الحمام الزاجــــــــل رفيـــــــق الحروب والمســـــــرات
عامر القيسي
الكثير منا سمع باسم هذا الطائر الغريب، ولكننا لانعرف الكثير عن حياته سوى انه (بوسطجي) من الطراز الرفيع، باختصاصات متعددة فهو مرة ينقل رسائل العشاق، في ازمنة قديمة لم يكن الهاتف قد اخترع بعد، ولم تكن ايضاً صرعات (الموبايل) منتشرة، وتارة اخرى مراسل عسكري وجاسوس انقذ الاف الجنود من الهلاك الاكبر، وبين رسائل العشق والرسائل العسكرية المشفرة، كان بعض المختصين يستخدمه لتهريب الماس النادر او المخدرات، حيث لايستطيع رجل الكمارك المسكين، ان يضع له جناحين ليفتش الزاجل في فضائه الفسيح.
عند حصار باريس في الحرب الروسية الفرنسية، عام 1870-1871، نقل حمام الزاجل مايقرب من 150 الف رسالة عسكرية، واستخدم في الحرب الكورية باعداد كبيرة مع هابطي المظلات، حيث تقول المصادر، انه نقل مايقرب من مئة الف رسالة، وحتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان عدد افراد فوج الزاجل في الجيش الامريكي نصف مليون حمامة وقد أدى هذا الطائر خدمات جليلة لقوات الحلفاء في كل ميادين الحرب، وحسب احصائية مختصة خلال هذه الحرب، فان استخدام الزاجل قد نجح بنسبة 99% في اداء مهماته ويمكن ارسال الزاجل من سيارات عسكرية عادية او من على ظهر سفينة حربية او حتى من طائرة عسكرية من خلال اسقاطه بواسطة المظلات او بواسطة، صناديق خاصة تفتح من خلال خيوط مربوطة، بهذه الصناديق او اجهزة توقيت خاصة، حتى يتجاوز مسافة الخطر من الهواء الشديد الذي تخلفه سرعة الطائرة.
البطل (جنجل جوي) واحد من ابطال المعارك على حدود بورما بين قوات الحلفاء والقوات اليابانية، فقد اسقطت قوات الحلفاء، هذا البطل مع بعض المظليين، خلف خطوط القوات اليابانية، بعد ان تم تدمير جميع اجهزة الراديو المشفرة لمنع وقوعها بيد اليابانيين، وتم جمع معلومات كاملة عن القوات اليابانية حملها (جنجل) معه واستمر في طيرانه مسافة 225 ميلاً وسلم رسالته السرية والمهمة التي ادت في النهاية الى سقوط جزء كبير من اراضي بورما بيد جنود الحلفاء، فمن يذكر (جنجل) هذا البطل الصامت!! على العكس من صديقه (جي جوي) الذي كرمته قوات الحلفاء في حفل خاص لانقاذه الاف الجنود التابعين لها، ومنح وسام البطولة من الدرجة الاولى!!
ويتسم الزاجل بحرصه الشديد على انجاز مهمته فها هو البطل الاخر (بلاكي هاليجان) يحمل رسالة من قوات الحلفاء في مهمة خاصة لاحد قادتهم لكن النيران المعادية، اصابته باحدى الشظايا فأرتطم بالارض، وبرغم ذلك وصل الى هدفه زاحفاً وهو ينزف، الا ان رسالته وصلت متأخرة خمس ساعات، وكانت تركب على صدره كاميرا صغيرة وهو استخدام الماني فيذهب الجاسوس مخترقاً نقاط الحدود والتفتيش ليصور المنشآت العسكرية المعادية ويعود بغنيمته المؤلفة من مئات الصور، التي كانت تغير في بعض الاحيان مجرى بعض المعارك العسكرية!
وهو وطنى من الدرجة الاولى، حيث انه لاينسى بيته ومكان تربيته، حتى لو تم تدمير برجه الخاص واخفاء ملامحه، ويحمل كل مواصفات العنصر البشري، فهو مرة ذكي واخر غبي، وشجاع أيضاً وجبان في موقع اخر، وبعضه لئيم وإناني! وغيرته لاحدود لها.
والزاجل لايهوى الطيران في طقس سيئ، كالضباب والامطار والرياح الشديدة او الظلمة الحالكة، فهو رومانسي بطبعه ويعشق التدريب فجراً او قبل غياب الشمس بوقت مناسب وهو قدري بطبعه ايضاً، فانه يرفض العلاج حين يمرض، ويقول عنه مربوه، بانه يفضل الموت على العلاج، وربما يترك امر شفائه لارادة الله! وبرغم كل هذه المزاجات التي يتمتع بها هذا الزاجل، الا ان احدى زغاليله بيعت بمئة الف جنيه في هولندا! ربما لان جوائز فوزه في المسابقات الدولية كسباق برشلونه، اكبر من هذا الرقم!
/المدى