وقفة مع تصريحات السيد المهري-مقال ينتظر النشر
لعل سماحة السيد محمد باقر المهري حفظه الله من أنشط الشخصيات المحسوبة على المذهب الجعفري من الناحية الاعلامية في الساحة المحلية رغم ان هناك العديد من رجال الدين الشيعة في الكويت من له نشاط فعلي و تأثير أكبر بكثير من السيد المهري في العمل الاجتماعي مثل الشيخ علي حسن غلوم و الشيخ محمد علي أصغر الطرابسي و الاستاذ صالح جوهر حيات و الاخوة مقلدي المرجع الديني الكبير آية الله سيد صادق الشيرازي دام ظله و غيرهم , الا ان السيد المهري ينفرد عن البقية بكثرة التصريحات في الصحف اليومية و غيرها و بعض هذه التصريحات تكون ارتجالية و غير محسوبة العواقب و يترتب عليها أثر سلبي للأسف الشديد و البعض الآخر منها يمثل حالة مزايدة طائفية و كسب عواطف الناس و مشاعرهم عن طريق طرح مطالب قد تكون مشروعة و عادلة الا أن طريقة طرحها الاعلامية ليست مناسبة للأسف الشديد .
و من ذلك مطالبة سماحته مؤخرا بتدريس الفقه الجعفري في المدارس الحكومية و هي دعوة قد تدغدغ مشاعر بعض المتعبدين بمذهب أهل البيت عليهم السلام الا ان طريقة طرح السيد كانت بعيدة عن الحكمة و ارتجالية و فجة , حيث أن مثل هذا الأمر يجب أن يناقش بصورة هادئة مع مختلف القوى السياسية و المسؤولين الحكومين , كما انه قد لا يكون من المقبول تدريس الفقه الجعفري (لغير المتعبدين به ) في حين أن مناهج التربية الاسلامية بشكل عام لا تدرس فقه المذاهب الاربعة , و قد نتفق على المطالبة بتدريس الفقه الجعفري كفقه مقارن في بعض الكليات و المعاهد المتخصصة ككلية الشريعة و المعهد الديني مثلا مما يتيح المجال لأبناء الطائفة الجعفرية للدراسة فيهما , أو على الاقل يمكن الاستعاضة عن ذلك الخيار بالاعتراف بالشهادات الجامعية التي تمنحها بعض الكليات في الجمهورية الاسلامية الايرانية مثل تلك التي يشرف عليها آية الله السيد مرتضى العسكري , و لكن تبقى طريقة طرح المهري الاقرب للدعائية منها الى العقلانية مثار استهجان بعض أبناء الطائفة الجعفرية ناهيك عن غيرهم , و كان الاجدر بسماحة العلامة المهري تركيز اهتمامه على شباب الطائفة و الذي يجهل الكثير منهم ابجديات الفتاوى الفقهية في المسائل الشرعية محل الابتلاء , بل ان بعض تصريحات السيد المهري لا تستقيم مع وجوب كونه ملما في الجوانب الشرعية مثل دعوته الى عرض فلم آلام المسيح الذي انتجه و اخرجه الممثل الاسترالي ميل جبسون و تصريحه بأن ذلك يتفق مع رأي سماحة اية الله العظمى السيد السيستاني الأمر الذي حدى بآية الله السيد مرتضى المهري الى الرد عليه في حينه , اضافة الى ما صرح به السيد محمد باقر المهري في رمضان الماضي حيث ادعى عدم جواز توجيه زكاة الفطرة خارج الكويت و طرح سماحته الأمر بصيغة التحريم المطلق من غير مراعاة لتنوع التقليد المتوزع بين أكثر من مرجع يختلفون في الفتيا و مخالفة تصريحه الواضحة لرأي عدد من كبار العلماء مثل الامام الخميني الذي يقول في مسألة (6) يجوز نقل الزكاة من بلده سواء وجد المستحق ام لا , و لو تلف يضمن في الاول دون الثاني كما ان مؤونة التنقل عليه مطلقا و كذا اجرة الكيال و الوزان و الكيل و نحو ذلك مطلقا على المالك . (المصدر زبدة الأحكام صفحة 125 ) . بل انه قدس سره يفضل دفعها الى الفقيه في عصر الغيبة و يحتاط في ذلك كما في المسألة الرابعة من المصدر السابق , نفس الصفحة , كما ان السيد محمد الحسيني الشيرازي قدس سره يفتي في المسألة بالاحتياط الاستحبابي ( المصدر المسائل الاسلامية صفحة 477 مسألة 2041 ) , و يرى جناب المولى الراحل ميرزا حسن الاحقاقي افضلية اعطاء زكاة الفطرة للفقهاء و المجتهدين من الامامية (كتاب الصوم مسألة 1537 ) و الغالبية منهم خارج الكويت كما لا يخفى على وكيل المراجع العظام فكيف يحرم نقلها خارج البلد , كما ان من يرى عدم جواز النقل يراها على نحو الاحتياط الوجوبي الذي يجوز فيه الرجوع لرأي مرجع آخر هو التالي في سلم الاعلمية و الذي قد يرى جواز النقل الأمر الذي لم يذكره المهري عمدا او سهوا كما أنه أغفل ان السيد السيستاني و هو ممن يرى الحرمة على نحو الاحتياط الوجوبي استثنى الامام و نائبه من حرمة اخراج زكاة الفطرة من البلد مع وجود مستحقها و اطلق فتوى خلافية بها الكثير من الدقائق بهذه الصورة المستعجلة لتسجيل تصريح آخر يضاف الى تصريحات سماحته العديدة .
ختاما نتمنى على سماحته قبل أن يصرح نيابة على الطائفة الشيعية جمعاء أن يكون عامل وحدة و الا يقوم بالنيل من اعاظم رموزها و الانتقاص من قدرهم و على رأسهم آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله دام ظله و ان يكون دقيقا في تصريحاته خاصة المتعلقة بالمرجع الاعلى السيد السيستاني حفظه الله و سماحة السيد مقتدى الصدر .
