يا مالكي : فشلت في الحكم .. فأنجح في المعارضة !! ..
العنوان والموضوع وما سنكتبه هنا سيستفز كثيرين .. وسينبري أصحاب الأحلام الوردية الذين توقعوا بدون أساس يذكر بأن المالكي سيكتسح الساحة السياسية ويشكل حكومة كاسحة حاسمة .. مع أن التركيبة السياسية العراقية لا تسمح بذلك .. وقد قلنا من قبل بأن الصراع والتنافس هو في الساحة الشيعية فلا الأكراد سيصوتون للمالكي ولا السنة .. كما أن الساحة الشيعية لم تعد موحدة كما كانت من قبل .. فقد باتت منقسمة وبشكل حاد وفوق ذلك فإن هناك كتلا أخرى ستقضم حصتها من الأصوات الشيعية كعلاوي والبولاني والكيانات الصغيرة والمستقلون .. وخلافا لما كان يتوقع البعض فإن النظام السياسي الذي أقامه الأمريكان في العراق لن يسمح بقيام قوة حاسمة فلابد أن يكون الجميع بحاجة الى بعضهم البعض وبحاجة الى السفير الأمريكي في العراق ليوفق ويوافق بينهم ..
في السنوات الأربع الاولى والتي لم يحقق فيها المالكي إنجازا حقيقيا يذكر ماعدا الضجيج والصخب الإعلامي على العكس من ذلك ترك إنتكاسة وطنية كبرى هي الإتفاقية الأمنية التي فرضها الأمريكان على العراقيين وخرج بها المالكي بالتخريجة المعروفة فسماها إتفاقية سحب القوات في تضليل وخداع للشعب لا ينطليان إلا على إثنين : صاحب مصلحة في هذا التسويق .. ومغفل لا يفهم من الأمر شيئا ..
وكما توقعنا لنتائج " الإنتخابات " فإن القول الفصل لأمريكا وقلنا وقتها بأن أمريكا إذا كانت ما تزال تحتاج الإسلاميين فسيكون الفائز المالكي وإن إنتهى شغلها بهم فسيفوز البولاني .. ولكن كما إستدركنا ستأخذ أمريكا نتائج " الإنتخابات " كمؤشر على توجهات الشعب العراقي وقد تكون هناك مفاجأة بأن يفوز بها علاوي مثلا .. وهذا ما حصل .. ولكن في إطار أن الكل ضعيف والكل بحاجة الى أمريكا ..
اليوم تتهم قائمة المالكي المفوضية بالتزوير وقد تكون صادقة .. مع أن نسبة التزوير ليست بتلك النسبة الكبرى والتي تغير مسارات الأمور .. فهي تسعة آلاف صوت لصالح العراقية على حساب كتلة المالكي .. وقد تتعدل هذه النسبة بعد إتمام فرز الأصوات فيتفوق المالكي وتعود الأمور من جانب كتلته الى نصابها وكأن شيئا لم يكن .. وقد تستمر الأمور على ما هي عليه فيفوز علاوي وكتلته ..
ماذا يريد المالكي من الوزارة والحكم والفوز .. هل لديه برنامج لبناء العراق وإصلاح الأوضاع وإنقاذ البلاد من محنته .. أم ان الحكم هو وسيلة للإنتفاع بالمكاسب والإمتيازات له ولأنصاره ومريديه .. إن كان الهدف هو الأول فلا مجال له في ظل هذا الوضع السياسي المحسوب بدقة من قبل الأمريكان ولن يجد المالكي سوى أن يصرخ بعد حين بأنه يريد فعل كذا وكيت ولكن مجلس النواب أو الكتل السياسية الأخرى لا تسمح له ويبقى في المربع الأول .. ويتحمل وزر بقاء العراق متخلفا غارقا في المشاكل والكوارث .. أو أن تكون غايته هي الثانية فهذا موضوع آخر وهنيئا له ولمن معه بكل ما يعطيه المركز من إمتيازات ومكاسب ولكن على حساب الشعب والوطن وسيلقاها غدا حسابا عسيرا عند رب العالمين .. ولعنات التاريخ تلاحقه الى أبد الآبدين ..
كانت لدى المالكي فرصة أن يصبح المنقذ والمخلص لو أنه إستكمل ما بدأ أمنيا سواء كان بفضله أو بفضل ظروف وعوامل خارجية لا علاقة لها بها .. بتعبئة الناس وخاصة الشباب حول برنامج وطني متكامل تكون على رأس أولوياته الحرب على الفساد .. وبناء العراق على أسس وطنية بعيدا عن المحاصصة الطائفية والمناطقية والحزبية وهذه الأخيرة قاتلة في ظروف العراق الخاصة الجارية .. لم يستطع المالكي أن يتخذ مثل هذه القرارات ولأسباب عديدة من بينها الحاشية المحيطة به .. والضغوط التي يتعرض لها من ثلاثة أطراف السفارة الامريكية والسفارة الايرانية وبراني السيستاني .. ولكنه كان يمكن أن يقاوم هذه الضغوط بالتعبئة الشعبية كما أسلفنا .. كما أنه وهذا هو العامل الثالث ورغم الفرصة التأريخية النادرة التي منحت له وجعلته في مصاف زعيم وطني يحظى بإحترام الناس ومحبتهم كعبد الكريم قاسم .. لم يستطع أن يكون في مستوى هذه الفرصة فخسرها في أسرع من البرق ..
المالكي اليوم أمام مفترق طرق .. أن يشكل حكومة إن سمحت له النتائج النهائية وهي حكومة ضعيفة غير قادرة على فعل شئ وستستمر بالوضع العراقي المزري من السئ الى الأسوأ .. أو ينتقل الى المعارضة ويكون همه الدفاع عن الشعب وحقوقه ومصالحه ويشكل عامل ضغط كبير على الحاكمين ويضع في ذهنه تعبئة الناس وتوعيتهم إستعدادا لمعركة حاسمة بعد أربع سنوات .. هنا معيار الكبر وهو بين خيارين أن تشح عليها نفسه أو تسخى عنها وفي مفترقات التأريخ يبدو معدن الرجال ..
http://www.iraqcenter.net/vb/54154.html