 |
-
كيف تنفق الاموال التي تجبى لبعض المراجع
رائد الحسيني
حينما كنت افاجأ في سني عمري الاولى التي امضيتها في النجف الاشرف بالتذمر المر في لهجة البعض مما كان يوصف بمفاسد الادارات او الحاشيات التي تحيط ببعض مراجع التشيع العظام كان يصيبني نوع من الدهشة المصحوبة بشيء من الاتهام لمحدثي ذلك، غير اني بتقادم السنين وانتظامي في الحوزة الدينية بل وباقترابي اكثر من تلك المراكز اصبت باحباط عجيب لما رأيته من الفساد المالي وسوء الادارة والمحسوبية والمنسوبية وتركز مصادر القوة المادية بايدي محددة تتناولها وتتدوالها تدوال الكرة، وغياب دور المرجع عن الاشراف الفعلي على تلك المجريات.
وعندما تلمست في الجانب الآخر الحرص والاخلاص والمتابعة والنزاهة التي كانت تتصدى لها مرجعية السيد الصدر الاول قدس سره، وما شكله ذلك من فضح وكشف لمفاسد تلك المراكز المتصلة ببعض اولئك المراجع وما نتج عنه بالتالي من حرص ه ؤلاء وسعيهم للايقاع بالشهيد الصدر، وذبحه ولو بسكين النظام البعثي الحاقد، مع دأبهم على التقليل من مرجعية الصدر، والاساءة لشخصه، والتشهير باتباعه، وتسفيه افكاره الخلاقة التي اقر بها العدو قبل الصديق.
ولكثرما كنت اقف متحيراً في حضرة الشهيد الصدر في زياراتي المتعددة له وأنا أتلمس منه الزهد البين في متع الدنيا بشكل كان يبدو غريباً لدى البعض الآخر، بل وكيف كان قدس سره يلزم وكلائه وتلامذته بأهمية هذ ا المنهج وحرصه على التأكد من مصارف الانفاق للحقوق الشرعية بما يرضي الله تعالى ورسوله.
اقول عندما تلمست ذلك ادركت حقيقة الصدق في السير بمنهج الانبياء والاولياء الصالحين وهو كما وجدته بوضوح جلي أيضاً في مرجعية الامام الخميني قدس سره.
واذ برزت ابان تلك الفترة وبعدها مرجعية السيد الخوئي رحمه الله فقد شخص بوضوح بروز تلك المظاهر المؤلمة التي لم تعد تخفى على أحد، فكانت الاموال التي تجبى ب شكل لا يصدق يصرف كثير منها من قبل العديد من وكلائه وابنائهم واقاربهم في امورهم الشخصية لارواء ملذاتهم ومفاسدهم ولهوهم، وباسراف وبذخ في ليال كليالي الف ليلة وليلة، ويحرم منها فقراء الشيعة وشرفائهم وسادتهم ومفكريهم، حين ينال الحضوة المتملقين من الجهلة والمنافقين، وتحول بالتالي وكلائه الى باشوات ولوردات على حساب دافعي الخمس من أغنياء الشيعة، حين يحرم من تلك الاموال اصحاب الحق الشرعيين فيها.
فكم من الملايين ضاعت في السعودية وفي العراق وفي ايران، وأما ايران فحدث بلا حرج، فقد كان اقاي جلال زوج ابنة السيد الخوئي ووكليه العام المقيم في اصفهان اشبه بقارون، ويكفي ان تطالع كيف كان ولازال يعيش، وكيف يعيش ابناؤه، وكم ينفقون، واين يمضون ايا م السنة، بل وهل مر عليكم كيف تم زواج احد ابنائه، وكيف نثرت السبائك الذهبية على الرؤوس كما في الاحلام، حين كان الكثير من رجال الشيعة الشرفاء يتضورون جوعاً ويتسربل ابناؤهم بالاسمال.
لم ترق مرجعية السيد الصدر، ومرجعية الامام الخميني لتلك المراكز فوقفت ضدها ولم تدخر جهداً في الاساءة اليها، والافتراء عليها، وبالتالي محاربة مريديها واتباعها، حين تكدس تحت ظلالها اصحاب المنافع الضيق ة، والجهلة، والحاقدين، فاصبحت ترى وكأنك في بورصة ولست في حاشية تدعو الى مرجعية رشيدة
وحين كان المرجع مؤتمناً على الاموال التي تجبى اليه لتنفق في اوجهها الشرعية فان مصداق ذلك بدا واضحاً في مرجعية الامام الخميني الذي كان حازماً في وصيته حين توفي الى رحمة الله تعالى اذ اوضح بان ولده ا حمد رحمه الله تعالى لا يحق له التصرف بــ(قران) او لنقل فلساً واحداً من الاموال التي في حوزته بل هي عائدة للمرجعية ويجب ان تصرف في مواردها، ولكن الاموال الكبيرة التي جمعت للسيد الخوئي تحولت الى ملك صرف اخيراً لولده مجيد، المعروفة سيرته، وكانه ورثها عن ابيه من بقية املاكه، فاصبحت له مشاعاً وما هذه إلا مصيبة عظمى، ومأساة كبرى، وشتان بين السيد أحمد رحمه الله تعالى علماً وورعاً وتقوى، وبين مجيد الخوئي.
