عذرا..! فلنستفيق الآن من نشوة (الانتصار) ونواجه الحقائق المرة
حسين المشهداني
قيادي قي قائمة علاوي
عدد القراء 770
من غير أدنى شك فقد عبرت فرحة العراقيين وعدد الأصوات الذي حصدته القائمة العراقية عن رغبة شعبية كبيرة في التصدي للمشروع الطائفي التقسيمي للعراق، وكان انحسار قائمة إئتلاف الشر الطائفي وعدم فوز بعض الشخصيات الكريهة رغم حجم التزوير والنفقات الهائلة التي رصدوها لتسويق أنفسهم مؤشرا مهما في تطور الوضع العراقي على نحو إيجابي..
ولكن علينا أن نستفيق الآن من نشوة الانتصار وأحلام الأمل البعيد على واقع قريب سيواجهنا ويصفعنا بمفاجآته شئنا أم أبينا.. فعبارة (فوز القائمة العراقية) لم يستخدم من قبل وسائل الاعلام إلا مجازا.. لأننا لسنا في لعبة كرة قدم من يسجل فيها هدفا واحدا أكثر من خصمه يسمى فائزا..!! إن مجرد حصول القائمة العراقية على مقعدين أكثر من قائمة دولة الفافون لن تكون له أية (استحقاقات) انتخابية، ولن يمنح هذه القائمة فرصة أفضل من غريمتها في تشكيل الحكومة القادمة على نحو مشرف، واليكم التفاصيل..
لتشكيل الحكومة على اية قائمة أو مجموعة قوائم فائزة في الانتخابات أن يكون لها (نصف) عدد مقاعد البرلمان + 1، وبما أن مجموع مقاعد البرلمان (مضافا لها مقاعد الأقليات) هي 325 مقعدا، فالمطلوب إذا هو كتلة تمتلك 163 مقعدا على الأقل لتشكيل الحكومة.. وهذا يعني أن قائمة العراقية ستكون بحاجة الى (163-91) = 72 مقعدا آخر لتكون قادرة على تشكيل الحكومة.. ومن وين راح يجيب علاوي 72 مقعد؟ خلي نشوف الاختيارات المتاحة:
1. إئتلاف الشر الطائفي (الوطني العراقي) له 70 مقعد، فيمكن بالائتلاف معه طبعا (91 + 70=161) ومقعدين آخرين من هنا وهناك تشكيل الحكومة، لكن معناها الائتلاف راح يفرض فد 40% من الوزراء، وأكيد سيشترطون رئاسة الوزراء أيضا، ومعناها يرجعلنه صولاغ والجعفري والحثالات الطائفية ذات الولاءات الايرانية.. إحتمال مثل هذا الائتلاف شبه مستحيل لأن العراقيين حينها سيكفرون بعلاوي والقائمة العراقية بأكملها، وأيضا هو يستثني القوائم الكردية العميلة وهذا ما لاترضاه أمريكا طبعا.. فالعملاء يجب أن يكافئوا..
2. اذا أراد علاوي استبعاد الائتلاف الوطني ودولة الفافون، فعليه التحالف لأجل تشكيل الحكومة مع التحالف الكردستاني (43) مقعد + القوائم الكردية الأخرى الفائزة (14) مقعد + التوافق (6) + إئتلاف وحدة العراق (4) وسيكون المجموع مع قائمة العراقية = 158 مقعدا.. يعني باقي 5 مقاعد..! مقاعد الأقليات عددها (8) يعني نظريا ممكن 5 يتحالفون وتتشكل الحكومة، ولكن...
3. إذا تم تشكيل الحكومة بهذه المكونات فسوف يكون للقيادات الكردية العميلة حصة الأسد، وسوف لن تمنح مقاعدها لتشكيل الحكومة الا لقاء: (أ) مناصب سيادية مجحفة بحق العراق كرئاسة الجمهورية والخارجية وغيرها، و (ب) تنازلات في موضوع كركوك أيضا تعتبر انتقاصا من سيادة العراق وهيبة الحكومة القادمة.، و (ج) ضم مزيد من الأراضي العربية الى إقليم كردستان المزعوم تمهيدا للانفصال.. !!! وهذه الخيارات أحلاهما مر، واذا قبل علاوي بأي منهما فسوف يسقط في نظر العراقيين..! (وجود جلال الطالباني وعادل عبدالمهدي الآن في ايران له دلالاته..!!).
4. هل فكر أحدكم أن مجموع مقاعد الائتلاف (الوطني) العراقي + قائمة دولة الفافون = 159 ، يعني يحتاجون 4 مقاعد أخرى فقط لتشكيل الحكومة بلا القائمة العراقية وعلاوي يطلع (آآآوت)..!!!! طبعا هذا ممكن والعقبة الوحيدة التي تحول دون ذلك هو كره ائتلاف الحكيم والتيار الصدري للمالكي وإصرارهم أن لايترأس الوزارة مرة أخرى. لكن لنفترض أن المرجعية (الرشيدة) تدخلت وأفتت أن زوجة المالكي حرام عليه، وميشوف الجنة، اذا ما سمع كلام وتنازل عن رئاسة الوزراء لأجل (نصرة المذهب)، ولنفترض أن ايران إما قدمت تنازلات لأمريكا أو حركت حزب الله أو حماس للقيام ببعض المناوشات وتهديد أمن اسرائيل، حينها ستجتث أمريكا المالكي بجرة قلم، وتشكل حكومة عمائم موالية لايران الشر مرة أخرى.. ويقال لعلاوي (حظا سعيدا في الانتخابات القادمة)..!!!
5. من الواضح أن الادارة الأمريكية قد (طبخت) نتائج الانتخابات بشكل دقيق لتجعل من المستحيل على اي قائمة وطنية غير طائفية وغير عنصرية أن تحكم العراق بمفردها.. فاتحة الأبواب على مصاريعها لمسلسل قادم من الصراع الذي نسأل الله القدير أن يجنبنا ويلاته..
لم اشأ أن أكون متشائما لكنها الأرقام والحسابات.. ويعز علي كثيرا أن تخيب آمال المحتفلين والفرحين هذه الأيام بـ(هزيمة) القوائم الطائفية.. لكن التذكير واجب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.. ولانريد أن يصاب أحد بخيبة أمل شديدة أو صدمة كبيرة عندما يعلم أن النصر كان متواضعا، وأن ملعب العملية السياسية الذي رسمته قوى الاحتلال في العراق أكبر من جميع اللاعبين فيه، وقواعد اللعبة مرسومة بدقة لكي تضمن (الديمقراطية) العراقية التي أهديت لنا تخلفا متواصلا وعنفا متزايدا وصراعا تاريخيا مستديما يريح بال إسرائيل، ويمنح إيران الفرس موطئ قدم أوسع اقترابا من اختراق المنظومة العربية وتفتيتها لكي لا تشكل مستقبلا أي خطر محتمل على الكيان الصهيوني..
وأصارحكم أنني لم أفاجأ بعدد المقاعد التي حصدتها القائمة العراقية، لكن صدمتي الكبيرة كانت عندما ضربت مجموع عدد مقاعد الائتلاف ودولة القانون (71+89) في القاسم الانتخابي (30 ألف)، فكانت النتيجة أن قرابة 4 ملايين عراقي قد صوتوا في الانتخابات على أساس مذهبي بحت، أو بعد إخافتهم على نحو شديد السذاجة بـ(عودة البعث)، أو بعد رشوتهم بالمال والمناصب.. مشكلتي ومشكلة العراق للمرحلة القادمة هم أولئك الـ 4 ملايين عراقي ممن صوتوا لمجرمين وقتلة وسراق وعملاء للاحتلال ولجارة الشر الفارسي.. بل صوتوا لأشخاص قد جربوهم من قبل وحرموا الجنوب قبل الوسط والشمال من الخدمات والرعاية في كافة المجالات..
في خضم هذا التحليل التشاؤمي أعود لأضع كامل ثقتي وأملي بتوفيق الله وحفظه أولا، ثم بالمشاريع العراقية الوطنية المقاومة والرافضة للباطل والمنكر، والتي لاتعمل وفق (قواعد اللعبة) المرسومة.. إنما تعمل وفق انتماءها الوطني الخالص وحبها للعراق وشعبه وحضارته