ألمؤتمر الوطني العراقي ..... !
المؤتمر الوطني العراقي يتجاوز أولى مشاكله والمنسحبون يعودون إلى قاعته
الياور: الشعب العراقي هو الملاذ الأول والأخير للحكومة * علاوي: المؤتمر ليس نهاية المطاف في العملية السياسية * فؤاد معصوم: المؤتمر يضع الأساس لبناء عراق جديد
بغداد: شيرزاد شيخاني وهدى جاسم ونعمان الهيمص
بدأت امس اعمال المؤتمر الوطني العراقي وسط اجواء سياسية وامنية محمومة تخللتها صيحات احتجاج ضد استمرار العمليات العسكرية في النجف ضد ميليشيا «جيش المهدي» بزعامة مقتدى الصدر، فيما ترددت اصوات انفجارات في محيط الموقع الذي جرت فيه وقائع اجتماعات اليوم الأول، واسفرت عن سقوط قتيلين على الأقل وجرح نحو 10 آخرين. وكانت الاجواء المتوترة والاجراءات الامنية المشددة هي السمة الأكثر بروزا، حيث تم قطع جميع الطرق المؤدية الى المنطقة الخضراء بالقطع الكونكريتية والاسلاك الشائكة، وحظر التجول في منطقة الكرخ الذي لم يلتزم به العراقيون، في ظل مراقبة جوية من طائرات التحالف وبحضور 1300 من الشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية وزعماء العشائر وممثلي المنظمات المدنية والحزبية وذلك في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف في احدى قاعات قصر المؤتمرات ببغداد.
وعلى الرغم من جميع الاجراءات الامنية التي اتخذت منذ ليل اول من امس لضمان سير اعمال المؤتمر بصورة مرضية، تمكن معارضو المؤتمر من توجيه عدة ضربات الى المنطقة الخضراء حيث سقطت ثلاث قذائف هاون في منطقة العلاوي المحاذية لقصر المؤتمرات فيما شوهدت اعمدة الدخان تتصاعد بالقرب من فندق الرشيد الذي يضم مؤسسات حكومية ويتخذه عدد من مسؤولي الحكومة مقرا لاقامتهم وهو يقع داخل المنطقة الخضراء المطوقة باحتياطات امنية غاية في التحكم.
وافتتحت الجلسة الأولى بكلمة الدكتور فؤاد معصوم رئيس اللجنة التحضيرية الذي اكد ان اعضاء المؤتمر يضعون الحجر الاساس لبناء عراق جديد وانقاذ شعبه من سنوات حكم الرئيس السابق صدام حسين الذي امتد الى 35 عاما، معربا عن امله في ان تسود المناقشات الجادة اجواء المؤتمر من خلال مشاركة كافة شرائح المجتمع العراقي بغية الوصول الى افضل النتائج الممكن تحقيقها لاجراء انتخابات هيئة وطنية تساهم بالتعاون مع الحكومة في عملية البناء والتقدم والسعي الى ارساء المثل والقيم الديمقراطية في العراق الجديد.
واعتبر الرئيس العراقي الشيخ غازي الياور ان المؤتمر يعد الخطوة الاولى على طريق النجاح في فهم الصعوبات التي تواجه العراق، مشددا على ان مساهمة المواطنين بشكل فاعل في المؤتمر عامل مهم في عملية اعادة البناء، مؤكدا بان الشعب العراقي هو الملاذ الاول والاخير للحكومة.
وقال الياور ان الاحتكام الى الحلول السلمية هو الطريق الانسب لكي يحقق اي طرف مطالبه وان حمل السلاح سيعقد الاوضاع السياسية في البلد وان افضل وسيلة لانهاء الاحتلال هو العمل السياسي.
من جهته ناشد اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي القوى الوطنية لتضافر جهودها من اجل اعادة بناء العراق، مشيرا الى ان المؤتمر الوطني ليس نهاية المطاف في العملية السياسية لكنه الخطوة الاولى في البناء، مؤكدا من جديد ان القوى الخائبة سوف تندحر كما اندحرت الدكتاتورية من قبل.
