عشائر قضاء الهندية بكربلاء
(نتمنى من كل من تتوفر لديه المعلومات عن العشائر المتواجدة في هذه المنطقة المشاركة معنا)
1- گريط
2- ال جباس
30- البو عريف
4- البو جميل
5- الجراح
6- النصاروة
7- ال علي
8- بني خيگان
9- السادة الغرابات
10- البو محمد
11- مطير الحلة
12- المطارفة
13- السادة البو دهمة
14- الكرافة
تكملة عشائر الهندية أل فتلة
ال فتلة
أحدى عشائر الهندية العريقة ، لها دور في تاريخ العراق الحديث ، ال فتلة مجموعة عشائر عربية أصيلة ومعروفة على مستوى الفراتين الأوسط والجنوبي ، ويعود نسب معظم عشائرها الى القبائل القحطانية ، ويذكر بعض النسابة المتأخرين أن ال فتلة اخوة الدليم الزبيدية والبعض الأخر يذكر أتصالهم بنسب واحد مع عشائر بني زيد الساكنةفي جنوب العراق ، ولكن الراي الأول اشهر وألله اعلم .
أما سبب تسميتهم أل فتلة فهناك عدة أراء ولكن الثابت منها ان الفتله أو فتال ليس بأسم جد لهم أطلاقا ، وراي يقول الشطارة التي يتميزون بها حيث يفتلون (السبوس ) قشور الرز، والراي الأخر يقول أنهم يفتلون الكلام أي (يحتذقونه ) ويرمون فية ما يربونة الية ، وقد تكون التسمية جاءت لسبب اخر لا علاقة له بهذه وتلك ، وكانت هجرة القبائل القحطانية من اليمن وشبه الجزيرة الى العراق وسكنت في مناطق الجوازر والبطائح من جنوب العراق وكان من ضمن الذين سكنوا هذه الأماكن أفراد من عشيرة بني كعب فحصلت بينهم وبين عشائر الكعوب تلك المعركة التي قتل فيها بعض رؤساء أل فتلة ، ونتيجة لتلك الظروف أنتقل قسم من أل فتلة الى منطقة الفوار ، وتذكر كتب التاريخ بان عدد المنتقلين يربوا على (59) فردا ، وكانت منطقة الفوار ضمن نفوذ امارة الخزاعل وبعد جفاف نهر الفوار انتقل قسم من آل فتلة الى الجهات النائية (الهندية ـ المشخاب ـ المهناوية ) مع عشائر الحسكة الاخرين كبني حسن وكريط وجليحة وأخرين ، ولعشائر ال فتلة رئاستين الاولى في المشخاب ويرأسهم ال فرعون والثانية في الهندية ال جلوب منهم الشيخ عبداللة غانم الشمران ، نخوة عشائر ال فتلة ( أخوة موزة ) .
أما عشائر الفتلة :-
1- ال جلوب رؤساء الهندية
2- ال فرعون رؤساء المشخاب
3- ال كيم وفيها عدة فروع
4- ال عزيز وفيها عدة فروع
5- الفيادة وفيها عدة فروع
6- ال حسون
7- ال دليهم
8- البو محاسن وفيها عدة فروع
9- البو موسى وفيم عدة فروع
تضم هذه العشيرة في طياتها الكثير من الاحلاف ، ولو دققنا في فروعها نجدها من اصول مختلفة في النسب متفقة في الراية حالها كحال القطب الثاني في الهندية بني حسن ، علما أن هاتين العشيرتين خاضتا حروب طاحنة بينهما وقد تناول الشاعر عبدالأمير الفتلاوي تلك المعارك في دواوينه ، كذلك الشاعر الحاج وهب الحسناوي ، المشهور ال فتلة أخوة الدليم الزبيدية أحفاد (جمعة ) الزبيدي القحطاني .
التاريخ السياسي لأمارة الجبور في نجد وشرق الجزيره العربيه
بدعوى من الأستاذ ( ابو عبد الله ) صقر الخوالد ، قمت بكتابة هذا البححث الغير منضد سابقا وقد أعتمد نسخه مصوره أكثر من مره وبعد جهد أستطعت أخراجها بهذه الصوره .
كاظم المسعودي
مجلةكلية الآداب/ جامعة البصرة/العدد16/1980
التاريخ السياسي لامارة الجبور
في نجد وشرق الجزيرة العربية
الدكتور عبد اللطيف ناصر الحميدان
820/1417- /1525
توطئة
بعد ما يزيد على ربع قرن من اختفاء امارة العصفوريين العامرية التي سبق ان بحثناها نجحت قبائل بني عامر مرة ثانية في بسط سلطانها على مناطق من نجد وشرق الجزيرة العربية بزعامة اسرة تنتمي الى جدها الاكبر ((جبر)) فعرفوا ببني جبر او الجبور.
وعندما طرق البرتغاليون باسطولهم لاول مرة مياه الخليج في مطلع القرن العاشر\السادس عشر لفت انتباههم النفوذ الواسع والقوة الضاربة التي قد حازها الجبور. فتحدثوا عنهم في تقاريرهم بكثير من الاحترام الممزوج بالرهبة والخوف وحين اطلع مايلزmiles على بعض ما كتبه البرتغاليون علق على ذلك بقوله : انه ليبدوا حقا بان بني جبر مرعبيبن الى حد كبير وان امرهم قد بقي حتى الآن لغزا لم يحل(1) والواقع ان مايلز لو حاول ان يجهد نفسه في البحث والتنقيب في المصادر المختلفة لاتضح له بان امر بني جبر ليس باللغز الذي يصعب فك بعض طلاسمه . فمنذالخمسينات من هذا القرن والمحاولات تبذل للكشف عن تاريخ بني جبر وتعود اسبق هذه المحاولات للمستشرق الالماني المعروف كاسكلcaskel الذي قام 1949 بنشر بحث قصير عن شرق الجزيرة العربية بعنوان((امرة حاكمة مجهولة في بلاد العرب)) وهو استعراض عام وسريع لبعض المعالم البارزة في تاريخ شرق الجزيرة , وقد اتى فيه على ذكر الجبور والسلطانيين((اجود)) و((مقرن)) وفضلا عن المصادر البرتغالية فقد اعتمد على ما ورد عنهم في المصادر العربية وبخاصة ما ورد عند السمهودي وابن بشر.
ان البحث هذا على قصرة وعموميته احتوى على بعض المعلومات والملاحظات المفيدة(2) وقد اعقب كاسكل بقليل الشيخ محمد العبد القادر الذي خص الجبور بصفحتين من كتابه المكرس اصلا لتاريخ الاحساءمنذ القديم حتى العصر الحديث .وبالرغم من ان المؤلف اتبع الاسلوب التقليدي في عرض مادته,فانه قدم لنا مادة اولية ايلة لم يسبقه احد,بحيث جعل من غير الممكن لباحث في تاريخ شرق الجزيرة العربية ان يتجاهل هذا المصدر القيم الجليل الذي كان قد نهض به الشيخ محمد العبد القادر.(3)
ثم جاء دور الشيخ حمد الجاسر فتناول النصو التي اوردها الشيخ محمد العبد القادر في كتابه المذكور واضاف اليها ما في حوزته من مادة جديدة فكتب بحثا عن الدولة الجبريةفي الاحساء يمكن ان يوصف بانه اول محاولة لعرض تاريخ الجبور, باسلوب جديد فكان علامة مضيئة في هذا الطريق(4).
ان آخر ما يمكن ان يشار اليه في هذا الصدد هو البحث الذي نشره المستشرق جان اوبينjean uiqa عام 1972 بعنوان((مملكة هرموز في مطلع القرن السادس عشر )) وعلى الرغم من ان هذا البحث مكرس اساسا لتاريخ مملكة هرموز,الا انه ضم معلومات مفيدة عن طبيعة العلاقة بين امارة الجبور وملوك هرموز.(5)
وهنا لابد ان نشير اننا قد تعمدنا عدم الاشارة الى الجهد الذي قام به مايلز بالكتابة عن تاريخ الخليج وسبق هؤلاء جميعا.لان ما اورده عن الجبور قد جاء في السياق العام وذلك عند حديثه عن البرتغاليين ولم يخصص جزءا من كتابه للحديث عنهم .وعلى الرغم من ذلك فانه كان اول من انتبهه الى اهمية دورهم معتمدا في ذلك على تقارير الرتغاليين المنشورة فقط.وكذلك تجاهلنا ذكر جورج ستريبلنكstripling الذي خصص لهم في اطروحته الاتراك العثمانيين والعرب 1511-1574 حيزا ضيقا لم يتجاوز الاربعة اسطر,لان ماذكره هو مستمد من مدونات البوكرك فقط.
ومهما يكن من امر فان هؤلاء الباحثين الذين اشرنا اليهم لم يكن بينهم من استوعب كافة المصادر,عربية كانت ام غير عربية, ووضع تاريخ الجبور ضمن الاطار العام للتاريخ الخليج العربي والجزيرة,وبنظرة شمولية .لذا كان لابد من اعادة النظر فيما طرح من مادة واضافة ما هو جديد اليهاوعرضها بطريقة ملائمة تتناسب والدور الذي لعبه الجبور في تاريخ الجزيرة العربية.ان دراستنا هذه تاتي ضمن هدف طموح لكتابة تاريخ حوض الخليج العربي في العصر الوسيط المتاخر.تلك الفترة التي عرفت بغموضها وقلة مصادرها .ولقد بذلنا ما في الطاقة لاستقصاء مختلف المصادر مستفيدين الفاضلين محمد العبد القادر وحمد الجاسر,راجين ان تكون هذه الدراسة جهد يضاف الى جهودهما من اجل سد الثغرة الواسعة في معرفتنا التاريخية عن نجد وشرق الجزيرة العربية خاصة والخليج العربي عامة,خلال هذه الفترة.
على اننا قد نؤآخذ على تجرؤنا على نقد بعض النصوص والآراء ومحاولة تفنيدها والتشكيك بها.والواقع اننا قد اضطررنا في احيان كثيرة الى اتباع الاسلوب النقدي نظرا لان ماطرح حتى الآن مع مادة يفتقر للتمحيص والتدقيق ,يضاف الى افتقارنا الى مصدر اساسي يمكن الركون اليه عن هذه الفترة.
