عبد الباري عطوان يدخل على خط التحريض !! ..
الفتنة الطائفية والصمت العربي
2005/05/19
http://www.alquds.co.uk/live/data/2005/05/05-19/a35.jpg
شاركت معظم الحكومات العربية بفاعلية في الغزو الامريكي للعراق بمرحلتيه الاولي عام 1991 والثانية عام 2003، سواء بفتح القواعد والاراضي، او بارسال القوات، او بتوفير الغطاء السياسي من خلال مساندة قرارات مجلس الامن، واستصدار قرارات عن الجامعة العربية، والاهم من كل هذا هو تسخير الادوات الاعلامية الجبارة لشيطنة النظام السابق، وادانته، وسحب الشرعية الانسانية والوطنية عنه، لتسهيل عملية حصاره ومن ثم اسقاطه.
العراق يقف الان، في عهد الديمقراطية الامريكي علي ابواب حرب اهلية طائفية مهلكة، حصدت في الشهر الماضي وحده اكثر من خمسمئة شخص، وحذر الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين من نتائجها الخطيرة، وسمّي ميليشيات قوات بدر وقوات الحرس الوطني العراقي واتهمهما باغتيال ائمة السنة في بغداد وحصار الفلسطينيين.
منظمة بدر نفت هذه الاتهامات، وقالت ان بعض عناصرها وابناء الطائفة الشيعية تعرضوا ايضا لعمليات اغتيال، واتهمت انصار النظام العراقي السابق، وجماعة الزرقاوي بالوقوف خلف هذه الاغتيالات التي تستهدف السنة والشيعة معا.
فاذا كانت اتهامات قوات بدر باغتيال علماء السنة لا تستند الي ادلة ثابتة، مثلما يقول المتحدث باسم قوات بدر، ويهدد بالتالي بمقاضاة هيئة علماء المسلمين، فان عمليات القتل والحصار التي يتعرض لها ابناء الجالية الفلسطينية في العراق لا يمكن ان تتم من قبل انصار النظام السابق المتهمين بالعمالة له، كما انها لا يمكن ان يقف خلفها انصار جماعة الزرقاوي او تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.ومن المؤسف ان الحكومة العراقية التي يرأسها الدكتور ابراهيم الجعفري الذي ظل دائما يقدم نفسه بانه زعيم اسلامي اممي يؤمن بقيم التسامح الاسلامي، والمساواة بين ابناء العقيدة، لا تحرك ساكنا امام الجرائم التي يتعرض لها هؤلاء العزل الذين رمت بهم الجرائم العنصرية الصهيونية في العراق.
هناك فتنة في العراق، وهذه الفتنة مسؤول عنها الاحتلال الامريكي والذين قدموا علي ظهور دباباته، لان هذا الاستقطاب الطائفي المقيت لم يكن موجودا، وعلي هذه الصورة المرعبة والدموية في كل العصور العراقية السابقة.الغزو الامريكي للعراق هو الذي قسم ابناء العراق الي طوائف وملل ونحل، والانتخابات الاخيرة التي جرت في ظل حماية قوات الاحتلال كرست هذا التقسيم، وافرزت حكومة قامت علي المحاصصة الطائفية.
الحكومات العربية التي ساندت غزو العراق واحتلاله مطالبة بالتحرك لمنع هذه الفتنة بكل الطرق والوسائل، فمن المعيب ان تقف دول مثل مصر والسعودية اكبر دولتين ساندتا وتساندان المشروع الامريكي في العراق موقف المتفرج، واصدار بيانات تحذر من الحرب الاهلية.
مصر والسعودية علي وجه التحديد عارضتا الديكتاتورية، وايدتا احتلال العراق واطاحة نظامه، متذرعتين بالحرص علي الشعب العراقي وحريته واستقلاله، فلماذا لا تظهران الحرص نفسه علي هذا الشعب، وتلعبان دورا فاعلا يوقف التدهور الراهن، ويؤكد عروبة العراق، ويحافظ علي وحدته الوطنية. لماذا لا تظهران الحرص نفسه وتلعبان الدور نفسه الذي تلعبه ايران حاليا، التي شاهدنا وزير خارجيتها يتجول في المدن العراقية بحرية ليثبت نفوذ بلاده بطريقة قوية وذكية.
