[size=4][color=#0033CC][font=Times New Roman] هذه بعض مقتطفات خطبة فضيلة الشيخ علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري احد اركان السلفية المعتدلين وهو يفضح ويكشف زيف وكذب وادعاءات الارهابي ابو مصعب الزرقاوي وجماعاته

بسم الله الرحمن الرحيم

أَيُّها المُؤمِنون:

وَمَا آلَ حالُ هَؤُلاءِ القَوم إلى هَذا الحَدِّ المُزْرِي -سَفَهَاً وَطَيشاً وَبَلاءً- إلاَّ بِسَبَبِ جَهْلِهِم بِالشَّرْعِ وَبِنائِه، وَتَنَكُّبِهِم لِطَرِيقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَعُلَمائِه، وَرَسُولُنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ مِن أشْراطِ السّاعَةِ أن يُلْتَمَسَ العِلْمُ عِند الأصاغِر»؛ فَهُم أصاغِرُ فِي أَسْنانِهِم، أصاغِرُ فِي مَعْرِفَتِهِم وَثَقافَتِهِم، ولا أقول في علمهم..
كَمَا وَصَفَهُم النبِيُّ الكريم -صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثٍ آخَرَ بأنهم: «حُدَثَاءُ الأسْنان، سُفَهاءُ الأحْلام»..

وَصَدَقَ نَبِيُّنا الكريم -عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيم- فِي قَوْلِه: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سَنَواتٍ خَدَّاعات: يُصَدَّقُ فِيها الكاذِب، وَيُكَذَّبُ فِيها الصَّادِق، وَيَنْطِقُ فِيها الرُّوَيْبِضَة»، قالوا: مَن الرُّوَيْبِضَة -يا رَسُولَ اللَّه-؟! فقال -عليه الصلاة والسلام-: «الرَّجُلُ التّافِهُ يَتَحَدَّثُ فِي أمْرِ العامَّة».

نَعَم؛ وَرَبِّ مُحَمَّد؛ إنَّ هَؤلاءِ الجَهَلَةَ الغُلاةَ شَغَلُوا الخاصَّةَ وَالعامَّة، وَتَحَدَّثُوا فِي أَعْظَمِ الأُمورِ الهامَّة، فِي الوَقْتِ الَّذي هُم فِيهِ فاقِدُونَ لأدَنى أدنى أهْلِيَّةِ العِلْمِ الشرعِيّ، فَضْلاً عَن رِفْعَةِ مَكانَةِ الإِفْتاءِ الدّينِيّ؛ الَّذي جَعَلَ اللَّهُ -تَعالى- القَوْلَ فيهِ -بَغَيْرِ عِلْمٍ- مِن أَكْبَرِ الكَبائِر-؛ كَما قَالَ -تَعالى-: {قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّي الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون}، وَقَالَ -جَلَّ فِي عُلاه، وَعَظُمَ فِي عالِي سَماه-: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُم الكَذِبَ هَذا حَلالٌ وَهَذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلى اللَّه الكَذِب}:

فَفِي الآيَةِ الأولى: قَرَنَ -سُبْحانَهُ- القَوْلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ: بِالشِّرْكِ بِاللَّه..

وَفِي الآيَةِ الثَّانِيَة: جَعَلَ -سُبْحانَهُ- القَوْلَ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ -بِغَيْرِ فِقْهٍ في الدين-: افتِراءً عَلى اللَّه..

... فَأَشْئِم بِهِمَا مِن فِعْلَيْنِ قَبِيحَيْنِ خَسِيسَيْنِ؛ تَنَطَّحَ لَهُما -بِغَيْرِ خَوْفٍ مِنَ اللَّه، وَلا حَياءٍ مِن عباد الله- أُولَئِكَ الجَهَلَةُ المُتَصَدُّونَ المُتَصَدِّرُون -أَنْفُسُهُم-؛ فَتَكَلَّمُوا بِجَهْلِهِم الشَّدِيد فِي الدِّماء، ثُمَّ تَرْجَمُوا كَلامَهُم الفَاسِدَ إِلى وَاقِعٍ أَفْسَد؛ فَأَوْقَعُوا فِي الأُمَّةِ القَتْلَ، وَالبَلاءَ، وَالفَتِنَ، وَالمِحَنَ..، باسم بالجهاد، وباسم نشر الدِّين، وباسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...

