اوراق من مدينة بلا سكان .... بقلمي

انا والليل

سيدتي
ان الليل يلفني بسواده كما يلف الجريح بالضماد وانا اعاني جحيم فراقكم فقد يعاتبني هذا الليل المزدان بكواكبه ويخاطبني لم هذا السهر الذي يقض مضاجعك ولم هذا الالم الذي ترزح تحت ظلمه ؟ فماذا اجيبه بالتأكيد يكون جوابي له .... يا ليل لا تعاتبني فأنا اعيش في عالم الحبيب وفردوسه الساحر الذي افقدني السعادة في عالمك ايها الليل وهز اضلعي دون ما رحمة وشفقه فكم من السعداء واهل الانس يتمنون الليل يطول والصبح يقف ولا يزحف نحوه لانهم يجدون فيه متعتة ولذة وارتياح بينما انا لست من هؤلاء ان ليلي مسهد وكابوس يجثم على صدري كما جثم على صدر الشاعر امرؤ القيس حين قال :

الا ايها الليل الطويل الا أنجلي
بصبح وما الاصباح منك بامثل ِ

وكما قال احد الشعراء واصفا الليل انه استقرار ومتعة حين قال :

ياليل طل
يانوم زل
ياصبح قف لا تطلع

فأني لست متفاعلا مع هذا الشاعر الذي يرى الليل انشراحا وسكنا نفسيا لأنني معذب بحرقة الحب والغرام والشوق اللا متناهي .

طفل أمامك ..

اصابتني الدهشة .. صدقيني عندما اقف امامك تصيبني الدهشة بكل ابعادها .. عندما التمس اهتمامك وعطفك ونبلك احس بمعنى الانسان
الذي ضاع في هذا العالم والذي شوهته القاذورات وضاعت كل المفاهيم من بين يديه عندما يكثر الظلم في هذا العصر يقل حسن الضن بالناس .. بات الناس كلهم كذابون مخادعون لصوص يقتاتون على مشاعر الناس يربون على احاسيسهم يتاجرون في قلوبهم في عواطفهم ضاع كل شئ .. هذا ما كنت قد استنتجته بالبرهان والدليل القاطع على مدار 33 سنة من عمري لم احس بوجود انسان يحمل معنى الانسانية في هذه الدوامة .. وفجئة كنت انت اما لهذا الطفل كنت انت حبيبا لهذا الانسان كنت اخا وكنت ابا كنت صديقا وزوجة ورفيقا جسدتي كل معنى الانسانية امام هذا الرصيد العالي من الهناء تنفذ الاحرف تتطاير الاقلام وكأني اقف امام ساحل البحر ولا يسعني الا التفكر والتدبر في حضرتك ..

علما ايها الانسان بأن هذا التصور كان منذ اول همسه خرجت من وحيك .... ودخلت مسامعي قلت حينئذا وجدت انسان

[frame="4 80"]سأتذكرك دوما كلما اختنقت كلماتي بزحمة الدموع .. متى نسيتك حتى أتذكر ؟ أصبحت بداخلي كوردة وسط البركان تلاشت كانها لم تكن.. رحلتي بصمت وتركتني في صومعة الحزن في مدينة بلا سكان .. فماذا بعد هذا الصمت ؟ .. [/frame]

نار بلا رماد


إني أعاني من دخولي في غياهب الحب الروحي والوجداني الذي كاد أن يطبق أنفاسي ويعتصر أحشائي وكاد أن يوقف حركة الدم التي لا بد منها لأنها القوة التي منحنا الله إياها فليس لي تجاه هذا الحب إلا إن أتناغم معه تناغم الأم الحنون تجاه وليدها الذي يتراقص في مهده وان أرعاه بروح واسعة تسع العالم كله دون ما هزيمة وضيق كي لا ينتابني جنون مضاعف فلهذا عليّ أن اكسر الحواجز وافتح الطريق التي بات مغلقا وأنا أعاني فيه اللواعج والجراح مثل ما يعاني الطير الكسير الذي أثخنته الجراح لا يستطيع أن يحلق فرحا في هذا الكون الرحب وكما إني أضحيت مثل ميت الزهر .. آه من بعد المسافات فيما بيننا واه من بعد القلوب العاشقة التي تجد بعدا قاسيا رغم المناغاة والتراتيل ورغم الكلمات التي تخرج من الأعماق حاملة بين طياتها مآسي الحب والوصال وخيوط الآمال مثلما يحمل الفجر خيوط النور والضياء

شكرا سيدتي لأنك منحتيني هذه الوظيفة حيث كانت حياتي مملة لا معنى لها . كانت الأيام كلها متساوية لدي . ليس موجود في حياتي أي سؤال كنت احسد الأطفال كنت أتمنى أن اسرق لعبهم حتى أقول بأني مفيد فاشل في كل شئ . جربت أدوارا كثيرة فلم الفت انتباه أي إنسان . حتى إنني ضننت بأنني اخرس وأبكم وغبي . لكن الذي لم أتصوره بأن كل الناس أغبياء مثلي كيف لم يروا هذا البهلوان المهرج . كل هذه الحركات وكل هذا الجنون ولا احد يراني . لم أتخيل بأنهم كلهم موتى . حتى إني كنت أتمشى في أسواق وشوارع المدينة أتصفح وجوه النساء أملا أن أجدك .

لطالما رجعت إلى فراشي وأنام متعب كانت وسادتي محشوة قصاصات ورق مكتوب عليها أنت مرفوض . ولطالما التحفت فراشي وهو بارد كنت اعد أرقاما وحروف حتى أغفو أتمنى لو لا أصحو كنت أتمنى أن تأتي كل كوابيس الدنيا في ذهني حتى لا استيقظ واجد نفسي وحيدا .

سيدتي .... لا اطلب منك سوى هذه الوظيفة أن استيقظ في كل صباح وهمي الأول كيف أن اكتب لك . أنت الوحيدة التي جعلتيني مهما أن اكتب لك أن احبك أن أعشقك أن أجد نفسي مرة واحدة ان اسخر من المغفلين الذين كانوا يسخرون مني بأن أقول إني اكتب إني أحب وبأنكم لا تحبون .

لا تسلبيني هذا الهناء لا اطلب منك إلا ابتسامة واحدة لكي تمنحيني الحياة .بدونك أكون جمجمة فارغة مرمية على رمال شاطئ لا معنى لها يلف بها الصمت ويتراكلها أطفال الغجر .

أحب أن تعرفي في هذه اللحظة بأني أناني حيث إني سوف أعيش حتى ولو ابتعدت عني لأني سوف أعيش في ذاكرتي .

لكني أناني جدا متشوق جدا لامتلاكك أحب أن تكوني ملكي لأنك أنت من علمتني حب الاستملاك . سأبقى انتظر تلك اللحظة وعسى ان اشعر بحرارة يديك وارى عذوبة جمال سحرك الخلاب الذي صوره الله في أحسن صوره . لا تستغربي من كلامي فأنت جميلة جدا وهذه صفة المحب يرى حبيبه كامل لا عيب فيه ولا نقص فيه

[mark=ffff99]لماذا هذا الصمت وهذا الكتمان تجاه عاصفتي .. أما زلزلتك تلك العاصفة وأما جعلك شوقي في مخاض امرأة وطفاء لتلدي لي الحب والوفاء وأما جعلك شوقي اللا متناهي سيفا صقيلا يحطم القيود والأصفاد فأني بلا شك سفينة لم تعرف الجزع تستمر دؤوبة دون ما توقف في بحر الهيام والشوق البنفسجي فمتى تبوحين بما يجري في عروقك من لهف وحنان ومتى تتفجرين كما فجر النبي موسى عليه السلام اثنتي عشرة عينا حينما ضرب الحجر بعصاه .. ومتى تنطقين كما نطقت الصخرة الصماء في مسجد براثا في بغداد حينما انطقها الإمام علي عليه السلام ومتى تجسدين الود ضاحكا الذي جسده الفارس العربي عنترة حينما استحضر عبلة عند مثار النقع وتشابك السيوف وتزاحم الخيل حين قال إني ذكرتك والرماح نواهل .. فرغم الصمت الرهيب فأني مازلت مناشد السماء أن اعرف ماذا تخبئين من مفردات الحياة وفلسفتها وماذا ستفجرين من مفاجئات عساها أن تكون أنوارا لتمحو دياجير الأفق وأورادا تزدان بها مروج الكون وتحوم حولها فراشات البهجة والنظارة .[/mark]