العلاقة واضحة ...البعثيون ما أن يتمددوا في موقع إلا دمروه وحولوه إلى مرتع للفساد والإفساد والقتل والإرهاب.
اليوم حاول "مجهولون" تفخيخ سيارة القاضي اللبناني المختص بالتحقيق في قضية بنك المدينة الذي مازالت تودع فيه أموال العراقيين المنهوبة من قبل المقبور عدي وعائلة صدام وغيرهم من سماسرة وسراق في لبنان وسوريا.

نجاة القاضي اللبناني المكلف بنك المدينة من عبوة
GMT 9:30:00 2005 السبت 1 أكتوبر
. إيلي الحاج



--------------------------------------------------------------------------------



رابط بين التفجيرات في لبنان وأموال عدي
نجاة القاضي المكلف "بنك المدينة" من عبوة

إيلي الحاج من بيروت: أخفقت محاولة لاغتيال القاضي اللبناني ناظم يوسف الخوري بتفخيخ سيارته بعبوة ناسفة أمام منزله في منطقة ساحل علما بمدينة جونية شمال بيروت.

وتكتسب هذه الحادثة أهميتها من كون القاضي الخوري هو المكلف ملف "بنك المدينة" الذي تفوح منه روائح فضائح كبيرة ذات بعد سياسي يطاول مسؤولين كباراً في لبنان وسوريا وسياسيين وأنسباء لهم ، خصوصاً أن هذا البنك استخدم على ما يبدو لتهريب أموال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ونجله المقتول عدي ، كما أن القضية ترتبط في شكل أو في آخر بحوادث أمنية وتطورات سياسية وقعت في لبنان أخيراً، وربما كانت مرتبطة بجريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري ، لجهة تمويل تنفيذها بمبالغ من المصرف.

وفي التفاصيل أن جيران القاضي الخوري الذي يسكن عمارة "فلوطي وباسيل" الفخمة في منطقة ساحل علما لاحظوا، عند الأولى والنصف فجر اليوم وجود رجل غريب يتحرك بصورة مريبة ومشبوهة في الباحة التي يوقفون فيها سياراتهم تحت العمارة المطلة على خليج جونية وكان يحوم خصوصاً حول سيارة القاضي الخوري من نوع مرسيدس رقمها 4951 ، فهرعوا للقبض عليه ، لكنه تمكن من الفرار على دراجة نارية كان ينتظره عليها رفيق له ، تاركاً خلفه بطاريات ومولدين صغيراين وأسلاكاً تستخدم في تفخيخ السيارات، ولكن لم يعثر على متفجرات. مما قد يحمل على الاعتقاد أن الغاية هي التهويل على القاضي.

و أفاد أحد سكان المبنى لاحقاً أن سيارة دخلت المرأب وأضاءته فكشفت الرجل الذي كان قد تمكن من دخول سيارة القاضي وفتح غطاءها الأمامي وصندوق الواجهة ، كما فكك الغطاء الموجود تحت المقود، مما يوحي أنه كان يقصد ربط المتفجرات بكهرباء السيارات لتنفجر عند إدارة المحرك . وذكرت معلومات أن القاضي الخوري كان قد غادر لبنان إثر تلقيه تهديدات وعاد إليه بعد عشرين يوماً ليصدر أمرأ بختم أرشيف "بنك المدينة" بالشمع الأحمر.

ولا يبعد المكان الذي وقعت فيه الحادثة كثيراً عن المكان الذي فجرت فيه سيارة الإعلامية مي شدياق الأحد الماضي في محلة غادير التي تشكل مع حارة صخر وصربا مدينة جونية.
وفور تبلغهم بالأمر وصل رجال الأمن ومحققون عملوا على رفع البصمات والأدلة الجرمية . ولوحظ أن في مرأب السيارات الذي شهد الحادثة كاميرا فيديو . وفي حال تمكنت من التقاط صورة وجه الرجل فإن القبض عليه سيوفر معلومات لا تثمن للمحققين الذين يجهون لالتقاط أي خيط يقودهم إلى كشف مرتكبي موجة التفجيرات بين المناطق السكنية والصناعية والاغتيالات بالعبوات الناسفة التي كانت آخر ضحاياها الأحياء الإعلامية مي شدياق . مع الإشارة إلى أن اليوم يصادف الذكرى السنوية الأولى لأول حلقة تفجير في السلسلة، وكان المستهدف فيها الوزير مروان حمادة القريب من الرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط .

تقرير "إيلاف" عن "المدينة"
وكانت إيلاف نشرت تقريرا من واشنطن قبل أيام بعنوان : "عيون أميركا تتفتح من جديد على "بنك المدينة" /هكذا هرّبت أموال عدي صدام حسين الى لبنان"، وجاء فيه:

يبدو أن قضية "بنك المدينة" اللبناني ستبرز على واجهة الاحداث مرة جديدة، وأن له صلة ما على الأرجح بملف التحقيق في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري.

وفي معلومات توافرت ل"إيلاف" في واشنطن ان فريقا من المحققين الأميركيين اهتم في وقت سابق بإعداد ملف كامل عن قضية افلاس "بنك المدينة" اللبناني عاد الى متابعة هذا الملف بعد تسرب أخبار من بيروت عن علاقة ما بين القادة الأمنيين الأربعة المعتقلين و"صندوق أسود" انفقت منه الاموال لتنفيذ جريمة اغتيال الحريري ، وبعدما تبين أن لهذا الملف الكثير من التشعبات والفصول السياسية المتداخلة في مرحلة الوصاية السورية على لبنان.

واستنادا الى المعلومات المتوافرة، يبدو أن مسألة "بنك المدينة" قبل ان تكون مسألة ملف افلاس احتيالي هي مسألة جرمية تتحمل مسؤوليتها مجموعة مهمة من قادة النظام الامني السوري - اللبناني المشترك، وأن افلاس هذا المصرف كان "قمة جبل الجليد"، أي أن ما قيل عن عمليات مصرفية كان للتغطية فحسب على عمليات ضخمة للاستيلاء على مبالغ طائلة بطريق الجريمة المنظمة.

وفي المعلومات أن العملية الأضخم هي التي نقلت بموجبها الأموال العراقية التي كثر الحديث عنها الى بيروت، ولا تدخل إطار الاموال العراقية التي اودعت في مصارف بيروت وطالبت بها الحكومة العراقية. واستنادا الى المعلومات نفسها يتضح تورط أسماء لبنانية كبيرة في هذه القضية، منها اسم مسؤول أمني كبير أشرف على تسهيل مهمة نقل الاموال العراقية واستقبالها في لبنان، إذ كانت عناصر أمنية رسمية تضرب طوقا حول الطائرات الخاصة الصغيرة التي تنقلها فور هبوطها في مطار بيروت لتنقل من هناك فوراً الى مكان خاص، ومنها الى حسابات "بنك المدينة" .

وتحدثت المعلومات عن عمولات تقاضتها شخصيات بارزة على هذه العمليات لقاء التغطية السياسية، ونال ضباط كبار في الجيش السوري أيام كان في لبنان حصصهم من العملية، الأمر الذي يعرفه جميع من تعاطوا ملف "المدينة" وخصوصا المحامية العامة التمييزية بالوكالة سابقاَ ربيعة قدورة التي كانت كلفت التحقيق في القضية . وبدأ طمس الملف رسميا عندما اتصل مسؤول امني سوري بالمسؤولين اللبنانيين طالبا منهم المماطلة في التحقيق وطي الموضوع نهائياً . على هذا الأساس أجبر المحامي المكلف من أصحاب المصرف متابعة الموضوع على إرجاء الدعوى بطلبه ارجاء التحقيقات في انتظار عملية تسييل العقارات . ووافق المسؤول القضائي السابق(ع.ع) على التأجيل تغطية لأكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ القطاع المصرفي اللبناني، خصوصاً أن معلومات توحي الثقة أكدت ان العقارات التي قدمتها واسطة المتورطين في الفضيحة داخل البنك المدعوة رنا قليلات على انها تساوي 300 مليون دولار ليست إلا عقارات عادية لا تتجاوز قيمتها ال 30 مليون دولار.

ومعلوم أن أركان "الجهاز الأمني اللبناني – السوري" استطاعوا قبل أشهر من توقيف القادة الأربعة في قضية الحريري أن يخرجوها من لبنان حيث انقطعت أخبارها.

ويأتي إخراج ملف "بنك المدينة" إلى دائرة الضوء مجدداً استنادا الى ما توافر من معلومات عن الأرصدة المالية لمجموعة من القيادات الامنية السورية واللبنانية، وايضا للإجابة عن أسئلة جوهرية في لبنان يتعلق بعضها بمدى الترابط بين هذه المجموعة في امكانات العمل السياسي والأمني والمالي، وحقيقة العلاقة بين القيادات الامنية السورية ورنا قليلات، وارتباطهم جميعا بتطورات الوضع السياسي قبل نهاية فترة الوصاية السورية على لبنان .

في الأصل بدأت قصة "بنك المدينة" منذ ما قبل سقوط نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، عندما باشر ولده عدي نقل أمواله تحسبا للأسوأ وللأيام الصعبة، التي كان يتوقعها مع والده وأركان حاشيته، الى مصارف مغمورة في مختلف انحاء العالم من اجل تضليل دوائر الرقابة العالمية على حركة السيولة المصرفية والتحويلات. وكان ان اختار نقل كمية لا بأس بها من الاموال الموجودة لديه، خصوصا في بغداد. ولهذا الغرض اختار صديقه اللبناني (ر.م)، أحد معاوني الوزير السابق إيلي حبيقة- الذي كان قد قضى اغتيالاً- من أجل تنفيذ هذه العملية، وذلك بنصيحة من مطرب شهير كان خليله في "الليالي الحمراء".

وانطلق (ر.م) الى التنفيذ ، فاجتمع مع نجل مسؤول كبير ورتب له زيارة الى بغداد للاجتماع مع عدي صدام حسين بصفته رئيس اللجنة الأولمبية العراقية . و بالفعل انطلق نجل المسؤول الى هناك بطائرة خاصة ، وتم اتفاق خلال الزيارة على أن يؤمن لحود مع والده الغطاء السياسي لعملية نقل الأموال الى بيروت على ان يحصل على نسبة لا بأس بها منها. ووقع الاختيار على "بنك المدينة" إضافة الى مصارف لبنانية اخرى - هي تلك التي يطالب الاميركيون بالأموال الموضوعة فيها - وجرى الاتفاق على ان ينسق (ر.م) هذه العملية مع نجل المسؤول الذي عاد من بغداد بحقائب مليئة بالاموال تماماً كما في الافلام السينمائية. ومع المباشرة بتنفيذ الخطة بدأت (ر.ق) بالتعاون مع (ر.م) عملية ترتيب استيداع الاموال في "بنك المدينة" ونقلها منه الى جهات مجهولة في عمليات تحويل معقدة لتضليل التحقيق، غالب الظن أن وجهتها كانت قبرص ومنها الى سويسرا .

وفي الوقت نفسه طلب نجل المسؤول "ترتيب أوضاع" شخصين هما من الأهمية بمكان لحسن سير العملية. الأول هو المسؤول القضائي الرفيع ، والثاني وزير قريب منه تعهد تأمين الحماية مع القيادة السورية، وهذا ما كان . وبالفعل أخذت الاموال تنقل من العراق الى لبنان، وكانت أكبرها في رحلات نظمت على عجل، أقل بعضها وزيرين سابقين ، فضلاَ عن مسؤول بعثي اخر تولى في تلك الحقبة تنظيم أسفار إلى بغداد للتضامن مع نظام صدام. وعادت الطائرات الخاصة التي نقلتهم من هناك، وخصوصا طائرة نجل المسؤول بكميات ضخمة من الأموال النقدية الأميركية والاوروبية والبريطانية. وكانت كل هذه الأموال تودع في البنك الذي كانت أعماله تنمو وتزدهر علناً بفضل رنا بفضل عمليات شراء عقارات وشقق كثيرة للتمويه اضافة الى رشوة العاملين فيه.

وفي سبيل توفير التغطية لهذه العملية كانت الأموال توزع يمينا ويسارا حتى وصلت الى حد تقديم سيارات فخمة مجانا للمسؤولين السوريين واللبنانيين. ومن أجل ارضاء احد المسؤولين المقربين اشترى (ر.م) منه فيلا كان قد عرضها للبيع بأربعة أضعاف قيمتها تقريباً.

واستمرت الأمور على هذا المنوال إلى أن وضع الأميركيون يدهم على الملف وطلب السفير الاميركي السابق في بيروت فنسنت باتل من الحكومة اللبنانية التدخل في هذا الملف، ملوحا بأن السلطات الاميركية ستتدخل بقوة لفضح الامور واتهام المسؤولين اللبنانيين عن تبييض عملات النظام العراقي. فكان ان بادرت الحكومة الى التسريب الى وسائل الاعلام اللبنانية بانها وضعت يدها على ما يناهز ال 150 مليون دولار اميركي تعود للنظام العراقي المخلوع... لكن الأمور اكبر من ذلك بكثير وهذا المبلغ لا قيمة له مقارنة بالاموال التي جرى تبييضها ونقلها من بغداد الى بيروت .

لم يكتف الأميركيون بهذا التدبير، خصوصاً ان سلطاتهم تعلم جيدا كمية الأموال التي نقلت الى الحسابات اللبنانية، فصعّدوا مطالبتهم للنظامين السوري واللبناني في هذا الموضوع. ومع انكشاف وصول تحويل بقيمة 371 مليون دولار من مصدر مجهول الهوية إلى صناديق "بنك المدينة"، اضطر المسؤول القضائي الكبير إلى فتح ملف المصرف، على أن تتم عملية "تمييعه" لاحقاً وإخفاء هويات المرتكبين وأسمائهم، الأمر الذي كان يقتضي أولاً إبعاد (ر,ق) عن لبنان وأنظار العالم كافة ، لكونها تعرف كل أسرار هذه القضية.

هذا ما حصل . ويؤكد متابعو الملف في واشنطن أن مبلغ ال371 مليون دولار الذي فتح التحقيق بسببه ثم طُمر، لا يقارن بكمية الاموال التي نقلها النظام العراقي الى بيروت وأودعها عبر "بنك المدينة" في مصارف عدة، والتي انتهت الى جيوب القادة الأمنيين اللبنانيين والسوريين وشركائهم من بعض المسؤولين وأنسبائهم .

والسؤال: هل يشهر الأميركيون في المستقبل ملف "بنك المدينة" في ضوء تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والمتوقع أن يصدره رئيسها القاضي الألماني ديتليف ميليس في 21 من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل؟