علماني السنة والحقد الاعمى
الشركاء في مجزرة عاشوراء
عدنان حسين
هل تريدون الحقيقة ام ابنة خالتها؟
ابنة خالة الحقيقة هي ان الذين ارتكبوا مجزرة عاشوراء (امس) في كربلاء والكاظمية (بغداد) هم أنفسهم الذين يواصلون مسلسل الهجمات والتفجيرات الانتحارية وغير الانتحارية ضد ابناء الشعب العراقي ومؤسساته الوطنية منذ انهيار نظام صدام حسين حتى الآن، وهم اعضاء محور الشر الثلاثي: فلول النظام المنهار وانصار «القاعدة» وفروعها وعصابات الجريمة المنظمة.
أما الحقيقة فهي ان لهؤلاء شركاء يتحملون معهم النصف تماما من المسؤولية عما جرى امس..انهم الاحزاب والشخصيات الدينية الشيعية الاصولية المتطرفة التي تتصرف دونما أي تحلٍ بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية، ودونما أي قراءة صحيحة لاوضاع البلاد التي تزيدها تصرفات هذه الاحزاب والشخصيات تدهورا.
هذه الاحزاب والشخصيات المتطرفة (تمييزا لها عن الكثير من الشخصيات الدينية الشيعية الوطنية المعتدلة) عملت طوال الاشهر الماضية على اثارة غبار الطائفية، وشجعت في الاسابيع الاخيرة على تسعير هذه الحمّى بطرح شعارات غير واقعية ثبت بُطلانها فأرادت ان تحوّل مناسبة عاشوراء التاريخية الأليمة الى عرض للعضلات، والهدف دائما التمهيد لفرض نظام حكم طائفي في العراق على غرار النظام الايراني الفاشل والمأزوم.
هذه الاحزاب والشخصيات كان يجب ان تتحلى بالحصافة السياسية وتدرك ان ظروف البلاد ليست ملائمة لممارسة شعائر عاشوراء بمثل هذا التوسع وهذه الكثافة.
العراق بلد مثخن بالجراح البليغة ويحتاج الى اعمال ومواقف جادة لوقف نزيفه المهلك.
العراق بلد مدمّر تماما ومخرّب كلية وتلزمه جهود جبّارة لاعادة إعماره.
وبعد عقود متصلة من الظلم الشامل والاستبداد الكامل والقمع الضاري يحتاج الشعب العراقي الى ان تترفع قواه وشخصياته السياسية بعض الشيء، والى حين في الاقل، عن الاهواء والمطامع الشخصية والحزبية والغايات الطائفية، وتهتم بالحاجات الانسانية والاقتصادية الاساسية لسكان البلاد.
بدلاً من الاستقتال على استعراض العضلات والسعي لاثبات ما لا يحتاج الى اثبات (اكثرية الشيعة)، لتهتم هذه الاحزاب والشخصيات بتوفير الاغذية للجياع والفقراء والادوية للمرضى والمصابين والاعمال لملايين العاطلين عن العمل.. لتتضافر جهودها من اجل تأمين لقمة العيش الكريم للارامل والايتام والنساء اللائي يضطررن للمتاجرة باجسادهن والقبول بانتهاك انسانيتهن.. لتعمل في سبيل اعادة «ابناء الشوارع» الى المدارس.. لتجهد في سبيل اعادة الخدمات العامة الاساسية: الماء والكهرباء والمجاري.. لتتعاون من اجل تأمين حاضنة كل هذا، وهو الأمن.
من دون ان يتحقق هذا لن يكون للعراق المستقبل الذي يتطلع اليه الشعب العراقي ويستحقه عن جدارة: مستقبل الحرية والديمقراطية والكرامة والرفاه. ومن دون هذا لن يقوم النظام الديمقراطي الذي سيثبت ان الشيعة اكثرية، ان كانوا كذلك، وسيساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات.
الذين اطلقوا حمّى الطائفية على مدى الشهور الماضية.. والذين يكابرون ويصرون على إغماض اعينهم عن واقع العراق ويدفعون باتجاه فرض واقع متخيل ومستورد، يتحمّلون نصف المسؤولية عن مجزرة امس في كربلاء والكاظمية، وهي لن تكون الاخيرة. واقل ما يتعين عليهم عمله الان هو التخلي عن مواقفهم وسياساتهم الخاطئة، بل الاعتذار عنها، وهذا اضعف الايمان.
a.hussein@asharqalawsat.com