الخانات العراقية وخصوصيتها التاريخية



محمد عبدالجليل
[align=justify]
امتاز العراق منذ القدم بانتشار وكثرة الخانات الموزعة في كل مكان من هذا البلد الحضاري الجميل. والخان باللغة يعني المأوى او الحانوت.. والخان هو البيت او الفندق الذي يؤمن الراحة للزائر والسائح والمسافر من عناء السفر الطويل فوظيفة الخان هو بمثابة وظيفة الفندق حاليا والحديث عن الخانات طويل حيث كان السفر يكون بواسطةالحيوانات او السير على الاقدام مما يجعل السفر صعبا وطويلا ولذلك بنيت الخانات لتخفف من عناء السفر ولتكون مكانات للراحة والاسترخاء وربما احيانا لتناول الاغذية حيث يكون في الخان مكان خاص لبيع الطعام بما يشبه المطعم حاليا. وكذلك هناك مكانات خاصة لربط الحيوانات كالجمال والبغال والخيول والحمير: ان اغلب الخانات كانت تستخدم كمحطات لاستراحة القوافل وكذلك محطات لسعاة البريد وكذلك للزائرين حيث الاعداد الهائلة من زوار العتبات المقدسة ولهذا فأن معظم هذه الخانات التي كانت خارج المدن متميزة بفخامتها وكبرها. ان اغلب هذه الخانات قد اختفت وما بقى منها الا القليل نذكر منها خان ضاري وخان النص وخان الربع اما خانات بغداد فهي الاكثر اتقانا وتميزا فالنقوش والنافورات والشناشيل والفسيفساء كل ذلك نجده داخل وخارج هذه الاماكن والمتبقي من هذه الخانات خير دليل على ذلك فبغداد عاصمة الدنيا وحاضرة العالم. ان من ابرز خانات بغداد هو خان مرجان. الذي بني عام (1358 م) بامر من الحاكم (امين الدين مرجان) وكذلك خان الباشا وخان الذهب وخان الوقف وخان الدفتر دار وخان الكابولي الموجود في الكاظمية . لقد اطلق هذا الاسم على هذا الخان لان اناسا من الافغان قد نزلوا فيه لمدة طويلة حينها كانوا زوارا للامام الكاظم (ع) فسمي بذلك نسبة لمدينة كابل الافغانية. لقد امتاز هذا الخان بسعة مساحته وحسن صنعته. ازيل بعد ذلك لاهماله وسقوط اغلب مبانيه وبعدها ازيل نهائيا وبذلك خسرنا معلما حضاريا وارثا جميلا كان ممكن ان يكون متحفا او بيتا للتراث.

ان معظم هذه الخانات صارت فيما بعد مساكن للعوائل الفقيرة التي لا تستطيع السكن في المنازل فيتخذون غرفة من غرف الخان مكانا لهم.

وهناك خانات كانت تستأجر لتكون مكانات لخزن الحبوب كالحنطة والشعير والرز وما شابه. وكذلك لخزن الدهن والصوف وللخانات عادة غرف مفتوحة الجوانب تسمى (الدهنات) وهذه تستخدم كذلك للخزن.

ان للخانات عمالا خاصين يعملون على ادارة هذه المكانات حيث توفير المياه للشرب وللاستحمام وتوفير متطلبات المسافرين وحراستهم من قطاعي الطرق والسراق. كل ذلك مقابل اجر يتقاضونه من الزائرين او السكان. ولهذا نلاحظ ان اغلب هذه الخانات قد اصبحت محاطة بالبيوت والمساكن وصارت فيما بعد مدن كبيرة التي كانت في الاصل بعض المنازل القليلة التي عكف سكانها على خدمة الزائرين والسياح ان بعض هذه الخانات لازال صامدا بوجه الزمن بالرغم من الاهمال الكبير الذي لحق بهذه الاماكن الاثرية التي كانت في الماضي تزخر بالناس والحيوية لتنقل لنا صورة عن حياة اناس عاشوا فيها بالرغم من كثرة عددهم ولكنهم كانوا متحابين في الله تربطهم روابط الاخوة والايمان فهنيئا لهم ذلك الزمن الجميل الذي صرنا نستمتع بذكره ونأنس بسماع قصصه الجميلة.
[/align]