القدس العربي
مأساة الفلسطينيين في العراق
2005/05/19
عدلي صادق
كان صديقنا د. هيثم منّاع، الناطق من باريس، باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، قد شدّ الرحال الي العراق، لكي يتفقد أحوال أهلنا اللاجئين الفلسطينيين فيه. وبذلك فعل د. هيثم، ما لم يفكر في أن يفعله، القائمون علي أمورنا. لكن مهام أخري، يتعين علي القيادة الفلسطينية أن تؤديها بدون تلكؤ، ظهرت من خلال حوار قصير، أورده صديقنا، في مستهل تقريره الي اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التي تترأسها عقيلته، الأخت اللبنانية فيوليت داغر!
يقول د. منّاع، إنه عندما أبلغ كادراً قيادياً عراقياً، كان وما زال معارضاً، بنيته استكشاف أوضاع الفلسطينيين في العراق، رد عليه الرجل قائلاً: إحذر من هذا الوسط، فهو مليء بأنصار صدام حسين ومخابراته . وبعد أن عاد هيثم الي باريس، وقابل الكادر العراقي، وحدثه عما رأي، إغرورقت عينا الرجل بالدمع، وعلّق علي ما يتعرض له الفلسطينيون من تنكيل، بالقول: لا غرابة في أن يقع المواطن العراقي العادي في التضليل، فأنا نفسي لا أعرف حقيقة الوضع !
إذن، المأساة الحاصلة اليوم، تقع بين جهل العراقيين الذين يتعرضون لأهلنا في العراق، بتاريخ معاناة الفلسطينيين في هذا البلد، وجهل القيادة الفلسطينية بتفصيلات هذا التاريخ، لكي تشرحها للعراقيين، الذين يحكمون اليوم في بغداد، وللأمريكيين الذين يحتلون هذا البلد!
ہ ہ ہ
بعد نحو عامين، من زيارة د. هيثم، لم تهدأ حدة التعديات ولا محاولات التهجير القسري للفلسطينيين، الي لا مكان. وكان البعض قد ظن، بأن ردة الفعل العدوانية علي الفلسطينيين، بعد سقوط النظام، ستكون عابرة ولن يطول أمدها. لكن العكس هو الذي حدث، فقد تحولت التعديات وأعمال القتل، من ممارسات عشوائية وعرضية، الي محاولات منظمة ومدروسة. ومن هنا ينبغي التدخل العاجل، وتحميل المسؤولية للأمريكيين، وللحكومة العراقية، وللأحزاب في العراق، ولإيران بكل مرجعياتها، وبكل المنابر ذات العلاقة معها، ولجامعة الدول العربية، وللدول العربية، ذات الصلة بالأوضاع في العراق، وفي مقدمتها تلك التي منحت الحكم الجديد في بغداد، اعترافاً واحتراماً، وفي حالات خاصة تفاهمات وتسويات. ونحمّل ـ كذلك ـ المسؤولية لجامعة الدول العربية. فهؤلاء مسؤولون عن كل قطرة دم فلسطينية، تُسفك في العراق. وأهلنا هناك، ليسوا مسؤولين عن جهل الجاهلين، ممن كانوا يحسدون الجالية الفلسطينية، علي ما يظنونه وضعاً متميزاً لها، باعتبار أن خطاب صدام حسين السياسي، كان موحياً علي الدوام، بأن الفلسطينيين هم أقرب الناس اليه، وبالتالي هم بالضرورة، يتمتعون بامتيازات لا حصر لها!
