الإيمان سر الإطمئنان النفسي
الحلقة الثانية
الإيمان سر الإطمئنان الروحي
يقول الطبيب النفساني كادي يوغ ، عن مراجعيه : إن كل واحد من هؤلاء إنما وقع في براثن المرض ، لأنه افتقد إلى الراحة النفسية والروحية التي يجلبها الدين .
ويقول الكاتب والمفكر الروسي تولستوي : الإيمان هو ذلك الشئ الذي يحيا به الناس .
إن الإنسان بحاجة إلى الدين والسبب كونه ميالا إلى البحث عن الأهداف ، من خلال ميوله المعنوية التي تميزه عن بقية المخلوقات ، وكلما قل التدين في مجتمع ، كثرت فيه الحالات النفسية . وهناك إحصاءات في ملفات المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية ، تشير إلى ان في كل خمسة وثلاثين دقيقة ، تحصل حالة انتحار ، وكل مائة وعشرين ثانية ، تقع حادثة جنون .
إن الدين يحدد سلوك وموقف الإنسان تجاه كل مشكلة ، وبذلك ارتباط الانسان بدين ، يخلصه من الإضطرابات والضياع والعبث .
فالإنسان إذن بحاجة إلى عقيدة ولكن ليس كل عقيدة تحل مشكلة الإنسان . إن العقيدة التي تعطي رؤى وتصورات عن الوجود مؤيدة بالبراهين والحجج . كما تراعي جوانب الإنسان المختلفة وتتعامل معه على أنه اجتماعي ، ويجب أن ينسجم مع الكون والحياة ، لهي العقيدة التي توفر الأمان الروحي وتجعل الإنسان سعيدا رغم ما يجري عليه في الحياة .
إن الإنسان بطبعه يحب ذاته ويحافظ عليها فهو في صراع مع مشاكل الحياة التي تهدد ذاته ، ويربيه الدين على التضحية بحياته ، وهو يشعر بالسعادة ، رغم الشقاء الجسدي ، وهذا ما يفسر موقف الإمام علي ( ع ) ، يوم ضرب على رأسه . حيث قال : فزت ورب الكعبة .
وقد يبلغ الإنسان الرتبة العالية من درجات الإرتباط بالعقيدة ، وأذكر موقفا للشهيد عارف البصري رضوان الله عليه ، يوم كان حكم أحمد حسن البكر وكان صدام آنذاك نائبا ، وكانت الحكومة لم تتجرء حينها على اعدام الرموز الرسالية ، ولم يوقع الرئيس على حكم الإعدام ووقعه صدام يومذاك . قال الشيخ عارف لموفد القصر الجمهوري : يا هذا إن حكمتم علي بالإعدام ، لأني أدعو إلى الإسلام ، هو وسام لي عند ربي وأمتي ولم أسمح لك أن تنتزع مني هذا الوسام وأزيدك وضوحا في عام 1971 م وفقني الله لحج بيته الحرام فتعلقت بأستار الكعبة وسألت الله إن يرزقني الشهادة وها أنا أحصل على الشرف وعلى يد أخبث خلق الله فلا يمكن التنازل عنها .
وقد كشف التقرير الطبي بعد الفحوصات التي اجريت للشيخ الشهيد عبد الجبار البصري قبيل ساعة من الإعدام ، كشف عن الوضع النفسي والبايولوجي الطبيعي ، وحيث من الطبيعي أن يتعرض الإنسان العادي الذي يساق إلى الموت ، إلى اضطرابات نفسية وبايولوجية .
إن للإيمان دور في سعادة الإنسان ، وقد صور القرآن حياة الإبسان البعيد عن الله ، بالشقاء قال تعالى : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى . )
إن من آثار الإيمان :
1- الصبر وهو خلق يحول دون وقوع الإنسان في القلق ، لأنه يدعو لتحمل المصائب دون جزع ، فالإنسان الصابر لا يشغل تفكيره احتمال وقوع المصائب ، لأنها لو وقعت سيتحملها بقوة الصبر .
2- الرضا بقضاء الله .المؤمن يرضى بما قسم وكتب الله له ، والقضاء جار في الكون لا يرده سخط أو رضا .
3- السعادة المعنوية والتاريخ الإسلامي ملئ بالشواهد على نماذج ورموز تذوقوا حلاوة القرب من الله رغم أشد الظروف وأقساها . وأكتفي بالأمثلة المذكورة السابقة .