بَلْ كَانُوا بِأَفْعَالِهِم المُفْسِدَة السُّوأى -هذه- سَبَباً عَظِيماً مِن أَسْبابِ تَسَلُّطِ أعْدَاءِ الأُمَّةِ عَلَيْها، وَاستِنْزافِهِم مُقَدَّراتِها، وَالضَّغْطِ عَلَيْها.. فَضْلاً عَن وَصْفِهِم الإِسْلامَ بِالإِرْهاب، وَالمُسْلِمين الصَّالحِين بِالتطَرُّف -وَهُم لا يَشْعُرون، وَلا لِضَلالاتِهِم وَإِفْسَاداتِهِم يُقَدِّرُون!!

وَهَذا -والله- أَخْطَرُ وَأَعْظَمُ مَا فِي هَذِهِ البَلِيَّة،
وَشَرُّ مَا فِي تِلْكُمُ القَضِيَّة... وَبَسَبَبِهِ نَتَكَلَّم، وَنَحْرِصُ، وَنُبَيِّن، وَنُجادِل -وَلا نَزَالُ نُحاوِل-؛ حِرْصاً شديداً عظيماً عَلى صُورَةِ الإِسْلامِ النقِيَّة، وَأَحْكامِهِ الجَليلةِ البَهِيَّة..

أَمَّا مَا يَفْعَلُهُ المُناوِئُون الأَغْيَار: مِن ظُلْمٍ كُبَّار: فَحُكْمُهُ أَجْلَى مِن شَمْسِ النَّهَار، وَلَيْسَ يَخْفَى عَلى الصِّغَارِ الصَّغَار..

أَيُّها المُؤمِنُون:
مَا ذَاكَ الحادِثُ المُرِيع، وَالحَدَثُ الفَظِيع الَّذِي وَقَعَ فِي بَلَدِنَا الطَّيِّب المُبارَك -بِالأَمْسِ القَرِيب- مِمَّا تَكَسَّرَتْ لَهُ القُلُوبُ النقِيَّةُ تَصَدُّعاً، وَمَلأَ الأعْيُنَ الرَّحِيمَةَ أَدْمُعاً- إلاَّ دَلِيلاً مِن أَدِلَّةٍ شَتَّى تُبِينُ حَقِيقَةَ هَؤُلاءِ الجَهَلَةِ الغالِين، الضالِّينَ المُجْرِمِين -إنْ كانُوا فَاعِلِينَها بِاسْمِ الدِّين، فَالدِّينُ مِنْهُم -وَاللَّهِ- بَراءٌ بِكُلِّ يَقِين..

وَلا زِلْنَا نَسْمَعُ مِن عُلَمَائِنا الرّبّانِيِّين، وَأَئِمَّتَنا العالمين العامِلِينَ التَّحْذِيرَ تِلْوَ التَّحْذِيرِ مِن ذَلِكَ الخَطَرِ الدَّاهِمِ الكَبِير.. وَذَلِكَ -وَاللَّهِ- مُنْذُ نَحْوِ رُبْعِ قَرْنٍ مِنَ الزَّمَانِ -أَوْ أَكْثَر-؛ لأَنَّ أَهْلَ العِلْمِ دَوْماً يَعْرِفُونَ الحَقّ، وَيَرْحَمُونَ الخَلْق..
فَكَانَتْ تَنْطَلِقُ مِن عُلَمائِنَا هَؤلاءِ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِين -الَواحِدُ تِلْوَ الآخَرِ- عَلَى وَجْهِ التَّكْرِير- «صَيْحَةُ نَذِيرٍ»، وَصَرْخَةُ تَذْكِيرٍ: لَعَلَّ أُولَئِكَ الغُلاةَ -بِها- إلى الحَقِّ يَرْجِعُون، وَعَن باطِلِهِم يَرْتَدِعُون..

وَلِكَوْنِ أُولَئِكَ السُّفَهَاء المَارِقِين جاهِلِين، ظَنَّانِين، شَكَّاكِين: أَلْقَوْا بِسَوادِ قُلُوبِهِم عَلى أَطْرافِ أَلْسِنَتِهِم؛ فَصَارُوا يَرْمُونَ عُمومَ الأُمَّةِ بِالضَّلالِ الكَبِير، وَحُكَّامَها بِالكُفْرِ وَالتَّكْفِير، وَعُلَماءَهَا بِالتُّهَمِ الجِزَاف، وَكُبَراءَهَا بِالخَلَلِ وَالانْحِراف …
وَهَذِهِ -وَاللَّهِ- كَلِماتٌ لَوْ عُكِسَتْ عَلَى أُولَئِكَ الجَهَلَةِ: مَا وَجَدَتْ لَهُم بَدَلاً..

