الى الوداع سيدي و مودع الله سيدي

http://image.guardian.co.uk/sys-imag.../bremerGAL.jpg

ببالغ الأسى و الحزن الشديدين تلقينا نبأ عزم السيد أبو حيدر الأحمراني (بريمر) صاحب الأبتسامة الرائعة دام ظله الرحيل من العراق قريباً بعد أن أدى مهماته الأنسانية الجمة و التي تمثلت في أسقاط الدكتاتور و تحرير الشعب العراقي و أرساء الديمقراطية في العراق و مساعدة الشعب العراقي للحصول على الكهرباء و الماء الصالح للشرب و تأسيس أجهزة الأمن و أعادة المساكين البعثية الى وظائفهم و ما خفي أكثر و أشهد أن ما قمت به خالصاً لوجه الله تعالى و لا تريد جزاءً و لا شكورا.
فجزاك الله عن العراقيين خير الجزاء و بارك الله بالمنظمة الخيرية (USA) التي ضحت بمليارات الدولات من أجل العراقيين و ديمقراطيتهم التي تهم هذه المنظمة الخيرية الأنسانية.

و إن شاء الله يعيش الشعب العراقي العصر الذهبي عصر الديمقراطية النادرة في المنطقة و خصوصاً أن نيغروبونتي سيكون في العراق لمساعدة الحكومة في أتخاذ القرارات و لتتأكد المنظمة الخيرية من أن الديمقراطية تطبق بحذافيرها في العراق.

و تطبيقاً لقول الله عز و جل ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ )

فنتقدم بالشكر الجزيل و الثناء الجميل الى سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني دام ظله الوارف و السياسيين العراقيين الذين سهروا الليالي لتوفير كل ما يحتاجه ضيوفنا الكرام الأعزاء من فتوى و قرارت تساعدهم على أرساء الديمقراطية في العراق.

كل حكومة جديدة وأنتم بألف ألف خير

و بهذه المناسبة نهدي السيد أبو حيدر هذه الكلمات

[align=left]I’LL BE MISSING YOU

Every day I wake up
I hope I’m dreamin
I can’t believe this sh*t
Can’t believe you ain’t here
Sometimes it’s just hard for a nigga to wake up
It’s hard to just keep goin
It’s like I feel empty inside without you bein here
I would do anything man, to bring you back
I’d give all this sh*t, sh*t the whole knot
I saw your son today
He look just like you
You was the greatest
You’ll always be the greatest
I miss you big
Can’t wait til that day, when I see your face again
I can’t wait til that day,when I see your face again...[/align]

السيد أبو حيدر أثناء حضوره لدروس البحث الخارج.


http://www.daralhayat.com/arab_news/...jpg_200_-1.jpg

حبيبي صفاء
في لقاء لاحد الشخصيات العلمية مع السيد بريمر حضرت هذا اللقاء بالصدفة ، وتعرفت على الرجل عن قرب ، صحيح انه لايمكن ان تكون فكرة متكاملة عن اي شخص خلال لقاء او لقائين ، لكني خرجت من هذا اللقاء بان الرجل صادق في كثير من مواقفه .
يتلاطف مع من يقابلهم بادب كبير واخلاق عالية .
وهو يلتفت ويوزع تحياته باللغة العربية سلام عليكم ، مساكم الله بالخير

وبعد كم يوم حضرت عند احد الشخصيات العلمية جداجدا ، وياريت تفهم الجدا جدا ، فكان وجهه مكفهر وعبوس ولا تستغرب انه لم يرد التحية ، بل اكتفى بالنظر الينا دون ان يرد السلام ، ورد السلام كان من نصيب صاحبي المعمم .

الذي اريد قوله ان السيد بريمر ومهما اختلفنا معه استطاع ان يحتوي الكثير الكثير من الوضع العراقي ، استطاع التاثير على المرجعيات والعشائر وكل قطاعات الشعب العراقي بخلقه العالية وسلوبه المتزن .
ودخل منطقة الرمادي حتى استحوذ على اغلب رؤساء عشائرها والتقى برجال ما يسمى بهيئة علماء السنة وصارولك وياه دهن ودبس .

وارجو ان لايفهم من كلامي انه اقف جانب السيد بريمر ، لكن حبيت اعمل مقارنة بين اخلاقه واخلاق اي عالم من علماء الوهابية المنتشرين بكثرة قرب المسجد النبوي

بغض النظر عن موضوع المقارنة00
كما انني لا اريد ان انفي الصفات الاخلاقية عن المجتمع الغربي بالمطلق كقيمة0

ولكن

هذه الاخلاق المصلحية التي تنتفي بمجرد زوال اسبابها لاتصلح كما اتصور ان تكون مثالا يجسد القيمة الاخلاقية في الحكم على بعض السلبيات التي نعيشها في واقعنا التي لا انفي وجودها ومن قبل بعض الطبقات والشخصيات العلمية الكبيرة!

بريمر يصدق فيه البيت العربي في مثل اخلاقه هذه00

يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب

او المثل الدارج الذي اسمعه ولا استطيع ان اردده لمايجسده في مفرداته السيئة من بذائه من جهة و دقة ومرارة في المعنى من جهة ثانية بحيث احسبها تصدق على نوعية بريمر وكل محتل يتعامل بهذه الاخلاقيات المصلحية الظاهرية00

المثل الدارج يقول00بعد تلطيفه من الرقابه مع حفظ المعنى قدر الامكان 00

ابوسك من قدام وفي نفس الوقت (يلعب بكرامتك) من ورا !

وهذا ماتفعله امريكا وكل بلد محتل في كل ارض تحاول التسلل اليه بعناوين اصلاحية ماهي الا عناوين مصلحية في الدرجة الاولى!

واذا لم تنفع الجزرة فهناك العصا

واذا لم تنفع العصا فهناك جزرة اضافية

واذا لم تنفع فهناك عصا اكثر غلظة من الاولى

واذا لم تنفع العصا الغليظة

فلامانع من زيادة عدد الجزرات

وهكذا دواليك حتى تتحقق المصالح وفق المنطق البرجماتي قدر وفق الواقع وقدر الامكان

فلاحياء ولا خجل من تغيير المواقف ونقض العهود حتى لو بعد دقيقة

لان المنطق هو من يحصل على مصالحه هو الذي يضحك في الاخير ولهذا فهو من يستحق وفق هذا المنطق الملعون الرفعة والكرامة والسمو حتى لو كان من امة اسفل سافلين!

مولانا حتى لورنس كان خوش آدمي و يلبس عقال و بشت و مصادق العرب و يتباوس معاهم ... بس المشكلة انه "لعب بكرامة" العرب و باع القدس و راح الاقصى ... و الملك فيصل عاده رجل و شيخ و كلمته تدق الارض دق ...

الى متى نلدغ من نفس الحجر مرة تلو الاخرى ... الى متى نكاد و لا نكيد ...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

للأسف فأن التكبر و الحسد و التعجرف كلها صفات نجدها في ما يسمى بالعلماء أو بالأحرى المستعممين و أصحاب المناصب و الشهادات الذين يعيشون في دولنا الشرقية.

في حين أن التواضع و الأسلوب الجميل في الحديث مع الآخرين و أحترام الرأي الآخر تجده عند الأوربين و الغربيين عموماً.
(الكلام ليس بالمطلق بكلتا الحالتين)

فما قلته أخي العزيز النداء صحيح و لكن الله إليستر ماذا خلف هذه الأبتسامة و الأسلوب الجميل.

فأمريكا أختارت أفضل من لديها لتبعثه الى العراق و بريمر في الحقيقة هو أفضل من يقوم بهذا الدور.

في آخر بيان وجهه الى الشعب العراقي كان يتحدث و كأنه ولد أبناً عن جد في العراق و كان يتغنى ببغداد بشعر باللغة العربية و بعدها ردد بالعربية أيضاً عاش العراق عاش العراق.
و كان يبدو عليه واضحاً لو أنه تحدث خمس دقائق أكثر لنزلت دمعته (سوده عليّ) ;)

هؤلاء كمن يقتل القتيل (و يدك و يلطم) بجنازته.
فهم في الحقيقة خلوقين جداً و لكن لا ترده أخلاقه عن القيام “بواجبه”

تحياتي

قوانين بريمر تكبّل العراق وواشنطن تبررها بـ"شرعية" دولية
لندن الحياة 2004/06/30

في تقرير مطول عن تنصيب الحكومة الجديدة في بغداد, كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس أن "العراق حاز رسمياً على السيادة لكن مداها لا يزال موضع خلاف".

وأوضحت ان حكومة اياد علاوي تتمتع شكلياً بكل سلطات السيادة, بما في ذلك تعيين الوزراء وتبديلهم وتخصيص الموازنات والتفاوض مع الدول "ولكن ليس من الواضح ما سيحصل اذا رفض الأميركيون قرارات الحكومة العراقية". وأشارت الى أن واشنطن تملك وسائل ضغط قوية, من بينها الوجود العسكري على الأرض, وبلايين الدولارات من الأموال التي خصصها الكونغرس للاعمار. في المقابل فان أي شكوى عراقية من تدخلات واشنطن ستسبب في احراج كبير للولايات المتحدة التي تريد ان تبرهن للعالم أن العراقيين يملكون السيطرة التامة على وضعهم.

وأشارت الصحيفة الى أن حوالى 150 مستشاراً أميركياً سيبقون في مواقعهم في الوزارات العراقية, حيث يمارسون نفوذهم الواسع. وسيبقى العراق محكوماً بـ"قوانين وتوجيهات وضعها الحاكم المدني بول بريمر خلال الشهور الأخيرة, وفي بعض الحالات خلال الأيام الأخيرة. وبينها مرسوم يمنح العسكريين والمدنيين الأميركيين حصانة من الملاحقة أمام المحاكم العراقية".

واذ نقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء في القانون الدولي انه يلغي كل القوانين التي تصدرها قوة احتلال فور انتهاء هذا الاحتلال, وبين المسؤولين الأميركيين من يؤكد أن قوانين بريمر ستبقى سارية لأنها تستمد شرعيتها من قرارات مجلس الأمن. وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز أبلغ لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الجمعة الماضي, ان الحكومة العراقية لا تستطيع الغاء "أمر الحصانة" الذي أصدره بريمر.

وتوقع مسؤول أميركي ان تحاول القوات الأميركية البقاء في خلفية الصورة في المرحلة الجديدة, مركزة على مهمات مثل حماية الحدود, أكثر من عمليات "التفتيش والتدمير" التي تنفذها الآن.

ومن القضايا التي تمس السيادة أيضاً اشارة اياد علاوي الى احتمال فرض حال الطوارئ لمواجهة الوضع الأمني. ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين أميركيين اعتبروا ان حكومة تعتمد الى هذا الحد على القوات الأميركية, قد لا يمكنها اتخاذ هذا القرار.

وتفتح قوانين بريمر أبواب العراق في شكل كامل للمستثمر الأجنبي. وتوقع عدد من المسؤولين الأميركيين ان ينهي العراق, عاجلاً أم آجلاً, العمل بهذه القوانين. وستكون مهمة السفير الأميركي جون نغروبونتي, بحسب المسؤولين أنفسهم, اقناع العراقيين بعدم اثارة قلق المستثمرين, أو اجبار المتعاقدين الأميركيين على المغادرة, في حال الغاء حصانتهم القضائية.

وبين ما تعنيه المرحلة الجديدة أن الملف العراقي أصبح في يد وزارة الخارجية الأميركية بالدرجة الأولى, وليس البنتاغون ومجلس الأمن القومي كما كان أثناء "عهد" بريمر. بالتالي, يتوقع تسريع الانفاق على الاعمار, وهو ما طالب به وزير الخارجية كولن باول.

