مراجعة لأداء مرجعية سيستاني خلال شهر
سكتت فجأة كافة الحناجر التي كانت تصيح بالمطالبة بالإنتخابات وبأسرع وقت ممكن قبل تسليم السلطة إلى العراقيين حسب إتفاق 15 نوفمبر.
النتيجة التي وصلنا إليها إعتراف ضمني بإستحالة الإنتخابات
وهذا الذي كان يقوله الأميركان، ولكن هذه المرة بختم أممي غير قابل للنقض على مايبدو مدعوم بأقوال "خبراء دوليين" من أمثال الأخضر الإبراهيمي الجزائري.
لقد تم جرجرة مرجعية سيستاني إلى معركة سياسية فاشلة لم تكن واضحة المعالم والأهداف، كانت أطراف هذه المعركة "وكلاء" المرجع الذين تتهافت أقوالهم وتتقاطع مواقفهم ويبرز تكذيب كي يؤيده تصديق إضافة إلى حركات سياسية كانت تحاول جمع بعض المكاسب السياسية من ورائها.
هذه المعركة السياسية لم تكن جيدة الإعداد بما يكفي، وذلك لسبب بسيط أن الذين حركوا هذه المعركة لم يدخلوا في حساباتهم الإجابة على السؤال الإستراتيجي الأهم ، وماذا بعد، ماذا إذا لم يتم الحصول على المطلب القاضي بالإنتخابات وقبل تسليم السلطة ؟
إنتفاضة ؟ وبأي سعر ممكن، وماذا لو إتحدت أطراف أخرى في أجواء العنف مع الأميركان والتحالف ضد الشيعة في سبيل الحصول على المكاسب السياسية اخاصة بهم ؟
نتيجة هذه المعركة السياسية التي جرت إليها مرجعية سيستاني المحتجبة جرّاّ، لم تعطي أية نتائ إيجابية على الواقع الشيعي في هذه المرحلة، سوى إستقواء لبعض الأطراف الأخرى المنافسة والتي وقفت إلى الجانب الأميركي ضد هذا الإقتراح.
وفي خضم هذه المعمعة التي حدثت والتي ربما اريد منها إشهار بعض الشخصيات المغمورة، إضافة إلى محاولة جمع بعض المكاسب الآنية لبعض الحركات لوافدة من خلال الركوب على صهوة مرجعية سيستاني الوافدة ايضاَ.
لا أظن أن المرجعية هذه تمتلك الإرادة أو القدرة على توفير أجواء مقاومة مسلحة أو إنتفاضة سلمية ضد قوات الإحتلال لأسباب نجمل منها ما يلي
الحالة الإنسانية السيئة التي يرزح تحتها الإنسان الشيعي بعد عقود من الحرمان والإضطهاد. هذه الحالة تجعل من الصعب أن نرمي الإنسان الشيعي في أتون معركة غير محسوبة النتاائج. وإذا كان إبن الفلوجة يفجر ويقتل فهو يمارس هذا الفعل من أجل إستعادة سلطته التي كانت تعطيه نوعاَ من الرفاهية، وبينما يتظاهر إبن الرمادي كي يستعيد وظيفته كمفوض أمن، يتظاهر إبن العمارة والكوت كي يحصل على عمل.
عدم تأكد وسائل الدعم لأية حركة مسلحة أو إنتفاضة، فبعد إنتفاضة شعبان لا يمكننا الثقة بالجانب الإيراني الذي هو مهتم بإستحصال مكاسبه السياسية الخاصة به.
حالة غياب المشروع السياسي الواضح وتباينها بين مختلف الإتجاهات. إبتداء من مطالبة بحكومة إسلامية على الطريقة الخامنئية وإنتهاء بالفوضوية والإستيلاء على أموال الأضرحة والقبور.
تعقد الواقع العراقي يجبرنا كشيعة أن ننتبه من الدخول في معارك سياسية أو مسلحة غير محسوبة النتائج والأهداف، فصديق صديقي صديقي وعدو عدوي صديقي كما قال الإمام علي عليه السلام. وبدلاَ من تحريك العاطفة والشعارات يجب علينا كشيعة أن نفهم في هذه المرحلة أين مصالحنا وكيف نستحصل هذه المصالح، وبدلاَ من الإنطلاق من مقولات معاداة الأميركان، أو غيرهم لمجرد أنهم أميركان، ينبغي علينا أن نفهم أساليب إستحصال الحقوق التي تضمن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا في العراق.
المعارك السياسية لها أحياناَ نفس التأثير أو أقوى تأثيراَ من المعارك العسكرية. وبدلاَ من الدخول في معمعة سياسية فاشلة كالتي حدثت قبل شهر، كان الأجدى أن يتم التركيز على وضع الإسلام في الدستور وأمور أخرى أهم من الإنتخابات تهم الواقع الديني والثقافي والإقتصادي للمجتمع العراقي وخاصة في مناطق الشيعة في العراق.
من نتائج هذه المعركة السياسية الفاشلة
تمديد فترة حكم مجلس الحكم الذي لا يحظى بتأييد أغلبية الناس، وبدلاَ من إنتخاب هيئة تشريعية عن طريق الكاوكس، أصبحنا اليوم في نفس الوضع الذي كنا عليه قبل ما يقارب العشرة أشهر. مع إستمرار السيطرة الأميركية المباشرة على مقاليد الأمور. مع دخول المسألة العراقية كطرف في إنتخابات الرئاسة الأميركية والتجاذبات المتعلقة بها.
تقوية الجانب المعادي لتحسن وضع الشيعة في العراق من خلال إنكاكه في المشروع الأميركي في العراق. وهذا ما أصبحنا نلحظه من خلال تصريحات السنة في مجلس الحكم، الياور، ومحسن عبدالحميد وليس آخراَ، الجادرجي.
تضعيف وضع المرجعية بشكل أكثر من خلال عدم الإستجابة للشروط التي حددتها من خلال نفس الشروط التي وضعتها على نفسها.
كنا نتنمى وتحدثنا كثيراَ في هذا الشأن أن نضع هذه الوكلائية
مشروعاَ واضحاَ تعرضه على أطياف الواقع الشيعي وإستراتيجية تتكيف من خلالها مع الواقع الحالي لإستحصال ما يمكن إستحصاله من حقوق. وأتوقع أن نظام الكاوكس الذي ألزم الأميركان أنفسهم به كان يمكن إستغلاله بشكل ممتاز في إيصال ممثلين حقيقيين للشعب من خلال قنوات المرجعية والعشائر والحركات والأحزاب، بدل التخبط في المطالبة بإنتخابات كان الكل يعلم أنها لا يمكن أن تجرى في الوقت الراهن.
الغريب أن إجراء الإنتخابات العامة في العراق هو أمر إلتزمت به قوى الإحتلال في نهاية 2005 حسب إتفاق نوفمبر. ولا أتصور أن الإنتخابات بالشكل الذي طالبت به مرجعية سيستاني ستتم قبل هذا الموعد.
سأضيف في الردود القادمة مسودة الإتفاق الذي تم بين مجلس الحكم وقوى الإحتلال عن نقل السلطة باللغة الإنجليزية. ثم أعرج على عرض مراجعة للأحداث التي رافقت حملة مرجعية سيستاني للمطالبة بالإنتخابات والجلبة التي رافقتها.