يبدو أن هنالك نزاعاً من نوع لقيادة عصابات الجريمة والقتل والعنف التي تجري في العراق حالياً. نزاع بين البعثيين وبين البعثيين السابقين والذين لبسوا العمائم والعقال ، هيئة علماء السفاحين.
الذي يؤكد هذا الكلام هو صدور بيانات مستقلة للبعثيين يدعون فيها تنفيذ عمليات تحت قيادة عزة دوري وصدام حسين وهو أمر يدل على حدوث انشقاق او صراع بينهم بين الفئات الغير متجانسة والمتصارعة ايديولوجياً وعملياتياً بينها.
النجاح الساحق للإنتخابات رغم التهديدات والتنفيذات بالقتل، جعل بعض الإتجاهات تتجه إلى التحرك السياسي لمحاولة لملمة مكاسب، من المؤكد أنها ستفقدها بالكامل، خاصة أن عمليات القتل العنف والقتل والتخريب لن تعطيها ما تطمح اليه.
هذه رسالة وجهها البعثي عبدالأمير ركابي وهي رسالة مفتوحة مما يعني انها تأخذ منحى إعلامياً موجهاً ضد حارث ضاري. الرسالة بها الكثير من السرار-حقائق أو أكاذيب- تحرج المستعمم خالصي مثلاً، وتطرح تساؤلات كثيرة عن طبيعة تحركه ومصادر تمويله.
الرسالة
الدكتور حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين الموقر
تحيه مخلصه
شيخنا الفاضل ، دعني اولا اعبر لك عن عميق احترامي وتقديري ، وانتهز الفرصة لكي ازف لكم تبريكاتي بحلول العام الهجري الجديد آملا من اعماقي ان يكون عام المزيد من الصمود بوجه الاحتلال وتوابعه وكل القوى المهادنة له .
واعذرني شيخي الجليل على صراحتي ، وعساكم تقدرون حرصي على موقعكم ورغبتي الخالصة في علو مكانكم بين المجاهدين الرافضين للذل ولسلطة الاجنبي ، وعسى ان تتفهموا قلقي الشديد وقلق جمع كبير من الوطنيين المناهضين للاحتلال ممن يراقبون بحساسيه وبوعي مواقفكم وماتتخذونه واتخذتموه من خطوات في الآونة الاخيره واقصد منها ذلك الذي يصح ان يكون مثارا للتساؤلات بسبب التواتر والتكرار وبفعل توالي الوقائع ، وهو مما لايصح نفيه بالقول بان الامر عائد الى خطة مقصوده ينظمها الطرف المعادي ضدكم بقصد تشويه مواقفكم ، او لحاجته الى تبرير مواقفه ، او اظهارها بمظهرالقبول من طرف جهات لاغبار على توجهاتها وصدق وطنيتها مثلكم .
فكل هذا مما نضعه في اعتبارنا ونجتهد قدر المستطاع كي نتبينه من دون ان يدلنا او ينصحنا احد ، وظني الخاص ان كل الحريصين عليكم من الوطنيين والمناهضين للاحتلال يفعلون مانفعل ، ويميلون الى تكذيب مايروجه اذناب الاحتلال عنكم ، غير ان الامر قد تجاوز هذه الحدود ، وبالنسبة لشخص غير بعيد عن الخفايا مثلي ، فان جوابا كالذي تلقيته عند اتصالي بشيخنا الطيب عبدالسلام الكبيسي لم يكن كافيا ، ولن اقول غير مناسب ، خاصة وان هنالك مااصبح بحاجة الى تفسيرواضح ومحدد بناءعلى :
ـ تصريحات الوفد الذي ذهب الى القاهرة قبل شهرين تقريبا باسم "القوى المناهضة للاحتلال" والرسالة التي تم تقديمها الى الجامعة العربيه ، وماتضمنته من مقترحات واستعدادات تنسب في العرف السياسي الى منطق (ترك الابواب مواربه ) ، ولن ادخل في هذه اللحظة بالذات في نقاش حول المقصود من نصوص تلك الرساله التي تعلمونها ، على اننا يمكن ان نعود لها اذا استدعى الامر.
ـ اللقاء الذي تم بين وفد من "المؤتمر التاسيسي" وانتم اعضاء اساسيون فيه ، وبين السفير الامريكي في بغداد .
ـ ماسمعته شخصيا ومباشرة من الشيخ جواد الخالصي الامين العام ل "المؤتمر التاسيسي" في بورتو اليغري في البرازيل ، ومن حسن الحظ ان تلك المعلومات قد ذكرت بحضور طرف ثالث عربي ومقاوم ، فلقد جئت اعرض على اخونا وصديقنا العزيز الشيخ جواد مقترحا محددايتمثل في "ضرورة واولوية قيام مرجعية وطنيه تضم كافة القوى المناهضة للاحتلال " فبادرني بالقول بانكم تميلون الى تشكيل اطار يضم بعض من خرجوا من المعسكر الآخربفعل الانتخابات ، ومن هؤلاء شخصيات واسماء ذكرها لي ، من المعروفين بصلاتهم القديمه والوطيده مع قوى اجنبيه ، ومن الدعاة المشهورين والرواد للغزو ولاحتلال بلادنا ، الامر الذي دفع بي لاختصار اللقاء بعد ان اكدت بقوة على مانعتبره اولويه ، فاعدت القول بان اولوياتنا هي قيام اطار وطني يضم كافة القوى المناهضة للاحتلال .
