خوارج هذا العصر - صلاح الفضلي
خوارج هذا العصر
«الخوارج» عنوان لظاهرة تاريخية مهمة في التاريخ الاسلامي لجماعة مارقة استخدم اتباعها العنف مع ابناء دينهم بحجة انحرافهم عن «المنهج القويم» ومع ان الخوارج كانوا في ظاهرهم من الزهاد العباد الا انهم كانوا اجلاف الطباع سفهاء الاحلام يكتفون من الدين بشعارات رنانة لا يفهمون مغزاها، وهذا ما حدث يوم ثاروا على الإمام علي بن ابي طالب ورفعوا شعار «لا حكم إلا لله» وهو ما رد رضوان الله عليه بقوله «كلمة حق يراد بها باطل».
ولأن خطر هذا النوع من العقلية المتخلفة خطير على الدين فإن علي عليه السلام يقول عنهم «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج في آخر الزمان قوم احداث الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم اجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة».
اذا كان هذا هو حال خوارج القرن الأول من الإسلام فإن لهؤلاء الخوارج خلفا في هذا العصر، لهم نفس صفات اسلافهم من الفكر المنحرف والعقلية المتحجرة والقلوب القاسية امعنوا في خلق الله تقتيلا وتنكيلا بحجة الدفاع عن الدين وتمسكا بأقوال سيد المرسلين وهو منهم ومن افعالهم براء، فهؤلاء مثل غراب البين ما حلوا بأرض إلا وحل بها البلاء وعمها الشقاء.
الحوادث الاجرامية التي تمت في الرياض والحوادث المروعة التي تحدث هذه الايام في العراق من قتل لأناس عزل من المدنيين لا يمكن ان تكون إلا نتاجا لفكر «خارجي» (نسبة الى الخوارج) والا اي دين يبيح قتل الغافلين واية ملة تجيز ترويع الآمنين؟! واذا كان «المجاهدون» في العراق يبتغون الزلفى الى الله ويدافعون عن اوطان المسلمين ـ كما يقولون ـ فدونهم الاميركان يسرحون ويمرحون.
عجائب سفاهات الخوارج كثيرة، فمنها: انهم وجدوا مسلما ونصرانيا في طريقهم، فقتلوا المسلم لأنه عندهم كافر اذ كان على خلاف معتقدهم، واستوصوا بالنصراني وقالوا: احفظوا ذمة نبيكم، ووثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فمه فصاحوا به، فلفظها تورعا, ما يحدث في السعودية والعراق من حماقات وجرائم يرتكبها هؤلاء السفهاء المتلبسون بزي الدين بحق الابرياء يذكرنا بسفاهات اسلافهم، والا اي حماقة وسفه اكثر من ان يفجر انسان يدعي الجهاد نفسه وسط ابناء ملته بدعوى انه يتقرب الى الله بذلك في حين ان ساحات الجهاد الحقيقية مشرعة الابواب.
اذا كان هناك من يريد الاساءة للدين الاسلامي فإنه لن يجد افضل من «خوارج هذا العصر» بما يملكون من سفاهة وجهل ليبرزهم على انهم الصورة النمطية للمسلم المتعصب المتوحش الهمجي الذي هو اقرب ما يكون الى مصاص الدماء نسأل الله ان يلطف بهذه الامة وان يخلصها من امثال هؤلاء السفهاء المتحجرين وان يغير سوء حالنا بحسن حالة.
كاتب كويتي
salahma@yahoo,com
======
وكأنك تعبر عما في قلبي يا فضلي
أدام الله لنا أناملك الطاهرة