بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى تبارك وتعالى فى محكم كتابه العزيز ، بسم الله الرحمن الرحيم " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم".
ثلاث أزمات عادة ما تواجه أمم العالم وشعوب العالم عندما تصر تلك الأمة وذلك الشعب على تحقيق وحدته .
أزمة الفكر ، وأزمة فى الخطاب ، وأزمة فى التطبيق والأخلاق .
من أين ينطلق الفكر الانسانى فى تحديد مفهوم الوحدة ، هل الوحدة وحدة عقل وفكر أم هى وحدة قلب .
القرآن الكريم ينفتح علينا بثقافة التعدد على مستوى التفكير وعلى مستوى اعطاء العقل فضاء متسعا يحترم الآخر ، لذلك القرآن أقر التعدد بالحوار والتعدد بالتفكير والتنوع الفكرى ..احتضنه ورعاه ولذلك نشأ أصحاب الفكر وترعرع فى آفاقه الدين الاسلامى .
لأنى بدأت فى هذه الفقرة ، فقرة تأصيل وتقعيد مفهوم الوحدة لأنى أشعر انها الآن تدور فى بعض أروقة المتدينين وبعضهم ممن يؤكدوا على انهم يحرصون على الوحدة وينطلقوا بطريقة فى تقدير تفتقر الى مرتكز فكرى .
الوحدة فى القرآن ليست وحدة العقل ، فالاسلام ما لغى الآخر ، الآخر العاقلى والآخر القبلى والآخر المدنى والمناطقى والآخر الدينى كذلك ....الوحدة لا تعنى انك تلغى الآخر ..الوحدة من القلب لذلك القرآن يؤكد "وأمرهم شورى بينهم " و "شاورهم بالأمر فاذا عزمت فتوكل على الله " ، احترم الآخر ورعا الآخر وجعل فى أيات قرآنية كثيرة الآخر جزء من الحياة المتمدينة والمتحضرة ، "قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء" ، الآخر محترم والذى يحمل فكرا اسلاميا ينبغى أن يضع فى حسابه من أجل أن يكون فكره فكرا اسلاميا يجب أن يعترف بالآخر مهما كان الآخر بعيدا عنه ، هذه ليست من أدبيات الوحدة أنك تقبع الآخر انما الوحدة تنطلق من القلب .
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألف بين قلوبكم "ولم يقل بين عقولكم وآرائكم ، فمن القلب تبدأ الوحدة ومن القلب تبدأ الفرقة ومن حيث بدأت الفرقة لابد أن نعوض هذه الفرقة بوحدة .
هذه أزمة الفكر ، وأزمة فى الخطاب مثلما اختنق مفهوم الوحدة بأروقة البعض الذين يرددون الوحدة ، كذلك احتبس الخطاب فى بعض هؤلاء
الخطاب خطاب الوحدة عندما يستهدف تحقيق واقع صحيح وينسجم بمفرداته مع مفردات كل معايير الصنعة عند اذن يكون الخطاب خطاب وحدوى
هناك أزمة وهناك اذواج فى الخطاب ، تجد من الناحية التنظيرية الكثير يتحدث عن الخطاب الوحدوى ولكنك عندما تنظر الى الواقع تجد ممارسة خاطئة ومقلوبة .
نحن فى العراق تخطينا مسألة الخطاب ، لسنا بحاجة الى خطاب يشعرنا كيف نوحد واقعنا ، هناك واقع فى العراق وحدوى نستلهم منه مفردات الخطاب ...مثلا بسيطا ، رأيتم ماذا أرادوا فى حادثة جسر الآئمة ، أرادوا أن يمزقوا واقعنا بواقع آخر ويستبدلوا الوحدة الحقيقة بحالة من الفرقة
ان الخطاب الذى "صدح " به الجميع كان خطابا وحدويا.. كان مستلهما من الواقع لذلك وجدنا ان الكلمات التى أطلقها الجميع والممارسات التى شهدها مشهد شهداء "جسر الأئمة " كان مشهدا وحدويا رائعا ..غابت فيه كل الفروق المذهبية والقومية والدينية والسياسية والمناطقية .. لسنا فى أزمة خطاب ..
اننى فى الوقت الذى اثمن الجهود التى بذلها معالى الأخ الدكتور عمرو موسى لان يجمع هذا الشمل المبارك فى هذه القاعة واقدر كم بذل من الجهود .. ولعلى عشت بعض فصول محاولاته وانا فى بغداد ، لكنى أقول له .. هذا الذى بذلته لكى تجمع الفرقاء السياسيين العراقيين تحت سقف واحد وفى قاعة واحدة .. ان هناك حكومة وطنية مخلصة ولدت من رحم هذا الشعب ..تصر على ان تجعل من ارض العراق وسماء العراق وثروات العراق واقعا وحدويا وتبادل الطلقة بالكلمة الطيبة والبندقية بالقلم ، ربما يكون من الصعب ان تجمع الفرقاء السياسيين ..لكن الاصعب أن تتعامل مع الواقع .. خصوصا تبلغ الصعوبة ذروتها عندما يحمل الاخر سلاحا ويستبيح الكرامة والدم ، فى العراق اصرار على حفظ وحدة الشعب واصرار على الحفاظ على الموروث الرائع فى التعايش المذهبى والدينى والقومى ..
ورثنا عن آبائنا واجدادنا واقعا ونحن مصرون على الحفاظ على هذا الواقع .. واقع يجعل الزيجة فى الزواج بين العراقيين تبلغ حدا ستة وعشرين وواحد بالعشرة بالمائة من مجموع العراقيين يتلونون فى الزواج بين ابناء المذاهب المختلفة .. ورثنا هذا الواقع ونحن نصر على الاستمرار بهذا ، تعرضت الوحدة الوطنية وأكثر من مرة وتحت شعارات كبيرة باسم الوحدة لغرض تمزيق الصف .. وتعرضنا الى شعارات كبيرة من حيث اللفظ باسم الحفاظ على الامن واختزال زمن وجود القوات المتعددة الجنسيات .. واذا بأطفالنا ونسائنا وكبارنا وصغارنا يموتون على رؤوس الاشهاد وبطريقة بشعة يقشعر لها الجلد ويندى لها الجبين خجلا وحياء .
ودعت بغداد يوم أمس بكارثة جديدة سجل أخر الاطفال رقم أربعة أيام ..فقط قبل حوالى خمسة أو ستة أيام .. هذا هو مفهوم المقاومة . نحن ابناء المقاومة ، من الذى يزاودنا على المقاومة ، ومن الذى يملك تاريخا أطول من تاريخ العراقيين فى المقاومة ومواجهة الديكتاتورية ، من .. نحن ابناء الصدر .. الصدر الذى صمم على الشهادة وقال أقدم نفسى شهيدا وهذا أخر خطابى معكم .. نحن ابناء عبد العزيز البدرى الذى قطعه أوصالا صدام .. نحن ابناء هؤلاء .. نحن نمشى بطريق ونعى جيدا الخطورة التى المت بنا ، هناك ثقافة فى البعث الذى ورث العراق هذه الممارسات السيئة .. الثقافة التى جاءت باسم العرب فى العراق وقطعت أوصالنا وهدرت ثروتنا اعتدت على كراماتنا .. لذلك وضعنا خطا أحمر لا مجال للبعث فى العراق .. هذا ليس قرارا شخصيا او أطلقه من على منصة الجامعة العربية .
هذا واقع عراقى ، ذهب الوقت الذى يختزل فيه العراق بشخص واحد .. العراق اليوم معمل أبطال والذى يسقط شهيد على نظرية انك تختار صاحب النظرية او رجل التصدى فسيخرج ألف ألف قائد وألف الف منظر من العراق ، يجب ان نبنى العراق بناء جديدا بناء حضاريا ، المقاومة .. كل بلدان العالم عندما تتعرض الى الدكتاتورية تثور .. الثورات الخمس الكبرى فى التاريخ البريطانية والامريكية والالمانية والروسية والفرنسية .. وكل بلد يتعرض لاحتلال يقاوم .. كل بلدان العالم تقاوم ، الذى يريد ان ينهى فصل وجود قوات متعددة الجنسيات لا ينبغى ان يكون جزءا من مركب الارهاب .. فليكن جزءا من مركب الامن لان شعبنا يريد منا ان نوفر له امنه ، الأخوة بين العرب والأكراد وباقى القوميات واقع فى العراق .. والاخوة بين السنة والشيعة واقع فى العراق .. ما نحتاج أحد يذكرنا بذلك ..
نشكركم كثيرا على هذا ، ..تصير وحدة فى العراق تنبض فى عروق العراقيين ، من يريد فليتفضل الى العراق ويرى كيف يحدث التعامل اليومى بين ابناء السنة والشيعة ، يمارسون الارهاب باسم الطائفية ويرد شعبنا ان هذا لا يمثل الطائفة السنية .. ونقولها حقا، لا يوجد سنى يقتل شيعيا ولا يوجد شيعى يقتل سنيا على الاطلاق ..يتعايشون جميعا ، لذلك هذا الانفصام بالخطاب وهذا الانفصام فى مجالات التطبيق اننا نتحدث ونمارس عملا مناقضا ..
هذا فى تقديرى لا يدفع فى الوحدة ان تتحقق .. الذى يدفع بالوحدة ان تتحقق هو ان نلتزم بمستلزمات الوحدة ، الشعب العراقى خرج فى ثلاثين كانون الثانى لينتخب تحت وابل الرصاص وتحت رؤس الأشهاد .. الكل شهد ذلك المشهد فى ثلاثين يناير الماضى .. انتخبت جمعية وطنية والجمعية الوطنية لمت وجمعت بتكويناتها مجمل تكون ابناء الشعب العراقى باستثناء الحجم الذى يناسب اخواننا وأعزاءنا ابناء السنة العرب لظروف نعرفها وتعرفونها ، تقدمت الجمعية الوطنية بشكل رائع لتسجل سبقا فى هذه المنطقة ، ثمانون سيدة ..ثلاثون بالمائة من السيدات يشكلن الآن مع اخوانهن فى الجمعية الوطنية ، وكذلك الحكومة ثلث افراد الحكومة قرابة الثلث من السيدات يساهمن فى الحكومة .. العربى والكردى والتركمانى والمسيحى والسنى والشيعى كلنا نعمل فى الحكومة سوية تحت سقف واحد ، لم تنقطع اجتماعات مجلس الوزراء ولا اسبوع وبعض الاحيان نضطر الى عقد اجماعين فى الاسبوع الواحد .. عمل وخلية نحل تعمل سويا .
جئت هنا الى القاهرة ويتذكر الاستاذ عمرو موسى .. امشى على قدمين .. جئت الى مصر لانها الاكبر العربى ولانها حاضنة القدر العربى جامعة الدول العربية .. جئت هنا بكل تواضع أن ابدأ من حيث أصولى فى مصر .. وانا اقدر ماذا تعنى مصر .. ان مصر الجناح الثانى للحضارة الانسانية بعد العراق .. الطائر الحضارى حلق فى التاريخ فى الألف الرابع قبل الميلاد من الأهوار بالعمارة والناصرية ثم من مصر من الأهرام فأرخ وبدأ عداد الحضارة فى مسيرة الانسانية من مصر .. ربما شكك البعض بأصل مصر وعروبتها عندما نظروا البعض من ارض النيل ان مصر آلية الأصل .. ولم يشكك احد بعروبة العراق .
نحن ابناء العراق ونحن اخوانكم هنا .. جئت الى هنا وودت ان تتحرك العملية ويكون اخواننا بكامل افراد العائلة العربية معنا فى الشارع العراقى . وقلت لهم انصفونا فيما لنا وانصفونا بما علينا . انصفونا .. تمنيت ان تتم الحركة منذ وقت مبكر ، للحق اقول كان ايجابيا كان الرجل ايجابيا وساعدنا ان نحتل موقع وزارة الخارجية فى 9/9 وهو اول مؤتمر لوزراء الخارجية انعقد بعد سقوط الطاغية المقبور صدام حسين وجلس وزير خارجيتنا على كرسى وزارة الخارجية العراقية فى مؤتمر وزراء الخارجية العرب ، لكنه شهدت للاسف الشديد مشسيرة الثلاثين شهر او قريب ثلاثين شهر كانت غياب .. لازلنا نتمنى لهذا المؤتمر ولهذه المبادرة الموسومة بالملتقى الوطنى العراقى أو اللجنة التحضيرية للتفاهم الوطنى العراقى امامها مسئوليات كثيرة ..
واظن انها تستطيع ان تساهم بشكل فعال فى دفع الوطن الى العملية الوطنية داخل العراق فى دفع العراق اشواطا بعيدا .. لاى يلتئم البيت العربى من خلال جامعة الدول العربية ، امام هذه المبادرة نحن نعيشها فى العراق وقلوبنا مفتوحة لكل اخواننا واعزاءنا لن نفرق بين أحد ونصر على هذا الطريق ، ونحن نتوسم ان تضيف هذه المبادرة رافدا جديدا لتقوية الوحدة الوطنية العراقية .ز لكنى اقول ان ملخص ما اتطلع اليه من هذه المبادرة الموسومة هو ان تخرج بألية محددة وتتذكر الخطوط الحمراء التى اوضحناها والتى هى مستوحاة من المصلحة الوطنية العراقية ..
بل ازعم انها من البيت العربى ومن الجامعة العربية وبنفس الوقت تسعى للتفاعل مع الخطوات اللاحقة فى الموسم الانتخابى القادم .. شجب الارهاب وتعزيز الوحدة الوطنية وبنفس الوقت اتمنى ان تنعطف جامعة الدول العربية فى التعامل معنا لاحترام سيادة العراق وان يتحرك العراق فى داخل الجامعة العربية باعتباره دولة مؤسسة مع مجمل حركة هذه الجامعة بكل دولها كما اتمنى ان يقدر الاخوة فى جامعة الدول العربية ظروف العراق التى يمرون بها فيتعاونوا معنا امنيا واعلاميا واقتصاديا ..
العراق بلد خير ولا يحتاج الى احد .. ولكنه الان يمر بظروف استثنائية وسيمضى العراق حتى يشق طريقه ويؤخذ موقعه المتقدم لان الله تبارك وتعالى حباه بمختلف انواع النعم ومن هذه النعم هو الخزين السياسى والمتنوع لكل الكيانات والطيوف .. والعملية الديمقراطية ستمضى الى مداها النهائى فى تحقيق حالة ديمقراطية لا يختنق فيها اى عراقى ويمتد العراقيون لاخذ حقوقهم بكامل حجمهم بما يتناسب مع حجم العراق كله .......
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقاً كلمة نالت إعجاب المنصفين و محبين الشعب العراقي, بارك اللة فيك ياجعفري, واتمنى أن تستمر في رئاسة الوزراء في الفترة المقبلة لأنك حقاً الأأجدر و سلآماًً للجعفري وجميع شهداء العراق و المخلصين للعراق.