على ان افتراضاتنا واعتراضاتنا لم تكن تبتعد كثيرا عن طبيعة ما يمن ان يتبع في هذه المنطقة من احداث وما يقتضيه منطق الامور.كما اننا في كل ما ذهبنا اليه نعتمد على المقارنة والاستنتاج ضمن تطور يعتمد على التامل الطويل في الاحداث التاريخية والبحث عن اوجه التشابه فيها,مدركين باننا سوف نجد من يخالفنا في بعض ما ذهبنا اليه.لكن فرحنا سوف يكون كبيرا عندما نجد المخالفين يطرحون ما في حوزتهممن معلومات ما زلنا نجهلها حتى الآن تاركين للمختصين تقدير الجهد المبذول في هذا البحث. – 1 -
شرق الجزيرة في اعتاب سقوط العصفوريين
من المفيد ان نذكر القارىء بما سبق ان قلناه عن الظروف التي كانت قد احاطت بالعصفوريين وذلك في بحثنا عن امارة العصفوريين(7)- اذ ان الشتات والنزاع كان سائدا بين امرائهم منذ القرن الثامن/الرابع عشر,الامر الذي نتج عنه تجزئة امارتهم وتعدد ظهور الزعامات المتناحرة مما ادى في النهاية الى زوال امارتهم على يد سعيد بن مغامس بن سليمان بن رميثة الذي لم تطل فترة حكمه ,اذ سقط على يد الزعيم الاحسائي جروان المالكي. على ان بني عصفور خاصة وبني عامر عامة ,وقد فقدوا سلطانم السياسي ظلوا يحتفظون في كل من نجد وشرق الجزيرة العربية بنفوذهم الاقتصادي الواسع ,ولعل وضح دليل على ذلك ان قوافل الحج القادمة من جنوب ايران وجنوب العراق وسواحل الخليج العربي كان يتولى قيادتها وحراسها بنو عامر,وكثيرا ما اطلق على هذه القافلة اسم قبيلة عقيل.ولقد بقي اطلاق هذه التسمية على هذه القوافل حتى عهد قريب الامر الذي يحملنا على الظن بان هذه التسمية قد اصبحت تطلق على هذه القوافل (كعلامة تجارية),اكثر من كون هذه التسمية تعني انتسابا قبليا(8). والواقع ان قوة قبيلة بني عامر العقيلية وشجاعة رجالها ومهارتهم السياسية والتجارية قد حققت لهم احتكار قيادة القوافل منذ القرن الثالث عشر ولفترة طويلة,فاحتلت في نجد وشرق الجزيرة العربية واطرافها دورا يذكرنا بالدور الذي كانت تلعبه قريش في غرب الجزيرة واطرافها قبل الاسلام.
على انه يجدر بنا ونحن نشير الى القوافل التجارية ان نلفت الانتباه الى ان ماكان يقوم به بنو عامر من قيادة وخفارة للقوافل وما يتقاضوه عن ذلك من رسوم يجب ان لا ينظر اليه على انه عمل من اعمال السلب والنهب كالذي تمارسه بعض الجماعات البدوية غير المنضبطة,بل يعتبر ضربا من ضروب النشاط الاقتصادي الذي بدؤه لا يمكن ان نتوقع وجود نشاط تجاري واقتصادي هام في تلك البقاع وضمن تلك الظروف.ولقد اورد لنا السخاوي (ت902/1497) ذكر قافلتين كانتا يقودهما بنو عامر في الفترة التي اعقبت زوال سلطتهم السياسية.القافلة الاولى كانت عام811هــ/1408م ذكرها السخاوي عندما ترجم لجليل بن محمد الاتفهي لاشتر ,حيث قال:( بان سافر من الحجاز الى الحسا والقطيف بصحبة قافلة عقيل).اما الثانية اتت عام823/1420,ذكرها السخاوي عندما ترجم لمحمد بن محمد ابو الخير العمري المعروف بابن الجزري(9).
ويبدو لنا ان بطون بني عامر كانت تراقب الوضع في بلاد البحرين عن كثب وتتحين الفرصة المناسبة لاسترجاع نفوذها السيادي السابق .ومن المحتمل ان لاسرة التي كانت تحتكر قيادة قوافل الحجيج من بينهم وان تكون الاقدر على ايترجاع ذلك النفوذ بما لديها من قوة اقتصادية ومن اتباع وعبيد وجراء كانت تستخدم في حراسة القوافل اضافة الى وجود صلات قريبة لها بقبائل كثيرة بحكم ما تمارسه من نشاط. على ان يجب علينا ان لا نتصور بان الشقاق الذي كان قد وقع بين زعماء العصفوريين قد دمر الكيان الاجتماعي لبني عامر,اذ لابد انها بقيت تعترف برابطة واحدة هي رابطة النسب الاكبر ايا كان مستواها الاقتصادي والاجتماعي.ومهما يكن من امر فانه من اللازم علينا ان نبدي اختلافنا مع ما ذهب اليه الشيخ حمد الجاسر من ان هناك صلة بين الشيخ زامل بن جبر ,مؤسس امارة الجبور وبين قريش(قرشي) الذي قام عام 785/1383-84 بارتكاب مجزرة ضد حجاج شيراز والبصرة والحسا ونهب ما كانت تحمله قوافلهم من اموال عظيمة,ثم ما قام به من اعتراض لطريق الحجاج العراقيين وارغامهم على دفع مبالغ كبيرة له(10).
والذي يبدوا لنا ان الشيخ الجاسر يميل الى الاعتقاد بأن قريشا هذا,ماهو الا اخ لزامل بن جبر,وان ظهور نشاطه يمثل مقدمات لظهور نفوذ الجبور وفي راينا ان الذي اوقع الشيخ الجاسر في هذا الاعتقاد هو اعتماده على مصدر واحد وهو رواية الجزيري فقط ,فلو انه رجع الى مصادر اخرى ككتاب المقريزي او الصيرفي او غيرهم لتراجع عن اعتقاده هذا. والواقع ان (قريشا) هذا ماهو الا احد افراد اسرة آل مهنا التي تتزعم قبائل طي ومن ينطوي تحت لوائها من عشائر في كل من العراق والشام. ان المصادر لم تذكر اسم والد قريش بل اكتفت بذكر اسم عمه زامل بن موسى بن مهنا بن عيسى نظرا لشهرته الواسعة ,اذ تولى امرة عرب بادية الشام مرتين الاولى عام 770/1368-80. ولزامل هذا اخوان هما عمر ومحمد,ولا ندري أي هؤلاء الاثنين هو والد قريش(11).
ومهما يكن من امر فان حادثة الهجوم على قوافل حجاج العراق وايران والحسا لايمكن فهمها الا من خلال التعرف على علاقة زعماء قبائل طي بعضهم ببعض من جهه,ثم علاقتهم بكل من الدولتين المملوكية والجلايرية من جهة اخرى, وكذلك الاوضاع الداخلية في هاتين الدولتين في حدود هذه الفترة, الا ان ذلك سوف يخرجنا عن مجال بحثنا. على ان الذي تجدر الاشارة الية ان بعض زعماء طي كانوا قد اقاموا لهم امارة في جهات البصرة منذ ان قطع السلطان الايلخاني ابو سعيد (716-737/1316-35) البصرة لفضل بن عيسى احد زعماء طي عام 718/1318 (12).
ويبدو ان زعماء طي كان لهم نشاط بعد هذا التاريخ في هذه المنطقة.فنحن نعرف ان السلطان المملوكي الظاهر كان قد اوعز الى زعيم قبيلة غزية ثامر بن قشعم الذي يقيم عادة قرب المشهدين (كربلاء والنجف) بمهاجمة املاك آل فضل في البصرة عام 795/1393,فقام بالاستيلاء على املاكهم ونهبها.(13) كما ان شرف الدين يزدي قد ذكر بان تيمور لنك ارسل حفيده امير زادة ميرنشاه بحملة الى البصرة عام 796/1393-94 للتنكيل بالعرب الذين كانوا يقطعون طرق قوافل الحجاج(14).
ونحن نعرف بان آل فضل في البصرة كانوا على عداء مع امارة العصفوريين في بلاد البحرين لذا بقي ان نتساءل عما اذا كان قريش هذا قد اتخذ من جهات البصرة قاعدة لهجومه على قوافل الحجاج هذه؟.
ومهما يكن من امر فالذي نراه ان هجوم قريش هذا لم يمر دون ان يترك خلفه اصداء واسعة . نظرا لضخامته وللخسائر التي رافقته ,واستهدفت احد الشرايين الحيوية للحياة الاقتصادية لبلاد البحرين.لذا لايمكن ان نكون قد ابتعدنا عن الصواب فيما لو اتخذنا من هذا الهجوم سببا مقبولا لسقوط امارة العصفوريين,ان لم يكن دليلا على سقوطها قبل هذه الحادثة بقليل.كما يمكن ان نقول بان هذه الواقعة قد مهدت السبيل لصالح بن حولان (جولان) لان يبسط نفوذه السياسي على البحرين اضافة الى البصرة لينتهي هذا النفوذ بهجوم جيوش تيمورلنك على البصرة 795/1393 والذي نتج عنه مقتل صالح(15). ان فترة الفراغ السياسي الذي حدث في البحرين في نهاية القرن الثامن/الرابع عشر أي في حدود فترة التغيرات والاحداث التي اشرنا اليها –هي الفترة التي ترجح فيهاقيام سعيد بن مغامس بن سليمان او جروان المالكي بالاستيلاء على السلطة في تلك البلاد.
ومما تجدر الاشارة اليه هنا اننا كنا قد بينا الاسباب التي حملتنا على تخطئة التاريخ الذي اورده ابن حجر العسقلاني وهو عام 705/1305-6-كبداية لقيام حكومة جروان في بلاد البحرين (16). ويمكننا ان نضيف الآن تساؤلا آخر هو ,كيف يمكن الاطمئنان الى صحة التاريخ الذي اورده ابن حجر مع انه يجهل ما وقع لهذه الامارة من احداث خلال حياته ؟ فهو يقول عن ذلك ان ( ابراهيم بن ناصربن جروان كان وما يزال حاكما للقطيف عام 820/1417,فحسب ولا يعرف عما وقع له ولامارته بعد هذا التاريخ ,مع ان ابن جبر عاش حتى عام 852/1448.
ويبدو لنا ان مدة حكم اسرة جروان المالكي في بلاد البحرين لم تتجاوز نصف قرن .على اننا سوف نحاول على ضوء ما لدينا من ادلة تحديد التاريخ التقريبي لنهاية حكومة آل جروان على يد الجبور بعد ان كنا قد رجحنا تاريخ قيامها في حدود عام 795/1393 او بعد بضع سنوات .