ـ الانباء التي تتردد مؤخرا عن حضور ممثلين عنكم لقاءات مع قوى وجهات تمثل الوجه الحالي من وجوه العمليه السياسيه للاحتلال ونقصد الوجه او الطبعة الانتخابيه ، مع مايشاع عن قبولكم مبدا الاشتراك في صياغة الدستوروان بشروط ، وغير ذلك من انباء مشوشه ومقلقله .
لقد اراد الشيخ الكبيسي جزاه الله خيرا ان يطمئنني ، وكان وانا اتحدث واياه في طريقه لحضور اجتماع علمت بانه على وشك الانعقاد بينكم وبين تيار الصدروممثلين عن المدرسة الخالصيه بعد دقائق من حديثنا ، ولعله قد نقل اليكم والى المجتمعين شيئا من قلقي اضافة لتحياتي ، وقد فكرت بعد ذلك بالاتصال بجنابكم ، فوجدت ان معاودة الحديث قد تكون وسيلة ضعيفه ، لاترقى الى مستوى اللحظة والحدث ، وخفت بصراحه من احتمال ان اتلقى منكم كلاما شبيها ، وتطمينات من نفس النوع ، مما سيدفعني الى التفكير بماهو اسوا ، وبما ان الامر يتعلق بلحظة انعطاف غير عاديه ، وبما ان مايجري عام ويشغل بال كل القوى المناهضة للاحتلال في العراق والعالم العربي والاسلامي ، فلقد وجدت ان اعرض الامرعلنا ، آملا ان يكون هذا الخطاب مثارتداول ، او طريقا يفتح الباب نحو بلورة موقف سياسي في لحظة فاصله .
وقبل ان افعل ذلك فانني ارغب في توسيع نطاق وبواعث النقاش الحالي ، فاللقاءات مثل تلك التي عقدتموها مؤخرا وعقدت من قبل ، امر لاشك ابدا في قيمته وفائدته ، لكنها لن تكون من ناحية اخرى ملبية للمطلوب اذا هي لم تتزامن مع مفهوم وموقف سياسي وبرنامج عمل واضح حتى وان كان بالحد الادنى ، وحين نتحدث اليوم عن قيام "اطار وطني يمثل القوى المناهضة للاحتلال " فاننا لانقصد طبعا "تجميع الناس" فاجتماع المتوافقين جانب ، وهو في احيان ما يمكن ان يكون الجانب الاضعف قياسا لماهو مطلوب ، بدليل ماهو حاصل فعليا اليوم ، فلقد اصبحت اللقاءات بينكم ك"مؤتمر تاسيسي" وبين التيار الصدري متواتره ومتصله ، الا انها ومنذ ان غدت كذلك لم تضف لكم ولاللتيار الصدري ولالمجموعكم ماهو مفترض من قوة وهيبة وتاثير ، وهانحن اصبحنا نخاف من وطاة الكم بعد فقدان فعاليه وحضور الكيف ، ولهذا حسب مانرى اسبابه التي سبق ونوهنا بها في مناسبات سابقه ، فنحن لسنا من الساكتين على الاخطاء او ممن يقدسون الظواهر او يتملقونها مهما كانت ، ولقد تعرضنا قبل فترة وكما تعلمون لابشع واشنع هجوم من قبل ارهابي وقتلة السمعة ، وراى الناس فصلا هو الاخير من فصول الصراع مع الدكتاتورية جرى امام اعين الجميع بعد سقوط الدكتاتوريه ، فركز علينا نحن بالذات وعلى اخوتنا العاملين معنا سيل من الاقاويل والتهم المنكرة ، وجرى اللجوء لاحط وسائل واساليب التخوين المعتاد ، وكل مايمت بصلة الى القتل السياسي خارج الاخلاق والقيم والاعراف ، بعيدا عن كل مقصد نبيل ، الا مقصد اعدام المخالف او المعارض ، فالذين لم يعودوا يملكون وسائل قتل الاجساد وتذويبها ، اختاروا اليوم طريق قتل التاريخ والسمعه ، وتجاوزوا بخسه على كل ماله صلة بالوطنيه ، لقد سبق لاحد الكتاب الغربيين ان اطلق على هؤلاء اسم "جنودالظلام في قلب الظهيره " وهم بالفعل كذلك ينضحون سما وغلا ويموتون بسمهم وحقدهم الاسود .
ولستم طبعا والعياذ بالله من هؤلاء ، ولاشئ ابدا يمنعنا من ان نعرض عليكم اراءنا ووجهات نظرنا ، خاصة واننا نفترض اشتراكنا سويا في خدمة مقصد واحد نبيل ، هو عراق تعددي وديمقراطي متحرر من الامريكيين ، ويتمتع بالسياده ، أي مشروع العراق المناهض للاحتلال والدكتاتورية البغيضة السوداء معا ، العراق الذي يضمن لكل العراقيين حق المشاركة في بناء وطنهم ، وممارسة دورهم في اطار احترام كل طرف لدورالآخرين ومكانهم ، ومن منطلق الايمان بهذه المبادئ ، فاننا نصرعلى ممارسة حقنا في المراقبة والنقد والتحليل ، ونرفض لغة الغوغاء والديماغوجيا ومحاولات اخضاع مصير الشعب للهلوسات ولغة الانفصال عن الواقع .
