النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    4,251

    افتراضي ولادة طفل عراقي في .....

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نشر موقع النور هذا الموضوع ...

    على ضفاف نهر اليانغتسي* ـ يوميات عراقي في الصين (29)


    عدنان جبار الربيعي

    10/11/2008
    قراءات: 44


    " الّليلة التّي ولدت فيها إبنتي ،
    كانت أقصر ليلة في حياتي .
    الليلة التّي ماتت فيها أمّي ،
    كانت أطول ليلة في حياتي .
    أمي التي ذهبت
    سريعا ، سريعا "

    الشاعر الصيني صونغ هنغشنغ



    لا يستطيع المرء فهم عظمة الأم إلا حين يشهد ولادة ما

    لا يمكن إستيعاب ذلك السر الإلهي الذي جعل ذلك المخلوق الضعيف طرفا وحيدا في المعركة التي يخوضها من أجل أن يولد إنسان جديد على سطح الأرض ، تلك المعركة التي تجبر الجنة أن تركع تحت أقدام الأم حين تنهي مهمتها النبيلة ...



    ذات ليلة من ليالي شهر تشرين الأول الباردة في مدينة ( ووهان ) إتصل بي أحد الأصدقاء العراقيين مخبرا إياي بأنه وزوجته في المستشفى منذ ثلاث ليال وحين سألته عن السبب أخبرني بأن زوجته تلد وأن ولادتها قد تعسرت.. لم يكن مستشفى الولادة ( فو يو ) يبعد عنا كثيرا ولذا فقد هرعت وزوجتي إلى هناك على الفور مستصحبين معنا طفلتنا الصغيرة ..



    وصلنا المستشفى بعد نصف ساعة تقريبا و وجدت صديقي بوضع نفسي سيء للغاية ، فقد أخبرني أن أعراض الولادة إبتدأت منذ 3 أيام دون جدوى وأن زوجته تتألم كثيرا وهو يخشى تدهور صحة الجنين الذي بدأت حركته تقل رويدا رويدا

    لم أفهم سبب ترك النساء اللواتي يلدن دون تدخل يذكر إلا حين أوضح لي صديقي بأن ذلك يعد من غرائب الولادة في الصين لأن المرأة تترك أملا في أن تلد ولادة طبيعية دون تدخل طبي مباشر !

    إستأذنت زوجتي صديقي بالدخول إلى حيث ترقد زوجته مستسلمة لقدرها وأذن لها صديقي آملا أن يؤدي تشجيعها ونصائحها وخبرتها وأدعيتها إلى حل تلك الأزمة الكبيرة ، ولم تمر نصف ساعة أخرى حتى خرجت زوجتي طالبة من صديقي إخبار إدارة المستشفى بضرورة نقلها إلى صالة الولادة لأن أعراض الولادة بدأت تتضح بصورة أكبر وهكذا جلبت العاملات النقالة الخاصة وتوجه الجميع بقلوب وجلة إلى البناية المجاورة حيث ساحة المعركة الفاصلة !



    في الصالة الكبيرة التي وصفتها لي زوجتي كان هناك سريران ، سرير خاص للولادة وآخر لما بعد الولادة وقد زودت الغرفة بجهاز تحسس تقلصات الرحم وجهاز آخر يشبه جهاز المذياع لتحسس نبضات الطفل وجهاز أوكسجين لتزويد الأم بالهواء الذي يسميه الصينيون ( هواء الضحك ) بشكل متقطع حين يؤشر جهاز نبضات الطفل أن الطفل بحالة سيئة ..



    كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساء حين أدخلت زوجة صديقي صالة الولادة.. ومر الوقت دون جدوى بينما كانت آلامها تزداد ، وبعد مرور ساعات طلب صديقي من إدارة المستشفى وضع حل فوري لمعاناة زوجته وآلامها فجيء له بورقة وطلب منه توقيع الموافقة على زرق أبرة لتسكين الآلام في الظهر !



    لم أفهم سبب زرق أبرة الظهر إلا حين عدت إلى البيت فيما بعد لأقرأ عما يسمى في علم الطب ( الولادة بدون ألم ) والذي يتم عبر حقن مخدرات في الغشاء الصلب على سطح العمود الفقري الخارجي مما يؤدى إلى إرتخاء عضلات حوض الأم وتخفيف 80 الى 90 بالمئة من ألم الولادة بينما تحافظ الأم على اليقظة الواعية والحركات العادية لتنجز عملية الولادة بسهولة ...



    بكت زوجتي كثيرا حين جلبت الطبيبة حقنة الدواء وبدأت بحقن الدواء في الظهر من خلال أبرة ربط بها أنبوب دقيق ..لم يكن المشهد إعتياديا وبدا كما لو أن الأمر يزداد سوء غير أن آلام الأم بدأت تختفي رويدا رويدا خلال دقائق ثم بدأت عملية مراقبة تقلصات الرحم ونبضات الطفل لتستمر حتى الفجر حين قررت الطبيبة المسؤولة إستخدام جهاز لسحب الطفل بعد تعذر خروجه بسهولة !

    كانت العدة كما روى لي صديقي مغلفة بصورة محكمة وطلب منه مرة أخرى توقيع ورقة الموافقة على إستخدام تلك التقنية ولم تنته المعركة إلا بإخراج الجنين عن طريق إمساك الجهاز برأسه وسحبه من جهة ، بينما كانت ممرضة أخرى تضغط على بطن الأم طالبة منها أن تدفع بقوة ...

    وهكذا ولدت الطفلة تمام الساعة السادسة صباحا في اللحظة التي تحول فيها صديقي وزوجته إلى أب و أم !



    نظرت إلى طفلتي وهي تغط في نوم عميق في حضن أمها بعد أن أتعبها الركض في ممرات المستشفى الكبيرة وإبتسمت مقارنا شعرها الطويل بذلك الزغب الذي خرجت به من بطن أمها ...

    تذكرت تلك اللحظة التي ولدت فيها زوجتي في بغداد .. يومها شعرت بفرح عظيم لا يوصف وكنت أرتجف وأنا أؤذن وأقيم في أذني طفلتي الطريتين ولم أنم ليلتها في المستشفى لأني كنت أراقب ذلك المخلوق وهو يغط في نوم عميق بعد رحلة طويلة في عالم الأجنة ..



    أخبرني صديقي أنه دهش حين وضعت طفلته على بطن أمها وحين تساءل عن ذلك قيل له أن درجة حرارة الطفلة ستساعد رحم الأم بالرجوع إلى وضعه الطبيعي ... بعد ذلك أدخلت ممرضة أنبوبا ربط إلى جهاز في فم الطفلة لسحب الأوساخ التي إبتلعتها خلال عملية الولادة ثم لفت الطفلة بقطعة قماش ووضعتها في حافظة بدرجة حرارة مناسبة ثم أعطيت سائلا ابيض اللون بواسطة ملعقة صغيرة ..



    أعيدت الأم بعد ذلك والطفلة إلى غرفتهما وأخذت الطفلة إلى غرفة صغيرة تجمهر عدد من الناس أمام واجهتها الزجاجية ليستمتعوا بمشهد غسل وتنظيف الأطفال ..

    وقفت لأتابع ذلك المشهد المثير .. جيء بطفلة صديقي وأدخلت الغرفة التي زودت بأنابيب مياه دافئة وحوضين صغيرين مليئين بالماء الدافئ .. بدأت إحدى الممرضات بتنظيف الطفلة بواسطة قطعة قماش مبللة ثم وضعتها تحت صنبور المياه .. وقف صديقي منبهرا وهو يرى الحمام الأول لطفلته .. أثارنا معا وضع طوق نجاة حول عنق الطفلة ووضعها داخل حوض الماء وتركها لتجرب العوم في المياه الدافئة .... كانت الطفلة تحرك يديها وقدميها مستمتعة ثم نامت ظانة أنها ما زالت تسبح في رحم أمها الدافئ ...



    ذات يوم قال لي أحد أصدقائي الصينيين أنه لا يفكر بإنجاب طفل في الوقت الحالي وحين توجهت له بالسؤال عن السبب قال إنه ينتظر إنهاء دراسته لأن ذلك يتطلب تفرغا كاملا خاصة وإن قانون تحديد النسل لا يسمح لهم بإنجاب أكثر من طفل واحد .. ووجدتها فرصة لسؤاله عن تقاليدهم التي تتعلق بالحمل فقال إن لديهم ، كما هو الحال في أغلب الثقافات ، عادات كثيرة وتقاليد ومنها أن المرأة تنصح ، أثناء فترة حملها ، بتجنب النقاشات الحادة و الخلافات لأن ذلك يزعج المولود و تمنع من التفوه بكلمات بذيئة لأن ذلك قد يؤدي الى ولادة طفل ملعون !

    كما يجب تجنب تعذيب أو ضرب أو قتل حيوان ما أثناء الحمل ، لأن ذلك قد يؤدي إلى أن تكون صورة الطفل وتصرفاته مشابهة لصورة وتصرفات ذلك الحيوان ! ولذا فإن المجتمع الصيني يلقي باللائمة على والدة الطفل المعاق جسديا لأن ذلك يعني أن ذلك نشأ عن تصرفاتها أثناء فترة الحمل ..

    تكون أم الزوج هي المسؤولة الأولى عن رعاية الحامل ويحرص على أن تكون وجبات طعامها أفضل بكثير عما كانت عليه قبل الحمل ، ويضع أغلب الصينيين برنامجا غذائيا فاخرا لزوجاتهم يتضمن لحوما وأسماكا طازجة يوميا متجنبين الحبار وبعض الأحياء المائية والأطعمة اللاذعة والحامضة كالأناناس وبعض الفواكه لأنها قد تؤدي إلى الإجهاض ، كما تنصح الحامل بعدم المشي حافية القدمين لأن تدليك باطن قدمها قد يؤدي إلى أن يكون الطفل مدللا أو كثير المطالب فيما بعد !



    ولأن إنجاب الذكور يعد أمرا بالغ الأهمية في الثقافة الصينية فقد أخبرني صديقي بأن بعض الصينيين يسعى إلى الكهنة حين يكون نسل العائلة خاليا من الذكور وتتجلى أهمية الذكور في كونهم يمثلون ضمانا لإستمرار إسم العائلة أما البنت الأنثى فلا ترث في الصين وتعد جزءا مؤقتا من العائلة لأنها ستنتمي إلى عائلة الزوج طيلة حياتها ..

    وتقول المعتقدات أنه ينبغي على الزوجين أن يأكلا أنواعا معينة من الطعام لسبعة أيام من بدء الحمل والتي ستؤدي إلى تحديد جنس الجنين و على سبيل المثال فإن تناول التوفو ( طعام ياباني من فول الصويا ) وعش الغراب ( المشروم ) والخس والجزر قد يؤدي إلى أن يكون الجنين ذكرا أما تناول اللحوم والأسماك والمخللات فقد يؤدي إلى أن يكون الجنين أنثى ..

    ومن المعتقدات الخاصة أيضا بتحديد جنس الجنين إعتقادهم بدلالة شكل بطن المرأة الحامل خاصة بعد الأشهر الثلاثة الأولى فإذا كان البطن منتفخا فإن الجنين سيكون ذكرا أما إذا كان مستديرا فإن الجنين سيكون أنثى ..

    ومن الغرائب التي ذكرها لي صديقي بعد الولادة أن عمر الطفل غالبا ما يحسب إعتبارا من تاريخ بدء الحمل وليس من تاريخ الميلاد

    وأن تقعر سرة البطن تعد علامة إزدهار حياته بعكس حالة بروزها إلى الأمام !

    ويعتقد الصينيون أن سبب بكاء الرضيع المستمر سببه الأرواح الشريرة ولتفادي ذلك توضع أوراق شجرة الـ( جريب فروت ) تحت مخدته !

    كما يكره ترك الرضيع نائما لفترة طويلة و لا يحبذ رش وجه الطفل بالمساحيق البيضاء قبل النوم لأن ذلك قد يؤدي إلى أن لا تعرف روحه وجه صاحبها حين تعود إليه !



    إستمر مكوث زوجة صديقي في المستشفى لأيام بعد الولادة وتناوبنا مع الأصدقاء على تزويدهم بوجبات الطعام ، ولم تخف طفلتي فرحتها ، كل مرة ، برؤية تلك الدمية الصغيرة وهي تتحرك ..



    تبقى الأم ، في الصين ، بعد الولادة 40 يوما تحت عناية خاصة فلا يسمح لها خلال تلك الفترة أكل الطعام باردا ولا الإستحمام بالماء البارد وتنصح بإرتداء ملابس سميكة وتخصص لها مساعدة لرعايتها ورعاية الرضيع لمدة أسبوعين و بعد مرور شهر من مولد الطفل يقام إحتفال صغير بقدوم ذلك العضو الجديد للأسرة ويقدم خلاله الضيوف من الأقرباء والجيران هدايا مثل الملابس للطفل ولحم الدجاج للأم ويهدى أيضا كعكا مستديرا أصفر اللون محشوا بالفول السوداني و بيضا مسلوقا مطليا باللون الأحمر وبعد يوم واحد من الإحتفال يقص شعر الطفل لضمان نمو شعره في المستقبل

    ويقضي الآباء الصينيين وقتا طويلا قبل إختيار إسم الطفل لأن الإسم له دور مهم في تحديد مصيره في المستقبل ، في الثقافة الصينية ، كما أنهم يتشاءمون من تسمية الجنين وهو في بطن أمه ويجب أن يكون الإسم سلسا وله معنى إيجابي كالموهبة والثروة والرفاهية والسعادة



    خرجنا من المستشفى ذات يوم راجلين مررنا بأحد الفنادق الكبيرة المطلة على البحيرة الشرقية .. توقفت سيارة مزينة بالزهور أمام مدخل الفندق تلتها سيارات مزينة أخرى .. نزل العريس حاملا زوجته راكضا بها نحو باب قاعة الفندق الرئيسية !

    علمت فيما بعد أن ذلك يعد جزء من تقاليد الزواج في الصين والتي ستكون محورا لحديثنا القادم إن شاء الله ...



    ــــــــ

    * نهراليانغتسي أطول أنهار الصين والذي يمر عبر مدينة ووهان التي يقيم بها الكاتب



    الصين ـ ووهان




    عدنان جبار الربيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    هناك الكثير من الاحاديث للرسول الاعظم والائمة عليهم السلام والتي تحوي جميع التعاليم والالتزامات قبل الحمل واثناء الحمل وبعد الولادة لكي ترزق بالذرية السليمة والصالحة

    ولكن قلما يلتزم بها فنرى الابتلاءات في الابناء من الامراض والاخلاق الغير سلمية


    شكرا اخي الفاضل احمد

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني