-
إلى روح الشهيد ضياء
إلى روح الشهيد ضياء
لم يدر في الخلد أبدا أن تذهب روحك بهذه الكيفية ... وبهذه الطريقة البشعة ... أحقا ما حصل لك يا صاحب الروح اللطيفة والنفس الكريمة ، أفي دياجير الليل المظلم تتخطفك أيدي المنون وعلى يدي من القوات المحتلة الكافرة ... هل تعلم يا أخي ان علي (1) اراد ان يحمل جثمانك بعد ان شاهد حالتك المروعة وبعد ان مزقت نيران الانكليز الكفرة صدرك الحنون ... لقد أطلقوا نحوه النار ومزقت الطلقة ساقه ليزحف نحو الخلاص وتتلقفه الايدي لتنقله الى المستشفى.
نعلم انك تعتب علينا ايها العزيز لأننا لم نعلم بأنك بقيت إلى الفجر ملقى في شارع التربية (2) دون ان يسعفك من سار بك نحو المنايا لقد هربوا الأربعة (3) الذين أخرجوك في منتصف الليل ليجعلوا منك فداءً لهم ...
لقد هزمتهم أنفسهم الجبانة وتركوك ملقى وسط شارع التربية حتى الصباح ، واشد ماآلمني هو سماعي بما جرى على جثتك الكريمة ونهش الكلاب لجثتك يا آخي وصديقي الشجاع ...
هل تعلم يا ضياء ان من خرجت لاجلهم في الليل المدلهم (4) لم يكلفوا أنفسهم حتى النزول من برجهم العاجي والصلاة عليك بل حتى ولو نظرة إلى من نصرهم بروحه قبل اللسان كما هي حقيقتهم ....
لقد افجعني يا آيها الشاب الرياضي الممتليء قوة ونشاط ، لا زلت اذكر ما اسمعه من اخواني حول قوتك المذهلة والتي عجز الكثيرون عن مجاراتها في لعبتك المفضلة الملاكمة والتي كنت كثيرا ما احث على تركها لوحشيتها واللا عقلانيتها وكنت ترد علي بانها مجرد هواية لا اكثر ولا تتردد في اخفاء بطولاتك وصولاتك على ميدان اللعب (5) .
لماذا يا ضياء لم تستشيرني حينما اقدمت على الانضمام الى جماعة السوء التي اردت بك نحو المنية ... لم اكن لاعيقك ولكن كنت لاوجهك نحو المسار الصحيح لا اكثر ، لقد اعلنت لي قبل يوم استعدادك لاي واجب تطلبه منك الحوزة ... هل تذكر ماذا قلت لك ( والله والنعم كدها وكدود ) لقد كانت الحوزة تدخرك والابطال الذين رافقوك في رحلة الشهادة الى الوقت المناسب واللحظة المناسبة ، لا الى التهور والانانية والخربطة التي افتعلها الاخرين ولم يستطيعوا اخماد نيرانها الا بعد ذهب المئات من امثالك الشجعان ...
لقد ذهبت ولم يعد العذل ذو نفع ولكنها حرقة القلب انطقتني ودموع العين التي لم تنهمر منذ سماعي الخبر خنقتني فلم اجد مفرا منها ، لقد صليت الظهر وانا اقوي نفسي على الوقوف وصليت لك ركعتين وقلبي يتقطع وعيناي يجري مدمعهما غير مصدق لما حصل ، وعندما صليت ليلا صلاة الوحشة ادركت انني لن اراك بعد الان في هذه الدنيا الفانية...
وبكينا
ليس حزنا انما
اذهلنا هول المصاب
وافترقنا
بعد ان كنا جماعا
راكضين للمصاب
وانطلقنا
سائرين ...عاقدين العزم
علنا نثوي التراب
واختلفنا
كل واحد منا اختار طريقه
وانتهينا للسراب
ونصُرنا
حين شع نور المنتظر
فاتانا بالجواب
ونظرنا
فاذا السبط الحسين استقبلنا
وحوله الاصحاب
(1) شقيق الشهيد
(2) شارع في مدينة العمارة في محافظة ميسان .
(3) كانوا اربعة انفار غطوا وجوههم ولم يستطيع علي شقيق ضياء من التعرف عليهم .
(4) مكتب سيد مقتدى في العمارة.
(5) كان ضياء بطلاً في وزن الريشة الملاكمة .