وبالعودة الى مقصدنا نقول بان هنالك ظاهرة نلاحظها ، وقد تكونون تلاحظونها معنا تتمثل في تعدد واتساع الاطرالمعبرة عن الموقف الوطني من ناحية ، وتدني وزن هذه التجمعات عمليا وسياسيا من جهة اخرى ، وهذا الامر ينطبق مثلا على تيار الصدر، ونحن نظن وعسانا نكون مخطئين ، بان التياراليوم قد تراجع وزنا قياسا الى ماكان عليه وضعه قبل معركة النجف الاخيره ، وان اداءه وربما تماسكه القيادي والداخلي وقدرته على الفعل في الساحة الوطنيه كما تبدو اليوم ، وكما تجلت خلال الانتخابات الاخيره ، لاتتناسب وماكان يعد به ، او يمكن توقعه له قياسا الى حالته وموروثه والظروف التي صادفته مباشرة بعد الغزو وصولا الى اللحظة الراهنه .
وربما يكون شئ من هذا المآل اخذ بالسريان الان على وضع "الهيئة" ولنقل على وضع "المؤتمر التاسيسي " الذي هو تجمع من قوى يعود الفضل في اطلاقه كفكرة وكمفهوم كما في تشكيله الى قرار اتخذناه نحن في "سكرتاريا المجلس التاسيسي" في باريس ، عندما تم الاعلان عن تشكيل "السكرتاريا" في مؤتمر صحفي عالمي عقد في شهر تشرين الثاني من عام 2003 اثناء انعقاد وداخل مجريات المنتدى الاوربي في باريس ، ويومها قررت السكرتاريا تكليف الشيخ جواد الخالصي بصفته عضوا في السكرتاريا المعلنه ، بالسعي الى عقد مؤتمرات تمهيديه داخل العراق تحت شعار "من اجل المجلس التاسيسي " قبل ان تتخذ الامور وجهتها التي اتخذتها لاحقا ، لتتحول الى ماهو قائم الان باسم "المؤتمر التاسيسي العراقي" وقبل ان تتجمع تلك الملاحظات على موقف "الهيئة" و"المجلس" مما اصبح يلقي ظلالا كثيفه من التساؤل المقلق حول خيارات "الهيئة " والمجلس ومعهم التيار الصدري .
وهذا يضعف حتما مواقع كل من "المجلس" وتيار الصدر ، ويقلل من ثم من وزن اجتماعهما برغم مايمثلانه على الارض ، ولنقل بان ثمة في هذا المظهر شئ من تراجع في موقع عموم المعسكر المناهض للاحتلال نجم عن اخطاء وسوء اداء مورس خلال الاشهر الماضية ، وبالذات منذ مجئ حكومة علاوي حتى الان . فتيار الصدر لم يكن من المفترض ان يقبل الانجرار الى خوض معركة مواقع ضد قوى الاحتلال ، وكان من الاصوب له ان يختار اساليب اخرى من المواجهة غير استعراضيه ، تؤدي الى انهاك العدو ، وتوجعه ، وتطيل امد المواجهة الى ابعد وقت ممكن ، من دون ان يصاب جيش المهدي والتيار الصدري بمقتل ، او تتاح الفرصة لمحاصرته سياسيا وعسكريا كما حدث ، لتعود النتائج فتنعكس كما هو الواقع الان سلبا عليه وعلى ادائه اللاحق ، وطبعا على بنيته التنظيميه ، وتماسكه ، وفعالية قيادته ، ووحدة القرار داخله ، مما اضطره اخيرا وحسب معلومات تبدو مؤكدة الى الدخول في مفاوضات مع حكومة علاوي ، بدات منذ حوالي اربعة اشهر ، ونفس الشئ ينطبق على جملة المعارك اللاحقة في الفلوجه وغيرها من المدن المقاومه ، فلقد كان من الاجدى تجنيب المدنيين اثار معركة لم يتخذ قرار بخوضها بالفعل بسبب اختلال التوازن لصالح الطرف المهاجم ، مع اخذ استعدادات العدو واعتماده سياسة الارض المحروقه ، والتاكد القطعي من نيته استعمال اسلحة فتاكه بالحسبان ، وهذا بالاضافة الى المواقف الغامضة التي تم اعتمادها مؤخرا سواء من قبل "المؤتمر التاسيسي"اومن قبل "التيار الصدري" ، مما لايساعد على الاقتناع بان الحركة المناهضة للاحتلال هي الان في وضع يؤهلها لان تخوض المعركة بنجاح ضد الاحتلال بوجهه وطبعته الانتخابيه الجديده .
هل يمكن اعتبار مظاهر التراجع في مواقف هذه القوى ، وضبابيه تحركها ، معزولة عن نتائج تلك المعارك او عن حصيلة الاخطاء المذكورة اعلاه ؟ من الصعب عزل المسالتين عن بعضهما ، مما يجعل مسؤولية تدارك الوضع الحالي ومحاولة اخراج المعسكر المناهض للاحتلال مما طرا عليه من تراجع تكتسب اليوم مغزى غير عادي ، ومن الضروري ان نلجا من حيث الشكل الى اطلاق سجال فكري وسياسي لطالما كانت اوساط عديده تريد منعه وتحريمه لصالح الصراخ والديماغوجيا .
ودعونا قبل التوجه الى ماهو ابعد من قضايا المقاومة الوطنيه وشعاراتها ووسائل عملها وافاقها ، نحاول معالجة مسالة تبدو لنا غاية في الحساسيه لانها يمكن ان تلقي بظلال كثيفة من الايهام على من يتبنونها من ناحيه وعلى العراقيين الطامحين الى الخلاص من الاحتلال من ناحية اخرى ، ونقصد تحديدا شعار "جدولة الانسحاب الامريكي " التي تتبنونها وتعتبرونها شرطا تطالبون بتحقيقه قبل الموافقة على الدخول في العمليه السياسيه الامريكيه .
ونحن نستغرب مثل هذا الشرط العجيب ، والذي يمكن ان يتحول الى فخ كبير تدعمه التوازنات القائمة بين معسكر الاحتلال والمتعاونين معه من جانب ، وبين من يفترض فيهم تمثيل معسكر القوى المناهضة للاحتلال ، فماذا لو ان الامريكيين اعلنوا غدا عن استعدادهم لجدولة الانسحاب ، وقرروا ان تاتي جهة عراقيه لتفاوضهم او تطلب منهم "جدولة انسحابهم" ، ان هذا الاحتمال ليس ببعيد ابدا ، ويمكن على عكس ماتتصورون ان يصبح هو نفسه شعارا امريكيا تتبناه قوات الاحتلال والحكومة المعينه منهم ، فماذا لو اعلن اياد علاوي ـ ان بقي في مكانه الحالي ـ او أي شخص اخر ممن فازت قوائمهم في الانتخابات ، بانه يطلب من الامريكيين "جدولة انسحابهم" من العراق ، هذا علىالارجح هو السيناريو المتوقع في حينه ، لان الاحتلال لن يقبل التفاوض مع "هيئة العلما ء" او مع تيار الصدر او مع "المؤتمر التاسيسي " على قضية حساسه وهامه وخطيرة كهذه ـ بل هو سيعود الى مايعتبره "جهه ذات علاقه " بفعل الانتخاب والاليه ، أي "جهة رسميه " وفي مثل هذه الحال ، ماذا لو ان الحكومة العتيده والاحتلال قررا الدخول في مفاوضات حول "جدولة الانسحاب الامريكي " واتفق الطرفان على صيغة تقول بان جدول الانسحاب سيتضمن اثنتي عشرة مرحله تنفذ تباعا وعلى فترات تطول لعشر سنوات او اكثر او اقل بقليل ؟
تلك اسئله تحتاج الى اجابات ، والى ان توضع اصلا بالحسبان لانها ليست بعيده تماما عن التحقق ، ويبدو لي ان الشعار الذي تتبنونه تنقصة الدراسه من زاوية خصوصيه الحاله ، فانتم تفترضون وجود جبهتين : جبهة العراقيين المقاومة والمناهضة للاحتلال ، وجبهة المحتلين ، وهذا للاسف ليس هو واقع العراق في ظل الاحتلال الامريكي ، ومن ابرز خصوصيات الاحتلال الذي نواجهه اليوم ، انه يحظى بدعم جبهة من القوى العراقية التي لايستهان بها ، والمستعده للتاقلم مع شروط ومقتضيات ترسيخ المحتلين لمواقعهم في العراق ، وتلك مشكلة كبرى واساسيه لايمكن ابدا الوقوف في المعسكر المقاوم والمناهض للاحتلال من دون اخذها بالاعتبار، كما لايمكن لاي طرف ان يدعي او يتصور نفسه في موقع "المقاومه الوطنية " باي من اشكالها وتدرجاتها اذا هو لم يحسم الامربشانها ، وذلك غير ممكن اطلاقا الا باختيار طريق القطع مع "العملية السياسيه الاحتلاليه " أي الانتماء الى جهود بلورة وتطوير خيار "العملية السياسيه الوطنيه المستقله " وهو مالايمكن للقوى المناهضة للاحتلال ان تكتسب اليوم مكانتها ودورها وثاثيرها في الاحداث من دون الالتزام به.
لقد جوبهت دعوتنا الى "المجلس التاسيسي " بالرفض من جانب قوى تعتبر نفسها الممثل الشرعي الوحيد للشعب ولمطامحه ومازالت تحلم بممارسة الدكتاتورية باسم المقاومه ، معتبرة ان تاريخها الملئ بالهزائم والكوارث يؤهلها لان تعد الناس وتعد نفسها باحراز النصر ، ولقد طار صواب هؤلاء وشنوا هجومهم علينا وعلى مساعينا لمجرد اننا كنا نقترح اطارا سياسيا لعمل المقاومة الشاملة ، يتاسس على القطع الكلي مع مشروع الاحتلال ومع الدكتاتورية البغيضة ، فالقضية التي تواجه عموم قوى حركة التحرر الوطني الديمقراطي العراقيه اليوم ، لاتشبه الا في العموميات ماكانت تواجهه او تتطلبه حركات التحرر الوطني المعروفة سابقا ، فلقد تغير العالم ، وتبدلت اشكال وخصوصيات المواجهه مع الامبرياليه بعد ان تغيرت هذه نفسها من حيث الوسائل والاغراض ، وفي عراقنا بالذات يواجه الفكر الوطني حاليا تحديات خاصة ، وهو يمتحن باعتباره باكورة ومختبرا متقدما لظاهرة جديده وغير مسبوقه على مستوى المعموره ، ظاهرة الامبراطورية الامريكيه واستعمال الحرب وسيلة لتعميم العولمه والغاء سيادة الدول ، والعراق ليس بلدا تحتل النظرية فيه مكانة مميزه ، بل هو بلد طغيان النزعة العمليه ، وتاريخ حركته الوطنيه كان يتميز دائما بالقليل من المجهود النظري والكثير من النشاط العملي ، ومع هذا فانه يواجه حاليا تحديات الاضطلاع بانجاز نظري غير عادي يتعدى الواقع الوطني والقومي ليصبح كونيا ـ عالميا ـ يتوقع منه ان يرسي قواعد واستخلاصات ودروس مؤسسه لانطلاق المنظور العالمي والحالي لحركة التحررالوطني الجديده الصاعده .
وقبل ان يجد هذا التوجه سبيله الى الواقع الوطني ، ويغدو مهمة اساسيه ومعترفا بها ضمن جدول اهتمام وعمل القوى الوطنيه الديمقراطيه المناهضة للاحتلال ، لابد من اجتياز عقبات ، والتخلص من افكار وتطلعات هي من بقايا الماضي ، وتنتمي الى ترسانة افكار تعود الى شروط وافكارعالم الاربعينات والخمسينات من القرن المنصرم مع انها من دون شك افكار تحرريه ، ومناهضة للاحتلال ، ومقاومه ، ان من قادوا ثورة العشرين كانوا وطنيين من دون شك ، وهم معبرون عن قوى نهضت وحاربت الاستعمار الانكليزي بصدق ، الا انها كانت ايضا قوى محكومة باطر وبنية وافكار النزعات التحررية العراقيه للفترة العثمانيه ، فلم تتمكن اخيرا من قيادة الثورة الى حيث الانتصار في ظروف مختلفة تتجاوز قدراتها ووعيها ، فتمت هزيمتها سياسيا بعد ان كانت قد حققت نصرا عسكريا وشيكا ، هذا بينما كان العصر قد بلور ملامح واشكال من التحديات الجديده "الكولونياليه" ، وبظل الاستقطاب العالمي ، ونهوض حركة التحرر العالميه الصاعده وقتها ، بافكارها وتجاربها وانتصاراتها واخفاقاتها ، تاسست في العراق ايضا ، الحركة الوطنيه العراقية المعاصرة بعد العشرينات على انقاض الحركة التحرريه السابقه ، وثبتت هذه تصوراتها وتجاربها ، ومرت بانتصارات منها انتصار ثورة تموز 1958 وارتكبت اخطاء ، وعاشت فترات طويله من القصوروالتعثر، وبعد عقود من الزمن ، وصلنا اليوم الى انقلاب عالمي تاريخي ، بدات ملامحه تسود مع العقد الاخير من القرن الماضي .
ولعل من اهم خاصيات اللحظة الراهنة في عراقنا ، وبالذات في مجال حركته التحرريه الناهضة والآخذة بالتبلور تباعا ، انها تجري بظل حالة خاصة وفريدة من توازي الحقب ، لا تتابعها التقليدي ، فاليوم نشهد في الحقيقه انضغاطا في الزمن والتاريخ ، يجمع عند لحظة واحدة عدة ظواهرتاريخيه متفاعله ، بعضها من الماضي ، وبعضها الآخر من الحاضر او المستقبل ، وهذه تتصارع فيما بينها وتصطرع مع القوى التي تناهضها على الطرف الاخر حيث الاحتلال وحلفائه .
ماهي ابرز محددات عمل المشروع الاستعماري الامريكي في بلادنا اليوم ، واين نجد الحلقة الرئيسيه المميزة لمشروع الولايات المتحده في العراق ؟ هذا السؤال يمثل النقطة الفاصلة ليس في المشروع الامريكي وحسب بل في المشروع الوطني . وكما في الماضي وكما كان الامر في بدايات القرن المنصرم يعود اليوم نفس السؤال كي يشغل بال الوطنيين المناهضين للاحتلال في بلادنا والعالم : اين يمكننا ان نضع ايدينا على ركيزة الاحتلال وسر وجوده وبقائه ؟ في جيوشه الموجودة على ارضنا وحسب ؟ لا طبعا ، في قبول الشعب العراقي به ورضوخه له كما روج البعض ؟ بالتاكيد لا . ان ركيزته الاولى هي القوى التي يشكل الاحتلال منها ومعها "العملية السياسيه الامريكيه " هنا نعثر على تسعين بالمائة من ركائز الاحتلال ومقومات استمراربقائه ، وهذه العملية ليست مسالة عارضة فالتقاء القوى "العراقيه" المتحالفة مع الاحتلال مع هذا الاخير ليس بالامر العارض ، وهو ليس نوعا من الاتفاق المؤقت ، ولاهو مجرد توافق اقتضته اللحظة بقدر ماهو مظهر من المظاهر الجديده التي ينبغي اليوم النظر فيها وتحليلها باعتبارها ظاهرة تتصل بتطور مفهوم وادوات السيطرة العالميه ، والعراق يمثل نموذجا رياديا وخاصا على هذا الصعيد ، فهو قد انتج بنية مشتركة ومتداخله من قوى عراقيه "مافوق وطنيه" متصلة عضويا بالمجال الاقليمي والدولي تحولت الى جزء منه واصبحت محكومة الى بنية وقوانين وتداخلات في المصالح والتمويل والاداء ، لقوى انفصلت على مدى يقرب من ثلاثين سنه عن الواقع الوطني ، وغدت جزءا من بنية خارجيه يتداخل فيها الاقليمي بالدولي مع غلبة كاسحه للقوة والنفوذ الدوليين .
