرخ التركي جودت باشا . وهي رغم كونها كتبت بالتركية فإن لها الحق أن تذكر بين أديبات العرب لأنها عرفت لغتهن ، وانتشر صيتها في أقطارهن ، وعاشت طويلا في بلادهن التي جاءتها طفلة في عامها الثالث يوم تولى والدها ولاية حلب بعد أن كان وزيرا للمالية في الدولة العثمانية .
ويوم ولدت زينب فواز وفاطمة علية ، أي سنة 1860م ، كانت وردة اليازجي في الثانية والعشرين من عمرها ، لأنها ولدت سنة 1838 م . هي و مريانا مراش الشاعرة الحلبية في عام واحد .

عثر للشاعرة وردة اليازجي على اثر وحيد باقي من أدبها ، ديوان " حديقة الورد " الذي اقتبست اسمه من اسمها كتبت وردة اليازجي في شعرها عن ، ورود المجاملة الصافية ، ورود المودة والشوق ، ورود الغم والحزن ، وعبرت في نثرها عن رأي اجتماعي يعالج بعض المشاكل الاجتماعية .
ومن الجدير بالذكر أن أول رواية عربية هي للكاتبة التي تنكرت لذاتها زينب فواز ، حيث لم يعثر بين سطورها على ما يشير لهمومها الشخصية ، بل ظلت زينب منفية غريبة عن المجتمع آنذاك ،لكنها تجاوزت كل العراقيل في سبيل تحقيق ما تصبو إليه متجاهلة حسد وعجز من يهاجم النساء ويضع في دربهن المطبات الاجتماعية بالدسائس والوشايات والتحريف والتحامل والانتقاص ، غير مغتفرين لها ما تفردت به ، كان رسولها الإلهام ،و المستقبل يحيا بالحاضر ، انبثقت منها أفكار كبيرة وآراء نيرة نثرت بذور الأمل في عالم المرأة ، صدح صوتها وجلجل إلى السماء فأمطرت بعدها أدب وأدباء ، لم تكن زينب فواز تنظر موسم القطاف ..بل كانت تعلم ان نشئا جديدا سيلتقف مبادئها ويحققها شيئا فشيئا ، وجاء بعدها قاسم أمين الذي اضطهد في سبيل دعوته إلى الإصلاح الاجتماعي وتولى ربع قرن تقريبا وكأنه يبلور أفكار زينب فواز ، فإذا بآراء قاسم أحيا اليوم منها في حياته ولا أحد يذكر زينب !!
وردة اليازجي كانت تعبر عن حاجة المجتمع ، تشعر بما يشعرون ، فكانت أقرب إلى فهم المجتمع ، لأنها ثمرة هذا المجتمع ، نشأت على ما كان ينبغي أن ينشأ ، وأظهرت من شخصيتها مثلا كريما ، وجاه بأحسن ما ينتظر . كانت تغذي الجمهور بما يناسبه لينمو ، وقادته مع زملاءها خطوة خطوة نحو مستقبل بصير ، عنده أهلا ليدرك ما يريده جماعة الشاذين الخياليين والنظريين كما يسميهم العمليون !

أفكار أديبات - الماضي - قد أنضجها الدهر على مهل ،
فتناولها بمعانيها الأصلية صفوة من نساء الأمة ورجالها .
وكلنا يلاحظ زوال الكثير من العقبات أمام النساء ولم يعد لديهن علل كبيرة تبرر لهن تقاعسهن عن أخذ دورهن الحقيقي في الكتابة عن هموم المجتمع والنساء ..
وها هي ثورة الانترنيت تعطي كامل حقوق التعبير عن الرأي للمرأة ،فعلى من تريد أن تتبوأ منتديات الكتابة أن تتميز عن قريناتها بعشقها للأدب وحرية الفكر التي تمنح المرأة علو شان وسمو عن صغائر الأمنيات . وعلينا أن لا نكتفي باختلاس حق الكتابة عن ذاتنا فقط كي لا ننضب على عجل .

زالت معظم العقبات أما م القلم النسائي وعلينا إزالة ضيق الأفق داخلنا بزيادة الاطلاع ، وسبر أغوار المجتمع من خلف شاشة صغيرة تنقل لنا الآهات والعاهات الاجتماعية التي تزود أقلامنا بكل ما هو مثير ..و ما نريده - فقط – هو تحديد الهدف والتحليق تجاهه دون التفات لأعداء النجاح .

همسة :
تكمن عظمة التجارب في عمق الألم الناتج عنها وألم تجارب الأوليين يطاردني ..يلاحقني ولا أنوي التوقف عن خوض التجارب ..أ و الكف عن البحث والاطلاع .. لآن ألم التجارب يشبه ألم المخاض.. ..بعده نجد لنا السند والعون ..!