النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow دولة الشيعة النفطية !! ..

    صـــعود دولة الشـــيعة النــفطية


    سميرة رجب

    مقدمة : من أصدق التعابير التي وردت عن أهمية النفط لدى الدول المُستَعْمِرَة، هو ما جاء على لسان «اللورد كيرزون«، وزير الخارجية البريطاني، على إثر توقيع اتفاقية «سان ريمو« (20 أبريل1920) التي وُزِعَتْ بموجبها التركة العثمانية بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، برعاية بريطانيا وفرنسا... حينها قال «إن الحلفاء طفوا إلى النصر على بحر من النفط« ... بينما جاء على لسان القائد الألماني المشهور «لودندوف« بعد هزيمة ألمانيا في نفس الحرب تعبير آخر بنفس الدلالة، حين قال «إن افتقارنا إلى البترول كان في مقدمة العوامل التي أدت دورها في هزيمتنا«.

    حينذاك مارست الولايات المتحدة الأمريكية شتى أنواع الضغوط على بريطانيا وفرنسا، ما بين التحذير والتهديد، لضمان مشاركتها لهما في نفط الشرق العربي الذي أصبح ضمن مستعمراتهما بموجب اتفاقية «سان ريمو«، لتتحول المشاركة بعد أفول شمس الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة إلى «هيمنة« أمريكية على النفط والدول النفطية، وفرض نموذج جديد من سياسات السيطرة والتبعية على تلك الدول، رغم كل الشعارات والادعاءات باستقلالها... فكانت بدايات عهد استعماري جديد، بنمط ومفاهيم وسياسات جديدة بالنسبة إلى الشعوب والحكومات، التزمت خلالها الولايات المتحدة بتوازنات القوة النووية لوجود القطب الشيوعي حينذاك كعامل ردع وضبط، تمكّنَ من تجنيب تلك الدول (المستقلة) حديثاً بطش القوة الأمريكية المتوحشة، والحفاظ على عدم المساس بسيادتها وبكرامة وإرادة شعوبها. ولكن مع سقوط ذلك التوازن في المعادلة الدولية، وبانتهاء الحرب الباردة، كان على الولايات المتحدة أن تعمل بأقصى طاقاتها وسرعتها لاستلام الدور السيادي وزمام السيطرة على العالم، ومنع أي قطب آخر من الصعود لملء الفراغ الذي أحدثه سقوط القطب السوفييتي، مما قد يُفقِدُها، لربما على مدى قرن آخر، تلك الفرصة التاريخية التي سنحت لها لبناء إمبراطوريتها الاستعمارية بعد أن تأجلت سنوات طويلة بسبب وجود ذلك القطب العملاق الذي كان مترصداً لها في الجانب الآخر من المحيط. إمبراطورية استعمارية ونفوذ النفط: هذا هو النفط الذي كان ولايزال يتمتع بالأهمية ودور رئيسي في بناء وحياة الدول العظمى بشكل خاص، والدول الصناعية والمتقدمة بشكل عام، وبدوره الحيوي في بناء اقتصاديات تلك الدول التي تَمَكّنت من فرض هيمنتها الاقتصادية والسياسية على مجمل العالم الثالث ضمن نظام استعماري متميّز بلامحدودية الأطماع والآليات... فهذا المورد الحيوي يعد عماد الحياة في تلك الدول، وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية المتميّزة بنمط حياتي واستهلاكي فريد من نوعه، حيث يبلغ متوسط استهلاكها اليومي للنفط 19.7 مليون برميل، وهو أعلى معدّل عالمي، يتم استيراد 60% منه من الشرق الأوسط، بينما احتياطيها النفطي لا يتجاوز 21 مليار برميل، بمعنى أن كل ذلك المخزون من النفط يمكن أن ينفد خلال ثلاثة أعوام ونصف فقط لو اعتمدت هذه الدولة على نفطها كلياً... وهذا ما عبّر عنه ديك تشيني سنة 1999، وكان حينها رئيس مجلس إدارة شركة هاليبرتون أكبر شركة خدمات بترولية في العالم، بقوله «سيزيد متوسط النمو العالمي على الطلب من البترول بمعدل 2% سنويا، وفي نفس الوقت سيقل الإنتاج بمعدل 3% سنويا، وهذا يعنى أننا سنة 2010 سنحتاج إلى 50 مليون برميل إضافية وهو ما يعادل إنتاج ستة دول بقدرة إنتاج السعودية للبترول« (ويليام انداهل، hcraeserlabolG، أغسطس 2004). وقد تفسر لنا هذه المعلومات التي يملكها ديك تشيني، وما صدر من بحوث عن عدد من المؤسسات الدولية مثل (معهد البترول الفرنسي)، وجامعة (كولورادو) للتعدين، وجامعة (أبسالا) بجنيف، حول حجم الصدمة البترولية الأشد التي ستواجه العالم من الآن حتى سنة 2010 بحدوث نقص عالمي مخيف في إمدادات البترول نتيجة لوصول حجم استهلاك آبار النفط إلى نقطة الذروة (وهذا بحث آخر بحاجة لمقال منفصل)، قد يفسر لنا كل ذلك أسباب الاندفاع الأمريكي لترتيب أوضاعه النفطية، بعد الحرب الباردة، بالوصول ووضع اليد على مختلف منابع النفط وإمداداته ومنافذه وما يتبعه من نفوذ اقتصادي من شأنه أن يفتح لها آفاق السيطرة والهيمنة الكاملة على كل دول العالم... وخصوصاً إذا استدركنا أن هذا الاقتصاد الأمريكي يعيش حالياً طور الإمبريالية المتوحشة كأعلى مراحل الرأسمالية. الإمبريالية المتوحشة وآلياتها: لم تُذْكَر الإمبريالية في كتابات ماركس، لأن كلا المُنَظّرَين، ماركس وانجلز، لم يعيشا مرحلة تطور الرأسمالية إلى الإمبريالية، لذلك لم تتضح لهما معالمها كنظام اقتصادي يتطور في مراحل متقدمة، وإنما كان لينين هو من وضع أسس الإمبريالية في مجلده الشهير «الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية«... لذا يمكن تعريف الإمبريالية على أنها مرحلة متقدمة من الرأسمالية ظهرت مع تَدَرّج تطور الاقتصاد الرأسمالي، بدءاً من مراحلها الدنيا وهي مرحلة التنافس التجاري والاقتصادي ومبدأ السعر والربح، أي السلعة - المال - السلعة، إلى المرحلة المتوسطة وهي مرحلة الاحتكار كأعلى درجات المنافسة، انتقالاً إلى المرحلة العليا وهي الإمبريالية التي اتسمت بتجمع الشركات الوطنية العملاقة في كارتلات، وتَجَمُعْ الشركات والمؤسسات الوطنية المتوسطة في اتحادات، ليتحول الاقتصاد إلى مبدأ المال - السلعة - المال، وبدايات اقتصاد تصدير المال (رأس المال المالي)... ووصولاً إلى أعلى مراحل الإمبريالية والمتمثلة في ظهور الاحتكارات العالمية، وخروج الشركات العملاقة وكارتلاتها من النطاق الوطني إلى العالمي لتتكوّن الشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات... وعندها بدأت الآليات الاقتصادية لهذه المرحلة الإمبريالية بالوضوح والانتشار، فظهرت السياسات المالية (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي)، والاتفاقيات التجارية (الجات، اتفاقيات التجارة الحرة...)، والمعاهدات الدولية (معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، معاهدات الدفاع المشترك، معاهدات الأمم المتحدة...). ولكن هذه المرحلة الإمبريالية إنتهت عند الحرب على العراق لتضع حداً فاصلاً لكل ما سبق من تلك النظم الاقتصادية وتبدأ مرحلة جديدة، وهي مرحلة الإمبريالية المتوحشة التي اتخذت من أحداث 11 سبتمبر 2001 ذريعة لتعلن الولايات المتحدة عنها تحت شعارها الجديد (من ليس معنا فهو ضدنا)، وتبني عليه آليات جديدة لم يعهدها العالم من قبل... وأهم تلك الآليات التي نعيشها اليوم هي الحرب الاستباقية، والحرب الوقائية، وتغيير العقيدة النووية من دفاعية إلى هجومية، ومبادئ الحرب الاستثنائية التي لا يحق لغير الولايات المتحدة اعتمادها. هنا نتساءل... هل الولايات المتحدة بحاجة لأن تسيطر على منابع النفط، أم أن بإمكانها تأمين حاجاتها النفطية دون الخوض في حروب مدمّرة ضمن هذا النظام الإمبريالي المتوحش؟ أما الإجابة فيمكن أن تتلخص في أن هناك فرقا بين أن تُؤَمّن أمريكا نفطها ووصوله وعدم التلاعب بأسعاره وعدم استخدامه كسلاح ضدها، وبين أن تمتلك النفط وتتحكم في إنتاجه وتصديره وتسعيره واستخدامه كسلاح ضد أي بلد تريد تركيعه... بمعنى امتلاكها للنفوذ أو الكارتل النفطي كاملاً... حيث ستنتفي الحاجة حتى إلى منظمة الأوبك للدول المصدّرة للنفط وغيرها من المنظمات النفطية... وهذا ما تثبته مختلف التقارير والدراسات الاستراتيجية التي صدرت وتصدر عن الإدارة الأمريكية بشكل منتظم وموثق. فقد جاء في التقرير السنوي لمجلس الأمن القومي الأمريكي الذي نشر في الربع الأول من عام 1990 «إن المصالح الحيوية الأمريكية في الشرق الأوسط، المتمثلة أساساً في مصادر الطاقة والعلاقات الأمريكية القوية مع بعض دول المنطقة، تستحق وجوداً أمريكياً مستمراً وربما معززاً في المنطقة«، وجاء فيه أيضاً «إن الولايات المتحدة ستحافظ على وجود بحري لها في شرق البحر المتوسط وفي منطقة الخليج وفي المحيط الهندي وستسعى إلى دعم أفضل للأسطول في الدول المحيطة، وإلى خزن معدات سلفاً في مختلف أنحاء المنطقة«... بالتالي، ليس هناك مجال للشك في أن ما ذكر في هذا النص من التقرير، كان في مجال استعدادات الولايات المتحدة لخوض شتى الحروب للوصول الى مصادر الطاقة النفطية التي تعد من احتياجاتها الملحة على جميع المستويات، وإن النفط كان وسيكون الدافع الرئيسي وراء كل الحروب التي قامت وستقوم بها الولايات المتحدة ضمن استراتيجيتها لفرض سيادتها كاملة على العالم بالسيطرة على منابع النفط وخطوط إمداداته، واستخدامه، عند اللزوم، كسلاح دمار شامل واستراتيجي ضد كل الدول التي تعتمد على نفط الشرق الأوسط، وهي أساساً أوروبا الموحدة والهند والصين واليابان... وبهذا لم تكن حربها عام 1991 ضد العراق، واحتلالها للعراق عام 2003 إلا ضمن تلك الاستراتيجية الإمبريالية التي وضعت بواسطة مجموعة اليمين المحافظ في الإدارة الأمريكية، فيما سميت بـ «مشروع القرن الأمريكي الجديد« ذي التأثير والتدخل المباشر في منطقتنا العربية عموماً والخليجية خصوصاً. نظام عالمي جديد وإعادة رسم المنطقة، والشرق الأوسط الكبير: «النظام العالمي الجديد« مصطلح أطلقه الرئيس بوش (الأب) عام 1991 للتدليل على تَفَرّد الولايات المتحدة في حكم العالم ومسؤوليتها عن إعادة تنظيمه وفق المبادئ (الديمقراطية - الليبرالية)... وجاء مصطلح «الشرق الأوسط الكبير« على لسان الرئيس بوش (الإبن) عام 2004 لإكمال الصورة، ووضع تلك المسؤوليات الأمريكية قيد التنفيذ بإعلان التغييرات المتوقعة ضمن إعادة ترتيب المنطقة بما يتناسب مع المصالح الأمريكية في «النظام العالمي الجديد«، حيث يتوقع تكريس عضوية أعضائه الجغرافيين الجدد (إيران وأفغانستان وباكستان وإسرائيل)، وهو تكريس يحتاج إلى مخاض سياسي عسير، ذي أبعاد إستراتيجية وتحالفات شرق أوسطية قائمة ومحتملة، في بنود معلنة وغير معلنة، مما يؤكد لنا أن النظرة إلى الشرق الأوسط ما هي إلا أنه منطقة مصالح وليس مجرد منطقة جغرافية. ولكن محمد حسنين هيكل، الصحفي العربي الكبير، يرفض أن يكون النظام الدولي الذي يعيشه العالم اليوم هو «نظام عالمي جديد«، بدأ منذ ورثت الولايات المتحدة تركة الاستعمار البريطاني والفرنسي منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى أن «فكرة وجود نظام عالمي جديد تفترض وجود قوة اقتصادية وعسكرية غالبة تملكها دولة واحدة أو تحالف دول، في عصر بعينه، تستطيع أن تجعل إرادتها فاعلة أو مؤثرة، أو على الأقل غير قابلة للتجاهل، في كل قضية ولكل بقعة من بقع العالم الداخلة في تفاعلاته« (حرب الخليج، أوهام القوة والنصر - 1992)... ومن هذا المنظور يرى هيكل أن ما ظهر بعد انتهاء الحرب الباردة من الولايات المتحدة «لم يكن نظاماً عالمياً جديداً، وإنما كان أقرب إلى ترتيبات جديدة يستحدثها نظام عالمي قديم يعيد بها تأكيد دوره في ظروف متغيرة«.

    ولكن التطورات اللاحقة لتلك الرؤية التي وضعها هيكل في كتابه عام 1992، جعلت العالم، من أقصاه إلى أقصاه، ينتقل إلى واقع جديد لم يكن يوماً ضمن تنبؤات علماء المستقبليات حتى نهاية تسعينيات القرن الماضي... حيث جاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 كذريعة لإشهار دعاوى محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومي الأمريكي التي أخذت بها إدارة اليمين المحافظ الأمريكي ذريعة كبرى للانتشار العسكري الأخطبوطي في كل العالم حسب المخططات المعتمدة مسبقاً في «مشروع القرن الأمريكي الجديد«، الخاص ببناء أسس وأعمدة الإمبراطورية الأمريكية الاستعمارية، بدءاً من مرتكزاتها الأساسية في أهم المناطق النفطية في العالم... وضمن هذا المشروع جاء الإعلان الأمريكي، حول أهمية إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط سياسياً وجغرافياً، على لسان كولن باول وزير الخارجية الأمريكي في مجلس الأمن في فبراير ...2003 وضمن هذا المشروع أيضاً تم التخطيط للسيطرة على منابع النفط في الشرق الأوسط وفي الجمهوريات الإسلامية المطلة على بحر قزوين، بعد تَمَكّنَها من مختلف المنابع النفطية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها... وضمن هذا المشروع بدأت الحرب الأمريكية المستمرة على العرب والإسلام والمسلمين تحت دعوى محاربة الإرهاب، وتخليص المجتمعات المقهورة من الظلم والفساد والنظم الدكتاتورية التي أَجهَضَت، كما تدعي، كل أمل في توفير الأمن والأمان والحياة الكريمـة للإنسان فيها، في حين أن هدفها الأساس هو الهيمنة على هذه المجتمعات والسيطرة على ثرواتها وبخاصة البترولية منها، وجعلها أداة طيعة في يدها لا تعصي لها أمراً ولا تخالفها رأياً. فالثروات البترولية هي الهدف وهي الغاية التي وضعت في استراتيجيات «مشروع القرن الأمريكي الجديد«... وبامتلاك كل هذه الثروات تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت امتلاكها للسلاح الفريد الذي يجعلها تنفرد في سيادتها على العالم ضمن «نظام عالمي جديد«... فهو سلاح فريد لكونه جامعاً بين قوة النفوذ الاقتصادي والصناعي والعسكري والسياسي في آن واحد، ويمكن أن يكون سلاح دمار شامل عندما يجتمع بمجمل منابعه ومصادره وخطوط إمداداته في حوزة وإرادة طرف واحد في العالم، ليتحكم به دون أية اعتبارات غير فرض السيطرة والسيادة وإشباع سطوة مصالحه القومية البحتة .. فهو السلاح الذي وصفه محمد حسنين هيكل من النوع الذي «لا نار فيه ولا لهب«... وبالتالي تعد السيطرة التامة وتأمين استمرارية هذه السيطرة (المدعومة عسكرياً) على النفط العربي الخليجي ونفط بحر قزوين أحد أهم مستلزمات المشروع الأمريكي والنظام الدولي الجديد. وماذا بعد افغانستان والعراق ونفط بحر قزوين: بعد الحرب الأمريكية على أفغانستان لتأمين خطوط إمدادات نفط جمهوريات آسيا الوسطى، وبعد الحرب الأمريكية على العراق واحتلاله للوصول إلى منابع النفط العراقي والسيطرة عليها، وبعد كل الفوضى التي خلّفتها هاتان الحربان غير المنتهيتين بعد، يا ترى هل سوف تتوقف الأطماع والمخططات الأمريكية، أم لا يزال هناك ما هو غير معلن في مخطط إعادة تنظيم العالم ومشروع الشرق الأوسط الكبير؟ الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن هذه المنطقة، ومنذ عام 1990 وحتى الوقت الحاضر، تعيش حالة متصاعدة من القلق والترقب، ترافقها بعض الأزمات بين الحين والآخر، تتصاعد في حدتها حيناً وتخفت أحياناً أخرى... أما ما يحدث منذ احتلال العراق، فهو تحوّل نوعي في حالة القلق المتصاعد والأزمات المرافقة لها، ذلك التحول الذي يكشف عن نفسه في بعض المظاهر الخفيفة، وغير المعلنة، من الشد والجذب في علاقات أنظمة المنطقة مع الإدارة الأمريكية... مما يشير بكل وضوح إلى أن القادم من الأيام وربما السنين سيكون محملاً بالكثير من المفاجآت التي قد تكون جزءاً من المخططات الأمريكية غير المنتهية بعد، أو العكس تماماً. إذن ماذا بعد أفغانستان والعراق؟... بكل تأكيد أن المراحل القادمة في تلك المخططات الأمريكية تهدف إلى الإمتداد والسيطرة على ما تبقى من نفط الشرق العربي، وهو ما يقع منه داخل الخليج وعلى ضفتيه شرقاً وغرباً، حيث لا يزال النفط السعودي والإيراني وما بينهما من دون السيطرة الأمريكية المباشرة، أي لا يزال ذلك النفط خارج ممتلكات الإمبراطورية الأمريكية. وليس من شك في أن أمريكا التي اعتادت أن تكيل بمكيالين في تناولها للقضايا التي تواجه العالم تحت عباءة الشعارات البراقة التي ترفعها حول حقوق الإنسان والديمقراطية وتحرير المرأة ومحاربة الإرهاب.. تعلم جيداً أن الاحتياطي العالمي الأول والثاني للنفط موجود في هذه الدول العربية والإسلامية، وبالذات في السعودية وإيران وجزر وإمارات الخليج. وتعلم أيضاً أنه إذا ما استقر لها الأمر في هذه البلدان وتحققت لها السيطرة على منابع النفط فيها، فسوف تكون قادرة على التحكم في الاقتصاد العالمي وتوجيهه بما يتفق ومصالحها في الهيمنة على العالم، الأمر الذي عناه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب بوضوح حين قال «إن القرن الحادي والعشرين هو قرن أمريكا الذي سوف يشهد سيادتها على العالم دون منازع«.