واكد علاوي ان اعمال المؤتمر هي الحدث الاهم في تاريخ العراق المعاصر وان المؤتمر «كفيل بان يرتقي بالعراق ليكون رمزا نموذجيا للديمقراطية والحرية في المنطقة ويعد برغبة العراقيين في سيادة القانون وانشاء نظام قضائي حر مستقل ينزع الى الشفافية والنزاهة ويمحو اثار الفساد الذي خلفته الانظمة البائدة». وقال علاوي ان مهام ومسؤوليات المجلس الوطني الذي سينبثق بعد الانتهاء من اعمال المؤتمر الوطني ستكون «متابعة اعادة البناء والتنمية الاقتصادية في البلاد وضمان الأمن فضلا عن صلاحياته في عملية تطبيق القوانين والموافقة على تعيين اعضاء رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية في حالة اخلاء اماكنهم عند الاستقالة او الوفاة». واضاف ان صلاحيات المجلس ستشمل ايضا «حق نقض قرارات رئاسة الوزراء التي لها قوة القانون خلال عشرة ايام من تاريخ اصدارها كما سيكون للمجلس حق المصادقة على ميزانية الدولة لعام 2005 والتي سيقترحها مجلس الوزراء في وقت لاحق». وكان للامم المتحدة حضورها ايضا عبر الممثل الخاص للامين العام اشرف جهانكير غازي الذي وصل الى بغداد قبل يومين وألقى كلمة في المؤتمر شدد فيها على اهمية ان تكون هناك روح التسامح واحترام وجهات النظر المختلفة واعتماد الحلول الوسط للمشاكل التي تحدث في البلد، مضيفا «اذا اتفقتم على تحديد مسار واضح لارساء الديمقراطية وجعلتم ذلك هدفا مشتركا فسوف تتمكنون من مواجهة كافة التحديات، وبناء على ذلك فان نجاحكم في انتخاب مجلس انتقالي يصب في مصلحة العراقيين». واكد ممثل الامين العام على ضرورة ان تتحلى اعمال المؤتمر بالمصداقية والشمولية في عملية التحول في العراق حيث ان الانتخابات القادمة ستحول العراق الى دولة ديمقراطية ودستورية.
وبعد انتهاء ممثل الامين العام للامم المتحدة من القاء كلمته تعالت الاصوات واختلطت المطالبات بين الغاء المؤتمر او تأجيله او استقالة الحكومة العراقية برئاسة اياد علاوي. وكانت شخصيات مشاركة في المؤتمر وخصوصا من ممثلي البيت الشيعي طالبت رئيس الجمهورية الشيخ غازي الياور بالبقاء داخل القاعة للاستماع الى نداءات الشارع العراقي ومعرفة المطالب التي ستقدم داخل القاعة.
وترك اكثر من 100 من المشاركين في المؤتمر مقاعدهم معلنين انسحابهم من المؤتمر وتعالت اصواتهم صارخين «ما دامت هناك غارات جوية وقصف على مدينة النجف لا يمكن انعقاد هذه المؤتمر».
ولكن المحتجين عادوا في وقت لاحق، في مؤشر الى تمكن المؤتمر من تجاوز اولى ازماته.
وقال الشيخ حسين علي الشعلان احد اعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر «لم يتم أي تدخل من قبل قوات الشرطة او القوات الاميركية لفرض الهدوء وانهاء الضوضاء الذي حدث داخل قاعة المؤتمر بل ان الطرح الديمقراطي بدا واضحا وكان بامكان اي شخص ان يقول رأيه وعلى الملأ رغم الضوضاء التي حصلت في المؤتمر».
وعن اهم المقترحات او القرارات التي خرجت من جلسة المؤتمر صباح امس والتي استمرت ساعتين قال الشعلان: اهم ما توصل اليه المؤتمر هو تشكيل لجنة من كل القوميات والمذاهب والاديان للذهاب الى النجف الاشرف لحل المشكلة هناك. وقد تشكلت اللجنة من المسلمين والمسيحيين والصابئة وغيرهم من ابناء مدينة الصدر. وكان هناك مقترح بترشيح الدكتور احمد الجلبي للمشاركة في اللجنة ولكن ممثله مثال الالوسي اعتذر نيابة عنه نتيجة الاوضاع الامنية الصعبة التي تحيط به وسيكون مثال الالوسي ممثلا عن الجلبي في اللجنة. من جهة اخرى اكد عبد الهادي الدراجي الناطق الرسمي باسم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في تصريح خاص بـ«الشرق الاوسط» «ان انعقاد المؤتمر الوطني العراقي الذي ترفضه كل القوى الوطنية من شيعة وسنة داخل وخارج العراق هو لاشغال الرأي العام عما يحصل من مجازر داخل العراق»، مضيفا «ان خلافا شديدا يحصل في اروقة المؤتمر الوطني، والمجلس الشيعي السياسي اعلن اعتراضه على المؤتمر للمجازر التي تحصل الان واعلن الكثير من القوى السياسية انسحابها من المؤتمر احتجاجا على ذلك».
وبعد سماع دوي بعض الانفجارات، طلب منظمو المؤتمر، من المشاركين الابتعاد عن النوافذ، وتوترت الاجواء في القاعة. وقال شهود عيان داخل مبنى قصر المؤتمرات في المنطقة الموجودة في الجانب الغربي من بغداد، انهم سمعوا خمسة او ستة انفجارات على الاقل. وشوهد الدخان يتصاعد من المواقع المستهدفة. وفي الوقت ذاته سمع دوي اشتباكات في منطقة صدامية الكرخ في نهاية شارع حيفا. وقال جندي اميركي في المكان لوكالة فرانس برس ان اشتباكات اندلعت بعد الظهر بين جنود اميركيين ومقاتلين في شارع حيفا، وهو من المناطق التي شملتها الحكومة العراقية بقرار حظر التجول بين الرابعة بعد الظهر والرابعة فجرا بسبب انعقاد المؤتمر الوطني العراقي. واوضح الجندي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان «العديد من قذائف الهاون اطلقت من شارع حيفا ولكن لا معلومات لدينا عن وقوع خسائر». واضاف ان «اطلاق النار متقطع لكنه امر اعتيادي».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منقول