واليوم نشاهد الزمن يكر كرته الاخرى في مرجعية السيد السيستاني، أو لنقل مرجعية جواد الشهرستاني، فلا دور للاول في الادارة المالية، والثاني هو صاحب الصلاحية المطلق، وخازن الاموال، ومدير شؤون المرجعية ا لتي عاضدتها حاشية السيد الخوئي المترفة بالتركة الضخمة، ودعمتها اول امرها بالمال والرعاية، وانفقت في سبيلها الاموال العظام حتى اشتد عودها واستقام، فاخذت تجبى لها الاموال من كل حدب وصوب، والمرجع الكبير القاطن في ارض العراق المحاصر يقاسي شظف العيش حين وكلائه وبالتحديد مكتبه العام في قم يعيش في عصر ذهبي وسنين وفرة، وعوائد تجبى لهم باسم المرجعية فتتحول الى ملك صرف، وضمن صلاحيات صرف هم من يقرروها، وأعني بذلك الشهرستاني وحوارييه المعروفة اسمائهم واعيانهم ممن تحولوا الى اقطاعيين وطواغيت واثرياء في زماننا هذا
هل طالعت كيف تنفق الاموال واين وعلى من؟ هل تأملت كيف كان هؤلاء المنتفعين ثم كيف اصبحوا؟ هل شاهدت كيف يسطع نجم بعض المراهقين والفاسدين المحيطين بالشهرستاني ممن لا هم لهم إلا اللهو والمتع الرخيصة تحت مظلته وبرعايته، وكيف يعمل هو ليصنع لهم مكانة لا يستحقون مثقال خردلة منها ليركع بين اقدامهم الشرفاء والمفكرون والمتدينون بعد ان حصرت الاموال بايديهم وامسوا هم المتصدقون والمانحون ولو تركوا لما اهتم لشأنهم احد.
هل تأملت كيف يعيش رجاله المقربون في بحبوحة العيش التي لم يحلموا بها فكثير منهم كان فاشلاً في حياته، أو شيخاً مزوياً، أو متزلفاً متملقاً جعل من سيده الهاً يعبده ولا يعصى له امراً، فكان ان امتلكوا هذ ا الثروات المباحة لهم دون غيرهم ودون خوف من الله تعالى وخشية من حسابه.
توقف عند كل فرد منهم وتأمل وستدرك هول ما نحن فيه، وعظم مأساة التشيع بأمثال هؤلاء المنتشرين في ايران والخليج وسوريا ولبنان، ودققوا كيف كانوا قبل ان يتلقفوا هذه الحكومة وكم كان يملكون وقارنوها بما صا روا عليه، حين يبقى مقلدو السيستاني في غفلة من هذا، ويمضون جل وقتهم في حساب خمس القروش التي جنوها بجهدهم وتعبهم لتتحول بعد ذلك الى اموال تنفق في اللهو والترف والسفر ومجالس الانس لثلة محدودة معروفة، وانا أحد الذين جهدوا في ايصال هذه الحقائق للمرجع الكبير دون جدوى كما سبقني ولحقني في ذلك العديدون ولكن الحال على ماهو عليه إن لم يكن أسوأ، وهو قطعاً اسوأ بل أشد سوء
انهم اشبه بعصابات المافيا، تمتلك المال فتشتري به الذمم، وتذل به الرجال، وتستبيح به كل شيء، ترفع من الوضيع، وتضع من العزيز، وتشكل الامور كما تشاء، ومن عارضها ليشرب البحر، وليس أسهل من اتهامه بالفسق او الفجور أو حتى الكفر وكأن الله تعالى فوض لهم امر العباد وحصنهم من المساءلة، ورفعهم فوق العباد، فهم لا يسألون ولا يناقشون.
ولست ادري ما هو منطق البعض الذي يمنع من محاسبة الجميع في زمن نا هذا وإن علت منازلهم بالحجة والدليل والبرهان، حين نعتقد نحن ونؤمن بوجوب محاسبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المقربين وتشخيص الصادقين منهم دون الكاذبين والمخادعين ونعيب على من يسلم بتساويهم جميعاً وعدم الاساءة لاحد منهم حتى وإن خرج عن اطار الصحبة وأساء لها.
لنكن صادقين مع انفسنا فان هؤلاء سيكونون يوماً ما نقطة سوداء تشوء ثوب التشيع الطاهر الناصع، وهو منهم برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |