بمناسبة مثول صدام امام محكمة جنائية للتذكير: في مدينة الصدر شباب اعدموا وهدم النظام بيوتهم


بمناسبة محاكمة صدام قمنا بزيارة منطقة الجوادر وفي قطاع 38 من مدينة الصدر تعرفنا على بيتين من البيوت التي هدمتها جرافات صدام بعد ان قتل ابناءها ماذا يقال هنا والمجرم بات في قفص الاتهام ذليلاً؟


اعتقال عائلة

السيد (اكرملي جاسم سدخان) شقيق الشهيد سليم جاسم التقيناه في بيته الذي لايزال في طور التشييد عاد بذاكرته الى تلك الأيام السود ليقول لنا:
بتاريخ 26/6/1999 علمنا بالقاء القبض على شقيقي الاصغر الشيخ سليم وهو من مواليد 1973 وطالب في الحوزة العلمية وعرفنا بانه قد القي القبض عليه في منطقة سوق (العورة) بعدها داهم امن صدام بتاريخ 20/7/1999 في ساعة متأخرة من الليل البيت والقوا القبض على اشقائي الثلاثة وزوجتي الحامل واطفالي صغيرهم وكبيرهم. القوا بهم في سيارة بيك آب واتجهوا بهم الى دائرة الأمن في مدينة الصدر بعدها الى أمن بغداد، لم اكن في البيت حينها وعندما عدت في اليوم التالي اعترضني احد الجيران في الطريق وطلب مني الاختفاء وقال لي ان جميع افراد عائلتي وعددهم ثلاثة عشر فرداً اخذوا الى الأمن، فعدت ادراجي واختفيت لدى صديق في منطقة حي الاكراد في المدينة.
هدم البيت

احد الجيران المقربين جاء اليّ واخبرني بان عناصر الأمن فتشوا البيت واخذوا كل شيء وقعت ايديهم عليه من اموال وغيرها، بعدها كنت داخل سيارة في منطقة الكيارة وإذا باحدهم يدعوني عرفت فيه صديق مجبل عبد فنزلت اليه فاخذ بيدي وتنحى بي جانباً ليخبرني ان سلطة صدام وازلامه جاءوا بجرافات وازالوا البيت كان وقع هذا الخبر شديداً علي وكدت اسقط على الأرض من الروع . على اثرها هربت الى الناصرية بعد ان تركت عملي في مصلحة نقل الركاب فاختفيت في بيت اصدقائي محمد حسن واشقائه احمد وفلاح ومحمود الذين ساعدوني كثيراً في محنتي ولم اكن املك غير الثياب التي ألبسها.

هذا ما فعلوه بنا

السيد موسى شقيق الشهيد ايضاً من الذين القوا القبض عليه مع افراد العائلة التقيناه ليحدثنا عن هذه المأساة وقال: في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل شعرت بحركة لاناس يتسلقون بيتنا بعد ان وضعوا سلالم على الجدران ودخلوا البيت عنوة واول ما فعلوه حملوا الأطفال وهم غارقون في النوم والقوا بهم في سيارة بيك آب معدة لذلك ومن ضمنهم طفلة عمرها ستة اشهر لم تزل في القماط وعندما استفسرت منهم عن السبب قالوا لي سوف تعودون وان الامر مجرد استفسارات فأخذونا الى دائرة أمن صدام بعدها الى دائرة امن بغداد فوضعونا في محاجر تحت الأرض نساء واطفالاً ورجالاً (نور الهدى) ابنة الستة أشهر لم يبطل عويلها وكانت جائعة فلم يلتفت اليها احد من المعنيين ومرضت على أثرها.

احد مسؤولي الأمن قال لنا انتم عائلة تربي (الخونة). ويواصل موسى حديثه قائلاً:
وجدنا عدة عوائل من مدينة الصدر قبلنا وساقونا جميعاً الى سجن (ابو غريب) مع الطفلة والمرأة الحامل زوجة شقيقي، والقوا بنا هناك لمدة اربعة اشهر ثم نفونا الى محافظة ميسان .

محمد اكرملي كان طفلاً بعمر ست سنوات وفي الصف الأول ابتدائي حكم عليه بالحبس الانفرادي بعد ان القي القبض عليه مع عائلته ، سألناه عما لاقى في تلك الأيام في سجن (ابو غريب) فراح يتذكر :

كنت في الصف الثاني الابتدائي عندما اخذونا الى سجن (ابو غريب) ، كنت اشعر بالجوع والالم كانوا يعطوننا كسرات خبز يابس لا تشبعنا ولكن اثناء الزيارات كان الزوار يعطوننا من الطعام الذي يأتي من أهالي المسجونين وعندما شاهدني السجانون وضعوني في سجن انفرادي لمدة يومين لانني اجيء بالطعام لعائلتي، فبقيت ابكي وحدي كان عمي موسى وعمتي هناء ورجاء بذلوا الكثير من اجل اخراجي لكن السجانين قالوا لهم بانني اعتبر من المتسترين على اعداء النظام!
شاهد على الدمار

السيد ابراهيم خلف من أهالي القطاع 38 في مدينة الصدر هو جار السيد اكرملي وكان شاهد عيان لعملية هدم بيت جاره من قبل ازلام السلطة يقول:
في حوالي الساعة السادسة صباحاً سمعنا هدير الجرافات وهي تتجه نحو البيت فخرجنا لنشاهد عملية هي غاية في القسوة واللاإنسانية وعندها خطر ببالي ولا اخفي ذلك عنكم بان شارون نفسه اذا ما قيس بصدام حسين فانه يعد "رحيماً" صدقني ويواصل حديثه: كان برفقة الجرافة خمسون شخصاً من ازلام النظام دخلوا البيت أول الامر ثم خرجوا من بعد برهة ليأمروا الجرافات بالانطلاق لهدمه وعندما اجتمعت الناس لترى هذا المشهد نهروهم وطلبوا منهم الدخول الى بيوتهم . اذكر ان بعض النساء بكين وعولن وهن يشاهدن بيت عائلة لهم معها صلات جيرة يهدم بهذا الشكل، وبعد ان سوي البيت مع الأرض انتقلوا الى بيت آخر ليفعلوا به ما فعلوا بالاول في ما بعد صار البيتان قبلتين لنا نحن أهالي المنطقة .

لم يطرق بابنا احد

نعود الى السيد اكرملي كبير الأشقاء لنسأله عن كيفية عودتهم ثانية فقال:
توزعت عائلتي ومنذ العام 1999 بين الاقرباء ولم تجتمع الا بعد انهيار النظام في 9 نيسان 2003 في تلك الأيام لم نسمع بوجود منظمات انسانية ولم تطرق بابنا حتى الان، ولا الدولة قدمت لنا مساعدة باستثناء رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري قبل رئاسته الوزارة وتقدم بشكل شخصي لمساعدتنا وكذلك مكتب الشهيد الصدر ساعدنا قدر استطاعته وعن محاكمة صدام وشعوره حيالها قال:
لو اعدم صدام الف مرة ومرة فان ذلك لن يشفي غليلي ان اطلاقة في رأسه اجد فيها رحمة له ولكن ما اتمناه ان يؤتي به امامي ولا اعلم ماذا افعل به، وبصراحة لن استعجل الحكم عليه !

بيت آخر

في بيت آخر من البيوت التي هدمها النظام بظلمه وجبروته التقينا ام علي والدة الشهيد طارق وهي امرأة في العقد السادس من العمر قالت :
- القوا القبض على ولدي وهو يبيع العطر في السوق، وبعد نحو العشرين يوماً جاؤا والقوا القبض على كل افراد العائلة من ضمنهم طفلة بعمر شهرين واقتادونا الى امن مدينة الصدر ومن ثم الى امن بغداد وسجن أبي غريب الذي بقينا فيه فترة اربعة اشهر اسكنونا اطفالاً ونساء في (كرفان) انهم اعتبروا طفلة بعمر شهرين متسترة على (خونة) ، بعد فترة الاربعة اشهر نفونا الى العمارة لكنني عدت الى بغداد لا رى بيتي فوجدته قد سوى بالارض وان أثاثنا وامتعتنا رمي بها وراء السدة فذهبت الى هناك فوجدت الأطفال يعبثون بها عندها بكيت كثيراً.
جثة ولدي طارق استطعت العثور عليها في مقبرة (ابو غريب) بعد انهيار النظام وقد علمنا بان جثث الشهداء صنفت الى قسمين وفق الوثائق التي تم العثور عليها، إذ هناك اشخاص حكم عليهم بالاعدام مع النص على اخفاء الجثة، وكان منهم الشيخ سليم شقيق (اكرملي) اما ولدي فلقد عثرنا عليها مركوناً في حفرة مرقمة .

ماذا تريد من المحكمة؟

عندما شاهدت وقائع المحاكمة سمعت متهماً يطالب بلبس عقاله واعطوه له بينما حين القي القبض علي وعلى عائلتي طلبت من المسؤول ان ارتدي عباءتي فرفض رفضاً قاطعاً مع اني امراة من بيئة محافظة !


لا ينفع الحكم على صدام بالإعدام وددت لو انه أعطي لي لأ مزقه بأسناني جراء ما فعله بأولادي وأحفادي لمجرد اتهامهم بمناوئة النظام.


http://www.almadapaper.com/sub/10-521/p10.htm#1