-
من فكر الدعوة الاسلامية
من الفكر الحركي الدعوتي
رسالتنا ومعالمها الرئيسة
بقلم: الشهيد السيد محمد باقر الصدر
لكل رسالة معالمها الرئيسة التي تحدد كيانها الخاص وتميزه عن كيانات الرسالات الاخرى. وتختلف الرسالات في هذه المعالم تبعاً لاختلافها فيما ترتكز عليه من افكار ومفاهيم، ويمكننا تلخيص المعالم الرئيسة لرسالتنا الاسلامية في الامور التالية: اولاً: النظرة الروحية الى الحياة والكون بصورة عامة، ولا تعني الروحية هذه انكار المعاني المادية للكون او حصر نطاق الوجود في الروح والروحيات بذلك. فالاسلام يعترف بالحقائق الروحية والمادية وانما يربط تلك الحقائق جميعاً بسبب مشترك اعمق وهو الله. فالنظرة الروحية في جوهرها اذن عبارة عن ادراك صلة الحياة والكون بالله وانبثاقها عن قدرته وتقديره، وبهذا المعنى يمكن ان نعد الكون بصورة عامة روحياً لأن تلك الصلة بالمبدع الخلاق - صلة الخلق والابداع - تشمل المادة كما تشمل الروح وتنفذ الى سياستها جميع محتويات الكون وحقائقه.
مادام الانسان مرتبطا بخالق وهبة الحياة واطاراتها المادية والمعنوية يجب ان يكون مقياسه في الحياة هو رضى الله تعالى
وليست هذه الروحية التي تتمل فيها الحقيقة الكبرى للكون نظرية مجردة، وانما تتصل بالوجود العملي للانسان كل الاتصال وتحدد له موقفه من عالمه الذي يعيشه والحياة التي يحياها ويستمد الانسان منها - او على ضوئها - اتجاهه العام الذي ينعكس في كل نشاطاته وافعاله.
ثانياً: الطريقة العقلية في التفكير، اذ توجد طريقتان للتفكير احداهما [الطريقة العقلية] التي تعد العقل حاكماً نهائياً ومقياساً اساسياً تقاس على ضوئه الافكار والمعلومات لامتحان مدى صحتها وموضوعيتها، والاخرى هي الطريقة [التجريبية] التي تقصي العقل عن هذا المجال وتسلب منه وظيفته الاساسية هذه في الحياة الفكرية، وتضع موضعه التجربة مدعية انها هي الاساس الوحيد لكل ما يمكن ان يتوصل اليه الانسان من حقائق واستنتاجات. والواقع ان كلاً من العقليين والتجريبيين وقع في خطأ كانت له أسوأ النتائج. فالعقليون الذين نادوا بالعقل مقياساً لم يطبقوا عملياً هذا المقياس وحسب، وانما افرطوا فحصروا بحوثهم في النطاق العقلي وكلفوا العقل المجرد ان يزودهم بالحقائق والمعلومات حتى في الميادين والمجالات التي ليست من حقه، وبذلك ضاعت عليهم فرصة الاستفادة من المعين التجريبي وما يتدفق به من حقائق ونتائج. ومن اوضح الامثلة لذلك ما شغل بال العقليين قروناً متطاولة من الزمان حين حاولوا ان يتعرفوا على ما اذا كانت المادة متكونة من اجزاء وذرات يتخللها الفراغ او متصلة اتصالاً حقيقياً لا فراغ فيه. لقد خيل للعقليين انهم يستطيعون ان يصلوا الى الكلمة النهائية في البحث عن طريق العقل وحده ومنها نشأت النظريتان: [الاتصالية والانفصالية] وقام الصراع عنيفاً بين هؤلاء واولئك من الاتصاليين والانفصاليين بعيداً عن التجربة ووسائلها فلم يصلوا الى نتيجة حاسمة لا لشيء الا لأن العقل بطبيعته حيادي في مثل هذا الموقف وما يشابهه من المواقف التحليلية للكون، فهو لا يستطيع ان يدرك بصورة مستقلة عن التجربة ما اذا كان الجسم مؤلفاً من ذرات ام لا. ولو ان العقليين انصرفوا الى التجربة واستنطقوها ثم رجعوا الى العقل كمسفر نهائي لظواهر التجربة ونتائجها لوصلوا الى خير كبير هو افضل الف مرة من هذا الجدل العقيم. وهكذا اخطأ العقليون حين لم يعرفوا - عملياً على الاقل - ماهي وظائف العقل بصفته مقياساً اساسياً للفكر. وكما اخطأ هؤلاء، اخطأ التجريبيون ايضاً الذين اتجهوا اتجاهاً معاكساً تماماً، كرد فعل للاتجاه العقلي السابق فآمنوا بالتجربة وقدرتها على استكشاف الحقائق والاسرار وظنوا في غمرة من نشوة الظفر بما توصلوا اليه من معلومات تجريبية انهم استغنوا عن خدمات العقل لأنه مما لم تكشف عنه التجربة بعد. وكان من نتائج ذلك ان تحرر كثير من انصار التجربة من الحقائق الروحية الخارجية عن نطاق التجربة العملية، وخسر العقليون الثروة التجريبية الضخمة كذلك خسر التجريبيون الثروة العقلية الروحية الجبارة. واما الاسلام فقد وقف من الفريقين الموقف الصحيح ورسم الطريق اللاحب للفكر الانساني الذي يضمن للانسان افضل النتائج في كل الميادين ويحول بينه وبين الالوان العقيمة من الجدل الذي مني به العقليون كما يحول بينه وبين المادية المسرفة التي انتهى التجريبيون اليها. وتلخص هذا الطريق في ان العقل يجب ان يؤخذ كمقياس للافكار وحاكم فصل نلقي بين يديه المعلومات التي حصل عليها الانسان عن طريق الملاحظة الحسية او التجربة العملية، لينظمها ويستنتج منها ما تتجه من حقائق مادية او حقائق خارجة عن حدود المادة [أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها] (الحج46/22). فليس السير في الارض وما يشير اليه من الوان التأمل التجريبي في حقائقها مغنياً عن العقل وليس العقل مغنياً عن السير في الارض ودراسة حقائقها بالطرق الحسية والتجريبية.
فالأخذ بالتجربة واستثمارها واستنطاقها صحيح كل الصحة ولكن شريطة ان لا يلغى العقل ولا يحبس الانسان نفسه في حدود حسه التجريبي، بل يحكم عقله فيما يحس ويجرب ليستنتج ما وراء التجربة استناجاً عقلياً متسقاً.
ان كل من العقليين والتجريبيين وقع في خطأ كانت له أسوأ النتائج فالعقليين الذين نادوا بالعقل مقياسا لم يطبقوا عمليا هذا المقياس
ثالثاً: المقياس العملي العام الذي بشر به الاسلام على اساس نظرته العامة للحياة والكون. فما دام الانسان مرتبطاً بخالق وهبه الحياة وكل محتوياتها، واطاراتها المادية والمعنوية يجب ان يكون مقياسه في الحياة هو رضى الله تعالى، بان يكيف حياته طبقاً لرضاه جل شأنه: [واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم] (آل عمران 174/3). وهذا المقياس العملي يشمل جميع الميادين العملية للانسان من فردية او اجتماعية ويشمل مختلف الحقول الاجتماعية من سياسية واقتصادية واخلاقية.فالاسلام يحتم على الانسان ان يسير في كل هذه المجالات طبقاً لرضى الله سبحانه وتوجيهه. ويمتاز هذا المقياس عن اي مقياس آخر يقدمه فلاسفة الاخلاق عادة بمميزات اساسية، فهو مقياس من النظرة الروحية العامة الى الحياة والكون وليس مقياساً مرتجلاً كما انه يزيل كل تناقض من الصعيد العملي، على عكس كثير من المقاييس التي يقدمها فلاسفة الاخلاق كاللذة او المنفعة ونحوهما من مفاهيم غائمة او غير محددة. فان الناس في المجتمع الواحد يتناقضون في لذاتهم ومنافعهم. كما تتناقض المجتمعات البشرية المختلفة في هذه المقاييس ايضاً فما كان فيه منفعة فرد او مجتمع، او كان ملذاً لهما قد يكون مضراً بفرد او بمجتمع آخر. وايمان الانسانية بهذه المقاييس الخلقية الناقصة هو الذي جر عليها كثيراً من الوان البلاء والقى بها في دوامة من الصراع والنزاع. واما حين تأخذ الانسانية بالمقياس العملي الذي ينادي به الاسلام فسوف يزول كل لون من الوان الصراع والتناقض لأن رضى الله تعالى لا يتناقض ولا يختلف.وبهذا المقياس وحده يمكن انشاء المجتمع المطمئن المتعاون الذي ان ساده شيء من روح التنافس فانما يوجد هذا التنافس على مقدار ما يحصل عليه من رضى الله وليس على مقدار ما يكسبه من المصالح الخاصة والمنافع المادية .
--------------------------------------------------------------------------------
-
من الان ممثل الدعوة الحقيقية
شو تاهت علينة
ما نعرف هذا تنظييم العراق وهذا تنظييم لندن وهذا تنظييم ايران
شنو السالفة