وهذه الظاهرة الجديده تحتاج الى المزيد من الدرس والتحليل باعتبارها احدى ابرز وجوه ظاهرة السيطرة الامبرياليه الامريكيه على العراق في بعدها التاريخي وخلفياتها البنوية ، ونحن نذكر هذه الناحية الان لكي ننبه الى مايقال احيانا ومايتداول بين بعض الاوساط بخصوص احتمالات مايدعى ب"المصالحه " التي تطلق على عواهنها ، من دون ادراك لحقيقة البعد البنيوي والعضوي للعلاقة الناشئة بين الاحتلال والقوى المتحالفة معه اقتصاديا وفكريا وسياسيا ، مما يجعل أي امل باللقاء مع هذه القوى من قبيل المستحيل ، لابل من باب مايشبه الاعتقاد بان من الممكن التفاهم او المصالحة مع الاحتلال نفسه .
لاطريق امام القوى المناهضة للاحتلال غيرطريق "القطع" الكلي مع الاحتلال ومشروعه ، أي مع مايسمى "العملية السياسيه الامريكيه " لقد قرانا وسمعنا مؤخرا عن شروط تضعونها قبل الموافقة على الدخول في مايسمى في "العملية السياسيه " ، ونتابع بقلق شديد بعض الظواهر والمواقف الصادرة مؤخرا عن جهات تتحدث باسم التيار الصدري ، ومنها جهات شاركت في العملية الانتخابيه ، ويتردد ايضا بان وفدا من التيار الصدري زار عبدالعزيز الحكيم في خطوة تشبه التهنئة بنتائج الانتخابات ، وثمة ماهو ابعد من ذلك ، فهل كل هذه التحركات او المواقف هي من قبيل "التاكتيك ؟" اذا كان الجواب نعم فدعونا نسال عن الخلفية التي على اساسها جرى التفكير باعتماد هذا النمط من السلوك في ظرف خاص ، وخلال لحظة تتطلب من القوى الحية المناهضة للاحتلال مبادرة واضحه ، وموقفا لايكرس لدى الراي العام ان هذه القوى قد تلقت ضربة قاتله ، ادت الى تراجع موقعها وهي تتحرك تحركا سلبيا وتفتقد الى المبادرة .
هنالك حاجة وضرورة لان لايترك الشعب العراقي اليوم للميوعة وللمواقف التكتيكيه ، ومنها تلك التي تسجل شروطا من اجل الدخول "في العملية السياسيه " وفي كتابة الدستور ، وهنا تتجلي براينا اهمية الانتباه الى ضرورة "القطع" مع العملية الاحتلاليه بقدر مانلمس نواحي القصور في المنظور السياسي والرؤية التي تحكم عمل وتفكير القوى المناهضة للاحتلال ، ولعله من الانصاف من ناحية ومن الضرورة العملية والوطنيه ان نؤكد بهذه المناسبه على شعار"المجلس التاسيسي الوطني العراقي العام " ، فهذا الشعار مايزال وسيظل براينا المقترح الوحيد الذي يوفرموقفا شاملا ومضادا بصورة كليه للعملية الاحتلاليه ، وهو من دون شك افضل وادق تصورينتظم موقف وعمل القوى المقاومه والمناهضة للاحتلال ضمن خصوصيات حالة الاحتلال التي نعيشها في العراق اليوم .
نحن نعلم بان جدة هذه الفكرة قياسا الى واقع الافكار وحالة العمل الوطني السائده لم تكن تتيح المجال لتبنيها ، ولم نكن عندما طرحناهذا الشعار قبل سنتين وبعد ايام من الغزو الامريكي نعتقد انه سيلاقي القبول فورا ، او يجري اعتماده من قبل الجميع بمجرد طرحه ، ان انهيار الدولة العراقيه والطموح الى قيام دولة ديمقراطية توافقيه حرة ، يقتضي اصلا تغييرا جوهريا وتجديدا سيسري حتما على قوام وتفكيرالحركة الوطنية العراقيه ومانراه ورايناه من رفض او تصادم احاط بفكرة " المجلس التاسيسي " يقع في هذا النطاق وهو بداية ومؤشرا على بدء عملية الانقلاب المطلوب والمتوقع في بنية الحركة الوطنيه ، وخلال الشهور المنصرمه مر هذا الشعار بالكثير من اللحظات الهامه وذات الدلاله ، منها تلك التي سبق وذكرناها وافضت الى ظهور "مؤتمركم التاسيسي" ، ومنها الهجوم الذي شنته قوى الدكتاتوريه وبقاياها علينا اثناء انعقاد مؤتمرنا التحضيري في بيروت 29-31/8/2005 ، فلقد طار صواب هذه القوى وقتها لانها شعرت بان طريقها الوهمي نحو استعادة السلطة اصبح مهددا كليا على المستوى الستراتيجي بفعل مقترح ومشروع عراق متحرر وديمقراطي ، ينهي أي امل لاي طرف من اطراف ومكونات الشعب العراقي باخذ اكثر من حصته واستحقاقه .
لقد اسمينا تلك اللحظة بالمعركة الاخيرة مع الدكتاتوريه بعد سقوط الدكتاتوريه ، ومع ان هؤلاء قد فعلوا مافعلوا فاننا لم نفكر بالرد عليهم ، وكنا ومانزال نعمل بذات الروح ، معتقدين ان على القوى الحية والوطنيه المناهضة للاحتلال ان تعي مجتمعة ضرورات وشروط المعركة التاريخيه الملقاة على كاهل شعبنا وحركته الوطنيه وتاريخة ، ولم نفقد الامل في ان يتغير موقف المخلصين ونظرتهم من مقترحنا بحيث يغادروا اجواء التشنج الاعمى ، ويعودوا ليروا الطريق السليم والمعقول والمتفق مع امال شعبنا وتطلعاته ، ولدينا ثقة تامه بان من يريدون ايقاف التاريخ وتجميد الزمن سوف يلفظون ويتجاوزهم التاريخ لصالح ثورة تجديد في المفاهيم والتصورات الوطنيه ، لم تعد تقبل التاجيل وسيفرضها الواقع ومجرى الصراع والمقاومه والضروره ، وكنا موقنين كذلك بان ماحدث بيننا وبينكم من التباسات او اختلافات في التصور والرؤيه ، قد فرضته الحالة ، وطريقة وصول الفكرة والوسيط الذي قام بحملها ، وهذا كله بسلبياته كان يبدو لنا وفي الحالتين ايجابيا ، لانه ارسى اسسا ووضع الجميع امام قضية تعاملوا معها وقالوا رايهم فيها وحاججوها بغض النظر عن الكيفيه .
فاذا كان التاريخ ، وتطور الواقع ، ومسار المواجهه مع الاحتلال سيستمر فان الوسائل والشعارات المطروحه والمواقف سوف تختبر عمليا وبالوقائع ، وماهو صحيح وسليم سوف يفرض نفسه ويستجلب حتما اهتمام المخلصين الباحثين عن افضل الطرق واقصرها واكثرها مضاء وفعاليه بمواجهة العدو المحتل والمتعاونين معه ، وهانحن نعود لكي نطرح عليكم وعلى كافة القوى الوطنيه المناهضة للاحتلال شعار "المجلس التاسيسي الوطني العام " باعتباره الاساس الستراتيجي لمشروع المقاومة الوطنية الشاملة للاحتلال ، فهنا تتجسد تماما عناصر ومقومات "العملية الوطنيه العراقيه " ويتم القطع كليا مع "العملية السياسيه الامريكيه " لابد من اجتماع كافة العراقيين بعيدا عن الاحتلال ونفوذه وتاثيره ، لكي تتم عملية التوافق الوطني ، وتقنن في دستور يحدد شكل الدولة والنظام الذي نريد العيش فيه بحريه ، وهذا المطلب يستدعي تجميع وتوحيد كافة القوى المناهضة للاحتلال في اطارسياسي ائتلافي غيرنهائي ، يظل مفتوحا ولن يغلق الابتحقق حضور كافة المكونات الاساسيه للشعب العراقي في ظروف الحرية والاستقلال التام عن الاحتلال .
لايجب ان نداهن او نلجا الى التاكتيك ، بل ينبغي ان نقول اليوم بصراحه باننا نريد توافقا وطنيا قبل الدستور ، وان الانتخابات الحاليه غير شرعيه ، وهي تكرس التوتر والفرقة وتستعمل لفرض ارادة فئات من الشعب العراقي على فئات اخرى ، وهذا ماقد تجاوزه واقع العراق ومالابد من رفضه ، فلا عراق متحرر من السيطرة الخارجيه من دون تحررشامل من الداخل ، ومن هنا وعلى هذا الاساس فاننا نعتقد بان المطروح اليوم على القوى المناهضة للاحتلال وقوى المقاومة الوطنيه هو التالي :
ـ اعلان القطع التام مع "العملية السياسيه الامريكيه " والدعوة الى تشكيل اطار وطني شامل يقوم على شعار التوافق الحر بين المكونات الاساسيه للشعب العراقي ويكون بمثابة "مرجعية وطنية عامه " .
ـ التراجع عن اية تصريحات او مواقف تتحدث عن او تعرض "شروطا" للدخول في "العملية السياسيه الامريكيه " واعتماد "العملية السياسيه الوطنيه العراقيه " كخيار نهائي مستقل كليا ويمثل الارادة الحرة للشعب العراقي بالضد من العملية السياسيه الامريكيه المكرسه للابقاء على الاحتلال وتبرير بقائه .
ـ عدم التردد في اعتبار مسالة التداول في مسودة دستور عراقي وطني حقا للقوى الوطنيه ، والمبادرة الى الاعلان عن تمسك القوى الوطنيه بهذا الحق ، ان خوض المعركة ضد قوى العملية السياسيه الامريكيه ، من هنا والى نهاية السنه الحاليه يمكن ان يتمحور باتجاه "دستوران يطرحان على الاستفتاء العام " وعلى القوى المناهضة للاحتلال ان تهئ نفسها لخوض المعركة المقبله وفق هذه الشعارات والاهداف .
لقد اعتمدتم شيخي العزيز مؤخرا اسلوب الاجتماعات المعروفه واعلنت مواقف نقلتها وسائل الاعلام باسم "القوى المناهضة للاحتلال " ، ومع احترامنا لمن حضروا هذه الاجتماعات ، وتقديرنا لجهودهم ومواقفهم ولجهودكم طبعا ، الا ان هذا براينا ليس الاسلوب الذي تقتضيه لحظة كتلك التي نمر بها الان ، ولابد من مناقشات اكثرعمقا تساعد على بلورة الافكار ، وتراجع ماقد حدث ، وتنظر في الاساسيات التي اختبرت في مسار تجربة المقاومة العامة حتى اليوم ، فالاجتماعات المعتاده والتنادي الآني يمكن ان يكرس افكارا متداولة ، في لحظة تتطلب ماهو اعمق وابعد واقرب الى اعمال العقل ، وتحري الابداع في الموقف والافكار، علما بان مانقترحه اعلاه يمكن ان يحول الانتخابات الاخيرة ونتائجها الى مازق كارثي على الاحتلال والمتعاونين معه ، ولابد من الاشارة الى فشل الانتخابات ، وسوء نتائجها على من خاضوها قياسا لتوقعاتهم هم ، فهذا وجه ايجابي في اللوحة العامه علينا ان ننظر فيه ونبادر الى استغلاله لصالح العملية الوطنية .
ومانفعله ونحن نتشرف بتوجيه رسالتنا هذه لجنابكم ولكافة الوطنيين الاحرار، هو محاولة نعتقد انها قد تكون مفيده اذا اسهمت في تحريك الاراء واثارة النقاش ، مع اننا لن نتوقف عند هذا الحد ونعتزم مع اخوتنا بدء حملة من الكتابات بهذا الاتجاه ، عسى ان يضطلع بها معنا كافة الوطنيين ، كما اننا سنسعى الى عقد ماسيتوفر لنا من ندوات للنقاش او مؤتمرات سنحرص على ان تضم كافة الوطنيين في الخارج والداخل من اجل الانتقال خطوة بالعمل الوطني والمقاوم ، ويهمنا ان يبدا الوطنيون المناهضون للاحتلال بفتح باب السجال حول طبيعة ونوع التحديات والرد المطلوب في هذا المنعطف الخطير ، لعل ذلك يكون مناسبة نحتاجها جميعا كي ننتقل بعملنا المشترك ومعنا قوى المقاومه الوطنيه خطوة كبيرة الى الامام ، على طريق الاقتراب من قيام حركة تحرر وطني عراقي شامله ، تتمتع بقدراساسي وهام من وضوح الرؤيه والافكار والشعارات والمنطلقات ، ونخرج من مصاعب الولادة الاولى وتعرجاتها وتوتراتها نحو مرحلة جديده ينتظرها شعبنا وكل القوى الحرة والحية بفارغ الصبر.
تحياتي القلبيه شيخنا العزيز وارجو ان تتقبلوا بعض ماورد في رسالتي من صراحة اعلم انكم سوف تضعونها بلا تردد في باب الحرص والمحبه ، ولن انهي هذه الرساله دون ان اشير الى الحاح اللقاء المباشر بيني وبين جنابكم ، فلقد اصبح هذا اللقاء ضرورة اعتقد انها يمكن ان تختصر علينا الكثير ، وتساعد على تطوير العمل والموقف الوطني ، والرساله التي بين ايديكم هي بالاحرى خطوة اتوسلها قبل هذا اللقاء الذي ساسعى جاهدا من جانبي لتحقيقه ، مع شكري الجزيل على ماسبق لكم من فضل استقبال ممثلنا لعدة مرات وماكان يلاقيه من جنابكم من كرم وترحاب ، وانني لاطمع بان تكملوا فضلكم وتستقبلوا الاخوة ممثلي اللجنه التحضيريه للمجلس التاسيسي الذين اتفقت معهم على طلب اللقاء بجنابكم باسرع مايمكن .
شكري الجزيل واحترامي الفائق وتحياتي القلبيه للاخوة في "الهيئه " وفي "المؤتمر التاسيسي " وفي الاطارالاوسع ل "القوى المناهضة للاحتلال" ولكم اخلص الامنيات .
المخلص اخوكم
عبدالامير الركابي
باريس في
http://www.iraq4allnews.dk/viewnews.php?id=78519