 |
-
شيئ من التاريخ
سيف بن ذي يزن بطل اليمن القومي وأحد أكبر أبطال العرب التاريخيين هل كان خائناً لأنه أراد تحرير بلاده من سطوة وظلم الأحباش بالإستجارة بالفرس ؟
التاريخ يعيد نفسه أحياناً ولكن مع المقاييس المتبعة اليوم هل يستطيع العرب أن يقولوا أن سيف بن ذي يزن خائن باع وطنه للفرس ؟
[line]
قال ابن إسحاق : فلما هلك أبرهة ، ملك الحبشة ابنه يكسوم بن أبرهة ، وبه كان يكنى ؛ فلما هلك يكسوم بن أبرهة ، ملك اليمن في الحبشة أخوه مسروق بن أبرهة .
خروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن
سيف بن ذي يزن يشكو لقيصر
فلما طال البلاء على أهل اليمن ، خرج سيف بن ذي يزن الحميري ، وكان يكنى بأبي مرة ، حتى قدم على قيصر ملك الروم ، فشكا إليه ما هم فيه ، وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ، ويبعث إليهم من شاء من الروم ، فيكون له ملك اليمن فلم يشكه و لم يجد عنده شيئا مما يريد .
النعمان يتشفع لسيف بن ذي يزن عند كسرى
فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر ، وهو عامل كسرى على الحيرة ، وما يليها من أرض العراق ، فشكا إليه أمر الحبشة ، فقال له النعمان : إن لي على كسرى وفادة في كل عام ، فأقم حتى يكون ذلك ،ففعل ، ثم خرج معه ، فأدخله على كسرى .
وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه ، وكان تاجه مثل القنقل العظيم - فيما يزعمون - يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة ، معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك ، وكانت عنقه لا تحمل تاجه ، إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ، ثم يدخل رأسه في تاجه ، فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب ، فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك ، إلا برك هيبة له ؛ فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك .
ابن ذي يزن بين يدي كسرى ،ومعاونة كسرى له
قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة : أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه ، فقال الملك : إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ، ثم يطأطئ رأسه ؟ فقيل ذلك لسيف ؛ فقال : إنما فعلت هذا لهمي ، لأنه يضيق عنه كل شيء .
قال ابن إسحاق : ثم قال له : أيها الملك ، غلبتنا على بلادنا الأغربة ؛ فقال له كسرى : أي الأغربة : الحبشة أم السند فقال : بل الحبشة ، فجئتك لتنصرني ، ويكون ملك بلادي لك ؛ قال : بعدت بلادك مع قلة خيرها ، فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب ، لا حاجة لي بذلك ، ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف ، وكساه كسوة حسنة . فلما قبض ذلك منه سيف خرج ، فجعل ينثر ذلك الورق للناس ، فبلغ ذلك الملك ، فقال : إن لهذا لشأنا ، ثم بعث إليه ، فقال : عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس ؛ فقال : وما أصنع بهذا ؟ ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهب وفضة : يرغبه فيها . فجمع كسرى مرازبته ، فقال لهم : ماذا ترون في أمر هذا الرجل ، وما جاء له ؟ فقال قائل : أيها الملك ، إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل ، فلو أنك بعثتهم معه ، فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم ، وإن ظفروا كان ملكا ازددته . فبعث معه كسرى من كان في سجونه ، وكانوا ثمانمائة رجل .
وهرز و سيف بن ذي يزن و انتصارهما على مسروق ، و ما قيل في ذلك من الشعر
واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز ، وكان ذا سن فيهم ، وأفضلهم حسبا وبيتا . فخرجوا في ثمان سفائن ، فغرقت سفينتان ، ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن . فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه ، وقال له : رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا .
قال له وهرز : أنصفت ، وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن ، وجمع إليه جنده . فأرسل إليهم وهرز ابنا له ، ليقاتلهم فيختبر قتالهم : فقتل ابن وهرز ، فزاده ذلك حنقا عليهم .
فلما تواقف الناس على مصافهم ، قال وهرز : أروني ملكهم ؛ فقالوا له : أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه ، بين عينيه ياقوته حمراء ؟ قال : نعم ، قالوا : ذاك ملكهم ؛ فقال : اتركوه .
قال : فوقفوا طويلا ، ثم قال : علام هو ؟ قالوا : قد تحول على الفرس ؛ قال : اتركوه . فوقفوا طويلا ، ثم قال : علام هو ؟ قالوا : قد تحول على البغلة . قال وهرز : بنتُ الحمار ذل وذل ملكه ، إني سأرميه ، فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم ، فإني قد أخطأت الرجل ، وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به ، فقد أصبت الرجل ، فاحملوا عليهم .
ثم وتر قوسه ، وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها ، وأمر بحاجبيه فعصبا له ، ثم رماه ، فصك الياقوتة التي بين عينيه ، فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه ، ونكس عن دابته ، واستدارت الحبشة ولاثت به ، وحملت عليهم الفرس ، وانهزموا ، فقتلوا وهربوا في كل وجه ؛ وأقبل وهرز ليدخل صنعاء ، حتى إذا أتى بابها ، قال : لا تدخل رايتي منكسة أبدا ، اهدموا الباب ، فهدم ؛ ثم دخلها ناصبا رايته .
المصدر: سيرة إبن هشام
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |