النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    151

    الغائب .......... الحاضر / في ليلة محاكمة الطاغية ( هدام )

    الغائب... الحاضر
    في ليلة محاكمة الطاغية ( هدام )

    جواد المنتفجي

    -1-
    كم هو ممتعا ، وجميل لمّا زرتني يا وطني هذه الليلة ، ورحت تردد لي تراتيل الأحبة من منفاهم...
    - هيا افرح... يا عراق !
    -2-
    ابتسمت لما لمحته يترجل من صهوته، حيث راح طيفه يدنو على رسله مني هامسا لي كلماته الوئيدة ، وكأن وقع حروفها توقظني من سبات مللت من إسهاب العوم في بحور لا مد لها، ولا جزر...
    - وبماذا تفكر الآن؟
    قال ، وغدا مسترسل الذكرى...
    - أتذكرون ! حينما زرتكم في نفس الوقت من العام الفائت ، ووجدتكم محجورين بين ردهات هذا الكون الصخري ، لقد زهوت من الفرح وأنا أراقبكم عن كثب ، وأنتم تخطون خلسة سر كلماتك العجيبة على الجدران ...
    - سنمنحك أنفسنا يا وطني شريطة أن تنتعل خف أحزان هذا الوباء في يوم ما !
    ذهلت لحظتها بمفاجئته، وبلا إرادة مني ، هرعت أليه مستفسرا عن سر حضوره هذه الليلة بالذات...
    - وما سبب عودتك ثانية بعد غيبتك الطويلة؟
    - جئتكم ، لأزف لكم البشرى التي انتظرتموها رزحا من الزمن .
    قال ، ثم رحل ثانية مستنفرا مجاهل الرحلة ، وأمسيت أنا، والآخرين ممن عانوا من رهق هذه الرحلة مشروعا مثيرا للشفقة ، لحظتها شعرنا بأن الحياة كانت في غيابه قد توقفت عن الجريان تماما ، وبأن وجودنا عليها ما عاد إلا أن يكون سطحيا ، أو بالأحرى كانت حياتنا أصبحت عبارة عن دعابة أخرى من دعابات هذه المأساة، والتي بت نسميها في كل يوم مهزلة الحياة.
    -3-
    - وبماذا عساي أن أفكر به الآن؟
    تمتمت .. وأنا الملم شتات السنين الماضية.. ندب السنين التي ما فتئت ثوانيها المتعبة إلا أن تكون كآهات موجعة تئن في خوار ضلوعي المحمومة..إذ ذاك بدأت ومن فيض هذياني أتعوذ ربي من أوارها التي وجرت كل أنحاء جسدي واضطررت لحظتها إلى أن اصرخ في خلو صلواتي.. وبأعلى صوتي في عباب السماوات...
    - الخلاص ،
    الخلاص يا الهي الخلاص !
    الغوث يا ربي الغوث !
    وبلمح البصر...
    يخطف حالا جنبي ، فكأنه يشدني من معصميّ ليوقفني على قدمي لمجابهة طوفان ذلك الغوث والخطر، عندها أحسست بكفته الرحيمة تنتشلني من آبار الأعوام المغتصبة.. دخان الأعوام السيئة التي توقعنا فيها حصاد الكثير منا على أيدي تجار حروب المراهنة.. والسفاحين من أمراء الخطف والذبح.. مخترعين وعيد الموت.. وزنادقة كمائن السجون.. والمقابر الجماعية وحلبجة.. والأنفال..والدجيل .. أو سمهم ما شئت ، فقد أزمعوا على تفتيت تقاوي الدم الطاهر والنبيل، وراحوا ينثرونه بلا هوادة في بلل الهواء المتساقط عكس نحيب الريح المسفوحة التي هبت ودبت من كل صوب وحدب لتدمر شناشيل شرفات بلادي السرمدية ، وبين الفينة والأخرى ، وبدون أن ادري ، يظل يعبأ وبهدوء نفح طيب أنفاسه الطرية وهي تقحمني انفرادا بترتيل الكلمات التي اعتدنا ترديدها معا منذ الطفولة راميا حجرته الأولى، صائحا بي...
    - النور.. النور.. انه شان الحياة.. انه من صنع القرار!
    وبلمح البصر...
    ينهض مسرعا ليخطب بالجمع الملتف من حوله ، والمحتفي بقدومه ، راميا حجرته الثانية خلف جّرادهم المنهزم والذي اخذ يذوي على الأرض المحترقة بعد أن كان مختفيا فيها ليتلف حقولنا المخملية...
    - كل أحلامهم تلك باتت هراء ، بل أمست محض خيال حينما أخفقوا بتحقيق آمالهم بان يخلفوا ورائهم كل شيء تراب ، فكفوا يا أحبتي عن المحاولة .. كفوا وانسوا أمر الانتحار.. رصوا صفوفكم لنواجه أثار هذه المحنة بشموخ! هيا سنهتاج في اللحظات القادمة على ما تبقى من أيتامهم ، فتوحدوا لننفجر،هيا لنتشظى سوية ، ألان وبدون أن نستثني أحد.. هلموا يا ناسي وأهلي.. رددوا معي...
    · لا لأصنام الأرض.. أحجار لعالم المخيفة !
    * لا لتماثيلهم المنتصبة على طول وعرض البلاد !
    * الطواغيت... الطواغيت.. التي لم تترك لنا غير خيارتين.. ذعر الموت الذي لم يكن لنا منه بد،أو غمغمت الانتحار في غابات أصنامهم المرعبة.
    وبومضة خاطفة...
    طفق يحث الخطى ، ليقود جموعه الزاحفة .. راميا حجرته الثالثة...
    - سيان لدينا أمر الموت ألان ، ففكروا معي بروية للخلاص من ومضة جنون هذا الاختيار المكشوف.. الانتحار!
    ويغور لساعات بين فلولهم المندحرة ،
    لحظتها قلقة عليه كثيرا ، فعلى الأرجح من أن ثمة من ثلة لبعض أولئك الجناة سيعترضونه وسط الطريق ، وقد يعدمونه لمّا يمسكون به حرقا بالتيزاب ، أو بالمثرمة ، وحسدته لحظتها ، فربما اختار هو دوننا الشهادة بعد أن تركنا هنا لوحدنا لنقاوم عكس التيار.
    وبلمح البصر، وللمرة الرابعة..
    يهبط مع رؤى صلاة فجر ذلك اليوم الوضاح ، مرتديا كفن الصالحين المشع ببياضه على طول الأفق ، مستوزرا بفوط الأمهات الثكلى ، وعلى شفتيه وشاح بسمة الفقراء والمساكين والمعوزين اليتامى، وهو يومئ لنا بيديه مستنفرا مجاهل رحلته الجديدة صوب جباله الشماء ، وعلى جنح الريح كان جواده الأبيض يجول فيهم تارة ، متخطيا كل خيولهم الملتاعة وهم يتساقطون تباعا من ضرباته المتلاحقة الموجعة.. وفي أخرى يهبط على بعد شائكة مني متوسدا سفوح وروابي مدنه الجميلة... راميا حجراته الرابعة ، والخامسة..ثم السادسة مرددا مسك ختام كلماته الخالدة...
    *هيا.. انهضوا.. أنه المخاض!
    *هلموا.. انه الانهيار!
    *هيا لقد انتهت اللعبة، وسيحاكم السجان!
    *هلموا.. لنرجمه بالحجارة من خلف القضبان..
    *هيا.. بسملوا ، وحسب!
    بسملت.. وسميت .. وابتهلت متوسدا أبراج حدوده الملتهبة ، والمدماة بالدم واللحم المشتعل ، وبلا شعور تولينا معه رمي حجراته السابعة.. والثامنة..والتاسـ..و..و.. صوب قفص الاتهام حيث كان يقف هناك الجلادين والجلاد ، مرددين صدى أنشودته الخالدة...
    - موطني..
    موطني !!!!!!!!!!!!!!!!!!

