الاهم الانسان وحرمته

لقد جعل الله الحياة ليبلو الانسان ايهم احسن عملا .. هكذا فهمنا فلسفة الحياة الدنيا على الارض بعدما اخرج الله ابينا ادم وامنا حواء من الجنة لانهم عصوا اوامره..
وصار مفهوما لدينا ايضا ان الحياة بمجموعها امتحان للانسان وهذا ديدنه يخرج من امتحان ليتعرض لاخر وهكذا دواليك ...
وتتنوع الامتحانات تبعا لظروف المجتمع الذي يعيش فيه الانسان.
وشاءت الاقدار ان يمتحن الله الشعب العراقي، وقدر ان يكون الامتحان صعبا، صعوبة الدور الذي اراده لهذا المجتمع المسلم الذي خصه بكثير من الامتيازات، وليس هنا محل سرد هذه الامتيازات فالمقصود هو اننا نحن العراقيون تعرضنا ومنذ الازل الى اصعب الامتحانات وهي كرامة من الله لعباده ليمحصهم ونفتخر ان الله خصنا بهذه الكرامة فنحمده ونشكره وهو يعيننا على تجاوز اخطائنا ليغفر لنا ذنوبنا.
وشاءت الاقدار ايضا ان نمتحن بعضنا بالبعض الاخر.. وللانسان عند الله حرمة كحرمة الكعبة .. فكيف اذا صار هذا الانسان جمهور وامة وشعب يمثلهم بلد له في التاريخ الاسلامي صفحات مشرقة سجلت بنور الائمة واولادهم عليهم السلام.
هذه مقدمة لما اريد ان اقول عن قضية الحوزة التي اراد الاخ احمد الوائلي ان يوضح للاخ نجاح محمد علي بانه ظلمها حين قال عنها ان بيانها تجاه اهم قضية امامها كان مقتضب.. ولا اريد ان ادافع ان احد هنا بقدر ما اريد ان استفهم وهو ما سيكون واضحا لما اريد ان اقول.
1- من الذي استطاع ان يفهم بيان الحوزة الاول (15 جمادى الاخرة 1423هـ) وموقفها الدقيق تجاه قضية مؤتمر لندن وتجاه المشاركين فيه تحت المظلة الكافرة ؟
فهو لا يختلف عن فتوى كلاسيكية في مسألة تحتمل الصحة والخطأ ولا صراحة في حليتها او حرمتها وهذا ابعد ما يكون الى الدقة في تناول مثل هذه المسائل المهمة والمصيرية والتي تحتاج الى قوة في الطرح وثقة بالنفس ووضوح في الموقف ، وكم استثمر ذلك البيان من قبل المدافعين عن انفسهم من رواد مؤتمر لندن عندما كانوا يحاصرون من قبل ابناء الشعب على الفضائيات فتكون اجاباتهم معززة ببيان الحوزة على انه رأي الدين والشرع.
اذن هذه احدى القضايا المصيرية والمهمة والتي تخص دين وتاريخ ومقدسات وقيم امة مسلمة لم تستطع الحوزة ان تقرر موقفها بصراحة تجاه خطوة سياسية صارت من اكبر الواضحات انها لعبة كان الخاسر فيها الشعب العراقي.
2- جاء بيان الحوزة في رفض الحكم العسكري الذي قررته امريكا للعراق بعد ان رفضه اصحابها وعملاؤها، فمن كان يتوقع ان يرفض الجلبي ومكية قرارا امريكيا، فليس للحوزة فخرا انها شجبت وان الجهاد معلن في العراق منذ 30 سنة ولم تصدر فتوى من اي مجتهد باسقاطه ولا حاجه لتجديده فالبندقية مرفوعة ولم يرم المجاهدون سلاحهم فعدوهم امريكا وصدام معا ولا يرمون سلاحهم الا اذا تركا العراق معا.
3- نريد ان نسمع ولو بيانا مقتضبا صريحا بالموقف من الذين شتموا الشهيد محمد الصدر (رض) ومن الذين وضعوا العراقيل تلو العراقيل في مسيرته الثورية وهو يقود بكفنه الشعب المسلم الاصيل لمواجهة امريكا وصدام عندما قيض الله له ذلك .
وهذه ايضا واحدة من المواقف التي تحتاج الى صراحة ودقة في التعامل معها كان حري بالحوزة ان تظهر علمها وحرصها على التشيع والمذهب كما يقول الاخ الوائلي والسيد محمد الصدر استشهد من اجل المذهب.
ارجو ان لا اكون جريئا لاسترسل اكثر فلا زالت الحوزة العراقية بعيدة عن الشعب ومعاناته ولا يمكنها ان تطرح الرأي الذي يمثل بصدق تطلعاته المشروعة ولا يمكن ان تتخلص من الطوق الذي فرضته على نفسها الا بطرح نفسها قائدا حقيقيا تستوعب تطلعات الجمهور الممتلئ غيضا على السلوكيات الشخصية الضيقة والتفكير الانتمائي لعائلة او بيت محدد والتعصب لها خلافا للقانون الالهي ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).
فاذا ارادت الحوزة ان تكون حاضرة يلتف حولها الجمهور فانا ونجاح وغيرنا لا نستطع ان نتهمها اذا شخصنا الجرأة عندها ولمسنا انها لبست الكفن فعلا وتجاوزت الممنوع في الحوزة نفسها وقالت للصحيح صحيح وللخطأ خطأ وحشرت اخمس يدها في فم من يفتح فمه متجاوزا على حقوق الشعب والامة دون ان تداري العائلة الفلانية والبيت العلاني وتصحى من مرض مزمن اصاب حوزتنا الشريفة واقعدها الفراش.

ولنا في الامام الخميني (قدس ) مثالا وقدوة معاصرة فكان لا تأخذه في الله لومة لائم من دائرة الحوزة ( المتلبسين بلباس الدين) الى امريكا ( الشيطان الاكبر).

كاظم السعدي

:=