أَيُّها المُؤمِنُون:
إِنَّ كَلِماتِ عُلَمائِنا الأَكابِر -رَحِمَهُمُ اللَّه- المَبْنِيَّةَ عَلى كِتاَب الله -تعالى- وَسُّنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وَطريق الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- هي نِبْراسٌ لِكُلِّ النَّاس، بَلْ هِيَ الأَصْلُ وَالأَساس -مِن قَدِيمٍ قَدِيم- فِي التَّحْذِيرِ مِن هَذا النَّهْجِ التَّكْفِيرِيِّ الخَطِيرِ المَرِير، وَمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مِن تَقْتِيلٍ وَتَدْمِير، وَسَفْكِ دِماءٍ وَتَفْجِير؛ فَهذه الكلمات -لِلحَقِّ وَالتَّارِيخ- قَبْلَ هَذَا التَّكْرارِ الكَثِير الكَثِير، الَّذِي يُرَدَّدُ عَلَى الأَسْماعِ -فِي جَمِيعِ الأَصْقَاع- كُلَّ آن -وَفِي كُلِّ مَكان-:
وَقَدْ قَالَ بَعْضٌ مِن عَلَمائِنا المُعاصِرين، وَأَئِمَّتِنا الكُبَراء الفاقِهِين- مِمَّن اتُّفِقَ عَلَى مَكانَتِهِم وَأَمانَتِهِم -قبل عشْر سنواتٍ كاملاتٍ -ما نَصُّه-:
(إِنَّ التَّسرُّعَ في التَّكفيرِ لهُ خَطَرُهُ العظيمُ؛ وَبِخَاصَّةٍ لِمَا يَنْجُمُ عنْهُ مِنِ استباحةِ الدِّماءِ، وانتهاكِ الأَعراضِ، وسلبِ الأَموالِ الخاصَّةِ والعامَّةِ، وتفجيرِ المساكنِ والمركباتِ، وتخريبِ المنشآتِ:

فهذهِ الأَعمالُ -وأَمثالُهَا- مُحرَّمةٌ شرعاً -بإِجماعِ المسلمينَ-؛ لما في ذلكَ مِنْ هتكٍ لحُرمةِ الأَنفسِ المعصومةِ، وهتكٍ لحُرمةِ الأَموالِ، وهتكٍ لحُرُماتِ الأَمنِ والاستقرارِ، وحياةِ النَّاسِ الآمِنينَ المطمئِنِّينَ في مساكنهمْ ومعايشهمْ، وغُدُوِّهمْ ورواحِهمْ، وهتكٍ للمصالحِ العامَّةِ الَّتي لاَ غِنى للنَّاسِ في حياتِهمْ عنها.
فَالإِسلامَ بريءٌ مِنْ هذا المعتقدِ الخاطئ.

وَما يجري في بعضِ البلدانِ منْ سفكٍ للدِّماءِ البريئةِ، وتفجيرٍ للمساكنِ والمركباتِ، والمرافقِ العامَّةِ والخاصَّةِ، وتخريبٍ للمنشآتِ: هوَ عملٌ إِجراميٌّ، والإِسلامُ بريءٌ منهُ.

وهكذا كُلُّ مسلمٍ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ بريءٌ منهُ؛ وإِنَّما هوَ تصرٌّفٌ منْ صاحبِ فكرٍ منحرفٍ، وعقيدةٍ ضالَّةٍ، فهوَ يحملُ إِثمَهُ وجُرمَهُ، فلاَ يُحْتَسَبُ عملُهُ على الإِسلامِ، ولاَ على المسلمينَ المهتدينَ بهديِ الإِسلامِ، المُعتصِمينَ بالكتابِ والسُّنَّةِ، المُستمسِكينَ بحبلِ اللهِ المتينِ؛ وإِنَّما هوَ محضُ إِفسادٍ وإِجرامٍ تأْباهُ الشَّريعةُ والفطرةُ؛ ولهذا جاءتْ نصوصُ الشَّريعةِ بتحريمهِ؛ مُحذِّرةً مِنْ مصاحبةِ أَهلهِ..).

انتهى كَلامُهُ -يَرْحَمُهُ اللَّه-.

أَقُولُ -خِتاماً-:
لَقَد انْطَبَقَ عَلى هَؤلاءِ التكفِيرِيِّينَ المُنْحَرِفين، الجَهَلَةِ الضالِّينَ قَوْلُ أَئِمَّةِ العِلْمِ وَالدِّين -مُنْذُ سِنين-:
لا لِلإسْلامِ نَصَرُوا... وَلا لِلكُفْرِ كَسَرُوا...
... فَهَلاَّ تَدَبَّرُوا، وَتَفَكَّرُوا، وَعَنْ ضَلالِهِم انْقَطَعُوا وَأَدْبَرُوا؟!!
أَقُولُ قَوْلِي هَذا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم..