اعترافات مثنى الضاري
د. مثنى حارث الضاري: المقاومة ليست في حاجة لجناح سياسي
حوارات :عام :الأربعاء 26 ذي القعدة 1426هـ – 28ديسمبر 2005م
- الطائفية في العراق حالة استثنائية وستنتهي .
- المشاركة في الانتخابات اعتراف ضمني بالاحتلال.
- دعوة طالباني للتفاوض مع المقاومة للدعاية الانتخابية.
أجرى الحوار : أسامة الهتيمي
مفكرة الإسلام: لا يشك أحد في أن الولايات المتحدة الأمريكية هي القطب الأوحد في العالم بعد أن استطاعت من خلال الحرب الباردة أن تفكك ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي العدو الأول واللدود للعم سام ..فقد جمعت أمريكا بين القوة الاقتصادية التي تجعلها رقم واحد في جدول الدول الأغنياء وبين القوة العسكرية الضخمة التي تشمل أقوى وأحدث الأسلحة ما جعلها مسموعة الكلمة ومرهوبة الجانب .
ومع كل ذلك فإن الجيش الأمريكي بوضعه هذا فضلا عن استعانته بجيوش بعض الدول الأخرى وبرغم كل ما قدم له من تيسيرات إلا أنه لم يستطع أن يفرض سيطرته الكاملة على الأراضي العراقية بعد أن تمكنت المقاومة العراقية الباسلة من أن تثبت بالفعل أن القوة العسكرية ليست كل شيء .
فقد مر أكثر من عامين على العدوان الأمريكي على العراق وإسقاط نظامه وما زالت القوات الأمريكية تتكبد يوميا خسائر تدفع إلى تزايد أصوات الأمريكيين إلى المطالبة بالإسراع في الانسحاب من هذا المستنقع الذي يأخذ العشرات من أرواح أبنائهم كل يوم ودون أن يحقق أي هدف من الأهداف التي من أجلها كان العدوان .
الدكتور مثنى حارث الضاري المدير الإعلامي لهيئة علماء المسلمين، يتحدث لـ'مفكرة الإسلام' عن واقع العراق ومستقبله، وعن الانتخابات العراقية الأخيرة، والمقاومة، والاحتلال الأمريكي .
**ما آخر تطورات الوضع في الأراضي العراقية ؟
*باختصار جرت الانتخابات والانتخابات لن تغير من الواقع شيئا كبيرا لأنها تأتي في إطار خطوات لترسيخ شرعية الاحتلال بصورة أو بأخرى فالمسرح السياسي سيبقى كما هو مع بعض التعديلات التي لن تنهي المشكلة الحقيقة في العراق وهي الاحتلال.
وأعمال العنف ستستمر... والمقاومة هي المشروع من هذه العمليات، أما أعمال العنف غير المشروعة فسوف تستمر أيضاً.
**في نظرك هل استطاع الطائفيون أن ينجحوا ولو جزئيا في تحقيق أهدافهم ؟
هناك إرهاصات لمشاكل طائفية هنا وهناك لكن واقع الحال أن هذا المشروع لن يمضي بالرغم من أن هناك انطباعاً بعد الانتخابات الأخيرة بأن هناك اصطفافات طائفية وعرقية، ولكن هذه الحالة استثنائية وليدة ظروف غير طبيعية من إرهاب الاحتلال وإرهاب السلطة، لكن بعد أن تنجلي الأمور قليلا وينتهي المولد سترجع الأمور إلى نصابها وسيظهر للجميع أن هناك خيار وطني وخيار غير وطني وأنه لابد من تغليب الخيار الوطني الذي لم ولن يتعارض مع الأهداف الجزئية لهذا المكون أو ذالك من المكونات العراقية ما دامت هذه الأهداف لا تتعارض مع الهدف الأساسي وهو المصالحة العراقية العامة .
**هل خسر أهل السنة فعلا من عدم خوضهم الانتخابات السابقة ؟
* أولا أنا لا أتكلم باسم السنة أنا أتكلم باسم تيار وطني .. ولكن إذا أردت جوابا أقول لم يخسر أهل السنة أبدا والدليل هي هذه الانتخابات فالسفير الأمريكي يعلن مباشرة بعد يوم واحد من الانتخابات يوم 16 / 12 بأن السنة ' العرب ' هكذا يقول' يحصلون من 50 إلى 55 مقعدا أي بنسبة 20 % من مقاعد الهيئة الوطنية وهذا هو الرقم نفسه المعطى لأهل السنة والجماعة من الاحتلال إلى الآن .. هذا يثبت أن هناك تقسيما طائفيا وعرقيا بنسب معروفة أقرته الإدارة الأمريكية ولا زالت مصرة عليه بغض النظر عن نتائج الانتخابات الأولى والثانية الأمر الذي يعني أيضا أن العملية السياسية في ظل الاحتلال قائمة على أساس موازنة أمريكية.
ثانيا أهل السنة ربحوا بمقاطعة الانتخابات السابقة ولم يخسروا لأنهم لم يعطوا للاحتلال شرعية وهو ما دفع الاحتلال إلى أن يتورط أكثر وأكثر في مستنقع العراق ويضطر أخيرا للكلام عن موضوع الخروج والجدولة .
ثم موضوع عدم المشاركة في الانتخابات الماضية والمشاركة فيها الآن لن يغير كثيرا من واقع العراقيين وتحديداً أهل السنة لأن الذين شاركوا وبقوة في الانتخابات من أجل إسقاط الحكومة الحالية وإنهائها أقول لهم إن الحكومة ستبقى لمدة 3 شهور كحد أدنى كما هو متوقع وبالتالي فإن مسلسل الاضطهاد وانتهاك حقوق الإنسان لن يتوقف بصورة سحرية كما كان يظن الكثيرون .
**وما الذي دفع بعض السنة للمشاركة هذه المرة .. هل لأنهم أدركوا خطأ المقاطعة السابقة ؟ ثم ألا يعطي ذلك شرعية للاحتلال ؟
*أبدا المبرر المعلن الذي دفع السنة للمشاركة في العملية الانتخابية هذه المرة هو ما تعرضوا له طيلة الأشهر الماضية من قبل الأجهزة الأمنية في الحكومة الحالية .. أما موضوع المشاركة لأنهم أخطأوا هذه اجتهادات لبعض السياسيين أو قادة القوائم والدليل على ذلك أن كثيرا من المهتمين بالشأن العراقي يقولون إن مقاطعة الانتخابات الأولى أدت دورها وهي التي مهدت لهذه المشاركة الواسعة فلو كان هناك مشاركة في الانتخابات الأولى لكانت هناك مشاركة في الحكومة ولما كانت هناك فرصة للإنكار عليها الآن لأنهم سيكونون شركاء حينذاك في اقتراف الانتهاكات .
**وما منع الهيئة من خوض الانتخابات هذه المرة ؟
*الاعتراف بالاحتلال هو سبب عدم اشتراك الهيئة في الانتخابات لعدم إعطاء مشروعية للاحتلال ولتعارضه مع ثوابتها الشرعية والوطنية .. والذين شاركوا من السنة هذه المرة هم الإخوان ' الحزب الإسلامي ' و مجلس الحوار الوطني و مؤتمر أهل العراق ' أصل إخواني ' إضافة إلى الجبهة العراقية للحوار الوطني .
**لماذا لم تؤسس المقاومة العراقية جناحا سياسيا يتحدث باسمها ؟
*لا تحتاج المقاومة إلى جناح سياسي لأن هناك قوى وطنية مناهضة للاحتلال تقوم بنفس الدور الذي من الممكن أن يقوم به الجناح السياسي للمقاومة العراقية.
**هل هناك تنسيق مباشر بين الهيئة والمقاومة ؟
*لا ليس هناك تنسيق مباشر ولكنه ضمني وغير محتاج لتنسيق له لأن الهدف واحد ومشترك بين الطرفين .