-2-
قيام امارة الجبور
يجدر بنا قبل الحديث عن قيام امارة الجبوران نبدي بعض الملاحظات حول الصلة بن العصفوريين والجبور فنقول: انه اذا كانت صلة النسب والانحدار القيسي بينهما امر لا خلاف فيه نظرا لانتسابهما جميعا الى قبيلة عامر بن عقيل فان الذي يضع تقريره هو مدى الصلة العائلية التي تربط فيما بين الاسرتين ,وهل ان الجبور ينحدرون من النسل المباشر للشيخ عصفور ام لا؟؟
علينا اولا ان نعترف بان المخطط التقريبي لسلسلة القرابة بين امراء العصفوريين الذي كنا قد رسمناه لا يساعدنا في الاجابة عن
هذا السؤال .(18). على انه يجب ان نقرر بان سلسلة نسب امراء الجبور لم تصلنا بشكل كامل ودقيق,بل انها تشير في كثير من الاحيان بعض الاشكالات في درجة القرابة العائلية فيما بينهما.فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ان المصادر تذكر بان الجبور ينتسبون الى جدهم الاكبر جبر.لكن هذه المصادر لم تساعدنا في الاجابة على تساؤلنا عن موقع اسم جبر ضمن سلسلة نسب هذه الاسرة.
ان عبارة جدهم جبر هي غير كافية للاجابة على هذا السؤال ,فالعرب كثيرا ما اعتادوا عند اشارتهم الى الرؤساء والشيوخ والحكام والامراء,بل وحتى الى اسماء الاسر الميسرة,الى الاكتفاء بذكر الجد البارز الذي ينتسبون اليه فقط.ويستمرون في اطلاق ذلك على الآباء والاحفاد ايضا’فيصبح اسم هذا الجد وكانه هو البداية لسلسلة نسب الاسرة ويسكتون في اغلب الاحيان عما يلي هذا الجد من اسماء,الامر الذي ينتج عنه الاشكالات حول الانحدار العائلي لهذا الجد الكبير خصوصا في حالات السادة. وهذا ماحدث بالضبط بالنسبة لامراء الجبور ,كان يكتفى باطلاق اسم ((ابن جبر)) او ((ابن زامل او ابن اجود)) ويبدو ان مثل هذه التعابير كانت شائعة في عهد امارتهم بحيث ان البرتغاليين عند دخولهم الى الخليج العربي قد وجدوها متداولة بين السكان فتحدثوا في تقاريرهم عن ابن جبر وبلاد ابن جبر.
لقد سقنا هذه الامثلة واثرنا هذه النقاط ليلتمس لنا القارىء العذر في عدم تمكننا من الجزم حول درجة صلة القرابة العائلية ما بين العصفوريين وبين الجبوريين بالرغم من اننا نميل الى وجود مثل هذه الصلة بين الاسرتين اذ انه على الرغم من عدم وجود المبدا الوراثي الثابت لتولي المشيخة ,بل هذه المشيخة تبقى في القبائل العربية محصورة عادة في افراد اسرة معينة .ان عدم وجود هذا المبدا الوراثي الثابت هو نفسه قد يكون احد العوامل التي قد تساعد على بروز زعامات جديدة .فالاب قد يخلفه ابنه او اخوه وربما عمه او ابن اخيه ....الخ وكل هذه الامور تعتمد على القابلية الشخصية فكل فرد من افراد البيت التي تنحصر فيه المشيخة والظروف المحيطة به وكذلك على عدد المنضوين تحت لواء كل زعيم من زعمائها سواء كانوا من افراد عشيرته ام من اتباعه الاخرين,ومهما يكن من امر فان ما اثرناه حتى الآن يبقى بعيدا عن الاجابة عن الكيفية التي برزت فيها زعامة جبر او بنيه وتوليهم المشيخة في بني عامر .وكذلك تبقى تساؤلاتنا بعيدة عن الكشف عن صلة النسب التي تربطهم بنسل الشيخ عصفور بن راشد العامري العقيلي .بقي علينا ان نحاول تحديد الفترة الزمنيه التي ظهر فيها نشاط بني عامر بزعامة بني جبر واستطاعوا بعدها انتزاع السلطة في شرق الجزيرة العربية ,بعد ان كنا قد قطعنا بعدم وجود صلة بين نشاط(قريش الطائي) وبين الشيخ زامل بن حسين بن ناصر بن جبر.
وجدير بنا بادىء ذي بدء ان نعيد الى الاذهان القول بان كلا من القطيف والاحساء كانتا منذ بداية النصف الثاني من القرن الثامن/الرابع عشرتدينان بالتبعية لمملكة هرموز العربية المتاثرة كثيرا بالمحيط الفارسي والتي كانت قد تركت الحكم فيها لامراء من العرب في حين كانت جزيرة البحرين كانت قد اخذت تحكم من قبل حكام يعينون من قبل ملوك هرموز(20). ولقد احتفظ ملوك هرموز بالقابهم التي تنم عن تبعية تلك البلاد اليهم, فقد كان قطب الدين فيروز شاه الذي حكم حتى عام 820/1417 بلقب ملك هرموز والبحرين والحسا والقطيف. كما ان سيف الدين مهار الذي حكم حتى عام 839/1435 قد وصف بانه صاحب هرموز والبحرين وبانه كان يبعث بالحكام من قبله الى كل من قطيف والبحرين(21).