كيميت يؤكد بقاء القوات المتعددة الجنسيات سنوات عدة
بريمر يمنح الحصانة للجنود والمدنيين الأجانب وواشنطن تستدعي قوات الاحتياط


قام الحاكم الأمريكي السابق للعراق بول بريمر بتمديد أمر يمنح الحصانة من الملاحقة القانونية للقوات الأجنبية والمدنيين الأجانب، وذلك قبل ثلاث ساعات من تسليم السيادة للحكومة العراقية. فيما أكد مساعد قائد القوات الأمريكية في العراق مارك كيميت ان القوات ستبقى في العراق لسنوات، وهو ما دعمه قرار لوزارة الدفاع الأمريكية باستدعاء آلاف جنود الاحتياط الى العراق وأفغانستان.

وقال مسؤولون في إدارة الاحتلال إن بريمر وقع الأمر المعدل رقم 17 يوم الاحد، لكي يضمن إعفاء القوات الأجنبية والمدنيين الأجانب من الإجراءات القانونية العراقية بعد تسليم سلطات محدودة للعراقيين.

وقالت فيكتوريا ويتفورد، المتحدثة باسم سلطة الاحتلال المؤقتة، إن الأمر جرى الاتفاق عليه مع رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي قبل توقيعه. وما لم تتخذ الحكومة المؤقتة إجراء لإلغاء الأمر فسوف تظل الحصانة مطبقة إلى أن يتم انتخاب حكومة جديدة في أواخر العام الحالي أو أوائل 2005. وقالت ويتفورد بالهاتف من بغداد “نوقش هذا واتفق عليه مع رئيس الوزراء..لم تكن هناك اختلافات على حد علمي. انه (علاوي) سعيد بالوثيقة”.

وجاء الأمر بسبب غياب اتفاق رسمي حول وضع القوات، ويذكر أن قوات الدول المساهمة وأفرادها سوف يخضعون للاختصاص القضائي في بلدانهم ولديهم حصانة ضد الاعتقال او السجن في العراق. غير أن المتعاقدين او الآخرين الذين يمثلون مخاطرة لأنفسهم او للآخرين، يمكن ان تحتجزهم القوات الأمريكية والقوات الأخرى توطئة لتسليمهم إلى بلدانهم.

من جانبه، أكد الجنرال مارك كيميت، مساعد مدير العمليات العسكرية الأمريكية في العراق، ان الولايات المتحدة ملتزمة مساعدة العراقيين في المجالات الأمنية. وأعرب عن اعتقاده بأن قوات الأمن العراقية ستظل بحاجة إلى الاعتماد على القوات الأمريكية لبعض الوقت، مضيفا أن الولايات المتحدة التزمت تدريب القوات العراقية وتزويدها العتاد وتنظيمها ودعمها وهذه مسألة تحتاج إلى بعض الوقت. وردا على سؤال حول مدة بقاء القوات المتعددة الجنسيات في العراق، قال كيمت انه من المؤكد أن هذه القوات ستبقى في العراق لأشهر وربما لسنوات.

إلى ذلك، قال مسؤولون بوزارة الدفاع إن الجيش الأمريكي يخطط لحملة استدعاء إجباري للآلاف من قوات الاحتياط للحفاظ على مستوى مناسب من القوات في العراق وأفغانستان. وتعد الخطوة احدث دليل على حجم العبء الملقى على عاتق الجيش الأمريكي خاصة القوات البرية نتيجة العمليات في البلدين.

وقال مسؤول بالجيش الأمريكي، رفض نشر اسمه، انه سيتم إبلاغ 5600 جندي من قوات الاحتياط الجاهزة باحتمال نشرهم هذا العام. وقال مسؤول بارز في وزارة الدفاع أول أمس “يجري استدعاء أولئك الأفراد لسد نقص معين في مهام معينة”. وقال المسؤول إن حرب الخليج عام 1991 هي آخر مرة استدعيت فيها أعداد كبيرة من جنود قوات الاحتياط الجاهزة الذين هم بالأساس ممن انهوا خدمتهم العسكرية. ويقوم مسؤولو الجيش بإطلاع أعضاء الكونجرس بشأن عملية التعبئة هذه ويعتزمون إصدار بيان رسمي. وقال مسؤول الجيش إن التعبئة “ستجري خلال هذا العام وجزء منها قد يكون خلال شهر. سيكون إجراء إجباريا.. تعبئة إجبارية تشمل نحو 5600”، وأضاف المسؤول “اننا لا نستدعي وحدات وانما نستخدم كل الاصول الموجودة في الميدان. ونحن نعزز تلك الأصول بأولئك الأفراد الذين يمثلون تخصصات متنوعة وأنماطا متنوعة من الضباط يغطون الأفرع بأكملها”.