**وماذا عن العمليات التي تقوم بها المقاومة وترفضها الهيئة ؟
*الأخطاء تحدث وهذه قضايا تفصيلية وجزئية لا تؤثر على الموقف العام ثم إن المقاومة المسلحة كما يظهر من بياناتها على مواقع الإنترنت والقنوات الفضائية تظهر أن عددا من فصائل المقاومة لديه أهداف سياسية واضحة وبرامج مؤطرة تدور كلها حول إنهاء الاحتلال وأن بعض الفصائل انتدبت ناطقين باسمها وقسما آخر ينسق في إصدار البيانات السياسية المشتركة كما رأينا في موضوع الاستفتاء على الدستور والانتخابات الأخيرة .. قلت لك إن القضية ليست عدم وجود جناح سياسي وإنما القضية عدم وجود فضاء سياسي آمن يتيح لهذه الفصائل أن تظهر برامجها بشكل أقوى وهذا واضح .
وأضيف أن العدو للمقاومة هو القطب الأوحد في العالم ولا يجرؤ أي بلد مجاور للعراق أو غير مجاور على احتضان الجناح السياسي للمقاومة وهذا مكمن الصعوبة والفرق بين المقاومة العراقية وغيرها من حركات التحرر التي وجدت الملجأ الآمن مثال على ذلك الفيتنامية والجزائرية وفي الوقت الحاضر الفلسطينية.
**هل تقوم الهيئة بالتنسيق مع المقاومة العراقية بشأن المفاوضات والمباحثات السياسية سواء مع الحكومة العراقية أو القوات الأمريكية ؟
*الهيئة والمقاومة يشتركان في هدف واحد وهو إنهاء الاحتلال ويظهر أن هناك ثقة كبيرة من فصائل المقاومة بالهيئة وتوجهاتها وأهدافها الأمر الذي يجعل هذه الفصائل تشعر بالرضا عن نشاط الهيئة السياسي والإعلامي الذي يصب في تحقيق الهدف الذي قامت من أجله المقاومة وهو إنهاء الاحتلال .
**هل فعلا المقاومة العراقية مقتصرة على السنة العرب أم أنها تشمل آخرين ؟
*المقاومة العراقية هي مقاومة كل العراقيين .. كل المكونات العراقية مشتركة فيها بالسلاح أو بغيره وإن كان تركز المقاومة واشتدادها في بعض المناطق دون بعض قد يعطي انطباعا غير ذلك .. المقاومة عراقية ذات طابع إسلامي في الغالب يشترك فيها مجموعات عشائرية ومجموعات وطنية بخلفيات دينية .
**ما موقفكم من دعوة الرئيس العراقي جلال الدين الطالباني للمقاومة من غير أنصار ' الزرقاوي ' للتفاوض مع الحكومة ؟
*هذه دعوة انتهت لأنها جرت قبل الانتخابات لأنها كانت في سياق الحملات الانتخابية والدليل هو عموميتها وعدم وجود تفاصيل بشأنها ما يدل على أنها دعوة غير جادة والآن انتهت بعد الانتخابات .
**لكن ألم تستجب المقاومة لهذه الدعوة ؟
*أبدا لأن المقاومة نفسها لن ترضى بذلك ولا أتصور أنها ترضي بالحديث مع الطالباني وفق الشروط التي وضعها..وأي متابع لمواقف المقاومة يكتشف بسهولة أن المقاومة العراقية لها مشروع وتعرف مع من تتعامل ومتى تتفاوض ومع من... وأستطيع القول بأن القادة السياسيين العراقيين الحاليين لا يملكون من أمرهم شيئا فالحل والعقد بيد قوات الاحتلال.
**البعض يصر على تقسيم المقاومة العراقية إلى مشروعة وغير مشروعة ما رأيك في ذلك ؟
*المقاومة كلها مشروعة فإننا عندما نقول مقاومة فهي صادقة ووطنية وشريفة وسامية وكل الأوصاف الجيدة لكننا نفرق بين عنف مشروع وغير مشروع فالمشروع اسمه مقاومة وغير المشروع اسمها إرهاب من أي طرف بغض النظر عن النية التي تقف خلفه ..فالمقاومة هي التي تستهدف الاحتلال وهي مشروعه وأي خروج عن هذا الهدف إلى مشاريع جزئية هو خروج عن مفهوم المقاومة .. ومنها العمليات التي تستهدف المؤسسات الخدمية والبنى التحتية والمساجد ودور العبادة الأخرى والمدنيين الأبرياء كذلك الذين يشتبه في أنهم جواسيس أو يتعاملوا مع الاحتلال لأنه يجب التأكد أولا من حقيقة هذه المعلومات فالمقاومة الحقيقية والمشروعة هي التي تستهدف القوات الأمريكية والمتعاونين معها ومن تأكد أنه على علاقة بها .
