-
سلامُ على الحسين يوم ولد
ناصر جبار السلمان
ازداد شهر شعبان شرفاً على شرف بانبلاج نور الحسين ـ عليه السلام ـ في غرته وأي مولود هو من كان ثمرة تمازج أنوار النبوة والإمامة ، ولد لتستجمع المروءة والابى في كيان يكون حجة على الخلق وشاهداً على التأريخ . سيد شباب اهل الجنة ، امام قام او قعد ، مصباح الهدى وسفينة النجاة . فلا ينبغي للمرء الاّ ان يخر راكعاً على اعتاب صرح هذه المعاني الالهية ولا يسعه الا العوم في بحرها اللجي الطاهر تطهراً من مزالق الزيغ وأغلال الغفلة وسحب الشك . وينبغي ان يتابع مسيرة هذا البحر في حدود دنيانا وحسب فلا متابعة لما بعد ذلك لأنه تكليف فوق الوسع وتحميل بما لا يطاق ...! ولعل سؤال يطرح في البين نفسه اذا كانت الرسالة قد بُلغت والاحكام قد شخصت والنصر قد تحقق والفتح قد بلغ ما بلغ وبنى الشرك قد تهدمت ومآذن الاسلام قد رفعت فلماذا يعلن الامام المعصوم ثورته ؟ ولماذا ضعفت الاستجابة من لدن أمة الاسلام العريضة ؟ امام العدل هو الذي يجيب [ أني لم اخرج اشراً ولا بطرا ولاظالماً ولا مفسداً ولكن لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) ، ان آمر بالمعروف وانهَ عن المنكر ] . فيبدو ان كل المظاهر التي سلفت لم تكن إلا قشوراً لا تنطوي على لُب إلا ما ندر ولم تكن الا ظواهر مهلهلة لا تحتظن حقائق الاسلام . ولم تكن الكثرة الكاثرة من ابناء امة الاسلام آنذاك إلا غثاء كغثاء السيل قد انقطع عن الجذور ومات المعنى في عروقه والحياة ، وان ربان السفينة غير ربانها والقيّم على الدين فاسد العقيدة ولم يبق من الاسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه . فالذي ثار على هذا الواقع هو محمد وعلي ليس الا . واذا كانت ثورتهما الاولى قد استهدفت ظاهرة الشرك والوثنية فثورتهما في شخص أبي الضيم على غلواء الشرك الباطني إذ استجمعت بدر وأحدُ والخندق و تبوك في كيان محمدي آلى على نفسه إلا ان يضع رقبته على منحر الشهادة لأن الجاهلية قد برقعت بغشاوتها نفوس الناس من جديد ليستحيل دمه الزكي الى صرخة مدوية مترددة في وجدان الاجيال الى يوم القيامة . والى هزة ايقاظ لجسد الانسانية الذي اتعبته الآثام وأرهقته هموم الدنيا وأغرته الشهوات فعاد الدين محمدي الوجود حسيني البقاء . ولك ان تتصور حال اسلام بلا ذكرى حسين .. ! فذكرى الحسين (ع) تعني محاكمة التاريخ في كل حين وتعني البراءة من الطواغيت وتعني نصرة المظلومين . وتعني إقامة المُعَطله من حدود الله وتعني الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعني سفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ، وسلامُ عليه يوم ولد وسلامُ عليه يوم استشهد وأحيا الدين ويوم يبعث حيا .