وقال المسؤول إن الشرطة العسكرية والجنود المعنيين بالشؤون المدنية من بين التخصصات التي ستشملها التعبئة. وأضاف أنه رغم أن جنود قوات الاحتياط الجاهزة أتموا خدمتهم التطوعية بالجيش فإن من الممكن استدعاءهم إجباريا لعدة سنوات بعد عودتهم للخدمة المدنية. (وكالات)

الخليج 30 - 6 - 2004

اقتباس:

---

مولانا حتى لورنس كان خوش آدمي و يلبس عقال و بشت و مصادق العرب و يتباوس معاهم ... بس المشكلة انه "لعب بكرامة" العرب و باع القدس و راح الاقصى ... و الملك فيصل عاده رجل و شيخ و كلمته تدق الارض دق ...

---

على هامش الأحداث والوجوه والجسور :
ابن "فيرمونت" الذي اختطفته "غلامية بغداد"
[glint]بول بريمر.. لورانس العرب.. وجهان لزمنين[/glint]

http://www.elaph.com.:9090/elaph/pub...3822148900.jpg

الأربعاء 30 يونيو 2004 09:38

"إيلاف"من القاهرة: ثمة خيط رفيع يربط بين الرجلين رغم اختلاف الظروف والسمات، توماس ادوارد لورانس ، الشهير بلورانس العرب وبول بريمر، وإن كان البريطاني أكثر التحاماً وأعمق أثراً من حفيده الأميركي.

ولعل هذا هو الفرق ذاته بين الاداء البريطاني والأميركي في التعاطي مع المنطقة، فخلف البريطانيين يقف تراث عتيد من الخبرات المتراكمة، وأرشيف وزارة المستعمرات السابقة هو الأضخم من نوعه عن أحوال المنطقة وتاريخها ومنعطفاتها، خلافاً لتلك الآلة الجبارة "البكر" التي ربما كانت وراء المحاولة الساذجة التي سعى من خلالها السفير بريمر إلى الالتحام بعصب المجتمع العراقي، إذ قام الرجل في تموز (يوليو) من العام الفائت بزيارة مضارب عشائر "بني حسن"، وهي عشائر عربية شيعية، تنتشر في منطقة الفرات الأوسط، من الحلة وحتى بابل والنجف الأشرف.

وبالطبع احتشد شيوخ هذه العشائر في مَضيف كبيرهم، وهو للعلم حفيد عبدالواحد السكري، الذي كان قائد ثورة 1920 التي قاومت البريطانيين بضراوة قبل أكثر من ثمانية عقود خلت.

ولعل بريمر كان قرأ أو سمع بعادات هذه العشائر، ولم يفكر طويلاً ولا عميقاً بالأمر ـ كما يفعل أبناء عمومته الأنكلو ساكسون ـ بل راح يبدي رغبته في الانتساب الى عشائر بني حسن قائلاً ـ بنفس سذاجة وتلقائية الأميركيين ـ إن هذا "أمر يشرّفه ويسعده"، وهنا ابتسم الشيخ، وربما داعبت مخيلته صورة "لورانس العرب"، قبل أن يرد بعبارات مهذبة، مؤكداً صعوبة الاستجابة لهذا الطلب "السامي".

وقال لبريمرإن هناك "ثمة شروط للانتساب في أعرافنا العشائرية، وهي تقوم أساساً على المصاهرة، أو النسب، فإما ان يتزوج المنتسب من عشائرنا او يتزوج ابناؤنا من عائلته"، وقبل أن يرد بريمر مضى الرجل موضحاً استحالة وقوع هذا "النسب" أو تلك المصاهرة، فمعالي السفير "مسيحي" لا يمكنه الزواج بمسلمة، ولم يبق إلا أن يتقدم أحد أبناء العشيرة للزواج من إحدى سلسلات "آل بريمر"، وهو ما لم يحدث بعد، ولم يبلغ به أي من رجال العشيرة شيخها.

أطرق ابن "فيرمونت"" برهة، ربما كان يفكر، وربما لم يكن قد فهم أو استوعب الأمر أساساً، لكن الأمر المؤكد أنه ارتبك، وبدت له الهوة شاسعة بين عالمه وهذا العالم الذي تصور أن بوسعه اختراقه ببساطة وجرأة فتيان "شيكاغو"، فإذا به أمام "حائط صد" أسطوري، لا مثيل له في مخيلته، فهذا خريج جامعة "ييل"، وحامل شهادة معهد الدراسات السياسية التابع لجامعة باريس، ودرجة الماجستير من كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، يقف متلعثماً مرتبكاً أمام شيوخ عشائر "بني حسن"، وربما منذ هذه اللحظة تحديداً، بدأت أولى محاولات إصراره على عبور "الجسر"، والتواصل الإنساني مهما كان الأمر، وكانت توابعه، وقد يفسر هذا سر ارتعاشة قلب الرجل الستيني، المحاصر بالخطر وأصوات المتفجرات، وملاحقات وسائل الإعلام والصحافين، ورنين هواتف الكبار في واشنطن ونبضات الرسائل المشفرة العاجلة الآتية من "لانغلي" حيث مقر وكالة الاستخبارات المركزية.

الثابت أنه لم يكن في هذه السيدة، ولنرمز لها بحرف (سين) ما يثير له لعاب رجل في حنكة ووزن بريمر، فهي تقف على عتبات الأربعين، غلامية المظهر، جادة السمت، كما لم يعرف عنها أنها لفتت أنظار سادة بغداد "المخلوعين"، حين كانت تعمل في قسم المراسم و"البروتوكول" الرئاسي، بل ظلت مجرد سيدة تتقن الانكليزية، وتمارس مهام عملها باحتراف ينأى بها عن الخوض في شؤون السياسة ودهاليزها التي تقف على تخومها، بحكم وجودها في هذا المكان، وربما لهذا لم تجد السيدة (سين) مشكلة ولا غضاضة في العمل مع السادة الجدد، تؤدي مهام مشابهة، بنفس روح الاحتراف، التي تنأى بها عن تجاوز الخطوط، حمراً كانت أو بيضاً، لكن .. ما حدث كان زلزالاً حقيقياً.

لم يضرب النظام وحاشيته وآلته الجهنمية فحسب، بل وصلت توابعه لكل من وضعته المقادير في تلك البقعة، وفي هذا الظرف التاريخي الماثل حتى يومنا، لا يهم إن كان عراقياً أو عربياً أو أميركياً أو بريطانياً، أو كائناً من يكون، المهم هو أن أشياء كثيرة استيقظت، وأخرى خمدت، وثالثة مازالت قيد التشكل، ورابعة برسم الترقب والرجاء، وما حدث أن مخلوقاً ـ خلاف بريمر وسين ـ لا يمكنه ادعاء العلم بتفاصيل تلك اللحظة الخاصة التي التقت فيها العيون الأربعة للمرة الأولى، عيناها وعيناه، ولا تفاصيل اليوم الذي أدرك فيه أيهما أو كلاهما تلك الرعشة الأولى، التي طالما غيرت مسار التاريخ، وحسابات الجغرافيا، كما لا يمكن أيضاً لغيرهما أن يتكهن بما دار في عقليهما قبل أن يتخذا قراراً بالارتباط، ومن ثم رتبا له بأن تنتقل هي مبدئياً من مسكنها السابق، إلى مسكن جديد في ما بات يعرف بـ "المنطقة الخضراء"، وهو أمر لا يتيسر سوى للموثوقين والمقربين من سلطة التحالف، ولم تكن هذه سوى خطوة أولى تبعتها أخرى تمثلت في استقالتها من عملها بداية، والتوجه إلى العاصمة الأردنية عمّان، تمهيداً للانتقال لاحقاً إلى "فيرمونت"، بعد عودة بريمر إلى الولايات المتحدة ليرتب أمر استقدامها للزواج والإقامة بمنزله هناك، باعتبار ذلك أولى مهامه بعد عام من المتاعب والحكايات والخبرات والصلات التي لن يكون بوسعه نسيانها طيلة ما تبقى له من عمر.

