العلم العراقي الجديد وعضو مجلس الحكم نصير الجادرجي

لندن: معد فياض
قال المتحدث الرسمي باسم مجلس الحكم العراقي حميد الكفائي ان العلم العراقي الجديد لا يشبه العلم الإسرائيلي ولكنه سيبقى مؤقتا حتى يحصل على موافقة البرلمان المنتخب القادم.
واشار الكفائي في حديث لـ«الشرق الأوسط» انه قدم للمجلس ثلاثة نماذج تم اختيار تصميم المهندس المعماري رفعت الجادرجي المقيم في لندن وان المجلس وافق على التصميم.
وقالت عضو المجلس صون كول جابوك انها كانت من المعارضين لوضع تصميم سريع للعلم العراقي «انا أقترحت رفع كلمتي الله أكبر من العلم او وضعها بالخط الكوفي كون الاعتراضات جاءت على ان صدام وضع بخط يده هذه المفردتين».
واعتبر الفنان العراقي المعروف ضياء العزاوي العلم العراقي الجديد بانه ابعد ما يكون ليمثل تاريخ وحضارة وحاضر وواقع العراق والعراقيين، وقال «لقد صدمت جدا عندما شاهدت التصميم». وعبر الفنان التشكيلي العراقي علي المندلاوي عن رأيه في تصميم العلم قائلا «لقد فُجعت بالرؤية التصميمية التي تم اختيارها لتكون علما للعراق». وأضاف «لا أستطيع ان اتخيل بلداً غنياً بفنونه وفنانيه المعاصرين مثل العراق يمثله علم بهذا الفقر وهذه الفجاجة».
وبدا عضو مجلس الحكم نصير الجادرجي رئيس لجنة اختيار العلم وشقيق المعماري رفعت الجادرجي الذي وضع التصميم، مستفزا للغاية لدى اجابته عن اسئلتنا ورفض الاجابة عن عدد منها قبل ان ينهي المكالمة الهاتفية من جانبه.
وكانت «الشرق الأوسط» قد تحدثت أمس عبر الهاتف مع كل من الكفائي وصون كول والعزاوي والجادرجي في حين لم يمكن الحديث مع المعماري رفعت الجادرجي بسبب سفره خارج بريطانيا.
وقال الكفائي ان المجلس اتفق على علم جديد للعراق يحل محل علم العراق السابق ويحتوي على رموز للسلام والاسلام والاكراد.
ويضم العلم الجديد هلالاً ازرق فاتحاً على خلفية بيضاء وفيه شريط أصفر بين خطين باللون الازرق عند القاعدة.
وأوضح الكفائي بان العلم العراقي الجديد سيرفع على المباني الحكومية خلال ايام. واضاف أن اللون الابيض يرمز الى السلام وبداية جديدة للعراق بينما يرمز الهلال الى الاسلام، مشيرا الى ان الخطين باللون الازرق يمثلان نهري دجلة والفرات وان الاصفر يرمز الى اكراد العراق.
ويستحضر تصميم العلم العراقي الجديد في الذاكرة تصميم العلم الاسرائيلي الذي يتكون من اللونين الازرق والابيض حيث نجمة داود السداسية تتوسط خطين أزرقين متوازيين على خلفية بيضاء، وهو يرمز الى الاسطورة الصهيونية باحتلال الاراضي العربية من النيل الى الفرات اللذين يمثلهما الخطان باللون الازرق. واشار الكفائي الى ان فكرة تصميم علم جديد للعراق لم تعرض لمشاركة الفنانين العراقيين. وقال «صار الحديث داخل المجلس وتم تكليف البعض ووقع الاختيار على تصميم المهندس المعماري رفعت الجادرجي».
وأشار الى ان فكرة التصميم تركت للفنانين، وأوضح ان هذا التصميم لا علاقة له بالعلم الاسرائيلي وان «الناس لها ان تطلق العنان بالتفسير فنحن عندنا الهلال هو الذي يأخذ الاهمية والخطان باللون الازرق يمثلان دجلة والفرات وهو بعيد عن فكرة العلم الاسرائيلي، اما موضوع الالوان فهي مكررة بعدد من الاعلام في دول العالم».
وقالت عضو المجلس صون كول جابوك ان المجلس لم يناقش الخطين المتوازيين باللون الازرق الشبيهين بالخطين الموجودين في علم أسرائيل. وقالت «لم ينتبه احد لهذه النقطة او للتشابه مع الخطين في العلم الاسرائيلي. واضافت «ان من ناقش الموضوع ليس لديهم اية خبرة فنية او باسلوب تصميم العلم»، مشيراً الى انه كانت هناك لجنة لاختيار النشيد الوطني والعلم «وانا كنت عضوة في هذه اللجنة وتقدمنا بنماذج للعلم العراقي لكنه لم يؤخذ باي منها بل لم تتم مناقشتها وأهملت ثم عادوا وتذكروا العلم من جديد وشكلوا لجنة أخرى».
وعن سبب التسرع في اختيار هذا التصميم قالت صون كول «حدث هذا بسبب مشاركة رياضيين عراقيين في أولمبياد اثينا وان عليهم ان يحملوا علم العراق الجديد. تصور، وزير الخارجية العراقي يحضر في مناسبات سياسية دولية وعربية ولم يفكروا بتغيير العلم من أجله لكنهم يستعجلون تغيير العلم الآن بسبب الاولمبياد كما ان الاكراد يرفضون رفع العلم العراقي الحالي».
وقال الفنان ضياء العزاوي ان «رفعت الجادرجي معماري ومثقف علماني وهذا ما اعرفه عبر مقالاته ومؤلفاته ولا أدري لماذا اختار الهلال كرمز للعراق المزدحم بكل الرموز التاريخية والحضارية التي تجعله بلدا يختلف عن البلدان المحيطة به او عن البلدان الاسلامية».
وتساءل الفنان العزاوي قائلا «ما الذي يجمع بين العراق وتركيا مثلا الا هذه الإشارة (الهلال). فهناك اهمال عجيب للتاريخ، واذا رفعنا الهلال فسيكون العلم مناسبا لدولة اسكندنافية، حتى اللون الأبيض ليس من عندنا». وأوضح بان «الرمز الوطني يبنى عبر التاريخ وليس عبر الدين الذي لا يشكل الا جزءاً للحصيلة الهائلة للتاريخ وللحضارات الهائلة الموجودة، فهل هناك من يهمل سومر مثلا ويضع الهلال، ولماذا لم يستذكر (رفعت الجادرجي) صديقه جواد سليم الذي عندما صمم العلم لاول جمهورية في العراق اشتغل عليه بكل مافي العراق من مفردات حضارية تاريخية ولم يذهب الى الرمز الديني».
وحول التشابه بين التصميم الجديد للعلم العراقي وعلم اسرائيل قال العزاوي «حتى اسرائيل عندما صممت علمها ذهبت الى التاريخ واختارت النجمة السداسية وهي رمز تاريخي وليس دينياً واختارت اللون الازرق كونها دولة تقع على البحر». وأشار الى ان الجادرجي ليس «له خبرة بالتصميم الغرافيكي وهذا ليس معمارا». وقال «كان يجب طرح الموضوع من خلال مسابقة وطنية او تكليف عدد من الفنانين العراقيين الذين يعتقدون انهم فنانون جيدون ولهم علاقة بالبلد ويختارون من بين تصاميمهم».
واختتم العزاوي حديثه قائلا «أنا شخصيا اعتبر ان هذا التصميم لا ينتمي للعراق بكل تفاصيله وقد صدمني كتصميم وكتاريخ. أنا ابن العراق وأنتسب اليه وأعرف ما هو العراق وما يمثله وليس هناك اعظم من الابداع الحضاري الذي يمثل العراق».
ودعا المندلاوي الى «وقف فوري لتنفيذ هذا التصميم والاعلان عن مسابقة جديدة يشارك فيها غالبية من الفنانين العراقيين وخاصة من هم في المهجر وان تكون هناك لجنتا تحكيم، الاولى فنية والثانية سياسية».
وفي رده على سؤال يتعلق بعدم تخصص المعماريين في موضوع التصميم الغرافيكي أجاب نصير الجادرجي «هل تعتقد ان رفعت الجادرجي ليس فنانا؟ فالمعماري جل عمله هو التصميم وهل هناك شخص متخصص بتصميم علم فقط»؟
وقال منفعلا لدى اجابته عن سؤال يتعلق بمفردات العلم وهل هي من عنديات الفنان ام فرضت عليه، «انا لن اجيبك عن اي سؤال يصب في باب التحقيق، هل تعتقد ان الاميركان فرضوا علينا مفردات العلم»، بالرغم من انه لم يذكر اي شيء عن الاميركيين وقال «لقد تركنا كل شيء لحرية الفنان ولم نفرض عليه اي شروط».
وبرر الجادرجي الاستعجال باعتماد هذا العلم من غير ان يطرح للاستفتاء العام وقال «نحن لا نريد ابقاء علم صدام مرفوعا فوق بناياتنا وهو علم لا يرفع في كردستان ولا يشرف اي عراقي» وأوضح انه «لا يمكن رفع مفردتي (الله اكبر) من العلم العراقي لان ذلك بحاجة الى قانون». ووصلت ذروة انفعال عضو مجلس الحكم نصير الجادرجي عندما استفسرنا عن القانون الذي اقر العلم الجديد فقال «انا لن اجيب عن اسئلة مثل هذه، وسأضطر الى انهاء المكالمة» ثم أغلق الخط.