الانتخابات والاستفادة من تجارب الغير
بسمه تعالى
الانتخابات والاستفادة من تجارب الغير
تعد الدول الاشتراكية الدائرة في فلك الاتحاد السوفيتي سابقاً والتي تحررت من أنظمتها الدكتاتورية ومن نظام الحزب الواحد بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مثلاً حياً وقريباً ومشابهاً لوضعنا في العراق بعد سقوط النظام في جوانب عديدة أهمها.
أـ حزب واحد ومصادرة حرية التعبير والفكر.
ب ـ نظام تسلطي استبدادي يفعل ما يشاء كما يشاء.
ج ـ فساد إداري كبير.
د ـ ظلم واضطهاد كبير واقع على الشعب.
هـ ـ انعدام المؤسسات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان… الخ.
* انطلاقاً من الأرضية المشتركة والتشابه الكبير بين النظامين البعثي والاشتراكي في أوربا الشرقية ارتأينا الاستعانة بتجربة رومانيا في مجال التحالفات السياسية بين الأحزاب وتكوين كيان سياسي قوي وفاعل له تأثيره على الناخب المتذبذب والذي يشكل نسبة 80% من مجموع الناخبين إذا اعتبرنا أن 20%من الناخبين هم أعضاء في أحزاب أو موالين لها ومعروف مسبقاً اتجاهات أصواتهم وولائاتهم الحزبية.
* وحيث أن العراق بلد فريد من نوعه بين جيرانه الستة في الفسيفساء والطيف السياسي الواسع وكذلك في تعدده المذهبي والعراقي والديني. لذا فإن من المستحيل على أية فئة سياسية وحزبية أو مذهبية أن تحصل على الأغلبية الساحقة في الانتخابات بسبب هذا التنوع في الولائات وتأسيساً على ذلك فإنه يتحتم عليها(وخصوصاً الأحزاب الكبيرة ذات المشتركات الواضحة) الدخول في تحالفات فيما بينها خصوصاً إذا ما علمنا أن تاريخنا الإسلامي حافل بمثل هذه التحالفات(حلف الفضول) الذي أنشأه الرسول(ص) والتحالفات مع بعض القبائل العربية. وأرتأينا ان نستعين بتجارب بعض البلدان التي مرت بظروف مشابهة لواقعنا الحالي وسنركز على التجربة الرومانية بهذا الخصوص .
* التجربة الرومانية:-
نشأت تحالفات عديدة بين الكيانات السياسية الرومانية من أبرزها تحالف الحزبين اللبرالي الوطني والحزب الديمقراطي مكونين تحالفاً سياسياً جديداً أسموه (نعم)
ا- تحالف الحزب الليبرالي الوطني(15 ـ 18%) من أصوات الناحبين والحزب الديمقراطي(10 ـ 12%) من أصوات الناخبين فشكلوا تحالفاً أسموه(نعم) وأصبح مجموع ما حصلوا عليه من الأصوات(35%) وبذلك شكلوا منافساً قوياً للحزب الحاكم(الحزب الديمقراطي الاجتماعي) الذي يمثل(40%) من أصوات الناخبين.
ب ـ تم هذا التحالف قبل عام تقريباً من إجراء الانتخابات وبذلك تسنى لهما الوقت الكافي لتقويته عبر التثقيف المركز بهذا الخصوص وعبر إصدار القرارات المنظمة له وخلق سلوك جديد يخدم هذا التحالف.
ح ـ إن لشخصية كبار المسئولين عن الحزبين أثر كبير في إنجاح هذا التحالف أو عدمه فبسبب امتلاك زعماء الحزبين شخصية(كارازماتيه) قوية ومركزية مؤثرة وفاعلة داخل حزبيهما أدى إلى نجاح تحالف(نعم)
د ـ التعلم من أخطاء الماضي: لقد دخل الحزبان المؤلفان لهذا التحالف في ائتلاف سابق(تحالف حكومة 1996 ـ 2000) وتخاصما بشدة وعلى هذا الأساس فقد تم تشكيل لجنة لدراسة أسباب الخلاف وتلافي حدوثه.
ومن هنا فإننا نوصي اخذ هذه النقاط المبينة أعلاه بالاعتبار في التحالفات السياسية الجديدة في عراقنا الجديد وعليه فإننا نقترح تشكيل اللجان التالية :-
أ- تشكيل لجنة للعمل والتنسيق فيما بين الأحزاب والكيانات السياسية التي تروم التحالف .
ب- تشكيل لجنة لوضع آليات وأسس يرتكز عليها التحالف.
ت- تشكيل لجنة لفض المنازعات وخلق أنظمة واضحة وصريحة وجدية للحد من الخلافات وعدم تفاقمها.
كما ونوصي بالتركيز بشدة على المشتركات التي تجمع بين أصحاب التحالف والتثقيف باتجاهها والعمل على بلورتها وتجاوز نقاط الخلاف.
* خطورة المرحلة السياسية الراهنة:
إن الفراغ السياسي الكبير الحاصل الآن بسبب وجود مجلس وطني صغير ومؤقت مكون من 100عضو وحكومة مؤقتة وقانون إدارة للدولة مؤقت وهذا يعني أن عراقنا الجريح لا يتمتع بالسيادة الكاملة بعد.
وأن المهمة الواقعة على عاتق الجمعية الوطنية الجديدة كبيرة وجسيمة وهي صياغة (دستور دائم للعراق) عرفنا مدى خطورة وأهمية هذه الانتخابات لأنها إذا نجحت في إيصال نخبة خيرة مؤمنة بوحدة العراق واستقلاليته على الصعيدين الداخلي والخارجي والعمل على رفع المستوى المعاشي للفرد العراقي وتمثل المجتمع العراقي بكل أطيافه خير تمثيل واعية لما يحاك حولها من دسائس ومؤامرات فإننا سوف نكون أكثر اطمئناناً على مستقبل العراق الجديد وخصوصاً الدورة الأولى للجمعية الوطنية لأنها الدورة التأسيسية أما ما يأتي بعدها من دورات فهي أقل أهمية.
وانطلاقاً من الإحساس بأهمية المرحلة علينا العمل بجد ومثابرة لخلق تحالف سياسي وطني, قوي وفاعل ومؤثر وتنسيق العمل من خلال خلق لجان مشتركة للتنسيق والمتابعة وتذليل الصعاب والاستفادة من المرجعية الرشيدة(حفظها الله) لما لها من تأثير كبير على المجتمع العراقي وإن كلمتها مسموعة ومؤثرة. لذا يجب التحرك باتجاه الحصول على مباركة وتأييد المرجعية للتحالف السياسي القوي خصوصاً وإننا قد علمنا أنه قد صدر منها(شفوياً) كلام يحث الأحزاب الإسلامية الكبيرة على الاتحاد والتحالف فيما بينها بشأن مسألة الانتخابات وأنها أي المرجعية ستدعم(لعله بفتوى) أي قائمة تضم أحزاباً إسلاميةً كبيرة.
* لإغناء هذه الورقة الاستفادة من كل تجربة سابقة مع التركيز على السلبيات لتلافيها والتقليل من آثارها وتسليط الضوء على الإيجابيات فيها للاستفادة منها.
* نقترح عقد المزيد من الندوات واستضافة أكبر عدد من النخبة السياسية في محافظة البصرة والجنوب والتشاور معهم في هذا المجال وقد بادرت جمعية البصرة والجنوب للتطوير الاجتماعي والمدني بعقد ندواتها الأسبوعية وطرح موضوع العملية الانتخابية على بساط البحث وتناول هذا الموضوع من مختلف جوانبه والتركيز عليه وهي مستمرة في هذا العمل وتدعو كافة المعنيين في الجنوب من النخب السياسية والاجتماعية وكافة مؤسسات المجتمع المدني للمساهمة الجدية والفاعلة في هذا الموضوع .
* إن عملنا هذا تراكمي بسبب قلة خبرة العراقيين في العمل الديمقراطي لطول فترة الظلم ومصادرة الرأي الآخر لذا فإننا نفتح المجال واسعاً أمام النقاش المستفيض والهادف والبناء وكذلك المداخلات لإغناء هذه التجربة والخروج بورقة عمل متفق عليها.
وفي الختام فان الجمعية على استعداد تام لسماع آراؤكم ومقترحاتكم لاغناء هذا الجهد المتواضع المطروح بين أيديكم من خلال الكتابة ألينا أو المشاركة الفاعلة في ندوتنا الأسبوعية التي تعقد مساء كل خميس بعد أداء مراسيم الصلاة والزيارة في مقر الجمعية والله نسال أن يوفقنا وإياكم لخدمة عراقنا العزيز.
جمعية البصرة والجنوب للتطوير الاجتماعي والمدني
info@albasra.com