وصلني في البريد الالكتروني !! ..
مقابلة مع الأستاذ ابو عز الدين سليم (ابو ياسين)
تقف قضية العراق وشعبه في هذه الأيام على مفترق طرق سواء في جانبها
السياسي او
الثقافي او الإجتماعي. وفي مثل هذه الظروف يكون اللقاء مع مفكري ورموز
وكوادر
التحرك الإسلامي اثر كبير ومهم في بلورة التصورات واتضاح الرؤى داخل
ساحتنا
الإسلامية ويجعل جمهورنا في موقع متقدم من حيث ادراكه للواقع وشعوره
بالمسؤولية
والتحرك نحوها. وعلى هذا الأساس وفي هذا السبيل كان لنا هذان اللقاء مع
الأستاذ
عز الدين سليم (ابي ياسين) احد ابرز قياديي الدعوة الإسلامية واحد رجال
الفكر
والسياسة في ساحتنا الإسلامية العراقية حيث طرحنا عليه الأسئلة التالية
فاجاب
مشكورا :
بأعتباركم أحد المهتمين بالقضية العراقية، كيف تقرأون حركة الامريكان في
اسقاط
النظام العراقي، وهل هم جادون في اسقاطه خلال الشهور القليلة القادمة؟
ـ منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر في العالم الماضي التي تعرضت لها
نيويورك،
وواشنطن، بدأت السياسة الأمريكية اتجاه النظام العراقي، تأخذ منحى جديدا،
فبدلا
من سياسة الاحتواء والاتستمرار في برامج الحصار للنظام، التي باشرها
الأمريكان
بدعم دولي منذ مشكلة احتلال الكويت من قبل القوات العراقية. . .، بدلا من
تلك
السياسة اقتنع الأمريكان، بمنهج تغيير النظام العراقي، بعد أن استجدت قضية
محاربة "الارهاب"، اضافة الى موضوع اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها
النظام
العراقي، ويصر على اخفائها. . .
وهذه القناعة الجديدة لدى الادارة الأمريكية توفرت لها أرضية سياسية
مناسبة منذ
احداث 11سبتمبر كما ذكرنا، على الصعيد الدولي، والاقليمي بدرجة مناسبة
خصوصا في
ظل ما يسمى بالنظام الدولي الجديد، وتفرد أمريكا بالثقل الأول في المعادلة
السياسية الدولية، اضافة الى ما حققته من دعم دولي ضد ما يسمى بالارهاب،
علاوة
الى استمرار النظام العراقي في سياساته الخاظعة، وتنمره، وارتكابه للجرائم
بحق
الشعب العراقي المظلوم. . .
ان قراءة الملف العراقي في هذه المرحلة سواء من خلال طبيعة حركة
الامريكان،
وقراراتهم، اضافة الى الحركة الدولية العامة حول العراق وطبيعة مواقف
النظام
العراقي، وقراراته، واحتياطاته المتوجسة...، كلها تشير الى قدر عال من
الجدية
لتغيير النظام العراقي، الا أن هذه المسألة لا يمكن تحديدها بزمن خصوصا
بعد
دخول قضية التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في المعادلة، واستعداد المفتشين
للقيام بهذه المهمة التي قد تستغرق وقتا، وجهدا، وأن كان هذا الملف يضم
طلبا
للعراق بضرورة الكشف عن أسلحته، ومكامنها!
بصفتكم أحد المعنيين بالشأن الشيعي العراقي وقد كتبتم عن ظلامة الشيعة
وحقوقهم
الكثير من المقالات والمحاضرات، ما هي اهم وابرز حقوق الشيعة التي ينبغي
التركيز عليها في الوقت الحاضر في نظركم؟
ـ نعم كتبت كثيرا عن هذه المظلومية المضمخة بالدماء، في اطار الاصلاح
للحالة
العراقية عموما. . .، ففي تصوري ان قضية الشيعة، ومظلوميتهم في العراق لا
تزال
مجهولة عن الكثيرين، اضافة الى محاولة بعض الدول، والاحزاب في المنطقة، أن
تسدل
الستار عليها لمصالح طائفية خبيثة. . .، ولذا فقبل الحديث عن حقوق الشيعة
في
العراق المستقبل لابد من مقدمة صريحة حول هذا الموضوع. . .، ان من الضروري
أن
نعيد الى الاذهان ابتداء: أن العلاقات الاجتماعية بين مكونات الشعب
العراقي ليس
لها نظير في المنطقة، حيث أن العلاقات الأخوية بين العرب، والكرد،
والتركمان،
والشيعة والسنة، علاقات نموذجية، وتستطيع أن تجد هذه الحالة واضحة في
المدن
والمناطق المختلطة حيث تجد المحبة، والتعاون والتزاوج، والعمل المشترك حتى
اننا
بمقدورنا القول: أن الحالة الطائفية، والظاهرة العنصرية في البلاد قضية
مفتعلة،
افتعلها الحكام منذ قيام الدولة العراقية الحديثة لتثبيت حكمهم، واشغال
الناس
فيما بينهم، الا أنه رغم الجهود التي بذلها الحكام لاسيما الحكم البعثي
العراقي
البغيض في هذا الاتجاه الا أن الحالة الطائفية، و العنصرية القومية، لم
تتحول
الى ثقافة وأعراف اجتماعية في الوقع العراقي، خلافا لكثير من بلدان
المنطقة،
كالهند، وباكستان، وبعض دول الخليج مثلا وهذه من نعم الله على الشعب
العراقي
حيث افشل الله خطط الطغاة الظلمة في ارساء قواعد الفرقة بين الناس في هذا
البلد
المبارك. . .، الا اننا من منطلق بناء دولة عراقية تقوم على القيم الروحية
الأصلية لهذه الأمة، وتستلهم العدالة، والمساواة، وتحرص على الاستقرار
والتنمية
الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وتحترم حقوق الانسان في الحياة الحرة
الكريمة بعيدا عن الدكتاتورية والخوف، والظلم. . .، فلابد من اقرار حقوق
الناس
جميعا في هذا البلد، ورفع الظلم عن كواهلهم، وحين نتحدث عن حقوق الشيعة
العراقيين، فليس المراد من ذلك الا الحرص على ارساء قواعد دولة انسانية
عصرية
مستقرة تقر حقوق جميع الناس في هذا البلد: قومية، أو دينية، أو سياسية،
ولايمكن
أن تقوم مثل هذا الدولة، وهناك أوسع قوى الشعب فيها يتعرض للحرمان
والعدوان على
حقوقه السياسية والثقافية ومن هذا المنطلق لابد من اقرار الحقوق السياسية
للشيعة في العراق، وحقوقهم الثقافية معا، حفظا على العراق الموحد المستقر،
الذي
يعيش فيه الجميع تحت ظل العدالة الانسانية. .، ويمكننا أن نتصور حقوق
الشيعة في
عراق المستقبل على الشكل التالي:
1. الحقوق الثقافية:
استقلال المرجعية الدينية الشيعية، والحوزات التابعة لها عن سلطة الحكومة.
خضوع أوقاف الشيعة في البلاد الى دائرة خاصة بالشيعة وعلى أن تصرف موارد
هذه
الأوقاف على مؤسسات الشيعة في البلاد باتفاق مع مرجعية الشيعية في البلاد.
رفع القيود عن الكتب الشيعية، طبعا، وتوزيعا، وتسويقا.
السماح للمثقفين والعلماء الشيعة باصدار المجلات والصحف التي تخدم الاسلام
والبلاد.
تكافؤ الفرص بإلغاء التمييز الطائفي في المؤسسات العلمية والأدارية
والعسكرية
وغيرها.
حرية ممارسة الشعائر المذهبية، كاقامة الشعائر الحسينية، والاحتفالات وما
الى
ذلك.
حرية انشاء المدارس الخاصة بمختلف المراحل التي تتبنى الثقافة الاسلامية
الشيعية على قرار ما نفذته جمعية الصندوق الخيري في الستينات.
اعادة النظر في مناهج المدارس الحكومية في البلاد لادخال المادة التي تكرس
الاهتمام بمذهب أهل البيت (ع) كمناهج التاريخ والدين وما الى ذلك.
أن يكون التعليم الديني في مناطق الأكثرية الشيعية وفق مذهب أهل البيت
(ع).
اعادة الحكومة للآثار الشيعية والمؤلفات التي نهبت من قبل السلطة الى
الأشخاص
والمؤسسات التي نهبت منها.
تعيين العلماء والوكلاء في المساجد والحسينيات هو شأن من شؤون الرجع
الديني
للشيعة.
ان يهتم الاعلام الرسمي بالشيعة من خلال عرض الأحتفالات في الاذاعة
والتلفزيون
العام، وذكر أخبار المرجعية المهمة، و تفاعل الاعلام مع المناسبات الكبرى
للشيعة، كمولد الرسول الأعظم (ص)، ومولد أمير المؤمنين (ع)، وعاشوراء، وما
الى
ذلك.
2. الحقوق السياسية:
اجازة الاحزاب السياسية والتنظيمات المهنية، "الشيعية " والسماح لها
قانونيا
بالنشاط والحركة و الغاء كافة القرارات والقاونين التي حالت دون ذلك.
الغاء القوانين السياسية الجائرة كقوانين الاعدام السياسي، واطلاق سراح
المعتقلين، والكشف عن المفقودين، والغاء السياسات الطائفية المقيتة.
اباحة حرية الاعتقاد للشيعة، وحرية التعبير عنها.
السماح للشيعة باصدار الصحف والمجلات المعبرة عن وجهات نظرهم في أمور
البلاد
والعباد.
3. الحقوق المدنية و الاقتصادية:
اعادة المهجرين العراقيين الى ديارهم، واعادة الجنسية لمن اسقطت عنهم
الجنسية،
واطلاق سراح أبنائهم المحتجزين وتعويضهم الأموال التي نهبت.
تمكين الشيعة من تحكيم فقه أهل البيت (ع) في محال أحوالهم الشخصية.
الاهتمام باعمار المدن الشيعية، واقامة المشاريع الاقتصادية فيها بما
يناسب
مواردها الاقتصادية المتاحة.
لابد من تتناسب نسبة المواقع التي تمنح للكفاءات في ادارة البلاد مع
النسبة
المئوية لعدد الشيعة، سواء في الوزارات أو المديريات التابعة او المحافظين
أو
قادة الفرق العسكرية، والمؤسسات والجامعات.
أن يكون للمواطنين الشيعة مساهمة فعلية في تقرير شؤون البلاد وادارتها.
اعمار ما خربه النظام العميل في أهواز الجنوب وغير من مناطق الشيعة في
الوسط
والجنوب.
اتاحة الفرصة للمواطنين الشيعة الذين أجلوا عن ديارهم الى مناطق أخرى
بتخلف
الذرائع، أن يعودوا الى ديارهم.
أن يتناسب عدد الممثلين للشيعة في البرلمان والمجالس البلدية وأمثالها مع
اجمالي عدد الشيعة في البلاد.
من الواضح ان حقوق الشيعة السياسية تتم من خلال مشاركتهم بالسلطة بنسبة
معقولة
ومن هنا سادت فكرة التعددية في مشروع المعارضة، اما حقوق الشيعة الثقافية
فلم
تزل غائمة فما هو في تصوركم السبيل لتحقيقها؟
ـ هذه من الاشتباهات التي يقع بها كثير من الناس، بما في ذلك بعض
الاسلاميين. .
. فالدعوة الى حقوق هذه الظائفة المظلومة ليس المراد منه الغاء للطائفية،
من أي
جهة صدرت، وحتى وان كان منفذوها جماعة من الشيعة وانما هدفنا الأساسي
اقرار
حقوق هذه الأمة من الناس الى جانب اقرار حقوق هذه الأمة من الناس الى جانب
اقرار حقوق العراقيين الآخرين سواء بسواء، لنقطع دابر الفتنة ونقيم أسس
العدالة، وتطافؤ الفر في بلاد الرافدين.
وبناء على ذلك، فليس هناك تعارض بالمرة بين مشروع الحالة الاسلامية الداعي
لوحدة المسلمين الشيعة في العراق، فما دام الأمر لا يستتبع الغاء الآخرين
من
المسلمين وغيرهم. .، فان هذا البرنامج سيقع في الخط الطولي لخدمة الاسلام
وقيام
حضارته الانسانية التي تقر التعدد، والرأي الآخر، وحقوق الانسان، وحريته
وبناء
على ذلك فان حماية المرجعية الدينية مثلا سيكون خدمة لأهداف الاسلام،
وحماية
الكتاب الاسلامي الشيعي، وصيانة التجمعات، والمنظمات الاسلامية الشيعية،
ومؤسساتهم، وأمثال ذلك كلها تقع في هذا المضمار، ويحقق شوطا بعيدا لصالح
قيام
الحضارة الاسلامية...، اما الطائفية والحرمان، واشاعة الفرقة، فهو الذي
يحول
بين الاسلام، والحركة الاسلامية وبين تحقيق أهدافها العليا. . .
بصفتكم احد ابرز قيادي تنظيم الدعوة الاسلامية وابرز المعنيين بالشأن
الفكري
والثقافي فيها، هل لكم ان تحدثونا عن معالم المشروع الثقافي الاسلامي الذي
تتبناه ادبياتكم ونشراتكم؟
ـ استلهمت من مجموعة كبيرة من المفكرين، وأعجبت بهم، ولكن أبرز من اعجبني
منهم
من المعاصرين واستلهمت منهم: المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين، والسيد
الشهيد محمد باقر الصدر والمرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين ن والعلامة
السيد
مرتضى العسكري حفظه الله تعالى. أما أهم المؤلفات التي ظهرت لي فهي:
الزهراء فاطمة الزهراء بنت محمد فاز بالجائزة الثانية في مسابقة التأليف
عن
سيرة الزهراء (ع) عام 1967 م، وطبع مرة في النجف الأشرف عام 1969م ثم طبع
مرتين
في بيروت، وهو تحت الطبع الآن.
سيرة رسول الله (ص) طبع في بيروت مرارا.
سيرة أمير المؤمنين (ع) طبع مرات في لبنان وغيرها.
الصديقة الزهراء بين المحنة والمقاومة طبع مرة واحدة في قم المقدسة قبل
سنتين.
المعارضة السياسية في تجربة أمير المؤمنين (ع) طبع في بيروت هذا العام.
أبو طالب الصحابي المفترى عليه، طبع في بيروت هذا العام.
حديث الغدير رواته ظروفه معطياته الحضارية، طبع في بيروت هذا العام.
الشريف عبد العظيم الحسين، حياته ومسنده، طبع في بيروت العام الماضي .
الامام الجواد (ع) مكانته الدينية وروف السياسية، طبع في مشهد قبل عشر
شنوات.
هذه بعض المؤلفات المطبوعة، وهناك عدد آخر لم يطبع بعد، وآخر ما شرعت
بكتابته
"كيف ندعو الناس الى الله " وهو مشروع يستعرض منهج الدعوة الى الله تعالى
من
خلال الكتاب العزيز، وسيرة الهداة المعصومين (ع).