مسؤول استخبارات أميركي: إيران تقوي نفوذها لتصبح لاعبا أساسيا في العراق
مصادر في واشنطن: طهران تدعم الكثيرين من السيستاني إلى الجلبي ومن الصدر إلى الحكيم فإذا فاز أحدهم تفوز هي معه
واشنطن: روبين رايت *
يقول المسؤولون الأميركيون في واشنطن وبغداد، إن إدارة بوش أصبحت تخشى، مع نهاية الاحتلال الأميركي للعراق في غضون أسبوعين، أن تتحرك إيران كلاعب أساسي في البلاد بعد أن ظلت تقيم في هدوء شبكات مؤيدة لها من السياسيين ورجال الدين العراقيين. وقد ظل المسؤولون الأميركيون يشاهدون خلال الشهور الماضية مئات الكوادر الإيرانية وملايين الدولارات وهي تدخل العراق لبناء علاقات كانت مستحيلة تحت حكم صدام حسين. وتعتقد إدارة بوش أن إيران تقوي من نفوذها وسط الزعماء الشيعة والأكراد حتى تتمكن من الحلول محل أميركا عندما تنسحب من العراق. وقال مسؤول استخبارات أميركي كبير «تستخدم إيران كل الأدوات المتاحة لها للتدخل ولتصبح لاعبة أساسية في العراق. وفي المدار الشيعي هناك لاعبون كثيرون وتراهن إيران على الكثيرين من هؤلاء، فاذا فاز احدهم تكون فازت معه في نهاية المطاف».
وتقول المصادر الأميركية أن إيران قدمت مساعدات كبيرة لكل القوى الهامة في العراق، ومنها الزعيم الشيعي آية الله علي السيستاني، ومقتدى الصدر، وأحمد الجلبي، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم، وهو حليف قديم. كما تقدم طهران في نفس الوقت مساعدات لزعماء القبائل والميليشيات ومجموعات المصالح، والوجهاء المحليين والأحزاب السياسية، بما في ذلك العلمانية منها، حتى تضمن نفوذها في جميع الحالات.
كما أصبحت إيران منافسة لأميركا في مجال إعادة الإعمار وخاصة في جنوب العراق حيث الأغلبية الشيعية. ومع أن إدارة بوش خصصت 18.7 مليار دولار لإعادة تعمير العراق، إلا ان جزءا ضئيلا من هذا المبلغ، لا يتعدى بضع مئات الملايين من الدولارات، قد وصل بالفعل إلى هناك. ويقول المسؤولون الأميركيون أن المساعدات التي قدمها البلدان تكاد تتساوى. وتركز المساعدات الإيرانية على مشاريع الخدمات مثل المراكز الصحية والثقافية والمولدات الكهربائية، بينما تركز المساعدات الأميركية على مشاريع البنية التحتية التي ليس لها الأثر (الشعبي) المباشر مثل المشاريع الإيرانية.
ويبدو أن كل ذلك سيقود إلى مزيد من التوتر في علاقة البلدين. وتعتقد واشنطن أن طهران تريد لها ان تفشل في العراق، حتى لا يكون لها ذلك النفوذ الحاسم في شؤون الشرق الأوسط، وحتى لا تفكر في النهاية في غزو إيران نفسها. ويقول المسؤولون الأميركيون أن إيران قلقة كذلك لوجود القوات الأميركية محيطة بها من كل جانب ولذلك تتطلع إلى رحيلها بأسرع فرصة ممكنة.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد وجهت انتقادات لطهران لتدخلها في الشؤون العراقية، في تقريرها حول وضع الإرهاب في العالم الصادر في أبريل الماضي والذي جاء فيه أن إيران «تتبع سياسات متعددة في العراق لضمان ما تعتبره مصالحها هناك، وإن بعض هذه المصالح يناقض مصالح التحالف».
وقال مسؤول أميركي إن الإيرانيين يتمنون أن تنزل بالأميركيين خسائر تسحب منهم سمة المنتصر، في نفس الوقت الذي تخشى إيران خشية شديدة أي تورط من جانبها في هجوم مباشر على القوات الأميركية.
ومن المفارقات أن المحللين الأميركيين والإيرانيين يتفقون على أن البلدين لهما مصلحة مشتركة في وجود عراق مستقر، ديمقراطي وعلماني. ومن وجهة نظر الإيرانيين فإن الأغلبية الشيعية هي التي يمكن أن تفرض هيمنتها في مثل هذا النظام. ويقول هادي سماتي أن استقرار العراق هو الذي سيؤدي إلى انسحاب القوات الأميركية بينما سيادة الفوضى هناك يمكن أن تطيل أمد بقاء هذه القوات وهذا هو ما تخشاه طهران.
ولكن الصورة، كما يقول بعض المسؤولين، ليست بسيطة، فكما يحاول الإيرانيون استغلال العراقيين، فإن العراقيين أيضا يحاولون استغلال الإيرانيين. ويقول محللون آخرون أن أي تدخل إيراني كبير سيثير العراقيين أنفسهم لأنهم معروفون بأنهم الأكثر تمسكا بالنزعة الوطنية من بين كل الدول العربية. والحرب العراقية الإيرانية ليست بعيدة عن الأذهان. كما أن زعماء البلدين لديهم تصورات مختلفة اختلافا كبيرا جدا لمستقبل بلديهما. وتمتد الخلافات إلى الشيعة العراقيين أنفسهم، فآية الله على السيستاني، على سبيل المثال، لا يؤمن بولاية الفقيه، مع أنه مولود بقم ولديه مكتب هناك.
ومع ذلك فإنه ليس بإمكان واشنطن أن تحد من النشاط الإيراني في العراق.