    فكيف تتحقق السيطرة على هذا النفط؟!!... هل تتحمّل هذه المنطقة حرباً تحرق الأخضر واليابس وما في داخلها من نفط؟!... وهل تتحمّل المنطقة ان تعيش ضمن الوضع أو النظام الذي رسمه الاستعمار البريطاني مع بدايات القرن العشرين لتسهيل إدارتها حينذاك من 10 داوننع ستريت، في لندن؟! أم أن هذه المنطقة يجب أن يعاد ترتيبها بما يناسب مصالح الاستعمار الجديد وتسهيل إدارة شئونها من البيت الابيض في واشنطن؟! «صعود دولة الشيعة النفطية«: حسب المعلن أو المسموح بإعلانه، في التكتيك الإعلامي الأمريكي، هو أن هذه المنطقة بحاجة ماسة إلى ترتيب وضعها السياسي والجغرافي بما يتناسب مع لملمة كل منابع النفط على ضفتي الخليج وما بينهما لتصبح تحت السيطرة الأمريكية المباشرة، ضمن إدارات تملك الحد المطلوب من السياسات المتجانسة والسهلة الانقياد... ولأن هذه المناطق بالذات تقطنها الغالبية الشيعية، فإن ما يقال عن ترتيبات أمريكية لقيام دولة طائفية تحقق مصالحها في هذه المنطقة أصبح له مرجعية ترجحه، وخصوصاً إذا تابعنا أحداث المنطقة وما يحاك لمجتمعاتها من أزمات طائفية متتالية ومتصاعدة تم خلالها إخراج الشيعة من حالة السكون والاعتراض السلمي إلى حالة التجييش والعسكرة والعنف السياسي، ضمن برنامج زمني محكم ومدروس، خلال الفترة منذ 1980 وحتى وقتنا الحاضر. في مقال جدير بالإنتباه والتمعن بعنوان «صعود دولة الشيعة النفطية«، بقلم السعودية «مي يماني«، الباحثة في المعهد الملكي للشئون الدولية، تشير الكاتبة إلى أنه «لم ينتبه الغرب إلى الشيعة قبل عام 1979، حين بدوا للعيان على رأس ثورة عنيفة أعملت القتل في الآلاف وحولت شاه إيران إلى تاريخ منسي. وفي نظر الغرب، أصبح الشيعة يمثلون الوجه المحارب العدائي للإسلام، والفئة العازمة على تصدير العنف إلى العالم... ولقد بدت النسخة السنية من أولئك الشيعة، وحتى الوهابيين المتشددين في المملكة العربية السعودية، في غاية الوداعة مقارنة بهم، ولكن الهجمات الإرهابية على أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر 2001 غيّرت تلك الفكرة إلى الأبد«... وتضيف في مجال تبريرها لتغيير نظرة الغرب بالنسبة للشيعة إن «ما يسمى بالمثلث السني في وسط العراق يعد معقلاً لأشد المعادين للإحتلال الذي قادته الولايات المتحدة والمتعاونون معها«. وتسترسل الكاتبة، بما تملكه من ثقافة غربية واطلاع على مجريات الأحداث العربية والسياسات الغربية عن قرب «إن التفجيرات الشنيعة التي وقعت في المزارات المقدسة للشيعة بكربلاء لن تغيّر ولن تحجب حقيقة جديدة جلية من حقائق الحياة في الشرق الأوسط، فالآن وبعد أن انقشعت سحابة الحرب في العراق، أضحى من الجلي أن نجم الشيعة قد بزغ، فخرجوا بعد طول سبات باعتبارهم الفئة الرابحة غير المنتظرة«... وتوضح أن الشيعة في الجانب العربي أدركوا أن المسلمين الشيعة على الجانب الآخر من الخليج قد اكتسبوا نفوذاً سياسياً هائلاً، مما دفعهم إلى أن ينتبهوا إلى قدرتهم على تنظيم أنفسهم وإلى المنحة الكامنة تحت أقدامهم: ألا وهي النفط... وتقول «... كما انتبه الشيعة إلى الصدفة الجغرافية التي وضعت أكبر احتياطي نفطي على مستوى العالم تحت أرض تشكّل تجمعاتهم فوقها أغلبية سكانية، في إيران، والمنطقة الشرقية من السعودية، والبحرين، وجنوب العراق... فمرحباً بكم في كومنولث «دولة النفط« الجديد«. فبقراءة بسيطة لأحداث منطقتنا الخليجية العائمة فوق أكبر مخزون نفطي في العالم، وما تم خلال تلك الأحداث من تكريس وتجذير الوضع الطائفي من خلال أبناء المنطقة الذين توزعوا خلال الثمانينات بين معظم المراكز الدينية والسياسية، وتشربوا منها الطائفية والمذهبية السياسية، وبقليل من التَمَعّن في الدور الإيراني المساند للقوات الأمريكية في حربها على أفغانستان، ودورها الشبيه بذلك في الغزو الأمريكي على العراق واحتلاله، وما أعطي للشيعة ذوي الأصول الإيرانية في العراق من دور أساسي في تلك الحرب والاحتلال والأحداث التي تلتها وحتى الآن، لتيَقَنّا أن ما حصدناه في مجتمعاتنا الخليجية خلال المرحلة الماضية لم يكن نبتاً شيطانياً ظهر دون رعاية وحماية ومراقبة... فما حدث ويحدث في العراق ما هو إلا الفصل الرئيسي الذي سوف تتبعه فصول لا تزال تتفاعل أحداثها بين ظهرانينا سواء في البحرين، أو في المنطقة الشرقية في السعودية، أو ما يمكن أن يدعى بالخطر الديموغرافي الذي يشكل تهديداً محتملاً للمجتمعات الخليجية الأخرى... تفاعلات نعيشها كل يوم تشير إلى ما هو مرسوم لهذه المنطقة من مستقبل مظلم في الأجندة الأمريكية... ولكن وللأسف الشديد، دون أن نلاحظ أية مؤشرات لاستنفار همم حكومات المنطقة ونخبها المثقفة وأبنائها الشرفاء. صعود وسقوط الإمبراطوريات: على مدار التاريخ كان نشوء الإمبراطوريات العظمى يعد امتداداً طبيعياً لحضارات تاريخية لها مقوماتها الإنسانية العريقة ذات الامتداد الأفقي بين أكبر مساحة بشرية متآلفة في قيمها ومفاهيمها الثقافية والإبداعية، والامتداد العمودي في الجذور الفكرية والقيمية والمعيشية لمجتمعاتها... فكانت تلك الإمبراطوريات ترتكز على ما تملكه من بعد حضاري وتاريخي وإنساني، وما تقدّم من إبداعات قيمية ومعرفية إلى مسيرة تطور التاريخ البشري... فيا ترى هل تملك الإمبراطورية الأمريكية المزعومة المقومات الحضارية المطلوبة لقيامها واستمرارها؟ بداية لم تأت هذه الإمبراطورية، رغم ما تملكه من معالم وآليات وأهداف، من عمق حضاري يملك من القيم الإنسانية الإيجابية ما يضيف إلى موروث القيم الإنسانية الممتدة على طول التاريخ البشري، بل ما تملكه هذه الإمبراطورية من قيم وثقافات فإنها تضاف إلى موروث قيم العداء للإنسانية ولقيم الخير والعدالة، مما خلق لها رفضاً وعداء مبكرا على امتداد الأرض قاطبة... كما لم تأت هذه الإمبراطورية من عمق زمني طويل يؤهلها أن تقوم على أسس تحفظ لها استمراريتها بالتفاعل مع قيم الشعوب الأخرى الممتدة بعمرها وقيمها العريقة في أعماق التاريخ، مما يجعلها إمبراطورية لا تمتلك قاعدة تستند إليها لكونها مرفوضة من الشعوب العريقة التي تنظر إليها بازدراء لما تملكه (هذه الإمبراطورية) من ثقافة وحشية وعدائية ومادية بحتة دون أية اعتبارات إنسانية... إذن عدم نضوج هذه الأمة تاريخياً وزمنياً نسبة بالأمم العريقة من ناحية، وتلك القيم المادية واللاإنسانية واللاأخلاقية في ممارساتها مع كل الأمم الأخرى من ناحية أخرى، لا يؤهلان هذه الإمبراطورية أن تقوم، وإن قامت، بعوامل القوة والبطش، فإنها لا تملك مقومات استمرارها. لكل ذلك، تُقابَل السياسات الأمريكية بالرفض، بمختلف أشكاله، في كل موقع تمتلك فيه موطئ قدم بعد كل عدوان عسكري أو تدخل سافر، حيث تكتشف الشعوب تلك السياسات القائمة على العدوان والعنف والقتل والتدمير والنهب والكذب والتحايل اللامحدود، دون أي اعتبار لإرادة الشعوب وكرامتها الإنسانية... ولذلك أيضاً تلتزم الإدارات الأمريكية بالسرية والغموض والتعتيم وعدم الإفصاح عن أهدافها وخططها وبرامجها، كما تلتزم بسياسة إعلامية على قدر كبير من التكتيك في ممارسة الكذب لخلق الذرائع لتنفيذ خططها أو الإعلان عن بعض من تلك الخطط، لما تحويه هذه الأهداف والخطط من مخاطر ونوايا شيطانية... إلا أنها ولاعتمادها الكلي على القوة في الانتشار والسيطرة، فإنها ستستمر بالمضي في تنفيذ مشروعها الاستعماري والتوسعي نحو منابع النفط، ما استطاعت لذلك سبيلا. ولكن، وبينما تتفاعل شعوب العالم قاطبة على تأسيس كل أنواع المقاومات لمواجهة هذه القوة المفرطة القائمة على أسس قيمية وتشريعية عدائية، والتي لن تهدأ قبل أن تهزمها وتعيد أسس العدالة والإنسانية إلى نصابها التاريخي والحضاري، فإنه في الجانب الآخر هناك بدايات واضحة لانهيارات في الداخل الأمريكي... مما يؤكد أن سقوط تلك القوة الأمريكية، القائمة على قاعدة من تراب، لن يكون بعيدا.


    http://www.akhbar-alkhaleej.com/arc_...B&IssueID=9724
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2003
    الدولة
    بـغـــــــداد
    المشاركات
    3,191

    افتراضي

    مقال مهم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    مع تصاعد النعرة الطائفية... هل بدأ دور حكومة بغداد في تخويف الجوار؟
    نيويورك - راغدة درغام الحياة 2004/12/10

    لن يرتاح العراق من حرب الارهاب التي تُخاض في عقر داره لأنه اختير ساحة لهذه الحرب من جانب طرفيها العازمين على الغاء بعضهما بعضاً. لن يرتاح لفترة طويلة سواء أُجريت الانتخابات في موعدها او تم تأجيلها. اجراؤها في موعدها يوجه رسالة عزم وجبروت الى المقاومين والبعثيين والمتمردين وللذين توجهوا الى العراق لاقتناص القوات الاميركية ومحاربتها. لكن الاصرار على الموعد، مع تصعيد العمل العسكري في الفلوجة وغيرها، انذار بتحجيم السُنّة لمصلحة الشيعة، وبقرار اميركي. هذا ما جعل العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني يحذّر من انشاء «هلال شيعي» يمتد من العراق الى ايران الى سورية ولبنان و«يخلّ بالتوازن القائم مع السنّة». فهناك في واشنطن من طبع على الارهاب ختم السنّة في الوقت الذي قرر ان الشيعة قد يكونون «حلفاء» في الحرب على الارهاب كما في حال تطورات تقسيم العراق والمنطقة الخليجية، خصوصاً ان الثروات النفطية المهمة يقع معظمها في المناطق الشيعية. لذلك، فإن النقاش العلني الذي اطلقه الملك عبدالله الثاني ليس طائفياً بصورة هامشية وانما هو استراتيجي في الموازين بين السنّة والشيعة.

    الولايات المتحدة خاضت حرباً ضد الشيعة في الوقت الذي كانت تبني علاقات متينة مع السنّة في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات. دعمت حرب الزعامة التي خاضها الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ضد ايران واستمرت تدعم العراق في الحرب العراقية ـ الايرانية سنوات لأسباب عديدة بينها: لعب أحد البلدين ضد الآخر لإضعافهما معاً... وحماية الدول الخليجي العربية من تصدير الثورة الايرانية اليها من خلال جعل العراق «منطقة فاصلة» تمنع تدفق النفوذ الشيعي الى الخليج العربي.

    في الفترة ذاتها، كانت الولايات المتحدة تصنع الاصولية سوية مع باكستان ودول عربية وخليجية لصد الشيوعية واسقاط الاتحاد السوفياتي عبر البوابة الافغانية من خلال تشريب «الجهاد» للمتطوعين، ومعظمهم من السنّة.

    الآن، يرى بعض الناشطين في صنع السياسة الاميركية في عهد جورج دبليو بوش ان المصلحة الاميركية الاستراتيجية تقتضي تغيير الموازين بحيث يُبلّغ السنّة اينما كانوا ان عهد الهيمنة ولّى. ويرى هؤلاء ان حليف الماضي في افغانستان والعراق بات عدو اليوم اذ انه من ارتكب ارهاب 11 ايلول (سبتمبر) 2001 ضد اميركا ومن يخوضها الآن في العراق. بدأ الكلام عن الوهابيين ثم توسّع ليشمل السنّة عامة. والصورة التي تُقدّم لصنّاع القرار الاميركي الآن هي صورة الشباب الغاضب الناقم على اميركا المنتمي الى شبكة «القاعدة» وامثالها ومعظمه من السنّة.

    اما «حزب الله» الذي تصنّفه الولايات المتحدة منظمة ارهابية فإنه أقلية في تقديرها، واضح الملامح، ومعالجته مختلفة تتم عبر سورية وايران.

    عراقياً، ما تنبّه له عدد من القيادات العربية هو ان استبعاد السنّة، او تغيبهم عن الانتخابات في الوقت الذي تتدخل ايران بصورة مباشرة، يغيّر موازين القوى اقليمياً.

    ايران تريد امتلاك العراق، بعد ان يغادره الاميركيون، اذا استطاعت. وهي تريد نفوذاً جذرياً في العراق اثناء بقاء الاميركيين فيه، لتحمي نفسها بعدما طوّقتها القوات الاميركية في افغانستان والعراق.

    الدول الخليجية استثمرت اموالاً طائلة في الحرب العراقية ـ الايرانية لتحجيم ايران وهيمنتها اقليمياً كما لحجب النفوذ عن الاقليات او الاكثريات الشيعية في داخل هذه الدول. الآن وبعد حرب العراق، ما لا تريده هذه الدول هو إما تهييج الشيعة عليها اذا ما تعرضت ايران الى حرب اميركية عليها او عبر اسرائيل، ولا تقوية نفوذ ايران في العراق مما سيؤدي لاحقاً الى تملّك ايران لمنطقة الخليج والى اسقاط انظمة عدة من السنّة في دول حيث الاكثرية شيعية.

    هذا جزء مما قصده العاهل الاردني في حديثه الى صحيفة «واشنطن بوست» هذا الاسبوع عندما حذّر من وصول حكومة موالية لايران الى السلطة في بغداد تعمل بالتعاون مع طهران ودمشق «لانشاء هلال يخضع للنفوذ الشيعي يمتد الى لبنان ويخلّ بالتوازن القائم مع السنّة».

    وقال ان التوازن التقليدي بين الشيعة والسنّة، سيتأثر بذلك وسيُترجم الى «مشاكل جديدة لا تقتصر على حدود العراق» ولفت الى ابعاد افرازات ذلك الى انتباه «الذين يخططون الاستراتيجيات». وقال: «حتى السعودية ليس لديها مناعة» تحميها من اللااستقرار الذي يترتب على قيام «الهلال الشيعي». وزاد ان اللااستقرار قد يؤدي الى «نزاع شيعي ـ سني يزداد وينتقل الى خارج حدود العراق».

    تحذير العاهل الاردني مرفوض في ذهن وخطط كثيرين في واشنطن لأنهم يريدون أساساً اللااستقرار للوضع الراهن في موازين الحكم في المنطقة ولتحطيم الهيمنة السنية داخل العراق وخارج حدوده. البعض يريد اندلاع النزاع الشيعي ـ السني داخل العراق بما يؤدي الى تقسيمه لأن التقسيم هدف في خططه منذ البداية. يريد اللااستقرار في السعودية واندلاع الفوضى الى درجة «الاضطرار» الى «مساعدة» اميركية او صوغ «استدعاء» للمساعدة العسكرية الاميركية أقله لحماية مناطق النفط السعودي. هذا البعض يخطط لانشاء «بترولستان» من السعودية الى العراق ولا يهمه اضعاف السنّة او هزّ الموازين التقليدية او قيام «هلال شيعي» طالما هذا يخدم المصالح النفطية والاستراتيجية. ومن الضروري اخذ نفوذ اصحاب هذا الرأي على محمل الجدية خصوصاً ان معظمهم داخل او حول وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) التي تصنع الاستراتيجيات البعيدة المدى وتصنع السياسة الخارجية.

    الحكومة العراقية الموقتة ليست جسداً مشتعلاً في العراق وقد تكون، في رأي البعض، ذراعاً لأميركا فيه، لكن نفوذ هذه الحكومة الموقتة يفوق نفوذ حكومات عديدة ثابتة في المنطقة ظنت ان لها مكانة خاصة في واشنطن. لذلك فمن الضروري لاقطاب هذه الحكومة استخدام احتياج واشنطن اليها كوجه للشرعية من اجل التأثير جدياً في الافكار التي تصنعها مجموعات لا تضع مستقبل العراق حصراً في مطلع اولوياتها.

    احياناً، تبالغ الحكومة العراقية الموقتة بالتصرف كأنها حكومة مُنتَخَبة وتبالغ ايضاً عندما تهدد الدول المجاورة كأنها هي التي ستنفّذ التهديدات. فالاستقواء بالقوات الاميركية له نتائج سلبية حتى وإن كان الغضب من الجيرة في محله. في الوقت نفسه، يبدو استقواء الحكومة العراقية الموقتة مكلّفاً للدول المجاورة المتهمة بالتدخل والمراوغة، وبالذات سورية وايران، لأن هذه الحكومة لها نفوذ تحلم به دمشق وطهران مع واشنطن.