**ما السيناريو الذي تقترحه الهيئة لإعادة الاستقرار إلى العراق ؟
*هناك مشروع وطني بديل للاحتلال طرحته القوى الوطنية المناهضة للاحتلال ومنها الهيئة وتم تقديمه لمنظمة الأمم المتحدة قبل عام ونصف وبالتحديد للأخضر الإبراهيمي خلال زيارته للعراق كما قدم لجامعة الدول العربية أواخر العام الماضي ويقوم هذا المشروع على :
1- خروج قوات الاحتلال وفق جدولة زمنية معقولة ومكفولة دوليا.
2- إحلال قوات دولية محل قوات الاحتلال التي ستخرج من المدن لسد أي فراغ أمني متوقع .
3- اختيار حكومة مؤقتة من التكنوقراط المستقلين حيث تقوم بالإعداد لانتخابات عامة خلال 6 شهور تشترك فيها جميع المكونات العراقية والسياسية .
4- تسفر هذه الانتخابات عن برلمان وحكومة منتخبة تتولى التفاوض مع الأمريكيين لإجلائهم النهائي من العراق..ويوجد تفاصيل داخل المشروع .
**ماذا عن الحرية المتاحة للهيئة وللفصائل المعارضة لوجود الاحتلال في العراق ؟
*هي تتحرك بصعوبة بالغة وكثيرون من قادتها ورجالها ما بين شهيد ومعتقل وفي الهيئة مثلا أكثر من 100 معتقل منهم اثنان من أعضاء مجلس شورى الهيئة وهما :
الشيخ عبد الستار عبد الجبار الربيعي الذي قتل له ابنان وهو في الاعتقال بسجن
'أبو غريب'.
والشيخ عبد الكريم جمعة عضو مجلس الشورى ورئيس فرع الهيئة في 'جلولاء ' شرق العراق كما اعتقل أخوه الشيخ عبد المنعم جمعة أحد أعضاء الهيئة في سجن 'أبو غريب' بدون أي تهمة وجهت للمعتقلين .
وقد قامت الهيئة بمطالبات وزيارات في السجن كما أقامت مهرجانات تضامنية وكل هذا لم يجد .
كذلك القوى الأخرى كالمدرسة الخالصية والتيار القومي العربي يتعرضون للاعتقال والمضايقات .
**ما مدى تأثير المشروع السياسي للهيئة على الشارع العراقي في ظل حالة التقسيم التي تسيطر على العراق ؟
*أستطيع أن أقول إن المشروع السياسي للقوى المناهضة للاحتلال ومنها الهيئة يحظى بقبول واسع وتفهم كبير من الشعب العراقي بكل مكوناته ونلمس هذا منهم مباشرة ولكن هناك للأسف أمر واقع فرضه الاحتلال وبعض القوى المتحالفة معه جعل القضايا الجزئية والطائفية والعرقية والقضايا الخدمية العامة والحاجة المتزايدة لها وموضوع الأمن قضى على اهتمامات العراقيين في مراحل مختلفة فهم من حيث المبدأ مع المشروع لكن الضغط يجعلهم يختارون خيارات ظرفية قد لا تكون في مصلحتهم في النهاية .
**كيف تقيًم الدور العربي تجاه العراق ؟
*للأسف لا زال الموقف العربي ضعيفاً ويكتفي بالتفرج وإذا ما أراد أن يتدخل فإنه يتدخل وفق قراءته الأولى للبعبع الأمريكي ولا يقرأ بتمعن ماذا حدث لهذا البعبع في مستنقع العراق... والنظرة لا زالت نظرة الخوف والوجل من المحتل ومحاولة تخفيف مطالب العراقيين بالحد الأدنى الذي لا يتعارض مع مطالب الاحتلال والحد الذي لا يزعجه أو يعكر عليه صفوه .
http://www.islammemo.cc/culture/one_news.asp?IDNews=493
[align=center] اللهم أيدنا بنصرك
[/align]