صمتٌ فتوائي إزاء التكفيريين:

أما العراق، فإنَّه ينتظر الاستفتاء على ورقة الدستور التي تثير الكثير من الجدل على المستوى السياسي الذي يأخذ أكثر من بُعدٍ طائفي مذهبي، وبرعاية السفير الأمريكي الذي يتدخّل بشكل سافر وضاغط في تغيير مادة هنا أو مادة هناك، وسط أجواء متوترة وتهديدات تفجيرية بالمجازر المتحركة المتنقّلة التي تفجّر المدنيين في أسواقهم ومساجدهم وشوارعهم، بذهنية مذهبية حاقدة لا تعرف الرحمة، وتجد في قتل المسلمين الذين تتهمهم بالارتداد والكفر الهدف الكبير، بدلاً من مواجهة المحتلين الأمريكيين.

إننا نتابع المأساة العراقية التي تتمثل في واقع الشعب العراقي المنكوب، الذي تركه الجميع في المواقع الإقليمية والدولية في معاناته الواقعية اليومية، من دون أن يمدوا لـه يد العون، حتى إنَّ الوفد العربي للجامعة العربيَّة لم يقدّم لـه أطروحة واقعية مدروسة في حلّ مشاكله الصعبة، ولا سيما مشكلة الاحتلال من جهة، والتكفيريين الإلغائيين من جهة أخرى. ومن اللافت أنَّ المواقع الشرعية الفتوائية في البلاد الإسلامية، كما في مصر والسعودية وغيرهما، لا تزال صامتةً من دون أن تبادر إلى إصدار الفتوى الشرعية ضدَّ هؤلاء الذين يكفّرون المسلمين من مذهب معيّن ويستحلّون دماءهم، بل يكتفون بالكلمات الاحتجاجية التي لا تملك الصراحة الشرعية، الأمر الذي قد يمتدُّ إلى أكثر من موقع إسلامي ينفتح على هذه الذهنية، ويتبنى الخطَّ التكفيري الذي سوف يُسقط الهيكل على رؤوس الجميع.

إننا نهيب بعلماء الإسلام في العالم، أن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية الإسلامية، لإنقاذ العراق والواقع الإسلامي كلِّه من هذا الاتجاه التكفيري الجاهل الذي لن يقتصر على الموقف من الشيعة، بل سيمتدّ إلى المسلمين جميعاً. إننا لا نطالب بإصدار الفتوى الشرعية لمصلحة مذهب معيّن، بل لمصلحة الإسلام كله، ضد الذين يكفّرون المسلمين ويعتبرون القتل هي الطريقة التي يعارضون بها الرأي الآخر، لأنهم لا يملكون المعرفة في الفرق بين الإيمان والكفر، أو في حدود الله.

ونريد للعراقيين أن يأخذوا بأسباب الوحدة الإسلامية والوطنية ووحدة البلد، ورفض أي حالة تقسيمية أو طائفية أو عنصرية، فإن ذلك هو سبيل الخلاص للشعب كله.

http://arabic.bayynat.org.lb/khotbat/kh14102005.htm