قاسم محمد الكفائي
بعيدا عن دبلوماسية المصطلحات ، والعروبية ، وبروتوكولات السياسة ، وبعيدا عن تجاوز التقييم الموضوعي لحقيقة العلاقة ما بين حكومتي الأردن والعراق إبتداء من عام 1980 وحتى
سقوط نظام صدام التكريتي، بعيدا عن كل هذا : من أين سيعيد الأردن علاقته بالعراق الجديد ؟ هل يعيدها بنسيان مشاركته الواسعة في معركة قادسية صدام التي شنها الأخيرعلى إيران بتدبير
وتشجيع عربي رجعي كان الأردن فاعلا فيها ؟ ولا ننسى الملك الراحل حسين بن طلال حين
أطلق قذيفة مدفع عراقي صوب المعسكر الأيراني مساهمة منه ، وإعلانا على إشعال نارها ، وكانت الخسارة المحسوبة بحسابات عربية ودولية ،هي تدمير كل العراق شعبا وخيرات حتى تحقق الكثير منها ، وصار الواقع الذي يشهده العراق اليوم مشهدا مروعا بجرت المدفع تلك .
وهل سيعيد العلاقة بصفح العراق الجديد عن ألوان الأبتزازالتي إبتز بها نظام صدام في ظروف قهرت النظام وجعلته يتلوى ضعفا أيام الحصار الأقتصادي المفتعل عربيا ودوليا ، والنتيجة هي
سلب قوت الشعب وتدميركل معالم قوته تحت وطأة ذلك الأبتزاز الذي لا يقف عند حد في الحسابات الأردنية ، فضلا عن أن هذا الفعل لا ينسجم مع خصال الشيمة والشرف العربيين ؟
أم يعيد تلك العلاقة بإنكاركوبونات النفط المهدور، أو بالتحفظ على مليارات الدولارات المسروقة من قوت الشعب في مصارفة بحسابات سرية وعلنية ، أو بالأعتذار الى أهالي آلاف الضحايا العراقيين الذين يلقى القبض عليهم على الأراضي الأردنية فيتم تسليمهم الى جهازمخابرات صدام لأعدامهم أو تغييبهم ؟
ومن أين يعيد الأردن علاقته ، هل يعيدها بالحفاوة والتكريم اللذين يتمتعن بهما كريمات صدام كضيفات مكرمات على الحكومة مع المال الحرام الذي بجعبتهن ، وهكذا آلاف المجرمين من أعوان هذه العائلة المنكوبة ، أم من دعم مؤسسة مباحثه للأرهاب المنظم تحت عباءة الزرقاوي ، أم من
مذبحة الفيحاء الدامية ؟
كل هذه الحواجز كانت السياسة الأردنية قد فعلتها من أجل تدمير هذا البلد ومن أجل احتواء خيراته ، ولا يهمهم دناءة الوسيلة مادامت الغاية في متناول أيديهم .
وكان من الغباوة بمكان أن لا تحسب حكومة الأردن حساب يقظة شعب العراق وانتصاره حتى
باتت تلفق تهما لبعض من رموزه بتدبير وتشجيع حكومة صدام البائد، فكان الدكتور( أحمد الجلبي ) هو ضحية تلك الغباوة وذلك التدبير.
وكلنا يعرف الملف الذي تشهر به حكومة الأردن بالجلبي عند الحاجة وبواسطة القابلة المأذونة فيها السيدة ( أسمى خضر) مفاده أختلاس بنك البتراء من قبل الجلبي مما دعا الى أنهياره وتعطيله ... بينما الحقائق تشير الى أن كبار لصوص المملكة ومن أسيادها هم الذين فتكوا بهذا
البنك وعطلوه ، وأول العارفين هو الشعب العراقي الذي إنتخب الجلبي كرمز وطني حتى وصل الى منصب نائب رئيس الوزراء ، والحقيقة هو أكبر من هذا لكن الذي غطى عليها كونه اصطف
مع خوته من الرموز الآخرين لخدمة وطنه وشعبه مكتفيا بالذي في عهدته .
فالزيارة التي قام بها رئيسنا المفدى الأخ جلال الطالباني الى عمان هذا الأسبوع تشير الى أهداف
تتعلق بإلغاء أو تناسي ملفات تدين الأردن مقابل رسم وإرساء علاقة طيبة تليق بالشعبين العراقي والأردني ، والتعاون على ردم الأرهاب المشتعل على الساحة العراقية ، مع قضايا أخرى . وقد
تردد لأكثرمن مرة أن السيد رئيس جمهورية العراق سوف يبحث ملف الدكتورالجلبي مع الأردن . ولا ندري بأية طريقة ستتم تسوية هذا الملف الشائك في حين أننا كعراقيين لا نريد تسويته بأسلوب المكرمة من لدن حكومة الأردن ما دامت كل القصة محل تلفيق وسوء فهم وتجاوز ..
نعم نريد تسويتها بأرادة ملكية والغائها على أساس سوء فهم من قبل الحكومة وتلفيق من اللصوص الحقيقيين ، مع غلق القضية بلا رجعة اليها وفي أي ظرف . والمقابل لهذه التسوية هو تبادل الثقة
ما بين الدولتين وإرسائها على أفضل وجه وليس منح كوبونات جديدة في ظل عراق جديد . وبكل
تأكيد فإن الدكتورالجلبي لا يملك كوبونا واحدا في جعبته لمنحه منكوبا للآخرين ، وقد جاء بإرادة الشعب لقمع هذه الظاهرة وتحطيمها . فالكرة في ملعب ( أسمى خضر وتصريحاتها الرنانة) ، والحكومة الأردنية لو تريد أن تعمل على رأب الصدع وتوضيح صحة إحترامها ومحبتها لشعب العراق ، عليها أن تمرر عملها عبر تسوية هذا الملف المغلوط بلا مقابل إطلاقا . لكن الذي أحبنا بشرف لن يخيب .