لورانس وحفيده

لعلها ليست مصادفة أن ترتفع في الولايات المتحدة وأوروبا مبيعات الكتاب الشهير الذي وضعه قبل عقود خلت لورانس العرب بعنوان "أعمدة الحكمة السبعة"، وأن تعاد طباعته عدة مرات، ويغدو خلال العام المنصرم واحداً من أهم الكتب الحاضرة على مكاتب الساسة والباحثين وضباط الاستخبارات في الغرب، على ضفتي الأطلسي، فالرجل الذي نشر عنه نحو مائة كتاب، بالاضافة لتأسيس عدد من الجمعيات الخاصة به في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا مع عدد كبير من الاتباع لطريقة حياته، كما ان سلسلة الافلام الوثائقية التي قام باعدادها الصحافي الأميركي لويل توماس كانت من العوامل التي اكدت مكانة لورانس في الذهنية الغربية، كواحد من أهم "الجسور" الإنسانية بين ثقافتين وحضارتين وعالمين وربما كوكبين مختلفين، بصرف النظر عن تقويم دوره في ثورات الصحراء العربية، وصناعة الدول والممالك، وانهيار الامبراطوريات والحسابات السياسية التي كانت سائدة في زمنه.

أما المصادفة الحقيقية فقد تمثلت في اختيار بول بريمر لإدارة دفة الأمور في العام الأول لعراق ما بعد صدام، وهي مصادفة لم يكن يتوقعها ذات يوم ذلك الدبلوماسي الذي قضى زهاء ربع قرن في أروقة الخارجية الأميركية, وعمل خبيراً في شؤون مكافحة الارهاب في عهد الرئيس رونالد ريغان, عندما لم يكن تهديد الارهاب الدولي وصل الى مستواه الخطير الراهن، وكان من المثير أيضاً أن الرئيس جورج بوش "الابن" يختار خبيراً في شؤون الارهاب لإدارة شؤون العراق في هذا الظرف الاستثنائي، ولم يقع اختياره على أي مسؤول سياسي من هؤلاء اللصيقين بدائرته، وما أكثرهم.

وعلى الرغم من أنه يكاد لا يختلف اثنان في واشنطن على أن بريمر يتمتع بقدر كبير من النشاط والذكاء, وأنه أفضل كثيراً من سلفه الجنرال المتقاعد جاي غارنر, تاجر السلاح "العجوز الماكر", كما كان يتندر عليه رفاقه من العسكريين السابقين، والذي وصفه أيضاً سياسي بريطاني مخضرم هو السير سيريل تاونسند عضو حزب المحافظين، بأنه "كان اختيارا سيئا بكل المقاييس"، غير أنه لن يكون بوسع بريمر الادعاء بأنه اقترب إلى فلك جده "لورانس العرب"، المحفور في ذاكرة المنطقة، حكاماً وشعوباً ومدونات ومرويات وأساطير، التي رسخ جذورها منذ أن غادر لندن في مستهل كانون الأول (ديسمبر) من العام 1914 حين أرسل لهيئة الاركان العامة بالقاهرة ملحقا بالمخابرات البريطانية، ومنها اتجه إلى الحجاز حين كان الشريف حسين يعد العدة للاستقلال عن الدولة العثمانية التي سبق أن اذاقته الهوان في أثناء اقامته الجبرية في اسطنبول بعد ان قتلوا عمه، بينما كان القادة القوميون في سورية والعراق والضباط العرب في الجيش التركي قد ارسلوا للشريف حسين انهم يساندون الثورة ضد العثمانيين.

