اضحى العراق في خبر كان !! ..
الحقيقة مرة .. صاعقة .. مؤذية .. ولكنها الحقيقة .. وماعداها خيال وامنيات .. تلفيق واكاذيب .. اي حقيقة نواجه اليوم ؟؟ ..
نعود قليلا بالذاكرة الى الوراء .. في مطلع القرن الماضي .. ولم تكن مصر قد تبنت الفكرة القومية .. كان العرب يرون في العراق بروسيا العرب ..
عندما خرجت مصر من الصف العربي بتبني اتفاقات كامب ديفيد راهن المفكر القومي نديم البيطار على ان هذا الحدث الذي قصم ظهر العرب لن يكون ذا تأثير لان العراق موجود وسيقود العرب نحو تحقيق ما يصبون اليه ..
قد تتوافر للعراق ميزات تجعله محط انظار العرب .. ولكن بينما كانت العيون تتطلع للعراق .. كانت هناك عيون اخرى تنظر مايراه العرب في العراق .. لكنها لاتكتفي بالنظر وانما .. ترسم وتفكر وتخطط .. واخيرا تنفذ ..
قد يتصور احد ان الامر بدأ في يوم ما من تأريخ استلام صدام للسلطة في العراق .. العراقي ادرى الناس بشعاب عراقه .. ماحدث يوم التاسع من نيسان الاسود 2003 .. يوم احتلال بغداد .. بدأ يوم السابع عشر من تموز 1968 .. يوم استلام حزب البعث في نسخته العباسية للسلطة في العراق في انقلاب هو اقرب الى الاستيلاء على مركز شرطة في قرية نائية منه الى السيطرة على بلد مثل العراق .. منذ ذلك التأريخ بدأت حرب طاحنة وشعواء على الشعب العراقي لتنتهي الى ما انتهت اليه الامور ..
كثيرون راهنوا عراقيون وعرب بأن اميركا ستصنع فجرا جديدا للعراق .. ولاينسى هؤلاء ان يذكرونا بالنموذجين الياباني والالماني .. متناسين حقيقتين اولهما ان اليابان ماكانت لتكون على ماهي عليه الآن .. لولا الثورة الشيوعية في الصين وكوريا وماتلاهما من قيام الحرب الكورية وتطور المشكلة الفييتنامية .. وهذه التطورات هي التي قلبت المخطط الاميركي في اليابان رأسا على عقب وجعلت اميركا تفكر في تعديل خططها الى نقيضها .. والثانية ان المانيا جزء من العالم الغربي .. ولا يمكن ان يتعامل معها الغرب مثلما يتعامل مع بلد عالمثالثي وفوق ذلك عربي ومسلم ..
مارأيناه بعد الاحتلال .. الفوضى المنظمة .. النهب المنظم .. الانفلات الأمني .. تنكر اميركا لعملائها الذين كانوا يحلمون بسلطة على دبابة اميركية .. تنكر اميركا لوعودها المعلنة بشأن العراق .. ولأن الذاكرة دائما في السياسة ضعيفة .. سنسمع في السنة القادمة عكس ما سمعناه هذا العام .. لأن مانسمعه الآن عكس ما يقال قبل عام .. بل وحتى قبل شهر .. من يتذكر ان المسؤولين الاميريكيين اكدوا بعد حرب افغانستان مباشرة بأن تلك الحرب ليست مقدمة لحرب مماثلة في العراق .. من يتذكر ان اسلحة الدمار الشامل كانت البعبع الذي هدد العالم .. وان بوش وبلير اكدا وحتى في خطاب الانذار النهائي لصدام بان لديهما معلومات استخبارية كافية ودقيقة بأن العراق يمتلك اسلحة دمار شامل تهدد العالم .. بل انهما قالا ان العراق يقترب من امتلاك سلاح نووي .. من سيتذكر ان اكثر من مسؤول اميركي قال بان قوات الاحتلال لن تبقى طويلا في العراق ولن تطمع في قواعد عسكرية .. وستغادر في اقرب وقت ممكن .. وان السلطة ستسلم لحكومة عراقية انتقالية ..
ماذا يجري الان في العراق .. لقد وضع الاميريكيون العراق امام ثلاث خيارات .. عودة صدام .. الفوضى .. القبول باحتلال اميركي مفتوح ..
وزير الخارجية الاميركي قال بان القوات الاميركية ستبقى اطول فترة ممكنة .. الحاكم الاميريكي بول بريمر يقول بان قوى المعارضة لاتمثل الشعب العراقي .. قبل هذا سموهم " العراقيون الأحرار " وقالوا انهم يمثلون الشعب العراقي ..
لاحكومة عراقية ستقوم .. لامؤتمر وطني كما وعدوا اكثر من مرة .. فوضى عارمة على مرأى ومسمع من الاميريكين .. بل كل شئ منظم .. ولنعود بذاكرتنا الى العام 1991 عندما انتفضت اربعة عشرة محافظة من ثماني عشرة محافظة عراقية .. وعاش الناس بلا سلطة لمدة شهر واكثر قليلا .. ومع ذلك لم يحدث لا نهب ولاسلب ولا احراق للممتلكات العامة ..
ولا احد يعلم ماذا ينتظر العراق .. فشبح الحرب الاهلية يخيم على البلد .. مع ان مواطنيه اثبتوا قدرة على الاتحاد ..
ولكن بعد شهر من الآن سينفذ مالدى العوائل من مواد غذائية كانت توزعها الدولة .. وكل موارد العراق وقراراته باتت الآن خاصة بعد ان تم تشريع الاحتلال دوليا .. بيد المحتلين ..
وان حاولنا ان نبتعد قليلا عن الاستغباء الذي يمارسه المتواطئون مع المحتلين .. فإن رأس العراق مطلوب غربيا وصهيونيا .. وليس نفطه ..
من يعتقد ان العراق سيعود عراقا واهم جدا .. الا اذا حدثت معجزة كتلك التي حدثت لليابان وجعلت المحتل الاميركي يغير خططه ..
او ان الشعب العراقي سينتبه الى ما يحاك له مبكرا .. ويقلب على رأس الاميريكيين الطاولة .. ولكن هل هذا ممكن والآن خصوصا .. واقع الحال يقول ان الامر غير ممكن .. فقد تعرض هذا الشعب الى انهاك منظم منذ استيلاء البعث على السلطة في العراق ..
اذا فليقرأ العرب الفاتحة على روح العراق .. الا اذا حدثت معجزة تحي العظام وهي رميم ..
موضوع كتبته في موقع آخر بتأريخ 23 - 5 - 2003