ويبدو ان قوة نفوذ ملوك هرموز وهيبتهم كانت سببا الى حد ما في تثبيت الاوضاع السياسية في بلاد البحرين .الا انه في نهاية الربيع الاول من القرن التاسع /الخامس عشر اخذت مظاهر الضعف والاضطراب السياسي تبرز في مملكة هرموز.فكان الصراع بين افراد الاسرة الحاكمة فيها مظهرا وسببا في ان واحد لحالة الضعف هذه,مما شجع العرب على طول الساحل الشرقي لجزيرة العرب للتحرك بهدف التخلص من التبعية لمملكة هرموز. ولعل ماحدث في بلاد البحرين خير مثال على ذلك كما سوف نرى.
في صيف عام 820/1417 قام سيف الدين مهار بالتمرد على ابيه تهمتن الثالث فيروز وارغمه على التنازل عن العرش.فولد هذا التغيير توترا واسعا في مملمة هرموز.(22) ويبدو ان هذا الوضع المتوتر كانت له انعكاسات في بلاد البحرين ,فالمؤرخ الهرموزي –البهمني نيمديهي يذكر لنا بان البدو في بلاد البحرين قد انتفضوا عام 820/1417 بحيث اصبح من المتعذر على القوافل سلوك الطريق ما بين البحرين والحجاز.(23)
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ان البدو الذين اشار نيمديهي اليهم قد قصد بهم الجبور؟؟ وهل ان انتفاضتهم هذه قد ادت الى الاستيلاء على الاحساء وانتزاعها من بني جروان؟؟
ان الذي يحملنا على هذه التساؤلات هو:-
1- ان السخاوي حين ترجم للسلطان اجود بن زامل قال: بانه ولد في بادية الاحساء في رمضان عام 821 تشرين الاول 1418,(24) وهذا الامر يحملنا على الافتراض بان الجبور كانت لهم في هذه الاثناء السيطرة على هذه البوادي.
2- ان ابن حجر العسقلاني حين ترجم لابراهيم بن ناصر بن جروان وصفه بانه صاحب القطيف ولم يضف الى لقبه غير هذا الاقليم, وكان هذا الوصف له في حدود عام 820/1417 في الوقت الذي كان ابن حجر نفسه قد وصف جروان- جد المترجم له- بانه الحاكم على كافة بلاد البحرين(45) .فعبارات ابن حجر هذه تحملنا على الافتراض بان الجبور كانوا قد انتزعوا الاحساء من ابراهيم ابن جروان ولم يبق في يده غير القطيف وان ابن حجر حين حدد هذه السنة بالذات فانه لابد ان يكون قد وقعت فيها احداث في جهات بلاد البحرين كانت مناسبة لان يعرف عن آل جروان بعض المعلومات.
3- ان كلا من البحرين والقطيف وعمان وقلهات وهرموز وغيرها كانت قد ذكرت ضمن المناطق الخاضعة لنفوذ ملك هرموز سيف الدين مهار –بداية حكمه عام 820/1417- بينما لم يرد ذكر الاحساء ضمن ذلك ,في حين ان اسم الاحساء كان يذكر ضمن المناطق الخاضعة لنفوذ والده قطب الدين فيروز شاه ,والذي انتهى حكمه مع بداية حكم ولده سيف الدين (26).
ان هذه النقطة تحملنا هي الاخرى على الافتراض بان الاحساء كانت قد خرجت قبيل عام 820/1417عن دائرة التبعية لملوك هرموز مثلما خرجت من ايدي بني جروان.
على اننا ونحن نرصد احداث بلاد البحرين يجدر بنا ان نوجه انتباهنا ايضا الى ماكان يقع في المناطق المجاورة لها من احداث ’خصوصا ونحن نعرف دقة الترابط الوثيق بين تاريخ بلاد البحرين وما يجاورها من اقاليم عبر العصور المختلفة .فعلى سبيل المثال نجد ان القبائل العربية على الحدود الشمالية لبلاد البحرين قد استطاعت بقيادة الشيخ مانع بن شبيب انتزاع البصرة من الدولة الجلائرية وذلك منذ مطلع القرن التاسع /الخامس عشر ’ليحكمها هو واولادة من بعده (27). ان هذا الحدث قد يكون له دور محفز ليدفع بني عامر للتحرك من جديد من اجل اعادة هيمنتهم على بلاد البحرين مثلما كانوا في السابق.
ومهما يكن من امر فان الطريق ما بين البحرين والحجاز الذي كان قد قطع عام 820/1417 قد اصبح مطروقا عام 823/1420 ولكن بقيادة بني عامر .فالسخاوي يذكر بان قافلة بني عقيل قد غادرت الحجاز في هذه السنة بعد انتهاء موسم الحج عائدة الى بلاد البحرين(28). على ضوء ما تقدم يمكن الافتراض بان الجبور كانو قد انتزعوا واحات الاحساء من بني جروان وان ذلك قد حدث في حدود العام820/1417,ثم اتخذوا منها قاعدة لتوسعاتهم في المستقبل.
ان هذه الفرضية لا تتعارض ومالدينا من ادلة ,بل ان الادلة التي اشرنا اليها آنفا بالرغم من انها ادلة غير قطعية –تعزز هذه الفرضية. اما ماذكره المستشرق الفرنسي جان اوبين من ان سيف بن زامل ربما كان قد استولى على واحات الاحساء عام 864/865/1460,(29) فهو اجتهاد يعوزه الدليل ويصعب قبوله كما سوف نرى.
ان الاحداث التي وقعت على ساحلي الخليج العربي ضمن حدود مملكة هرموز كانت فرصة مواتية للجبور لتثبيت امارتهم وتوسيعها.
ففي عام 839/1435-1436ثار الامير فخر الدين تررنشاه الثاني حاكم ميناء قلهات العماني –ضد اخيه سيف الدين مهار ملك هرموز, وكانت ثورته بتحريض ومساندة من العرب ,وكان لبلاد البحرين دور فعال في هذه المساندة اذ زود منها بالسفن كما امدته الاحساء بالخيول واقرضه تجار تلك البلاد بالاموال اللازمة لتغطية تكاليف حملته.
الا ان الحرب بين الاخوين قد طالت مدتها وتعقدت ,اذ استمرت لمدة اربع سنوات ويعزى سبب ذلك الى تدخل السلطان شاهرخ(807/1405- 850/1447) حفيد تيمور ووقوفه الى جانب سيف الدين مهار وامداد ه بالجند.
ومهما يكن من امر فان هذه الحرب قد انتهت اخيرا لصالح فخر الدين تورانشاه عام 843/1439 وفاز بكرسي المملكة(30).
ان الذي يهمنا من ثورة فخر الدين تورانشاه هي انها قد ادت الى تعزيز الدور الذي اخ يلعبه عرب السواحل الشرقية للخليج في الحياة السياسية لمملكة هرموز .كما انها كانت فرصة للزعماء الطموحين لاستغلال هذه الاضطرابات للتحرك لتحقيق طموحاتهم . ويبدو ان الجبور كانوا من المنتهزين لهذه الظروف .فجان اوبين ينقل لنا عن المؤرخ الفارسي جعفري المعاصر للاحداث من موقع حدوثها قوله بانه في سنة 843/1439-1440-أي في نفس السنة التي اتهى فيها الصراع بين الاخوين سيف الدين مهار وفخر الدين تورنشاه –قام البدو بالاستيلاء على القطيف ونهبها(31).
والذي نميل اليه ان التاريخ المذكور اعلاه يمكن ان يكون تاريخ استيلاء الجبور على القطيف,بعد ان كانوا قد استولوا قبلها على واحات الاحساء. ان هذه الفرضية التي نميل اليها تعززها الادلة التالية وهي:-
اولا:- ان نص الجعفري الذي سبق ان ذكرناه بالرغم من انه لا يصرح باسم البدو الذين قاموا بالاستيلاء على القطيف ,فاننا نميل بشدة الى ان المقصود بهم هم بنو عامر بزعامة آل جبر .ان معلوماتنا تشير الى انه في حدود هذه الفترة كان بنو عامر يشكلون القوة القبلية الرئيسية والنشطة في بلاد البحرين.
ثانيا:- ان حالة الاحتراب بين المتنافسين على عرش مملكة هرموز ثم انتصار تورانشاه في نهايتها لابد ان تكون قرصة مناسبة ومشجعة للمعارضين للملك المهزوم سيف الدين مهار للانقضاض على اعوانه والحكام التابعين له في كل مكان وطردهم من مواقعهم .ثم ان العرب عموما وسكان بلاد البحرين خصوصا كانوا ممن قدموا مساعدات كبيرة لتورانشاه في صراعه ضد اخيه,ومن المحتمل ان مثل هذه المساعدات قد تمت وفق شروط معينه يمكن من خلالها الحصول على تعويضات مقابلة لها وقد يكون التنازل عن القطيف ,بما تغله من واردات هي ضمن هذه المساعدات .ونحن لا نغرق في الخيال والتصورات عندما نقول ذلك,فلدينا دليل تاريخي يدعم ذلك وهو شروط التعاون ما بين الشيخ اجود بن زامل وبين ملغور-والتي سوف نذكرها في حينه- ولربما يكون هذا الاتفاق قد اعتمد على واقعة سابقة اشرنا اليها سابقا.
ثالثا:- ان ابن حجر العسقلاني حينما ترجم لابراهيم بن ناصر بن جروان المالكي ذكر بانه كان مايزال يحكم الاحساء في عام 820/1417.ان تحديد ابن حجر لهذه السنة بالذات –بالرغم من انه قد مات بعدها بفترة طويلة سببا اذ انه توفي عام 852/1448-يعني انه يجهل ما وقع في بلاد البحرين بعد هذا التاريخ من احداث ,او انه يعرف انه قد حدثت تغيرات هناك بعد هذا التاريخ ,الا انه لا يملك عنها معلومات كافية.ان هذا الامر قد يسمح لنا بالافتراض بان نهاية امارة جروان قد حدثت خلال حياة ابن حجر نفسه.
