بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أن مجال عمل العاملين للاسلام وأسع سعة الاحكام الشرعية وان ساحة العمل الاسلامي تتسع لجميع بني الانسان , فالاسلام دين البشرية كلها, والمنظم لحياتهم في جميع الميادين , فتكون الحاجة الى العمل الاسلامي واسعة جداً.. ولذلك فأن الضيق بعمل أسلامي مهما كان نوعه وفي اي مجال لا يخدم الاسلام أنما هو ضيق أفقٍ وضيق صدر .
أن العمل التغييري يتميز عن العمل الاصلاحي في اهدافه العليا , حيث أن هذفه هو التغير الشامل لاوضاع المجتمع والدولة ,بينما يتحدد هدف العمل الاصلاحي بحدود معينة , كبناء مؤسسات ثقافية أو خيرية او صحية او اجتماعية ..الى غير ذلك من الاهداف التي تعالج قضية او بعض قضية من القضايا المجتمع .
فالعاملون للاصلاح اذن هم مساعدون للعمل التغييري , ولكن قد يحدث في بعض الحالات ان يصحب العمل الاسلامي المفروض فيه ان يكون لخدمة المسلمين ..قد يحدث ان يصحب هذا العمل تعصب له ضد سواه من الاعمال الاسلامية , فيكون من وازم الالتزامات بهذا العمل معارضة الاعمال الاسلامية الاخرى ,او معاداتها او محاربتها .
ولهذه الظاهرة اسباب كثيرة , اهمها _الى جوار ما ذكرنا _ قلة استيعاب مفاهيم الاسلام , والجهل العام الذي يسود بلاد المسلمين , والعصبيات المختلفة التي يعيش في ظلها المسلمون .
وفي احيان كثيرة يتوهم بعض المسلمون ان اخلاصهم لعمل ما يعني نبذهم لعمل اخر,لان العمل الجزئي يطغى _في ذهنه_على العمل العام وعلى الثاني النهائي ولذلك فان النية التي تحدد الهدف ينبغي ان تظل في ذهن العاملين للاسلام , وان مفهوم النية في الاسلام من المفاهيم الواضحة , لا يجوز ان يغيب الالتزام بها عن ذهن العاملين في سبيل الله تعالى ,
أن هذه العصبيات تبدوا احياناًوكأنها جزء من العمل .. ونجد هذه الظاهرة بين بعض التجمعات الاسلامية او دواخل المؤسسات,اذ قد يتعصب المتعصبون لفلان , ويتعصب الاخرون لاخر ..وهكذا وهذه الحالات في اوضاع كالتي يعيشها اغلب المسلمون اليوم انما هي حالة مرضية ندعوا الله سبحانه وتعالى ان يعيننا واياهم على الخلاص منها والتغلب عليها .
ولتوضيح موقفنا من مختلف الاعمال نحدد المواضيع التي نهتم بها ضمن ثلاثة اطر :
الاطار الاول : تعاليم الاسلام
الاطار الثاني : مصلحة المسلمين
الاطار الثالث : مصلحة الحركة
ولو أعتبرنا ان مركز اهتمامنا هو الالتزام بتعاليم الاسلام , وهو النقطة الهندسية او الموضوع الذي نحاول الوصول اليه .. فكل عمل يقرب الناس من هذا الموضوع هو عمل مفيد , وكل عمل يبعد الناس عن هذا الموضوع هو عمل مضر , فتكون هذه هي القاعدة لتحديد المواقف من الاعمال .
وهناك قاعدة اخرى : هي ان نعتبر الحركة الاسلامية موضعاً, فالاعمال التي تقرب الناس منها هي اعمال جيدة , والاعمال التي تبعد الناس عنها هي غير ذلك, والعصبيات السائدة في مجتماعتنا قد تحدث تناقصاً بين القاعدة الاولى والقاعدة الثانية .. وعند ذلك تسري لدينا قاعدة _ دعهم يعملون _ وقابل السيئة بالحسنة _ ... فليس عملنا هو الدفاع عن الحركة او منجزاتها , وليس هدفنا كذلك هو الدفاع عن شخصيات الحركة والدعاية لهم , وانما عملنا هو الدعوة الى الاسلام والالتزام به .
ولكن قد يصادفناان يوجد عمل اسلامي في ظاهره , ولكن هدفه تخريب العمل للاسلام .. فأن حكم هذا العمل هو حكم _ مسجد الضرار _ وهذا الحكم لايتريث على التقدير المجاهد الفردي ,وانما هو حكم ينبغي أن يصدر عن الحركة , اي بعد ان تعرف حقيقة بينة واضحة وضوحاً كافياً.
والموقف العملي ازاءه يتماشى من الخط العملي للحركة , أي مع المرحلة التي تمر بها .
وهناك قاعدة مصالح المسلمين : فكل عمل فيه مصلحة هو عمل جيد, وكل عمل فيه ضرر للمسلمين هو عمل سئ , فالعمل على احباط ارتباط سياسي او عسكري او اقتصادي او غيره بين بلد من بلاد المسلمين ودولة غير مسلمة هو عمل حسن , والعمل على منع احتكار المال والغذاء هو عمل حسن وفيه مصلحة للمسلمين .
# # #
يعيش الاسلام في عالم اليوم بشكل عام في كيان بشري محكوم للاجنبي بشكل مباشر وغير مباشر ,ويقف ازاءه الناس من غير اهله موقف المحارب , او موقف المعادي , او موقف المحايد , او موقف المهمل .
فالاوربيون اهل الحروب الصليبية واحفادهم هم الذين انتشروا في القارات ما يسمى بالعالم الجديد .... ولا يزالون يتوارثون عداءم للاسلام وان كانت حدة هذا العداء قد خففها اهمال الدين في العالم المادي وانتصارهم الساحق على المسلمين , ولعل تعاطف الشعوب الاوربية مع اليهود واسرائيل يرجع _ في عوامله _ الى عداء الاسلام والمسلمين . ويقتل المسلمون بسبب الاسلام في عدة دول , او يمنعون من الاهتمام بدينهم كما في بلدان متعددة .
اما المسلمون فختلفت مواقفهم من الاسلام بسبب الانهيار النفسي والحضاري وبسبب تفكك عرى المجتمع ...فمنهم من يقف موقف المعادي للاسلام , كما هو حال العملاء المفكرين وبعضهم المنتمين الى الاحزاب ذات الافكار الطبقية او القومية او الاقليمية وخاصة من توصل منهم الى السلطة .
ومنهم من يقف موقف المهمل للاسلام , كما هو حال الذائبين في ميوعة المجتمعات القائمة في بلاد المسلمين , أو موقف الملتزم التزاماً جامداً لا حياة فيه , أو موقف الملتزم بالاسلام في سبيله .
ومع ذلك فأن اكثرية المسلمين لا يزالون يعتقدون بالعقيدة الاسلامية مع ما اعترى فهمهم للعقيدة من شوائب , ويلتزمون ببعض مفاهيم الاسلام واحكامه .. ومنهم من يحاولون فهم الاسلام والعمل من خلال الالتزام الجزئي او الكلي بتعاليمه .
أن العاملين الملتزمين ينقسمون الى ثلاثة أقسام :
اولاً : ملتزمون عاملون على شكل فرادي , أو في مجتمعات صغيرة وضمن تعاون محدود في نطاق بعض الاحكام الاسلامية.
ثانياً : ملتزمون عاملون لاصلاح بعض جوانب المجتمع بشكل منظم ومدروس .
ثالثاً : ملتزمون عاملون على تغير المجتمع بالاسلام .
أن العقيدة الاسلامية تدفع المسلمين الى العمل , ولكن عوامل عديدة تؤثر على ميادين العمل ..
فاليأس من اصلاح المجتمع او تغيره كله يدفعالمتديين الى القيام بأعمال خيرية , فيقوم بذلك بنفسه , او من خلال تجمعات محلية تتعاون على بعض الاعمال الخيرية .
ثم عامل اليأس من الاصلاح او من التغير قد يؤدى الى ان يقف موقفاً سلبياً من مثل هذه الاعمال , باعتباره انها اعمال قد تضر بالبقية الباقية من الاسلام , او لان اساليب العمل الاصلاحي او التغيري تبدو للمتدين اليائس وكأنها أمداد للحركة الموجودة في المجتمع , والتي ابعدت الناس عن دينهم .
ولذلك فأنه مالم تتضح الاعمال الاصلاحية والاعمال التغييرية في المجتمع وتبين بشكل كافٍ.. فأن الموقف السلبي سيبقى عقبة من عقبات الطبيعية التي يصادفها المجاهدون في العمل داخل المجتمع المتدين .
اما الذي يعيش الاحداث التي تؤفر في المجتمع , الاحداث السياسية والعالمية فيضمحل عامل اليأس لديه الى حدان يؤمن بالعمل الاصلاحي العام , او يذوب عامل اليأس في خضم العمل التغييري .
والعقيدة الاسلامية لا تدفع الناس فقط الى العمل الاسلامي , بل انها تدفع بعض اصحاب السلطة الى بعض الاعمال التي لا تمس سلطانهم ,ولذا نشاهد بين اونه واخرى اعمالاً اسلامية يقوم بها بعض الحكام المسلمون او حكام ارتبطوا بالاسلام اسماً فقط , تكون بدافع دعائي لغرض رفع التهم عنه وعدائه للدين . او باب من ابواب التغطية لعمل اجرامي جديد يقوم به الحاكم ازاء العاملين في شبيل الاسلام , او لغرض انتزاع تأييد لعمل من الاعمال التي يريد الحاكم القيام بها ... او غير ذلك .
أن تأثير الاسلام على المسلمين حقيقة لا يمكن انكارها , فالاسلام وجود اصيل لا تدانيه اصالة اي وجود فكري اخر, وكل ما طراً على المسلمين من مفاهيم واحكام من غير الاسلام بعد نجاح الغزوالكامل .. انما هو وجود طارئ لم يتخذ شكل الاستقرار والعراقة , ولذلك فأن باب العمل للاسلام سيضل باباً مفتوحاً , بل وتتوسع افاقه باستمرار .
مالمو- السويد