وضعت المعارك الدائرة ضدّ التفكيريين على طول حدود السلسلة الشرقية منطقة البقاع ولاسيّما بعلبك الهرمل في الواجهة. الحديث أمنيٌّ بامتياز، والعشائر هذه المرة تحت المجهر. ولأن خطر الإرهاب داهمٌ، تداعت الفعاليات من أجل تشكيل "ائتلاف شعبي" مساند للجيش اللبناني في حال تعرّض أية قرية أو بلدة بقاعية لاعتداء، تزامنا مع كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي قال فيه إن "أهلنا في البقاع وبعلبك الهرمل لن يقبلوا ببقاء إرهابي واحد في أيجرد من الجرود".
تحت عنوان مواجهة الإرهاب، تنشط عشائر البقاع اليوم في لمِّ شملها والاستعداد لأية معركة قد تُفرض عليها. هي تصرّ على التمسك بالدولة ومؤسّساتها العسكرية والوقوف الى جانبها، ولا تكترث لأية حملات سياسية تهدف الى تشويه صورتها، فالأولوية الآن هي حماية الوطن وأراضيه لا الدخول في سجالات مع من يريد زرع الفتن بين أبناء بعلبك - الهرمل.
إمام مسجد الرحمن في مدينة بعلبك الشيخ مشهور صلح الذي ينشط مؤخرا في سبيل توحيد الكلمة والمواقف الداعمة للجيش في معركته ضدّ الإرهاب الداهم، يؤكد في حديث لموقع "العهد الإخباري" أنه يعمل الى جانب فعاليات المنطقة من أجل حفظ الوطن وأبنائه على مختلف انتماءاتهم من أي إرهابي قد يعتدي على أراضينا، معلنا دعم عشيرة صلح وكلّ عائلات بعلبك للمؤسسة العسكرية، ويشير الى الاستعداد لـ"تلبية ما يأمرنا به الجيش كقوى فاعلة وحاضرة على الأرض".
صلح الذي يلفت في حديثه الى أنه يفضّل أنه يكون وسطيا بين الفعاليات البقاعية سعيًا وراء التأثير إيجابًا في مختلف العائلات ورصّ صفوفها وتقريب وجهات النظر بين الجميع، يدعو الى تنظيم أي جهد داعم للجيش بعيدا عن أية فوضى في ظلّ انتشار المسلّحين في الجرود، مشدّدا على أن أبناء البقاع السنة في بعلبك وعرسال والفاكهة والعين والمسيحيين في القاع ورأس بعلبك حال واحد مع الشيعة في كلّ قرى البقاع، والعيش المشترك بينهم أقوى من أية محاولة لزرع الفتنة، ولا سيما أن لا وجود لأية بيئة حاضنة للجماعات التكفيرية والإرهابية لدينا جميعا.
بحسب صلح، لن يتبدّل المشهد في بعلبك التي ستبقى خزان المقاومة وصرحا للتعاون والتنسيق مع الدولة وجيشها الوطني، وعلى هذا الأساس يؤيّد كل ما سيصدر عن الأخير في سبيل مواجهة التكفيريين وإفشال مشروع الفتنة وعدم استغلال الاشكالات الفردية بين أبناء المنطقة.
ويرى إمام مسجد الرحمن في بعلبك أن مدينة الشمس استطاعت تخطّي ظروفا أصعب بكثير ممّا تعيشه اليوم، وهي قادرة على ذلك مجددا، لأن الجميع فيها متوافق على أن أمن البلد وأية منطقة فيه خطّ أحمر.
يلاقي مطران بعلبك للروم الكاثوليك الياس رحال صلح في نصرة الجيش اللبناني والمقاومة في التصدّي للإرهابيين المتمترسين في الجرود، ويقول لـ"العهد" إن الجيش مولج له الدفاع عن أراضينا وإن تعذّر ذلك فنحن حاضرون لحمايتها، ويضيف "الكلّ متكاتف لمواجهة هذه المرحلة الحساسة وتحصين مدينة بعلبك".
ويلفت رحال الى أن "الفعاليات المناطقية في البقاع على مختلف مذاهبها جاهزة لحشد الإجماع على دعم الجيش منعا لتسلّل إرهابيين الى أية قرية حدودية تقع على السلسلة الشرقية، ومن أجل ذلك تعقد اللقاءات اليومية على امتداد البقاع في الفاكهة والجديدة والعين ومشاريع القاع ورأس بعلبك لنبذ أي تعصّب أعمى قد يضرّ بالجهود المساندة للجيش".
في المقابل، يتحدّث أحد أبرز الوجوه العشائرية في البقاع رجلالأعمال رضا المصري عن خطوات العائلات من أجل ملاقاة الجيش، فيقول إن الدولة لم تتخذ حتى الآن أية إجراءات مؤثرة في موضوع السلسلة الشرقية وخصوصا في ظلّ استمرار سقوط الصواريخ على بلداتنا وتواصل عمليات الخطف المضاد وصولا الى تسلّل الإرهابيين وتهريب الاسلحة، وعليه لن ننتظر اقتحام هؤلاء لبيوتنا".
واذ ينفي المصري تشكيل ألوية عسكرية كما تروّج بعض وسائل إعلام 14 آذار، يوضح أنالعمل جارٍ لتجهيز وجمع قطع الأسلحة التي تكون عادة بحوزة العائلات البقاعية من أجل صدّ أي هجوم مباغت، ويردف "نحن على أتمّ الاستعداد لهذه المهمة، غير أننا نفضّل أن تقوم الدولة بها"، ويتابع " نحن نجتمع بشكل شبه يومي في منزلي في طليا مع مختلف وجهاء المنطقة للاتفاق على الخطوات المفاجئة، ولن نسكت على أي هجوم علينا".
المصري يرفض أي حديث عن تحريض طائفي ضدّ عرسال، وخصوصا أنه على تواصل يومي مع وجهاء عرسال الوطنيين. أما من يدّعي عودة الأمن الذاتي في لبنان من بوابة البقاع فيصفه بـ"المصطاد بالماء العكر لأننا كعشائر متمسّكون بالدولة ومؤسساتها لكننا في الوقت نفسه لن نتخلّى عنها في حال احتاجتنا وسنكون حاضرين لمساعدتها في طرد الإرهابيين".