رابعا:-ان السخاوي حينما ترجم لفخر الدين تورانشاه قد نعته بصاحب هرموز فقط(22.ولم يضف الى القابه مايفهم منه بتبعية أي جزء من اجزاء بلاد البحرين ,في الوقت الذي كان فيه السخاوي قد اضاف الى ملوك هرموز-الذين سبقوا فخر الدين- نعوتا يفهم منها تبعية بلاد البحرين او جزء منها لمملكتهم.ان هذا الامر يسمح لنا ايضا بالافتراض بان بلاد البحرين او معظم اجزائها على الاقل كانت قد خرجت من دائرة التبعية لملوك هرموز ولبني جروان في آن واحد .
خامسا:- ان ابن بام حينما ورد ذكر قيان زامل بن حسين الجبري بغزو الخرج من نجد عام 851/1447 نعته بانه ملك الاحساء والقطيف .(33) وان هذا الوصف للامير زامل يقتضي ان يكون قد امتلك كلا من الاحساء والقطيف قبل التاريخ المشار اليه سابقا,وقد يفترض البعض على استنادنا على رواية ابن بسام هذه على اساس ان عصر ابن بسام بعيد عن عصر زامل(توفي ابن بسام في حدود عام 1346/1927-28)وردنا على ذلك هو ان تاريخ ابن بسام من المصادرالموثوق بها الى حد كبير عن تاريخ نجد للفترة ما بين القرنين التاسع والثاني عشر /الخامس عشر- الثامن عشر ,حتى ان جورج رينتز- المتخصص بتاريخ نجد- وصف هذا المصدر بانه لا يوازيه مصدر آخر لدراسة هذه الفترة(34). ومهما يكن من امر فان ابن بسام لابد ان يكون قد وقعت بين يديه مصادر نادرة لم تصل الينا على ان نص ابن بسام لا يتعارض في تقديرنا مع ما ذكره السخاوي من ان سيف ابن زامل هو الذي استولى على ما بيد بني جروان من بلاد البحرين (35), اذ قد يكون سيف هذا قد قام بهذ العمل في حياة والده زامل وبتوجيه منه .ثم علينا ان نلاحظ بان السخاوي لم يحدد لنا أي جزء من بلاد البحرين كان لا يزال بيد بني جروان فانتزعه منهم سيف؟وفي أي سنة قد تم ذلك؟
سادسا:- ان المرحوم سليمان الدخيل قد ذكر بان قيام دولة بني زويمل –أي دولة زامل- كان في حدود عام 850/1446(36),وهذا التاريخ الذي اورده الدخيل هو مقارب بعض الشيء للتاريخ الذي نميل الى صحته وهو عام 843/1439-40.
وخلاصة الامر ان ماقد ذكرناه اعلاه فيه من الدلائل مايكفي لرفض فرضية جان اوبين- التي سبق ان اشرنا اليها- من ان احتلال الاحساء قد تم عام 864-65/1460,كما ان هذه الادلة قد تعزز ماذهبنا اليه من ان هذا الاحتلال قد تم قبل التاريخ الذي اورده اوبين بحوالي العقدين من السنين.اما فرضية الشيخ حمد الجاسر والقائلة بان قيام دولة الجبور قد كان في اواخر القرن الثامن عشر /الرابع عشر (37) فلا نعتقد اننا بحاجة لمناقشتها بعد كل ماسبق وان بيناًه.
بقي علينا قبل ان نغادر هذه النقطة ان نذكرباننا نميل الى اعتبار زامل بن حسين بن ناصر بن جبر هو مؤسس امارة الجبور ,سندنا في ذلك هو نص ابن بسام الذي سبق ان ذكرناه .ونحن بذلك نخالف ماذهب اليه كل من محمد العبد القادر وحمد الجاسر اللذين يميلان الى اعتبار سيف بن زامل هو مؤسس الامارة(38). ومن الواضح ان سندهما في لك هو نص السخاوي الذي اشار فيه الى قيام سيف بانتزاع ما بايدي بني جروان من بلاد البحرين ولقد كنا قد اوضحنا سابقا بان ذلك لا يقتضي قطعا ان يكون سيف قد قام بهذا العمل بعد وفاة والده بل قد يكون قد قام به في حياة والده وبتوجيه منه.ثم ان نصوص ابن بسام صريحة في ان زاملا كان مايزال على قيد الحياة حتى بعد التاريخ الذي كان قد افترضه جان اوبين كتاريخ لفتح القطيف.
ومهما يكن من امر فان نجاح زامل بن حسين الجبري في فرض سلطانه على كل من الاحساء والقطيف قد رافقه ايضا بسط نفوذه على اجزاء واسعة من نجد, وقد يكون لانتشار قبائل عامر ووفرة نفوذها في نجد علاقة وثيقة في تحقيق هدفه هذا.ولعل ما ذكره بن عتبه-نقلا عن استاذه ابن معية الحسيني المتوفي 776/1374-75-من ان الاخيضريين في اليمامة كان يقدر عددهم بالف فارس ويدخلون تحت لواء بني عامر (39)ماهو الا دليل على قوة زعامة بني عامر في اليمامة حتى تاريخ تلك الفترة السابقة لقيام امارتهم ,ثم ان الرواة ينهون نسب امراء الجبور بعبارة (النجدي) وهذا دليل على الصلة القوية مابين هذه الاسرة وبلاد نجد والتي هي الموطن الاصلي لسكنى قبائل عقيل.