ہ ہ ہ
التواجد الفلسطيني في العراق، كان قسرياً، بل إنه نشأ بحكم علاقة نضالية، بين الجيش العراقي في فلسطين، وأهالي بعض القري من جنوب حيفا ومن المثلث. وقد شكل الجيش العراقي، من شباب هذه القري، ما سمّاه فوج الكرمل الفلسطيني . وبسبب تطورات الحرب، قام الجيش بنقل عائلات هؤلاء الشباب، الي العراق، بشكل مؤقت، وربما تكون مهاجع الإقامة، التي خصصت للفلسطينيين، منذ صيف العام 1948 في معسكرات للجيش، مهجورة، أو في مشافي ومدارس قديمة وآيلة للسقوط؛ كانت تعكس الطابع المؤقت للتواجد الفلسطيني الذي بدأ بأربعة الآف نسمة، وبات يربو، اليوم، علي سبعين ألفاً. بل ربما يكون الغرض من الإبقاء الحكومي العراقي علي بؤس الفلسطينيين في العراق، بعد ثورة تموز 1958 هو أنهم وصلوا الي العراق، في معية الحكم الملكي الأسبق. معني ذلك، أن التاريخ يعيد نفسه. حكومات متعاقبة، تحسب كل منها، الفلسطينيين، علي الحكومة التي سبقتها، والتي قد أطيح بها. لذا اتبعت كل الحكومات بدون استثناء، نظام الملاجيء، التي هي ـ حسب د. عصام سخنيني ـ عبارة عن نمط فريد من السكن الجماعي، حيث يضم كل ملجأ نحو ثمانين غرفة، تتكدس فيها العائلات بشكل يطيح بإنسانيتها، لانعدام المرافق والشروط الصحية. وكان هناك ما يُسمي بـ الدور المجمدة وهي من أملاك اليهود العراقيين، التي لم تحظ برغبة المسؤولين في السكن أو التملك، حُشرت فيها العائلات الفلسطينية، وفق اتفاق بين وكالة الغوث، والحكومة العراقية، في مستهل الخمسينيات، يقضي بأن يتكفل العراق بالإيواء وبالصحة وبالتعليم، مقابل إعفائه من الإسهام في صندوق الأمم المتحدة لهذا الغرض. وكلما كانت المأساة الفلسطينية، تتفاقم، كانت الحكومة العراقية، تتحرك لإسكان بعض الفلسطينيين في شقق شعبية، وتأسس حي البلديات الذي يتكون من 16 بناية تعيش فيها 1600 أسرة. ويتعرض هذا الحي، اليوم، لهجمة مهووسين وحاقدين وجهلة. وفي بعض أطوار التحسين، نُقل فلسطينيون، الي ستة ملاجيء، كانت مستوصفات بيطرية، والي ملاجيء بالية في أحياء الأمين و الزعفرانية و الحرية مع بيوت بائسة متناثرة. وظل حال أهلنا في العراق، مأساوياً، حتي في ذروة العلاقات مع صدام حسين، لأن من كان يساعد المنظمة لم يكن يتقبل طلبات لتحسين شروط حياة الناس في بلاده. ومن المؤكد، أن أحداً لم يتدخل لصالح الجالية الفلسطينية في العراق!
اليوم، شُردت أكثر من 700 عائلة من بيوتها. والموت يتربص بشبابنا وكوادرنا، وأقيم مخيم العودة في النادي الفلسطيني في البلديات ليضم نحو 300 أسرة، تتكدس في ظروف معيشية صعبة، لم يتدخل أحد بفاعلية لرفع المعاناة عنها، في سياق حملة سياسية وديبلوماسية، عربياً ودولياً!
بات الوضع الآن، خطيراً، ولا يحتمل السكوت. كأن أقدارنا قد جعلتنا الحلقة الضعيفة، التي تسدد فواتير العرب والمسلمين، وهذا غير محتمل وستكون له تداعيات إن لم ننقذ أهلنا في العراق، ونؤمّن لهم الحق في الحياة الآمنة، كأقل حق إنساني لهم. نطالب ـ من بين ما نطالب ـ بإدراج موضوع الفلسطينيين في العراق، علي جدول أعمال الرئيس محمود عباس في واشنطن، لكي يعرف الأمريكيون أننا نعرف، بأن ما يُسمي بـ الحرس الوطني الذي قاموا بتأسيسه وبتدريبه، هو الذي يقتل الفلسطينيين في العراق ويبطش بهم!