وشأن كل شئ في ذلك الزمان، كانت المعادلة بسيطة متمثلة في صفقة محاورها باختصار كالتالي: ان يحكم الشريف حسين كل الاراضي العربية في الامبراطورية العثمانية مقابل مساعدته بريطانيا التي كانت تعاني من عدد من الهزائم العسكرية التي هددت وجودها وفي نفس الوقت لم يستطع وزير الخارجية البريطاني الموافقة علي نصيب الشريف حسين من الكعكة العثمانية لأن الحليف الفرنسي كان على وشك توقيع اتفاقية مشتركة مع بريطانيا لتقرير مستقبل العالم العربي بعد الحرب بحيث تتولى فرنسا الانتداب على سورية، مقابل اطلاق يد بريطانيا "العظمى" في مصر من اجل تأمين الطريق إلى مستعمرات الامبراطورية البريطانية في نصف الكرة الشرقي من العالم.

وكان المطلوب حينئذ هو تمرير هذه الصفقة، وإقناع العرب بأنهم سيحصلون علي المقابل من أجل الحاق الهزيمة بألمانيا وحليفتها تركيا.. وهذا هو الدور المحوري والاساسي الذي لعبه لورانس العرب باقتدار، ووفق تفاصيل تخرج بنا بالضرورة بعيداً عن سياق حديثنا عن حفيده بريمر، الذي يبدو كأنه هو المعنيّ بقول الشاعر العربي القديم : "رضيت من الغنيمة بالإياب"، وإن زادت عليه بضعة أصفار على يمين حسابه المصرفي، و"غلامية بغدادية" لم يكترث لها ـ لحسن الحظ ـ أي من فتيان بغداد المخلوعين .. فكانت هي وحدها القادرة على اقتحام قلب سيدها المنتهية صلاحياته أمس.

وكأنى بفتى "الويسترن" يستجمع كل مخزونه الإنساني، قبل أن يستجمع قدرته على نطق العربية بمخارج حروفها الصعبة، وقد أصر على تعلم ما تيسر منها رغم ظروفه وسنوات عمره، بل وراح ينشد على لسان "ابن زريق البغدادي" مودعاً العراقيين بقصيدته اليتيمة، وقد اغرورقت عيناه قائلاً

أسـتودع اللـه فـي بغداد لـي قمـرا
بــالكرخ مـن فلـك الأزرار مطلعـه

ودعتــه وبــودي لــو يــودعني
صفــو الحيــاة وإنــي لا أودعـه

وكــم تشــفع بــي ألا أفارقــه
وللضــرورات حــال لا تشــفعه

وكم تشبث بي , خوف الفراق , ضحى
وأدمعـــي مســـتهلات وأدمعــه

لا أكـذب اللـه , ثـوب الصبر منخرق
عنـــي بفرقتــه لكــن أرقعــه

أعطيـت ملكـا فلـم أحسـن سياسـته
كـذاك مـن لا يسـوس الملـك يخلعه

ومــن يصـدع قلبـي ذكـره , وإذا
جـرى عـلى قلبـه ذكـري يصدعـه

لأصـــبرن لدهـــر لا يمتعنــي
بــه , ولا بــي فـي حـال يمتعـه

علمـا بـأن اصطبـاري معقـب فرجا
فــأضيق الأمـر إن فكـرت أوسـعه

عـل الليـالي التـي أضنـت بفرقتنـا
جسـمي - سـتجمعني يومـا وتجمعـه

وإن تغـــل أحــدا منــا منيتــه
فمــا الــذي بقضـاء اللـه نصنعـه

نبيل شرف الدين

http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/index.html

أن مديحك لهذا الساقط الصهيوني بريمر لهي وصمة عار على كل عراقي, إذ يكفي أنه أمر بأغتصاب نسائنا بسجون القذارة و من قبل أوسخ خلق الله: الأمريكيين اللقطاء الجبناء.

العراق لن يكون كويتا, و الشخصية الأمريكية ستبقى حقيرة مرذولة لأن هذا هو مقامها الحقيقي. من يريد أن يتصهين فليخرج بعيدا عن العراق, لأن الصهينة ستتوقف قريبا و يبدأ الحساب.