تفاصيل وأسرار معارك النجف - أفكار
أفاد مصدر مطلع لأفكار بتفاصيل المعارك الأخيرة التي حصلت في النجف الأشرف بين فصيلين شيعيين قويين هما المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي يقوده السيد عبد العزيز الحكيم من جهة والتيار الصدري من جهة أخرى بقيادة مقتدى الصدر
يشير المصدر المطلع إلى كل الأصابع تتوجه بالاتهام إلى المحتجزين الصدريين الأربع الذين أُطلق سراحهم مؤخرا ، ومن ضمنهم الشيخ اليعقوبي ، فقد بادر هؤلاء بعد أن خرجوا من السجن بحث مقتدى الصدر على فتح مكتبه المغلق والواقع بالقرب من الصحن الشريف ، وقد تزامن ذلك مع قيام صلوات يومية يقيمها مجموعة من أتباع مقتدى ــ وذلك قبل لحظة الحدث الدامي ــ في شارع الرسول ، مما يشير إلى أنها مخططة في ذات الاتجاه، علما قد بُذلت محاولات من قبل جماعة الصدر لفتح المكتب في هذه الأثناء ، ولكن الشرطة منعتهم .
وقد كان مقتدى الصدر قد حث جماعته للقيام بمظاهرات سلمية تطالب بحل مشاكل البلد على صعيد الحاجات الأولية التي يعاني منها العراقيون ، وفيما استجاب الصدريون لذلك ،حيث توجهوا بمظاهرة كبيرة من شارع الرسول باتجاه الصحن لفتح المكتب ، مما أضطر المخالفين للخط الصدري بالقيام بمظاهرة مقابلة ، انطلقت من شارع زين العابدين ، وقد رفعوا لافتات كبيرة كتب عليها ( النجف للنجفيين اطلعوا يا بعثية ) ، وكتب على بعضها ( لا نرضى للنجف أن تكون بؤرة للإرهابيين ) ..
استمرت المظاهرتان باتجاه الصحن فالتقيا عند نقطة قريبة منه ، فحصل تبادل بالشتائم والاتهامات والسباب ، تطور إلى إطلاق رصاص ، ولم يعرف البادي ، في هذه الأثناء شبت حرائق في مقر مقتدى الصدر ، ولم تعرف أسباب وكيفية حصول ذلك ، وكل ذلك دعا أصحاب المحلات إلى إغلاق محلاتهم ، وهي ظاهرة كثيرا ما تتكرر في النجف الاشرف ، خوفا من الفرهود ، خاصة وإن كثيرا من الأغراب والمندسين قد يستغلون مثل هذه الحوادث المؤسفة ، فيقومون بعمليات نهب وسلب.
في هذه الأثناء دخلت قوات الطوارئ ، في 24 سيارة كبيرة ، وبأعداد كبيرة من المسلحين ، وقد أعقبتها قوات لواء الذئب وذلك ما بين الساعة التاسعة والتاسعة والنصف ، وعلى الفور أصدر أوامره القاضية برمي السلاح ، مهددا بقتل كل من يخالف الأمر ، كما أمر بالتفرق وإلزام البيوت ، وقد لوحظ أن لواء الذئب وهو يؤدي مهماته بقدرة فائقة وعلم وتخطيط ، ولوحظ في الوقت ذاته ، استجابة الناس ، بما فيهم الفصيلين المتقاتلين إلى الأوامر التي صدرت من لواء الذئب ، مما يدلل على أن القوة كانت عاملا حاسما في التعامل مع مثل هذه الظواهر ، فقد تفرق المتقاتلون بسرعة ، فيما هرب جماعة من التيار الصدري باتجاه الكوفة ، وهناك ، عند حي كندة أحرقوا مقر بدر ، الذي يقع في مقابل ميثم .
في هذه الأثناء سرى مفعول منع التجول بشكل تام ، وسيطرت قوات الحكومة وفي مقدمتها قوات الطوارئ وقوات لواء الذئب على الوضع .هذا وقد نزلت قوات أمريكية في المدينة اليوم بعداد 14 سيارة همبر ، وقد دخلوت من ناحية الحلة .
استنتاجات وتصورات
لقد كشفت معارك النجف الأخيرة عن عدة حقائق موضوعية ، تهم الساحة الشيعية العراقية بشكل جوهري ، منها ...
أولا : أن الشيعة العراقيين بشكل عام مهددين بتناحر قوتين مهمتين ، هما المجلس الأعلى من جهة والتيار الصدري من جهة أخرى ، وأن كلا التيارين محسوب على الإسلام ا لمتشدد بدرجة وأخرى .
ثانيا : لقد كشفت المعارك أن الأمن العراقي ما زال هشا ،و أن انسحاب القوات الأمريكية من المدن الآمنة لم يعد منطقيا ، وإن وزارة الداخلية والجيش العراقي غير قادرين على ضبط الوضع بما فيه أطمئنان الناس ، وسيادة القانون .
ثالثا : أن رجل الدين بشكل عام عنصر قلَق في الساحة الشيعية العراقية .
رابعا : أن القوة المحايدة هي عنصر أساسي في ضبط الأوضاع .
خامسا : ثبت هشاشة الاحزاب الدينية الشيعية في الأحداث ، فليس لها وجود ،لا سلبا ، ولا إيجابا .
سادسا : ضعف أداء مجلس المحافظة ، وعدم قدرته على التعامل مع الاوضاع في النجف بشفافية وديمقراطية وموضوعية .
ويشير المصدر أن هناك نفوراً نجفياً واسع النطاق من ( رجل الدين )، بل هناك حملة سباب وشتائم مزعجة ومؤذية في هذا المجال ، الأمر الذي يذكرنا بحالة رجل الدين في إيران . وتتطلع الجماهير الشيعية العراقية إلى علماء دين اصلاحيين بعيدين عن السياسية ، والحزبية ، يعملون في مجالات الخير العام ، ويعولون على تيار ديني جديد في هذا الاتجاه ، حيث يتحدد الخط السيستاني هنا كنقطة وسط ، وحل مرضي ومريح للجمهور الشيعي العراقي . كما أن هنا ك موجة غضب على إيران ، ولا تستبعد أن هناك تدخل إيراني خفي في صميم العملية كلها .
يُذكر أن هناك تساؤلات تجتاح الوسط النجفي عن أسباب ومبررات أطلاق سراح الشيوخ الأربعة التابعين لمقتدى الصدر ، لما عرف منهم من مواقف متطرفة .
يشير المراقبون العارفون بوضع النجف والشيعة ، أن الأوضاع في النجف الاشرف لا تستقيم بدون وجود قوة عسكرية محايدة ، تأخذ على عاتقها الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن في المدينة ، وهو الأمر الذي يصطدم مع تواجد قوي للمجلس الأعلى في المدينة ، كذلك التيار الصدري ، فهل جاءت لحظة السلام الحقيقية في مدينة السلام ، تحت رحمة قوة محايدة تنقذ الأرواح البريئة من صراع قوى لا تحترم هذه الأرواح ؟