في حوار صحفي صريح لنزار حيدر
في حوار صحفي صريح :
نزار حيدر يحذر من مغبة تمرير قانون إدارة الدولة من دون الأخذ بنظر الاعتبار تحفظات العراقيين
حاوره : نوال اليوسف
توطئة
قال نزار حيدر الكاتب والمحلل السياسي العراقي المعروف ، ومدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن ، أن تمرير قانون إدارة الدولة العراقية بصيغته الحالية ، ومن دون الأخذ بنظر الاعتبار تحفظات أغلبية العراقيين ، سيؤسس لأزمات حادة تعرقل عملية بناء العراق الديمقراطي الجديد .
وأضاف نزار حيدر في حوار صحفي صريح ، إن اخطر ما في القانون ، هو إلغائه لمبدأ (صوت واحد ، لمواطن واحد) الذي ترتكز عليه كل النماذج الديمقراطية في العالم ، عندما نص على حق النقض (الفيتو) في ثلاثة نصوص معروفة .
ورفض نزار حيدر ، أن تحتفظ أية مليشيات في العراق الجديد ، بتشكيلاتها وأسلحتها ، معتبرا ذلك يتناقض كليا مع مبادئ الديمقراطية التي تقوم على أساس الحوار بقوة المنطق وليس بمنطق القوة .
أدناه نص الحوار :
سؤال :
مؤخرا ، صدرت عدة بيانات عن {مجموعة العمل العراقية في واشنطن} بشان عدد من القضايا العراقية الهامة ، كان أبرزها ما صدر عنها بشان قانون إدارة الدولة العراقية ، ورسالتها إلى السيد كوفي انان حول القانون .
أولا ، ما هي هذه المجموعة ؟ وما هو طبيعة عملها ؟ وماذا أرادت أن تقول عن قانون إدارة الدولة ؟ .
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل عدة اشهر ، عقد مجموعة من العراقيين ، سلسلة اجتماعات في العاصمة الأميركية واشنطن ، لغرض دراسة الدور المطلوب والممكن أن يؤديه العراقيون المقيمون في الولايات المتحدة الأميركية ، والذي من الممكن أن يؤثر في مسار الأحداث الجارية في العراق الجديد ، بما يخدم العراقيين ، من جانب ، وبما يساعد الأميركيين على فهم الواقع العراقي بشكل أفضل ، وعلى مختلف الأصعدة ، من جانب آخر .
ولا زالت المجموعة طور التأسيس والتبلور ، وهي تسعى لان تأخذ صيغة مجموعة عمل حقيقية ، مهمتها الأساس صناعة الأفكار الإيجابية ، وإيجاد الحلول للأزمات التي يمر بها العراق الجديد ، ولأي سبب كان .
بشان قانون إدارة الدولة العراقية ، فلقد درست المجموعة نص القانون وخرجت بنتيجة مهمة وهي انه يؤسس للمحاصصة والطائفية وربما للحرب الأهلية ، ولذلك أصدرت بيانها وبعثت برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، أشارت فيهما إلى النصوص الخطيرة التي رأت أن من المهم جدا أن تتغير قبل موعد نقل السلطة إلى العراقيين نهاية حزيران القادم ، إذا كان الأميركيون جادين بالفعل في العملية السياسية الديمقراطية الجديدة في العراق .
سؤال :
وماذا لو انتهت المدة المتبقية لنقل السلطة ، من دون أن تتغير هذه النصوص التي أشرتم إليها في البيان والرسالة ؟ .
الجواب :
اعتقد أن من مصلحة الجميع أن يعاد النظر في قانون إدارة الدولة ، ومن الضروري أن يتم الأخذ بنظر الاعتبار تحفظات وملاحظات غالبية العراقيين ، لان أي تجاهل لها ، سيدخل العراق في سلسلة أزمات قد تتفجر تباعا وبطرق ووسائل مختلفة ، وهذا ما نراه ونلمسه حاليا .
وكما هو معروف ، فان توالي الأزمات لا يخدم العملية السياسية برمتها ، كما يعرقل عملية إعادة البناء في العراق الجديد ، لان دول العالم التي من المفترض أن تساهم برؤوس أموالها في هذه العملية ، ليست على استعداد في أن تجازف ، إذا لم تتيقن بالحد الأدنى ، على الأقل ، من استقرار الوضع الأمني والسياسي .
إن صدق نوايا الأميركيين في مساعدة العراقيين على إقامة الديمقراطية في بلادهم ، ستتجلى بمدى استعدادهم للأخذ بملاحظات وتحفظات العراقيين على القانون ، قبل انتهاء موعد نقل السلطة .
ومن المعلوم فان أميركا هي المسؤولة الأولى والمباشرة عن الوضع في العراق ، طبقا للقرارات الدولية ، وان بإمكانها أن تؤثر في مسار الأحداث إذا ما أرادت ذلك ، فكما ألغت أو عدلت في الكثير من قرارات مجلس الحكم ، كذلك فان بإمكانها أن تغير في القانون بما يساهم في التقدم بالعملية السياسية برمتها إلى الأمام وبشكل صحيح وهادئ من دون التأسيس لأية أزمات سياسية وأمنية مستقبلية .
سؤال :
برأيك ، هل سيعلن الشيعة عن نهاية اجل المقاومة السلمية للاحتلال ، والبدء بالكفاح المسلح ، بعد الأزمة الأمنية الخطيرة التي يمر بها العراق الآن ؟ .
الجواب :
لا اعتقد أن الشيعة سيفكرون بهذه الطريقة ، على الأقل في المستوى الزمني المنظور .
إنهم يحاولون استيعاب الأزمة بكل الطرق السلمية الممكنة ، ولذلك تسعى للتهدئة ، جميع شرائحهم الدينية والاجتماعية والسياسية ، بما فيها المرجعية الدينية ، وعلى رأسها مرجعية السيد السيستاني .
وإن المنطلق في ذلك ، هو معرفة كل العراقيين بأن الكفاح السلمي والسياسي ضد الاحتلال لم تنفد أغراضه بعد ، فلا زال هناك متسعا من الوقت والوسائل ، لتجنيب العراق المزيد من إراقة الدماء والعنف .
ولكن هذا لا يعني بان الشيعة ، كما غيرهم من العراقيين ، اسقطوا من حساباتهم نهائيا أسلوب الكفاح المسلح ضد الاحتلال إذا ما عجز الكفاح السلمي عن تحقيق أهداف العراقيين في الاستقلال والحرية والكرامة .
إن الاحتفاظ بالأسلوب ، مرهون بمدى فهم الاحتلال لطبيعة الأهداف التي يتطلع إليها العراقيون ، كما يعتمد كذلك على طريقة تعامله مع الأزمات ، فإذا واصل الاحتلال استخدام القوة ، وبهذا الشكل المفرط ضد الأهالي الأبرياء العزل ، وواصل تبني سياسة العقوبات الجماعية ، فذلك ينذر بعواقب وخيمة ، لا اعتقد أن بإمكان حتى المرجعيات الشيعية العليا ، الاستمرار في ضبط نفس الشارع العراقي الذي بدا يتململ ويعرب عن ضجره من سياسات الاحتلال غير الموزونة .
كذلك ، فان تغيير أسلوب التعامل مع الاحتلال ، قضية استراتيجية لا يجوز لأحد ، مهما كان موقعه أو وزنه الاجتماعي أو الديني أو السياسي ، أن ينفرد باتخاذ قراره ، إذ يلزم التشاور بين الجميع ، لان مثل هذا القرار يتخذ عادة مرة واحدة وليس عدة مرات ، فلا يجوز ، لا وطنيا ولا دينيا ولا حتى أخلاقيا ، أن يتهور زعيم مثلا فيورط العراقيين بقرار لم يشترك في اتخاذه الجميع ، وفي نفس الوقت سيدفع ثمنه كل العراقيين .
إن أفضل طريق لتجنب التصعيد ، هو إصغاء الاحتلال لرأي الشارع العراقي ، وسعي كل الأطراف العراقية ، وخاصة تلك التي تتعامل معه بشكل يومي ، لان تسمعه الكلام الصحيح والحقيقة المرجوة وان كانت قاسية ومرة في اغلب الأحيان ، إلا أنها تظل هي الطريق الأسلم والأسلوب الأفضل ، إذ لا يجوز المجاملة على حساب المصلحة الوطنية العليا ، كما لا تجوز مداراة المصالح الخاصة ، على حساب المصلحة العليا للبلاد والعباد .
إن من المهم جدا أن يسمع الاحتلال من أصدقائه ، على وجه التحديد ، كلاما صحيحا ، سواء أصغى إليه أو رفضه ، إذ يلزم أن ينقل مثل هؤلاء حقيقة الواقع العراقي بكل أمانة وصدق، إذا كانوا يتعاملون مع الموقع بمسؤولية ، حتى إذا تطورت الأمور في الاتجاه السلبي ، فان الاحتلال وحده من سيتحمل النتائج الكارثية ، ولا يكون هؤلاء شركاءه بشكل أو بآخر .
لقد قال رئيس الوزراء البريطاني تشرشل مرة {أن أميركا ستجرب كل الطرق ، إلا أنها ، في النهاية ، ستفعل الشئ الصحيح} ، وهذا يتطلب أن يسمعها العراقيون كلاما صحيحا طوال الوقت ، من دون أن يفكر أحدا بخداعها من اجل مداراة ولي النعمة ، اقصد السيد بريمر، فمستقبل العراق أهم من منصب أو موقع سيزول عن صاحبه إن عاجلا أم آجلا .
إن من مصلحة العراق والاحتلال أن لا تصل إليه رسائل خطأ وفي الوقت الخطأ على وجه التحديد .
سؤال :
هل تتوقع أن يستغل الأميركيان الأزمة الخطيرة التي يمر بها العراق حاليا ، لتأجيل موعد نقل السلطة إلى العراقيين في الثلاثين من حزيران القادم ؟ . الجواب :
شخصيا لا أميل إلى هذا الرأي كثيرا ، لأنني اعتقد بان موضوع نقل السلطة إلى العراقيين في الموعد المقرر هو ضرورة أميركية تدخل في لعبة الانتخابات الرئاسية القادمة ، قبل أن تكون ضرورة عراقية .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، فكما هو معروف فان الذي سينتقل إلى العراقيين هو السلطة وليس السيادة ما يعني أن واشنطن ستظل تحتفظ بالقرار الأعلى للبلاد وعلى مختلف المستويات ، كما أن الذي سيستلمه العراقيون نهاية حزيران القادم هو سلطة منقوصة من خلال :
أولا : تعيين مستشار أميركي على راس كل وزارة من الوزارات العراقية .
ثانيا : تصرف المستشار بالميزانية التي ستحددها السفارة الأميركية المرتقبة في بغداد.
ثالثا : احتفاظ واشنطن بالملف الأمني جملة وتفصيلا .
رابعا : بقاء ما لا يقل عن (100) ألف جندي أميركي ، منتشرين في العراق ، واحدة من مهامهم الأساسية ، حماية الحكومة العراقية المقبلة ، كما أعلن عن ذلك الرئيس الأميركي جورج بوش في مؤتمره الصحفي الاستثنائي الذي عقده الثلاثاء الماضي في البيت الأبيض .
إن ذلك وغيره الكثير من الأدلة التي تبرهن على أن ما سيشهده العراق والعالم في الثلاثين من حزيران القادم ، هو انتقال شكلي للسلطة ، وليس انتقالا حقيقيا ، فلماذا يفكر الاميركان باستغلال الأزمة الحالية لتأجيل نقل السلطة ؟ .
على الأقل أنهم ملتزمون بالموعد المحدد لنقل هذا النوع من السلطة ، لتخفيف حدة الضغط السياسي الدولي الذي يتصاعد ضدهم يوما بعد آخر ، والذي بدأت تمارسه حتى اقرب حلفاءهم في الائتلاف العسكري .
سؤال :
ما هي حقيقة قصة المليشيات ، ومنها مليشيات ما يطلق عليه اسم (جيش المهدي) ؟ وماذا يعني انتشار السلاح بيدها ؟ وبرأيكم ، ما هو الطريق الأسلم لنزع سلاح الشارع العراقي ؟ .
الجواب :
لقد أخطا الاحتلال عندما حل الجيش العراقي بشكل عشوائي ، إبان غزوه للعراق العام الماضي .
كما أخطا عندما لم يهتم بموضوع انتشار السلاح بيد الناس ، والذي كان قد وزعه النظام الشمولي البائد قبيل سقوطه ، على أزلامه والمجرمين على وجه التحديد .
كما أخطا الاحتلال عندما تساهل في موضوع ضبط حدود العراق مع دول الجوار كافة ، والتي تسرب منها الإرهاب ، بزعمائه وأموالهم الضخمة.
كما أخطا عندما ميز بين نوعين من المليشيات ، الأولى ما اسماها الاحتلال بالمليشيات الحليفة ، والثانية تلك التي سماها الاحتلال بالمليشيات غير الشرعية ، خاصة وان النوع الأول من المليشيات ، تخطى حدوده الجغرافية .
هذه الأخطاء ، بالإضافة إلى تلكؤ الاحتلال في حل مشكلة البطالة ، وتسرب الناس ، وبالذات الشباب ، إلى الشارع العراقي ، شجع زعماء العنف والإرهاب على تجنيد هذه الأعداد الغفيرة للانخراط في مجموعات العنف والإرهاب ، لتمارس ما رأيناه على مدى العام الماضي .
بالنسبة إلى ما يسمى بـ (جيش المهدي) التابع للسيد مقتدى الصدر ، فحسب معلوماتي انه لم يتشكل بالأساس كمليشيا مسلحة ، وإنما كمجموعات طوارئ منزوعة السلاح ، تسعى لتعبئة الناس ، في عملية إعادة بناء العراق ، وهي اتخذت هذا الاسم لتوظيفه للتعبئة الشعبية فقط ، وان كنت اعتقد بان مثل هذا التوظيف كان خطأ في الأساس ، إذ لا اعتقد بصحة توظيف الأسماء المقدسة في لعبة السياسة القذرة .
إلا أن فشل الاحتلال في فرض الأمن والحماية للزعماء الروحيين والدينيين وكذلك للمدن المقدسة ، هو الذي شجع بعض زعماء هذا الجيش إلى الدعوة للتسلح ومحاولة إعادة تنظيم هذه القوات بشكل مليشيات مسلحة .
وفي كل الأحوال ، فأنا اعتقد بان المظاهر المسلحة ونظام المليشيات يتناقض مع مبادئ النظام الديمقراطي الذي يسعى العراقيون إلى بنائه في العراق الجديد ،والذي يقوم على أساس قوة المنطق وليس منطق القوة .
وإذا أردنا القضاء نهائيا على كل المظاهر المسلحة في الشارع العراقي ، وأردنا أن ننجح في حل مختلف مظاهر المليشيات ، في العراق الجديد ، يلزم :
أولا ــ حل مختلف المليشيات التابعة إلى كل الجهات والأطراف السياسية ، سواء تلك التي تعمل في إطار مجلس الحكم وتتعاون مع الاحتلال ، أو ليس لها علاقة به .
ثانيا ــ توفير الحماية الكاملة لكل مواطن عراقي ، حتى لا يضطر إلى حمل السلاح للدفاع عن نفسه وعرضه ومنزله ، إذ لا يمكن أن ندعو الناس إلى التخلي عن السلاح ، في الوقت الذي يشعرون فيه بأنهم مهددون بأنفسهم وأرواحهم وزعاماتهم وممتلكاتهم ومقدساتهم .
ثالثا ــ استيعاب العاطلين عن العمل ، وعلى وجه التحديد شريحة الشباب ، من خلال خلق فرص العمل التي تؤمن لهم الحياة الحرة الكريمة ، حتى لا يستغلون من قبل زعماء العنف والإرهاب ، المدججين بالمال والسلاح .