  2. #2
    الصورة الرمزية دجلة الخير
    دجلة الخير غير متواجد حالياً مشرفة واحة التجارة والاقتصاد
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    2,033

    افتراضي

    *هلموا.. انه الانهيار!
    *هيا لقد انتهت اللعبة، وسيحاكم السجان!
    *هلموا.. لنرجمه بالحجارة من خلف القضبان..
    *هيا.. بسملوا ، وحسب!
    بسملت.. وسميت .. وابتهلت متوسدا أبراج حدوده الملتهبة ، والمدماة بالدم واللحم المشتعل ، وبلا شعور تولينا معه رمي حجراته السابعة.. والثامنة..والتاسـ..و..و.. صوب قفص الاتهام حيث كان يقف هناك الجلادين والجلاد ، مرددين صدى أنشودته الخالدة...
    - موطني..
    موطني !!!!!!!!!!!!!!!!!!


    الله

    اديب الامل والتفاؤل
    جواد المنتفجي
    يتسرب اليأس الى نفوسنا فنهرب الى كلماتك
    لنخرج من هذا اليأس الى صفحات مفعمة بالأمل المشرق
    شكرا لك اخي جواد المنتفجي
    *·~-.¸¸,.-~*وبَشــــــــِّـــــــــــــــــر الصـــــــــــــــابرين*·~-.¸¸,.-~*

    [align=center][/align]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني