* غالب حسن الشابندر
13 / 11 / 2005
لا يوجد دين، ولا طائفة، ولا ملة، ليس فيما بين أهلها علمانيون، يؤمنون بفصل الدين عن الدولة، تلك قضية طبيعية، فالبشر مختلفون في فكرهم، متنوعون في توجهاتهم الروحية والعقلية والمزاجية. والشيعة كأي طائفة في هذه الدنيا، لها علمانيوها، يؤمنون بأن الدين علاقة بين الإنسان وربه، يهتم بتهذيب الذات ، وخلق مجتمع روحي معنوي متسامح كريم ، وليس للدين أن يتدخل في شؤون البلد السياسية والتشريعية . ونجد الكثير من هؤلاء الشيعة العلمانيين مؤمنين بالله ، يؤدون الواجبات الدينية ، ولكن تصورهم القاطع أن الدين شي والسياسة شي آخر ، وإن الدين إذا تدخل بالسياسة يفسدان كلاهما . لا نريد أن نناقش أصل المقولة ، خاصة وإن التجربة أثبت صدقية شي من هذه المقولة ، وذلك بعد أن قامت دولة إيران ، ودولة السودان باسم الإسلام ، وخاصة بعد أن انتكست تجربة رجل الدين على الصعيد السياسي ، كقدوة ومفكر ومحلل ! ورغم ذلك تبقى القضية محل جدال طويل ومعقد .
العلمانيون الشيعة كان حظهم من الحقوق كحظ كل شيعي ، أي الحرمان والغبن ، سواء كان هذا الشيعي العلماني عراقي أو بحريني أو سعودي أو لبناني أو عماني أو يماني ...
أنه في نهاية المطاف شيعي ...
الغبن الذي لحق علمانيي الشيعية على يد الأنظمة الحاكمة كان اقتصاديا ، وظيفيا ، سياسيا ، ولكن أصابهم غبن من نوع آخر ، أنه الغبن المعنوي ، الغبن الروحي ، وذلك على يد الحركات الإسلامية الشيعية ، فلأنهم علمانيون يجب أ ن لا نسلم عليهم ، يجب محاربتهم ، فهم علمانيون ، أكثر من ذلك حاولنا أن نعزلهم سياسيا عن مجمل الوجود الشيعي ، الأمر الذي خلق حالة من الارتباك داخل الجسم الشيعي نفسه ...
أنهم مؤمنون بالله ، بالبنوة ، بالإمامة ، بالمعاد ، وهم شيعة ، يبكون الحسين ربما ، ينتظرون الأمل الكبير ربما ، ولكن يخافون إدخال الدين بالسياسة ، يرون في ذلك خطرا على كل من الدين والسياسة ، فهل يستحقون كل هذا الغبن الروحي والمعنوي من ( الرساليين !) الذين يتكالبون اليوم على المناصب أكثر من العلمانيين ؟
لقد خسرنا العلمانيين الشيعة ، كان بالإمكان ضمهم إلينا ككل ، كشيعة ، نعاني من الظلم ، من الخوف ، من الجوع ، نضمهم في معركتنا ضد الطغيان ، ومن ثم ، أين هي فرصة الحكم الإسلامي كي بسببها نعادي ونعزل هؤلاء العلمانيين الذين قد يكون بعضهم أنزه من المتدين ( الرسالي ! ) فيما إذا كلف بمنصب وظيفي أو مهمة اجتماعية ؟ وهل معركتنا اليوم هي الدولة الإسلامية ، هذا المشروع الخرافي ، بل الجهنمي ، أم حقوق شيعية تتغذى على فتاة مائدة برجوازية ترفض وجودها كأنسانة ، وتقبل بها كأسيرة ؟
العلمانيون الشيعة ، فيهم أطباء ، مهندسون ، محامون ، كتاب ، فنانون ، عباقرة ، فلماذا لا نضمهم إلى حركة الشيعة ككل ، كجسم ، ككيان ؟
أم أن قادة الإسلام السياسي قد قدموا لنا بما فيه الكفاية ؟
لا نريد أن نفتح صفحات المأساة التي حلت بالشيعة بسبب هذه القيادات ...
اليوم ... في العراق ، حركات الإسلام السياسي الشيعي خسرت هذه الطاقة الهائلة من الشيعة ، استهانت بهم ، ربما سذاجة أو غرورا ، ولكن النتيجة أنها خسرت طاقة هائلة ..
أنهم ليسوا ملحدين ..
ليسوا فاسقين ...
يحملون الهم الشيعي أكثر من هذا الذي يفكر بتحرير القدس ، أكثر من خطيب الجمعة الذي يطالب قبل أسابيع بحذف إ سرائيل من الوجود ...
وإذن ...
أليس هو الأولى بالاحتضان ، والدعم والكسب ؟
الأخوة السنة كثيرا ما يحتضنون علمانييهم ، أما نحن فنسبهم ،نعزلهم ...
هل نتصور أن ذلك سوف يثبت أسلامنا لدى الأخر ؟
لا !
مزحة هذه ...
سوف تبقى مزحة إلى يوم القيامة ...