    هذا الاسبوع، ابلغ الرئيس العراقي غازي الياور الى الاميركيين اثناء زيارته واشنطن ان «ايران تتدخل بشكل واضح في شؤوننا» وتنفق «الكثير من الاموال» مع اقتراب الانتخابات»، وتقوم «بنشاطات استخباراتية كثيرة... لا سيما في جنوب شرقي العراق». وقال ايضاً ان في «سورية اشراراً يفلتون من وجه العدالة» في كلام تزامن مع قول المسؤولين الاميركيين ان بعثيين في النظام العراقي السابق «يوجهون من سورية عمليات المقاتلين» داخل العراق ويجمعون لهم التبرعات. نائب رئيس الوزراء، برهم صالح وجه انذاراً الى الجارين ولمّح الى فقدان الصبر معهماً لعدم قيامهما بأكثر، وعدم الوفاء بالتعهدات.

    هذا الاسبوع ايضاً التفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي الواقف بجانبه وقال: «سأكون صريحاً معك، لا استطع ان اتصوّر كيف يمكن تنظيم انتخابات عامة في ظروف احتلال كامل من جانب قوات اجنبية». اضاف ان موسكو «لا تستطيع كذلك ان تتصور كيف ستتمكن القيادة العرقية بمفردها من السيطرة على الاوضاع وضمان وحدة الاراضي العراقية».

    وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد قال هذا الاسبوع انه يتوقع انسحاب القوات الاميركية من العراق في غضون 4 سنوات. قرار مجلس الامن الذي وضع البرنامج الزمني للانتخابات والاسحابات لمّح الى امكان انسحاب القوات الاميركية مع استكمال العملية السياسية في العراق المتوقعة في غضون سنتين.

    تقرير مسؤول في الاستخبارات الاميركية السري الذي تسرّب هذا الاسبوع اسهب بتشاؤم عن الوضع المتدهور في العراق حيث العنف في تفاقم سيما العنف الطائفي.

    بين العنف الطائفي العراقي وحروب تُخاض في الساحة العراقية تطفو اسباب كثيرة للخوف على العراق. فالحديث عن «استقرار غامض» في العراق ينذر بمعارك طاحنة متوقعة تشنها القوات الاميركية ضماناً لعقد انتخابات في 30 كانون الثاني (يناير) المقبل واستكمالاً لحرب الارهاب التي تُخاض في عقر الدار العراقية. العراق لن يرتاح لفترة طويلة.


    http://www.daralhayat.com/opinion/12...816/story.html
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    الشيعة العرب واستئناف رسم الخرائط
    سليمان العبد الله




    منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن خصوصا منذ 11 ايلول 2001، شرع الملحمي والخارق يدخل في اليومي، وأقصر من ذي قبل غدت المسافة الفاصلة بين الخيال العلمي والواقع.
    لكن التدقيق والمقارنة يحملان على استبعاد الحيرة. فخرائط عالمنا المعاصر، أو معظمها، إنما رُسمت بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت الامبراطوريتان العثمانية والهابسبورغية تنحلان فيما يحل الاتحاد السوفياتي الشيوعي حيث حلّت روسيا القيصرية. وهذا الرسم نفسه إنما وجد استكماله بعد الحرب العالمية الثانية، هي التي أنجبت الكتلة الاشتراكية ونقلت الصين الى الشيوعية كما ولّدت عشرات الدول المستقلة في افريقيا. فما الذي يعصم، بالتالي، وقد انتهت الحرب الباردة وتوطّدت العولمة، من انبعاث الخرائط واستئناف عمليات الرسم؟
    وهذا ليس من قبيل التآمر ونزعته الشهيرة، مع ان ظروفاً انتقالية كالموصوفة أعلاه تحبل بالتكهنات الرؤيوية وبهلوسات الخلاص. ففي مرمى النظر يلوح ربع قرن مضطرب، قام البرهان، بكثير من الدم والخراب، على ان خرائطه لن تكون مثل خرائط اليوم، واذا قيل، بحق، ان صعود الواحدية القطبية وتراجع نظرية <<السيادة>> يقدمان للرسم بعض زيته، بقي أن الخرائط ليست مجرد أوعية خارجية مضبوطة بخطوط تُسمى حدوداً. فهناك، الى ذلك، قدر لا يُستهان به من تحولات داخلية، ومن قراءات لها وقراءات مضادة، يُفترض بها جميعاً أن تنعكس على الخرائط المذكورة.
    فماذا لو تخيّلنا، تبعاً لهذه الخلفيات، وجهة تفضي بالمنطقة الى استبعاد رجحانها السياسي السني برجحان شيعي مقابل؟ ولذا كان للمراقبين أن يتوقفوا عن ظاهرات متفرقة تشي بهذا الاحتمال، كالانتخابات العراقية في ظل ضمور سني، وربما عزوف واستنكاف، أو كالتقارب الايراني الغربي، أقلّه الأوروبي، بشهادة مؤتمر شرم الشيخ في موازاة الاتفاق حول تخصيب اليورانيوم، فأغلب الظن أن سيناريو كهذا لن يملك احتماله إلا بسقوط النظام الديني في طهران. ذاك أن تحولاً كهذا لا تزال الشهوة الاميركية فيه تفوق بلورة أدواته وصيغه، إنما يرقى الى شروط شارط. غير انه إذا ما تم، أوجد منطقة متراصة مذهبياً تشمل العراق وإيران، وينضوي فيها، بمعزل عن خرائط الدول الراهنة، شيعة الخليج البحرينيون منهم والسعوديون والكويتيون.
    ويمكن التذكير بإلماحات في هذه الوجهة ترافق ظهورها مع بدايات حرب العراق الأخيرة، كما في إشارات متفاوتة الالتواء صدرت عن هذا <<المحافظ الجديد>> أو ذاك. ولنا، بشيء من الاستطراد، أن نقول إن الوقوع على السيد أحمد الجلبي كان بمثابة هندسة استباقية لسيناريو كهذا.
    بيد أن الأمر أبعد من الجلبي، بل أبعد من السيستاني الذي استُغني بحضوره الاصيل عن الدور المزغول للمصرفي الملتبس. ذاك أن من الدروس التي خرج بها فريق عريض من اليمين الاميركي الحاكم بعد ضربات نيويورك وواشنطن، درساً مفاده قصور الاتفاق مع المؤسسات السنية المحافظة والحاكمة وسلبية عوائده. فالأخيرة كانت محالفتها مثمرة إبان الحرب الباردة، حين كان الموضوع الاستراتيجي والجيوبوليتيكي يحكم الصراع الغربي مع الشيوعية. أما بعد 11 أيلول، فلم يعد استقبال قاعدة عسكرية في البلد الحليف، أو التصويت على نحو ملائم في الأمم المتحدة، مادة مغرية. وأمسى، في المقابل، الموضوع الثقافي والمجتمعي، بما في ذلك من تربية وتعليم وموقع للنساء وإصلاح ديني، يحتل رتبة غير مسبوقة في الأهمية.
    هنا، وفي استعارة للتقديرات الاميركية المفترضة، يستطيع الشيعة ما لا يقوى عليه السنّة. ذاك أن الأوّلين، وهم ورثة تقليد مديد في المعارضة والرفض، زوّدوا سائر الأحزاب العلمانية التي عرفتها المنطقة كوادرها ونشطاءها. وحتى في داخل الصف الأصولي نفسه، يمكن تمييز شيخ شيعي وزميل له سني. فالثاني، مثلا، أدنى في المراتبية الدينية عموماً، وأقل استجابة للمصالح الاجتماعية الوازنة لكنه أشد استجابة لمشاعر عامية، لا يعوزها التأجج والهيجان. وعلى هذه الفوارق وغيرها يُستدل في مدى العناية بالثقافة الحديثة حتى لو كانت عناية ضدية. فإذ يميل المثقف الديني الشيعي الى <<محاورة>> الفكر الغربي، وهو ما يصح في أسماء تمتد من العراقي محمد باقر الصدر الى الايراني علي شريعتي واللبناني محمد حسين فضل الله، يتحرك معادله السنّي داخل شرنقة النص الموروث عن السلف الصالح، غير عابئ بما يجري في عالم أوسع.
    غير أن الأمر ليس، في آخر المطاف، ثقافة. فقد انتهى الزواج الأفغاني بين الولايات المتحدة والمحافظة السنّية الى طلاق مرير وذكرى أمرّ. وإذ تتعثر صيغ <<الاصلاح>> لأسباب لا حصر لها، يتراءى أن البديل الشيعي كفيل بتوفير بدايات سياسية تناسب معاودة الانطلاقة بزخم نوعي. فموقع التأثير السعودي، الذي ما ونى يتصاعد منذ أوائل السبعينيات وارتفاعات أسعار النفط الشهيرة، يبدأ عده العكسي إذّاك. وجدير بالذكر ان إضعاف نفوذ الرياض ليس، في الولايات المتحدة، مطلباً ل<<المحافظين الجدد>> وحدهم، إذ هم أشبه بشعور شعبي مجتمعي حاول أن يمتطيه المرشح الديموقراطي جون كيري في سعيه الرئاسي. ولذا تذكّرنا اللون الشيعي الزيدي لليمن، واللون الاباضي لعُمّان، انتبهنا الى أن الرياح العاتية التي قد تهبّ على المملكة من شمالها وشرقها، يمكن أن تلاقي رياحاً هابّة من الجنوب حيث حساسيات الأرض والحدود والتاريخ خصبة ولادة. وما يجعل التحديات الخارجية مهلكة كونها داخلية أيضا: ذاك أن التكوينات الطائفية والأهلية، في السعودية كما في البحرين، تستدعي حفّاري القبور، بأسرع مما يظن، من الحدود الى الدواخل.
    ومصر، بالطبع، لن تكون بمنأى عن عاصفة كهذه. فالقاهرة التي قام شطر أساسي من سياستها في الثمانينيات على دعم بغداد في وجه طهران، تفقد معظم نفوذها الاقليمي إذا ما نشأ حلف <<مقدس>> عراقي ايراني. وقد تُضطر مصر، والحال هذه، الى توجيه ما تبقى لها من نفوذ باتجاه السودان وليبيا، فلا يعود لها، في ما خص فلسطين واسرائيل، إلا القليل من الرأي والاقل من الطاعة.
    وسيناريو مثل هذا ينهي تماما فكرة العروبة بالمعنى الذي باشره جمال عبد الناصر بعد 1956 وقاده مباشرة الى المشرق. ف<<الحصة>> السنية إذاك يُعهد بها الى تركيا غير العربية والتي ربما ضُمّت، في الغضون تلك، الى الاتحاد الأوروبي. وتحولات في هذه الضخامة لا بد أن تسهّل الوصول الى حل لأزمة الشرق الأوسط يطابق الرغبة الأميركية الإسرائيلية في ترجمتها الأقصى، دافعاً بسوريا الى عملية تكيّف يستحيل اجتنابها. فدمشق التي التجأت، أواخر الخمسينيات، بالقاهرة هرباً من الحصار التركي، ثم حالفت ايران، في الثمانينيات، ضد العراق، ستجد نفسها في مواجهة عالم مختلف كليا. وقد تتخذ الجراحة السورية شكل التخلص من البعث مع الاحتفاظ بالتوازن الأهلي السياسي القائم منذ 1963، خصوصا ان الفئات الاجتماعية التي نمت عند ملتقى القطاعين العام والخاص كفيلة بتأمين جسر عبور لا تنقصه الروابط العائلية واللحمة الاجتماعية. وفي وسع لبنان ذي الحضور الشيعي الوازن ان يسهّل المهمة، لا سيما إذا ما وجدت أقليته المسيحية ما يطمئنها في تحالفات داخلية وإقليمية كهذه. وأغلب الظن أن تجد ما يطمئنها فتقايض تراجعها العددي بموقع <<نوعي>> مضمون لا تتهدده الحركات الراديكالية كائنة ما كانت.
    وبدورها فالشيعية السياسية، لا سيما وقد سُويّت مسائل الجولان وشبعا، تملك من الاحتمالات ما يفيض عن خيار حتمي واحد. وفي النطاق هذا يمكن التذكير بصفحات عدة، منها ولادة المجلس الشيعي الأعلى كحركة انشقاق عن التمثيل الشامل للمسلمين من قبل دار الفتوى، ومنها التكهنات التي رافقت انتخاب بشير الجميل رئيساً عن حلف ماروني شيعي يرث الصيغة الاستقلالية المارونية السنّية.
    لكن هذا الصنف من العمليات الجراحية هو ما لن يضطر اليه بلد صغير آخر كالأردن. فالملكة التي تعاني، بدورها، مشكلة التوازن بين مكوّنين أهليين، مملكة هاشمية. والهاشميون، كما نعلم، سنّة وشيعة في وقت واحد، يبكون علياً والحسين بوصفهما جدّين ويفخرون بمعاوية كونه مؤسس الدول.
    () كاتب لبناني


    السفير 9 - 12 -2004


    http://www.assafir.com/iso/oldissues...pinion/13.html
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني