الكشف عن سجن سري يديره المكتب العسكري المرتبط برئيس الوزراء(هل هذا صحيح)
بغداد – نيد باركر
المئات من الرجال السنة تم اخفاؤهم في سجن سري يقع في بغداد يديره المكتب العسكري المرتبط برئيس الوزراء نوري المالكي. وتعرض السجناء للتعذيب الدوري قبل ان تتمكن وزارة حقوق الانسان من الحصول على اذن لدخوله وفقا لما قاله مسؤولون عراقيون.
وقد تم احتجاز الرجال من قبل قوات الجيش العراقي في شهر تشرين الاول الماضي في عمليات المسح التي يقوم بها الجيش مستهدفا مجموعات سنية في محافظة نينوى التي تعد معقل القاعدة وبقية المتمردين في العراق.
وكان محافظ نينوى قد ادعى في وقتها ان مواطنين عاديين قد تم احتجازهم من دون اذن. ومخافة ان تطالب المحاكم باطلاق المحجوزين فقد حصلت القوات الامنية على امر قضائي بنقلهم الى بغداد حيث تم احتجازهم في حالة عزلة. وعلم مسؤولو حقوق الانسان بالمكان في اذار الماضي من افراد بعض العوائل التي تبحث عن اقارب مفقودين.
وقد يسبب البوح بالسجن السري بزيادة التوترات في هذه اللحظات الحساسة جدا في العراق في وقت تنسحب فيه القوات الاميركية ويتفاوض فيه المالكي والشيعة ومسؤولون سياسيون لتشكيل حكومة جديدة. وضمن المفاوضين ممثلو السنة الذين يعبرون عن شريحة يعتبرها الكثيرون، اساسية في منع عودة العنف الطائفي على نطاق واسع. وعمليا فان هناك زيادة في الهجمات من قبل “القاعدة في العراق”.
وقد تسببت المعاملة الوحشية المزعومة للسجناء في هذا المكان من زيادة المخاوف من انجراف البلد ثانية الى ماضيه الاستبدادي.
وفي البداية رفض القادة بشدة تفتيش السجن لكنهم بعد ذلك ابدوا مرونة وسمحوا بزيارات لفريقين من المفتشين، كان بينهم وزيرة حقوق الانسان وجدان سالم. وقال المفتشون انهم وجدوا ان السجناء البالغ عددهم 431 سجينا قد تعرضوا الى ظروف مروعة ونقلوا عن السجناء قولهم ان احدهم كان عقيدا في جيش صدام حسين وانه مات بسبب التعذيب في شهر كانون الثاني الماضي.
وقال مسؤول عراقي مقرب من المفتشين “ان اكثر من 100 محتجز قد تم تعذيبهم وكانت هناك الكثير من العلامات على اجسادهم. وانهم ضربوا الاشخاص واستخدموا الكهرباء وخنقوهم بالاكياس البلاستيكية (واستخدموا) طرقا مختلفة”.
وينقل تقرير داخلي لسفارة الولايات المتحدة عن وجدان سالم ان السجناء اخبروها انه تم تقييدهم لثلاثة او اربع ساعات في احد الاوقات في حالة اجهاد او انهم تم اللواط بهم.
وقال احد السجناء للوزيرة “انه كان يتم اغتصابه يوميا في حين اراها اخر ثيابه التحتية وكانت ملطخة بالدم كليا” وفق ما نقلت المذكرة.
ونقلت المذكرة عن بعض المحتجزين وصفهم لابتزاز الحراس بالقول انهم كانوا يطلبون الف دولار من السجناء الذين كانوا يرغبون بالاتصال هاتفيا بعوائلهم.
وقد اقسم المالكي على غلق السجن وطلب توقيف الضباط العاملين هناك بعد ان قدمت وجدان سالم له تقريرا بالموضوع هذا الشهر.
وقال مسؤولون عراقيون انه تم اطلاق سراح 75 محتجزا ونقل 275 سجينا آخر الى سجون نظامية منذ ذلك الحين.
وقال المالكي في مقابلة بانه لم يكن على علم بهذه الانتهاكات وبرر نقل السجناء الى بغداد بالقول ان ذلك جرى بسبب المخاوف من الفساد في الموصل.
اما الوزيرة وجدان سالم وهي مسيحية كلدانية ترشحت في الانتخابات الاخيرة على قائمة المالكي التي يهيمن الشيعة عليها، فقالت مادحة تصميم المالكي لاستئصال الانتهاكات “ان رئيس الوزراء لايمكن ان يكون مسؤولا عن كل تصرفات جنوده وموظفيه”.
ودافع المالكي عن استعماله لسجون خاصة وعن نخبة عسكرية تتلقى اوامرها منه فقط. ويقول مناصروه انه لم يكن لديه خيار بسبب الحالة الامنية غير المستقرة في العراق. واخبر المالكي “لوس انجلس تايمز” انه تعهد بازالة التعذيب الذي كان يلوم اعداءه عليه.
وقال “ان اصلاحاتنا ستستمر وعندنا وزارة لحقوق الانسان للمراقبة وسنحمل كل شخص المسؤولية اذا ثبت انه اشترك بمثل هذه الافعال”.
لكن منتقدي المالكي يقولون ان شبكة الوحدات العسكرية الخاصة مع قضاة التحقيق الخاصة بها والمحققين، يمثلون تهديدا للديمقراطية العراقية الهشة. والسؤال هو: كيف ان المالكي لم يكن يعرف بمايجري في ذلك المكان. ويرون انه بغض النظر عن كل شئ فانه المسؤول عما جرى هناك.
ويقول احد المسؤولين الامنيين شريطة عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع “ان السجن تابع للمالكي لانه لايتبع لوزارة الدفاع ولا لوزارة العدل ولا للداخلية بصورة رسمية”.
وترددت اصداء (عن تلك الامكنة) في بداية الحرب الطائفية في اواخر عام 2005 عندما عثرت القوات الاميركية على سجن سري في مخبأ لوزارة الداخلية حيث تم تجميع السنة في عمليات بحث قامت الشرطة بها.
وحذر تقرير اميركي يومها من ان الحادثة الاخيرة قد تثير التوترات بين الاغلبية الشيعية والسنة حتى عند اغلاق المعتقل.
وعمليا فان القوات الاميركية قد انسحبت من مدن العراق ويقول المسؤولون العراقيون ان التأثير الاميركي آخذ بالتناقص فيما يركز الاميركان على انهاء تواجدهم العسكري. وسيصل عديد القوات الاميركية في العراق الى النصف وبحدود خمسين الف جندي بنهاية اب.
وحذر تقرير للسفارة الاميركية من ان “الكشف عن سجن سري كان يتم فيه تعذيب السنة العرب بشكل ممنهج لن يكون احراجا دوليا فقط ولكنه من المحتمل ان يعرض للخطر قدرة رئيس الوزراء لجمع تحالف حكومي فعال يكون معه في دفة القيادة”.
وبالكاد استطاع منافس المالكي الرئيسي اياد علاوي من هزيمته في الانتخابات البرلمانية في الشهر الماضي. وقد استثمر علاوي الاستياء في المناطق السنية المحيطة بغداد. وفي مقابلة اخيرة دعا المالكي منافسه علاوي للانضمام اليه في تشكيل الحكومة الجديدة . لكن الانباء عن سجن سري يدار من قبل مكتب رئيس الوزراء العسكري قد يجعل من الصعب عليه الحصول على شريك سني .
ودفع الجدال حول السجن السري الذي يقع في مطار المثنى القديم (كان سابقا هو المطار الدولي) المالكي لترك سيطرته على مكانين للاحتجاز في معسكر الشرف الواقع في قاعدة داخل المنطقة الخضراء. وتعود هذه القاعدة الى لواء بغداد وقوة مكافحة الارهاب، والوحدات الخاصة التي تقدم تقاريرها الى رئيس الوزراء وهي مسؤولة عن احتجازكبار المشتبه بهم.
ويقول المحامون وعوائل المحتجزين انه من المستحيل زيارة “معسكر شرف” ويفترض ان وزارة العدل هي من يتولى الاشراف الان على سجون المنطقة الخضراء، رغم ان مكتب المالكي يستمر باصدار الاوامر مباشرة الى الوحدات العسكرية.
وقد تم في البداية نقل المحتجزين الـ431 من نينوى الى معسكر “شرف” في المنطقة الخضراء. وبدأت الاستجوابات بعد ان تم نقلهم الى سجن مطار المثنى القديم.
وطبقاً لتقرير ومقابلات سفارة الولايات المتحدة مع المسؤولين العراقيينِ، فان لجنتين إستقصائيتين منفصلتين قامتا باستجواب المحتجزين وجلاديهم. واثناء ذلك اليوم توافد محققون من السلطة القضائية العراقية، جاءوا في فترة العصر من لواء بغدا.
ويقول تقرير السفارة ان اربعة من المحققين من لواء بغداد على الاقل من المعتقد انهم كانوا متهمين بالتعذيب في عام 2006. وتتضمن التهم الموجهة اليهم حينها بيع محتجزين من العرب السنة في مراكز الشرطة الوطنية للميليشات الشيعية لقتلهم.
ويقول مسؤولون عراقيون ان وزارة حقوق الانسان طلبت في كانون الاول من السلطة القضائية التحقيق مع المحققين في لواء بغداد حول الادعاءات بوجود تعذيب في معسكر شرف ولم يتم تسلم اي رد.
ترجمة عبد علي سلمان
عن: لوس انجلس تايمز
http://www.irakna.com/index.php?opti...-54&Itemid=137