الكليجة حلوى شعبية تتباهى بها العراقيات خلال أيام العيد
1.10.2008
رشيد صوفي/نيوزماتيك/ دهوك
أصرت نوروز أحمد حسين، 43 سنة، على أن تصنع حلوى الكليجة بنفسها لتقديمها إلى المهنئين في أيام عيد الفطر المبارك، لأنها حلوى شعبية، وتراثية مميزة تتمتع بخصوصية في الأعياد والمناسبات العراقية على الرغم من اعتراض زوجها، عبد الستار، الذي أقدم على شراء أنواع من الحلوى الجاهزة، والمستوردة من السوق.
وتقول حسين، وهي ربة بيت، إن "النساء تتباهى عند تقديم أكلات من عمل أيديهن للضيوف، لأنها تعبر عن ذوق، وخبرة من تقوم بإعدادها".
وتضيف حسين في حديث لـ"نيوزماتيك"، أن "لكل أكلة من الأكلات نكهة تختلف باختلاف من يقوم بإعدادها على العكس من الأكلات والأطعمة الجاهزة ذات النكهة الواحدة"، مشيرة إلى أن "هناك عدة أنواع من الكليجة، ولكل نوع منها طعم ونكهة تميزه عن الآخر".
وتستطرد حسين فتقول، إن "الكليجة عادة ما تكون على شكل أقراص صغيرة تصنع باليد من العجين، ويتم حشوها بالجوز، واللوز المفروم الناعم، وأخرى يتم حشوها بجوز الهند، والتمر، والسمسم، والكشمش، ثم يطوى القرص، وتلف أطرافه، وبعدها توضع في صينية مدهونة ويطلى وجهها بالبيض المخفوق، وتشوى بالفرن".
وتوضح أن "نوعية المواد التي يتم استخدامها في صناعة الكليجة يؤثر على طعمها ونكهتها، إضافة إلى أن هناك أسرار وفن الصنعة لا تجيدها كل من تعمل الكليجة"، على حد قولها، مؤكدة أنه "على الرغم من أن عمل الكليجة يتطلب مجهودا، لكن النتيجة عادة ما تكون مفرحة للنساء اللواتي يساعدن بعضهن في إعدادها في جلسة سمر يتم خلالها تجاذب أطراف الحديث، والنكات، والأغاني".
وتؤكد حسين أن "صناعة الكليجة عادة من العادات الاجتماعية التي تشتهر بها العوائل العراقية بالمناطق الشعبية خاصة في الأيام التي تسبق العيد".
وتشهد الأفران في هذه الأيام في دهوك،460 كم شمال بغداد، وخصوصاً في المناطق الشعبية والمجمعات السكنية حركة ملحوظة، إذ تتوجه يومياً المئات من النساء اللواتي يحملن صواني الكليجة، لشوائها، بينما تغيب هذه المظاهر في الأحياء الجديدة.
ويقول صاحب أحد الأفران، صالح سلمان، في حديث لـ"نيوزماتيك"، إن "الأيام العشرة الأخيرة التي تسبق العيد تشهد حركة ملحوظة من قبل الزبائن الذين يجلبون الكليجة لشوائها في الأفران"، مشيرا إلى أنه "يستقبل يومياً ما بين، 60 إلى، 70 زبونا لشواء الكليجة، ويقوم بشواء الصينية ذات الحجم الكبير من الكليجة بثلاثة آلاف دينار عراقي".
ويؤكد سلمان أن "شواء الكليجة يفتح أبواب رزق كبيرة أمام أصحاب الأفران في هذه الأيام، إذ يبقي محله مفتوحاً لساعات متأخرة من الليل، لأن معظم الزبائن يقصدونه في ساعات الليل".
وعلى العكس من ذلك، تقول الموظفة، سارة عمر، 33 سنة، إنها "تفضل تقديم الحلوى الجاهزة للضيوف والمهنئين خلال أيام العيد، إذ أن الحلوى الجاهزة توجد بكثرة، وبأنواع مختلفة في الأسواق بأسعار مناسبة"، على حد قولها.
وتضيف سارة عمر في حديث لـ"نيوزماتيك"، أن "الكليجة التي تعتبر حلوى تقليدية قديمة، يحتاج عملها جهدا ووقتا، إضافة إلى كلفتها العالية مقارنة بأسعار الحلوى الجاهزة"، لكنها على الرغم من ذلك "لم تخف رغبتها في أكل الكليجة إذا قدمت لها جاهزة".
فيما تقول بفرين محمد جاسم، 25 سنة، التي تعتبر هوايتها صناعة الحلوى، إن "صناعة الحلوى المحلية، وتقديمها في المناسبات الدينية والاجتماعية لها نكهة خاصة، وجزء مهم من الموروث الاجتماعي".
وتضيف في حديث لـ"نيوزماتيك" أن "هناك عددا آخر من الحلوى المحلية القديمة كانت تصنع في المنطقة، لكنها اختفت خلال السنوات الأخيرة، مثل سجق، وسودا، وخبيس، وخاتون، وكادة"، مؤكدة أن "صناعة الحلوى تحتاج إلى الدقة في استخدام معايير المواد المستخدمة، إضافة إلى الذوق والفن أيضاً".
وتطالب بفرين جاسم، "الجهات الثقافية والتراثية بالاهتمام بالأكلات، والحلويات المحلية والتراثية، وإقامة مهرجانات سنوية لعرض أنواع المأكولات المحلية لإنقاذها من الاندثار، والتعريف بالمطبخ الكردي".