بغداد (رويترز) - وجد السنة العرب العراقيون المستاءون أنفسهم عند ما يشبه مفترق طرق بعد ان شاركوا بأعداد كبيرة لاول مرة في انتخابات حرة.

وتحتاج استمالة السنة بدرجة أكبر باتجاه السياسة وبعيدا عن التمرد الى مهارة في التفاوض من جانب زعماء عراقيين اخرين ودبلوماسيين أمريكيين يحاولون اخماد حرب أهلية في مهدها.

وفوز الدستور المحتمل في الاستفتاء الذي أجرى يوم السبت الماضي قد يؤدي الى تصعيد في أعمال العنف لكن التصويت شكل حركة سياسية سنية ستدافع لاول مرة عن مكان لها في البرلمان المقرر انتخابه في ديسمبر كانون الاول المقبل.

وشكا بعض من الطائفة التي كانت مهيمنة على البلاد في عهد صدام حسين يوم الاثنين من أن الدلائل التي تشير الى قرب التصديق على الدستور الجديد تعد دليلا على تزوير للاستفتاء حرضت عليه الولايات المتحدة وحذروا من موجة جديدة من الاعمال القتالية.

وقال حسين الفلوجي وهو سياسي سني شارك في مفاوضات بشأن الدستور ورفض المسودة النهائية التي اقرها البرلمان الذي يهيمن عليه الشيعة والاكراد "لا استطيع ان افهم كيف يمكن ان تتم عملية التصويت التي شارك بها الملايين بساعات ويقولون انهم يحتاجون لخمسة ايام فقط من اجل عد الاصوات... وهذا ما يؤكد ان هناك عملية مدبرة تهدف الى التلاعب بنتائج الاستفتاء."

وأبلغ الفلوجي رويترز "اذا ما تم التأكد بان نتائج الاستفتاء قد تم التلاعب بها فانا على يقين ان الوضع الامني سيزداد سوءا وسينعكس ذلك على الوضع السياسي."

ولكن في حين يستعد صدام للمثول امام المحكمة يوم الاربعاء في اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية قال زعماء سنة اخرون انهم سيقبلون موافقة شعب العراق على الدستور يوم السبت الماضي وسيسعون لادخال تعديلات عليه بشكل سلمي في البرلمان المقبل.

وقال فخري القيسي عضو مجلس الحوار الوطني واحد اعضاء لجنة كتابة الدستور من القوى المغيبة للانتخابات "منذ ان قررنا المشاركة في الاستفتاء كنا نعتقد ان هذا الاستفتاء سيمر وستتم المصادقة عليه وهذه ليست بالمشكلة."

واضاف "النقطة الاهم هي الانتخابات المقبلة التي ستجري نهاية العام الحالي وانا اعتقد ان علينا التركيز منذ الان لهذه الانتخابات... ان مشاركة القوى الوطنية في هذه الانتخابات وبالتالي ضمان وجود حقيقي لها داخل البرلمان القادم سيعيد التوازن للبرلمان العراقي وسيساعد هذا في خدمة العراق والشعب العراقي."

وقد تكون هناك دلائل على انتهاج مسارين متوازيين متعمدين هما العنف والسياسة لضمان الحصول على تنازلات لصالح الاقلية السنية التي تشكل 20 بالمئة من السكان. لكن المسؤولين الامريكيين الذين يحاولون اخراج قواتهم من العراق تاركين نوعا من الاستقرار تشجعوا بمشاركة السنة في الحياة السياسية في الفترة الاخيرة.

وفي حين أظهرت النتائج الاولية تصويت الاغلبية لصالح الدستور بشكل عام الا ان التصديق عليه معلق على ألا يرفض الدستور بأغلبية الثلثين في ثلاث من 18 محافظة. وقال مسؤولون بارزون أن محافظتين سنيتين حققتا هذه النسبة لكن المحافظة الثالثة وهي نينوى وعاصمتها الموصل لم تصل الى هذه النسبة.

وقال مقاتل في شمال العراق يقول انه يتحدث باسم المقاتلين "انهم ينتظرون نتائج ما قد تسفر عنه عملية الاستفتاء في مدينة الموصل."

وقال ان المقاتلين نسقوا وقفا عاما لاطلاق النار هو المسؤول عن غياب أعمال العنف في يوم الاستفتاء وكان الهدف منه هو ضمان التصويت ضد الدستور في المناطق السنية.

لكنه أضاف "اذا تلاعبت الحكومة بنتائج الموصل ومررت الاستفتاء فانا اقول ان الشيء الذي سيحصل بالتاكيد لاحقا هو قيام اضراب عام ومظاهرات وزيادة في العمليات العسكرية."

وقال توبي دودج من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن ان ذلك يدل على ان بعض المقاتلين ان لم يكن المتشددون المتطرفون يؤيدون ضمنا العملية السياسية.

واضاف "هذا أمر مهم للغاية فهو يعني أن الذين ينشرون العنف يفعلون ذلك لاسباب سياسية ويمكن ادخالهم في العملية بدبلوماسية ذكية."

وأضاف "هذه مسؤولية المقيمين في المنطقة الخضراء خاصة السفير الامريكي ليستغل هذه الفرصة أفضل استغلال."

وعرض بعض الزعماء السياسيين السنة التوسط في محادثات مباشرة بين الامريكيين والمقاتلين . لكن واشنطن تصر على انها لن تتفاوض مع "ارهابيين" غير انها أقرت بأن مسؤولين أمريكيين اجروا اتصالات مع جماعات مقاتلة.

وقال الفلوجي ان اذا انكشف تزوير الاستفتاء يوم السبت الماضي فان ذلك قد يعني أن يكرر السنة في ديسمبر كانون الأول المقبل مقاطعتهم لانتخابات يناير كانون الثاني الماضي التي تركتهم مهمشين عندما جرى التفاوض على الدستور.

وتساءل عن المبرر في نهاية الامر اذا كانت النتائج ستزور.

واقر كوفي عنان أمين عام الامم المتحدة بأن الاستفتاء اظهر انقسامات أكثر مما اظهر وحدة وطنية. وقال "كنا نأمل ان تشمل عملية الدستور الجميع وتوحد جميع العراقيين...

"من الواضح ان هذا لم يحدث. لذلك من الصعب للغاية القول بما يمكن أن يحدث بعد فرز الاصوات... هل سيتوقف العنف بعد العملية."

وتابع "لا أعتقد ان هناك ما يبرر ان نتوقع ذلك. لكن على الاقل فانهم قرروا استخدام صناديق الاقتراع بدلا من الرصاص."

وقال جوست هيلترمان من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات في عمان ان الاستراتيجيتين السياسية والعسكرية كانتا تسيران بشكل متواز بالنسبة لبعض الزعماء السنة لكن الاقبال الكبير في العديد من الاماكن السنية يظهر أن السياسة أصبحت أمرا مهما بالنسبة لهم الان.

وقال "حولوا انفسهم الى لاعبين سياسيين." وأضاف "هذا يظهر صورة سياسية الى جانب صورة العنف."

ومضى يقول "انتخابات (ديسمبر) أكثر أهمية بالنسبة لهم... خيار العنف لن ينجح." وأضاف "لا اعتقد انهم كانوا يعتقدون انهم سيهزمون هذا الدستور."

ورد على سؤال عما اذا كانت محادثات تدعمها الولايات المتحدة بشأن تعديل الدستور قد تنجح قائلا "الكثير سيعتمد على الحكومة الامريكية في التوصل الى بعض الاتفاقات. وعلى الشيعة في مدى استعدادهم لتقديم تنازلات."

من الستير ماكدونالد ووليد ابراهيم

http://ara.today.reuters.com/news/ne...-SUNNI-MS4.XML