رابعا ــ السعي الجاد والحثيث من اجل تأهيل العراقيين لاستلام الملف الأمني بالكامل ، وعلى أسس رشيدة وصحيحة ، أما أن يدفع الاحتلال الملايين لبعض دول الجوار، بحجة تدريب عناصر الشرطة العراقية الجديدة ، والذي اعتبره العراقيون نوع من أنواع النصب والاحتيال والسرقة لقوتهم ، فان ذلك لا يساهم في ترشيد العراقيين أمنيا ، ففي العراق طاقات وكفاءات كثيرة قادرة على إعادة صياغة كل المؤسسات الأمنية ، وبالشكل الصحيح ، شريطة أن تتوفر النوايا الحسنة لدى الاحتلال ، وان تتوفر لهم الفرصة اللازمة لذلك ، وعدم التعامل مع هذا الملف كـ (بزنز) كما يقولون مع بعض دول الجوار والبلاد العربية .
سؤال :
ما هو رأيكم بما يسمى بالمصالحة الوطنية ؟ وما هي الأسس الصحيحة التي يلزم أن تقوم عليها هذه المصالحة ؟ .
الجواب :
لا أحد من العراقيين يحب أن تشيع حالات الانتقام العشوائي ، كما أنهم لا يحبوا أن ينجروا إلى آثار النظام الشمولي السابق ، الذي ورط العراقيين بعضهم بدماء البعض ، ولذلك دعا الجميع منذ لحظة سقوط النظام البائد ، من مراجع دين وأحزاب سياسية وزعماء وقادة رأي ووجهاء وكل من له كلمة مسموعة ورأي يعتد به ، إلى عدم الانتقام من أحد ، وضرورة التحلي بالصبر والعفو وكظم الغيظ والتجاوز على المسئ لحين استتباب الأمور، ولهذا السبب لم تحصل في العراق حالات انتقام عشوائية ، كما لم نشهد حالات من القتل والتصفيات والحرب الداخلية ، إلا اللمم في بعض مناطق العراق .
ولكن هذا لا يعني أن لا يأخذ المجرم ، الذي تلطخت يداه بدماء الشعب العراقي ممن كان في خدمة النظام البائد ، جزاءه العادل من خلال محاكم عادلة ستنظر بكل الجرائم التي ارتكبها النظام وازلامه ، وعلى مدى (35) عاما .
إن النظام البائد مثل أسوأ مرحلة في تاريخ العراق ، ولابد من كنس كل آثاره حتى لا تتكرر التجربة وتتكرر المأساة ، وهذا يتطلب تصفية الفكر البعثي الشمولي الذي صنع أجيال من الناس المجرمين الذين كانوا يتلذذون بمشهد الدم ومنظر الضحية ، ممن لا زال الكثير منهم يمارس القتل والتدمير في الكثير من مناطق العراق ، ولقد رأينا خلال العام الماضي ، ماذا فعل هؤلاء من أعمال وحشية ضد العراقيين .
إن من المهم أن يتصالح العراقيون مع أنفسهم أولا ، من دون أن يعني ذلك عدم مجازاة المجرمين ، ولكن في نفس الوقت ليس بالطرق العشوائية ، إذ يلزم أن يأخذ القانون مجراه ، وان تأخذ العدالة مجراها ، من خلال إنصاف المظلوم ومجازاة المجرم .
كما أن على السلطة العراقية الوطنية أن تتحمل مسؤوليتها في إنصاف المظلومين وتعويض المتضررين من جرائم النظام الشمولي البائد ، ليشعر العراقيون بان عهدا جديدا من الإنصاف قيد التأسيس .
أما القول (عفا الله عما سلف) من دون حساب دقيق ، ومن دون تمييز بين نوعية الناس الذين كانوا مع النظام البائد ، فهذا ما يشجع المجرم على ارتكاب الجريمة ، ويشيع روح العداوة وحالات الانتقام الشخصي ، وكل ذلك لا يساعد على الاستقرار، لان الضحية لا تستطيع على أن تظل تشاهد المجرم طليقا إلى ما لا نهاية ، من دون أن يأخذ أحد منها حقها في إطار القانون والعدالة ، التي هي أسمى شئ في الوجود .
نوال اليوسف :
شكرا لإتاحتكم لنا الفرصة لإجراء هذا الحوار .
نزار حيدر :
وشكرا لكم كذلك .